أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
2069
التاريخ: 7-10-2014
2346
التاريخ: 7-12-2015
1954
التاريخ: 7-10-2014
2330
|
قال تعالى : {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[الاعراف : 55]
ورد الأمر هنا بالدعاء ، الذي هو مخ العبادة وروحها ، يقول أوّلا : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً).
و«التضرع» في الأصل من مادة «ضَرْع» بمعنى الثدي ، وعلى هذا يكون فعل التضرع بمعنى حلب اللبن من الضرع ، وحيث إنّه عند حلب اللبن تتحرك الأصابع على حلمة الثدي من جهاتها المختلفة استداراً للحليب ، لهذا استعملت هذه الكلمة في من يظهر حركات خاصّة إظهاراً للخضوع والتواضع.
وعلى هذا فإنّ الآية المبحوثة ، وعبارة (ادعو ربّكم تضرّعاً) تحثّنا على أن نقبل على الله بمنتهى الخضوع والخشوع والتواضع ، بل يجب أن تنعكس روح الدعاء في أعماق روحه ، وعلى جميع أبعاد وجوده ، ويكون اللسان مجرّد ترجمانها ، ويتحدث نيابة عن جميع أعضائه.
وأمره تعالى ـ في الآية الحاضرة ـ بأن يدعى الله «خفية» وفي السّر ، لأنّه أبعد عن الرياء ، وأقرب إلى الإخلاص ، ولأجل أن يكون الدعاء مقروناً بتمركز الفكر وحضور القلب.
ونحن نقرأ في حديث أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لما كان في إحدى غزواته ، ووصل جنود الإسلام إلى واد رفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير قائلين : «لا إله إلاّ الله» و «الله أكبر» فقال النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) : «يا أيّها الناس اربعوا على أنفسكم ، أمّا إنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائباً ، إنّكم تدعون سميعاً قريباً ، إنّه معكم»(1).
كما ويحتمل في هذه الآية أيضاً أن يكون المراد من «التضرع» هو الدعاء الظاهر العلني ، والمراد من «الخفية» الدعاء الخفي السّري ، لأنّ لكل مقام اقتضاءً خاصاً ، فقد يقتضي أن يكون الدعاء علناً ، وربّما يقتضي خفية وسراً ، وهناك رواية وردت في ذيل هذه الآية تؤيد هذا الموضوع.
ثمّ قال تعالى في ختام الآية : (إنّه لا يحبّ المعتدين) أي أنّ الله لا يحب المعتدين.
ولهذه العبارة معنى وسيع يشمل كل نوع من أنواع العدوان والتجاوز ، سواء الصراخ ورفع الصوت عالياً جداً حين الدعاء ، أو التظاهر وممارسة الرياء ، أو التوجه إلى غير الله حين الدعاء.
وفي الآية اللاحقة {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الاعراف : 56] يشير تعالى إلى حكم هو في الحقيقة شرط من شروط تأثير الدعاء ، إذ قال : {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها}.
ومن المسلم أنّ الأدعية إنّما تكون عند الله أقرب إلى الإجابة إذا تحققت فيها.
الشرائط اللازمة ، ومن جملة ذلك أن يكون الدعاء مقترنا بالجوانب البناءة والعملية في حدود المستطاع ، وأن تراعى حقوق الناس ، وأن تلقي حقيقة الدعاء بأنوارها وظلالها على وجود الإنسان الداعي بأسره ، ولهذا فلا تستجاب أدعية المفسدين والعصاة ، ولا تنتهي إلى أية نتيجة مرجوّة.
والمراد من «الفساد بعد الإصلاح» يمكن أن يكون الإصلاح من الكفر أو الظلم أو كليهما ، جاء في رواية عن الإمام الباقر(عليه السلام) : (إنّ الأرض كانت فاسدة فأصلحها نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم)»(2).
ومرّة أُخرى يعود إلى مسألة الدعاء ويذكر شرطاً آخر من شرائطه فيقول : (وادعوه خوفاً وطمعاً).
أي لا تكونوا راضين معجبين بأفعالكم بحيث تظنون أنّه لا توجد في حياتكم أية نقطة سوداء ، إذ أنّ هذا الظن هو أحد عوامل التقهقر والسقوط ، كما لا تكونوا يائسين إلى درجة أنّكم لا ترون أنفسكم لائقين للعفو الإِلهي ولإجابة الدعاء ، إذ أنّ هذا اليأس والقنوط هو الآخر سبب لإنطفاء شعلة السعي والإجتهاد ، بل لابد أن تعرجوا نحوه تعالى بجناحي (الخوف) و (الأمل) الخوف من المسؤوليات والعثرات ، والأمل برحمته ولطفه.
وفي خاتمة الآية يقول تعالى للمزيد من التأكيد على أسباب الأمل بالرحمة الإِلهية {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف : 56].
ويمكن أن تكون هذه العبارة إحدى شرائط إجابة الدعاء ، يعني إذا كنتم تريدون أن لا تكون أدعيتكم خاوية ، ومجرّد لقلقة لسان ، فيجب أن تقرنوها بعمل الخير والإحسان ، لتشملكم الرحمة الإلهية بمعونة ذلك وتثمر دعواتكم ، وبهذا تكون الآية قد تضمنت الإشارة إلى خمسة من شرائط قبول الدعاء وإجابته ، وهي باختصار كالتالي :
1 ـ أن يكون الدعاء عن تضرّع وخفية.
2 ـ أن لا يتجاوز حدّ الإعتدال.
3 ـ أن لا يكون مقروناً بالإفساد والمعصية.
3 ـ أن يكون مقروناً بالخوف والاصل المعتدلين.
4 ـ أن يكون مقروناً بالبرّ والإحسان ، وفعل الخيرات.
________________________
1- تفسير مجمع البيان ، ج4 ، ص271.
2- تفسير مجمع البيان ، ج4 ، ص272 ؛ وتفسير العياشي ، ج2 ، ص19.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|