تفسير قوله تعالى : {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ..} |
2213
02:05 صباحاً
التاريخ: 14-06-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-06-2015
2313
التاريخ: 14-06-2015
1800
التاريخ: 17-10-2014
5327
التاريخ: 12-06-2015
2018
|
قال تعالى : {وَالْمُطَلَّقَاتُ
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ
يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ
أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة
: 228] .
{وَالْمُطَلَّقاتُ} بالطلاق
المشروع {يَتَرَبَّصْنَ} جملة
خبرية يراد بها الأمر وذلك ابلغ من الإنشاء في الطلب والإيجاب لصوغه بقالب ان
المطلوب منه يقع منه ذلك ولا يكذبك {بِأَنْفُسِهِنَ} ويمسكنها
عما يقتضيه الحال وطبايعهن من الطموح الى الزواج ومقدماته ولا يخرجن من رعاية
الزوج وحيطته {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} القرء
يأتي للطهر والحيض وهو هنا الطهر وعليه اجماع الإمامية وحديثهم وقول المالكية
والشافعية والمروي عن عائشة وزيد بن ثابت وابن عمر كما في الدر المنثور. وفيه قال
ابن شهاب سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول ما أدركت أحدا من فقهائنا الا وهو يقول
هذا انتهى «1» ولقوله تعالى في أول سورة الطلاق
الموسومة بأنها مكية {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا
طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق
: 1] اي في عدتهن التي تراد لاستبراء الرحم وعندها كما يقال ولد لست خلون
من الشهر او لسبع بقين منه وقد انعقد الإجماع من المسلمين على ان طلاق السنة هو ما
كان في الطهر وبه جاء قول الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) لابن عمر حين
طلق امرأته وهي حائض ما هكذا أمرك اللّه انما السنة ان تستقبل الطهر استقبالا.
وقوله (صلى الله عليه واله وسلم) فإن
بدا له ان يطلقها طاهرا قبل ان يمسها فذاك الطلاق للعدة كما انزل اللّه عز وجل.
او فتلك العدة التي امر اللّه ان
تطلق لها النساء كما في جوامع الجمهور وجوامعنا في الحديث واطلاق حكم المطلقات هنا
مقيد بحكم الآية الثامنة والأربعين من سورة الأحزاب والرابعة من سورة الطلاق مع
تأكيدها برواياتنا في اليائس بغير ريبة {وَلا
يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ
يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ} يعني
ان من كانت تؤمن باللّه واليوم الآخر لا تجترئ على كتمان ما خلق اللّه في
رحمها. وهذا الزجر الشديد يناسب ان يكون على كتمان الحمل اما لأن تخرج من العدة في
ظاهر الحال عاجلا او لأن تكتمه لكراهية انتسابه لأبيه او لغير ذلك من اسباب
الكتمان واما كتمان الحيض في ايام العدة وبعد آخرها لأجل الازدياد من مدة العدة
لتأكل النفقة وتأمل الرجعة بعد انقضاء العدة الواقعية فهو بعيد لاستلزامه ان تكون
صلة الموصول وهي {خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَ} واردة باعتبار ما
مضى عن زمان الكتمان كما سيأتي في الجمع بين المعنيين. إذا فالمناسب لأسلوب اللفظ
وظاهره وذلك الزجر الشديد هو كتمان الحمل. ويؤيده رواية البرهان والوسائل عن العياشي عن
أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) في الآية لا يحل لها ان تكتم الحمل إذا طلقت وهي
حبلى والزوج لا يعلم :
ولا يمكن الجمع بين المعنيين من هذا
اللفظ كما ذكر في الدر المنثور روايته عن ابن عمر ومجاهد وذلك لأن كتمان ما خلق
اللّه في أرحامهن من الحيض إنما هو باعتبار خروجه من الرحم ويكون المراد من خلقه
في أرحامهن إنما هو باعتبار ما مضى فالكلام على هذا بمعنى ان يقال ولا يكتمن ما
خرج من أرحامهن مما خلق فيها قبل ذلك. وكتمان الحمل إنما هو باعتبار استقراره في
الرحم. واللفظ الواحد لا يصلح للجمع بين هذين اللحاظين والاعتبارين. وفي تفسير
القمي في الآية قال لا يحل للمرأة ان تكتم حملها أو حيضها او طهرها وقد فوض اللّه
تعالى إلى النساء ثلاثة أشياء الطهر والحيض والحمل انتهى ولا يظهر من المقام كونها
رواية واردة عن امام في بيان المراد بما خلق اللّه في أرحامهن ان لم يظهر خلاف ذلك
فضلا عما بيناه من انه لا يمكن الجمع بين الأمرين في اللفظ الواحد.
وفي مجمع البيان نسب ما ذكرناه من
تفسير القمي إلى الرواية عن الصادق (عليه السلام) ولم نجد لها أثرا ولعله اعتمد
على تفسير القمي {وَبُعُولَتُهُنَ} جمع
بعل والتاء لتأنيث الجمع ومعنى البعل الزوج مع معنى التمتع بزوجته وملاعبتها
ومباشرتها والبعال والمباعلة مباشرة النساء وملاعبتهن ولعل العدول عن التعبير
بالأزواج إلى التعبير بالبعولة لإخراج غير المدخول بها وللإيماء إلى الوجه في
انهم {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ} نظرا
إلى الحالة التي قبل الطلاق من الزوجية ولا حق للمرأة في معارضة البعل في ردها فِي
ذلِكَ التربص {إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً} لا
مضارة. او جيء بلفظ «ان» لذكر الحالة التي يتحقق بها الرد وارادته كما في قوله
تعالى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان أردن تحصنا. وهذا الحكم في الرد
مقيد بحكم المختلعة كما في الآية الآتية وحكم المطلقة ثلاثا كما في التي بعدها {وَلَهُنَّ
مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ} من حسن المعاشرة {بِالْمَعْرُوفِ
ولِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} في
الفضل والتفوق. وجيء بلفظ الرجال دون الأزواج اشارة إلى وجه التفوق وكمال
الرجولية وفضل قيام الرجل بأمورها. وإنفاقه عليها {وَاللَّهُ
عَزِيزٌ} في حكمه {حَكِيمٌ} في
احكامه.
_____________________
(1) قال الأعشى في خطابه لكثير الغزو «لما ضاع فيها من قروء نسائكا» يريد ان أطهار
نسائه ضاعت لما فات فيها من الجماع والحبل. ومن الغريب تأويل الكشاف للقروء في شعر
الأعشى بالعدة : وفي المصباح عن ابن فارس ويقال انه اي «القرء» للطهر «اي بحسب
الوضع» وذلك ان المرأة الطاهر كان الدم اجتمع في بدنها وامتسك : وفي لسان العرب
قال ابو اسحق ان الذي عندي في حقيقة هذا ان القرء في اللغة الجمع - فإن القرء
اجتماع الدم في الرحم وذلك انما يكون الطهر. وأقول ان المحصل من معناه بحسب موارد
الاستعمال هو ما يناسب الجمع والاحتواء والضم. ففي معلقة عمر بن كلثوم «ذراعي عيطل
ادماء بكر هجان اللون لم تقرء جنينا» اي لم تضم جنينا ولم تحتو عليه. وفي لسان
العرب «و لم تقرء جنينا ولا دما» ومنه قولهم أ قرأت النجوم إذا غابت اي دخلت فيما
يضمها عن الظهور. ويكون استعمال القرء بالحيض مجازا بعلاقة ان الدم الخارج فيه كان
مقروءا في الجسم او الرحم. واما ان معنى القرء الوقت فلم يعرف له شاهد. وحمل الآية
عليه تعسف وشذوذ.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|