الفصل الثاني

الاتجاهات الحديثة في التمويل والاستثمار

مقدمة  

أصبحت المعرفة الفنية والإبداع والذكاء والمعلومات من الأصول المهمة في الاقتصاد العالمي الجديد، وأصبح للذكاء المتجسد في برامج الكمبيوتر والتقنية عبر نطاق واسع من المنتجات أهمية تفوق أهمية غيرها من المواد الأخرى. وتقدر الأمم المتحدة أن اقتصاديات المعرفة تستأثر بنحو ٧% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتنمو بمعدل %١٠ سنوياً. ويعود ٥٠% من نمو الإنتاجية في الاتحاد الأوروبي إلى استخدام وإنتاج تقنية المعلومات والاتصالات. لقد أصبحت المعرفة هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، إذ إن الموارد البشرية المؤهلة وذات المهارات العالية (رأس المال البشري)، هي أكثر الأصول قيمة في الاقتصاد الجديد المبني على المعرفة. وترتفع المساهمة النسبية للصناعات المبنية على المعرفة أو تمكينها حيث يتسم الاقتصاد المبني على المعرفة بمجموعة من الخصائص أهمها الابتكار، التعليم، البنية التحتية، والأطر القانونية. فالابتكار نظام فعال من الروابط التجارية مع المؤسسات الاكاديمية وغيرها من المنظمات التي تستطيع مواكبة ثورة المعرفة المتنامية واستيعابها وتكييفها مع الاحتياجات المحلية. أما التعليم فأساسي لتوفير اليد العاملة الماهرة والإبداعية (رأس المال البشري) القادرة على دمج التقنيات الحديثة في العمل. والبنية التحتية المبنية على تقنيات المعلومات والاتصالات تُسهّل نشر وتجهيز المعلومات والمعارف، كما يَلزم توفير كل الأطر القانونية والسياسية التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية والنمو.

ونتيجة لما سبق ظهرت أهمية اقتصاديات المعرفة، ذلك الاقتصاد الذي يُشكّل فيه إنتاج المعرفة وتوزيعها واستخدامها، والتي تمثل المحرّك الرئيس لعملية النمو المستدام وخلق الثروة وفرص التوظيف في كل المجالات. ويقوم الاقتصاد المعرفي على أساس إنتاج المعرفة (أي خلقها) واستخدام ثمارها وإنجازاتها ، بحيث تُشكّل هذه المعرفة (سواء ما يعرف بالمعرفة الصريحة التي تشتمل على قواعد البيانات والمعلومات والبرمجيات وغيرها، أو المعرفة الضمنية التي يمثلها الأفراد بخبراتهم ومعارفهم وعلاقاتهم وتفاعلاتهم مصدراً رئيساً لثروة المجتمع ورفاهيته). أي إن اقتصاد المعرفة هو ذلك الاقتصاد الناتج عن تقدُم المعلومات بعد العصر الصناعي، وهو فرع جديد من فروع العلوم الاقتصادية يقوم على فهم جديد لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطور الاقتصاد وتقدم المجتمع، وهو الاقتصاد الذي تحقق فيه المعرفة الجزء الأعظم من القيمة المضافة، لأنه يقوم على أساس تقنيات المعلومات والاتصال باعتبارها نقطة الانطلاق له، أي إن المعرفة هي عنصر هام في العملية الإنتاجية والمعلومات والمعرفة هي مخرج في هذا الاقتصاد، وأن المعلومات وتقنياتها تُشكّل وتحدد أساليب الإنتاج وفرص التسويق ومجالاتها.

رأس المال البشري واقتصاد المعرفة 

يتميز اقتصاد المعرفة بمجموعة من السمات والخصائص الأخرى التي تميزه عن الاقتصاد التقليدي، أهمها ما يلي :  

* كثيف المعرفة ويرتكز على الاستثمار في الموارد البشرية باعتبارها رأس المال المعرفي والفكري.

* يعتمد على القوى العاملة المؤهلة والمدربة والمتخصصة في التقنيات الجديدة.

* يركز على التعلم والتدريب المستمرين وإعادة التدريب، التي تضمن للعاملين مواكبة التطورات التي تحدث في ميادين المعرفة.

* توظيف تقنيات المعلومات والاتصالات توظيفاً يتصف بالفعالية لبناء نظام معلوماتي فائق السرعة والدقة والاستجابة.

* انتقال النشاط الاقتصادي من إنتاج وصناعة السلع إلى إنتاج وصناعة الخدمات المعرفية.

•  تفعيل عمليات البحث والتطوير كمحرك للتغير والتنمية.

- ارتفاع الدخل لصناع المعرفة كلما ارتفعت مؤهلاتهم وتنوعت كفاياتهم وخبراتهم.

- مرن شديد السرعة والتغير، يتطور لتلبية احتياجات متغيرة، ويمتاز بالانفتاح والمنافسة العالمية؛ إذ لا توجد حواجز للدخول إلى اقتصاد المعرفة، بل هو اقتصاد مفتوح بالكامل.

* يملك القدرة على الابتكار وإيجاد وتوليد منتجات فكرية معرفية جديدة لم تكن الأسواق تعرفها من قبل.

* ارتباطه بالذكاء والقدرة على الابتكارية والخيال، وبالوعي الإدراكي بأهمية الاختراع والخلق والمبادرة الذاتية والجماعية لتحقيق ما هو أفضل، وتفعيل ذلك كله لإنتاج أكبر في الكم وأكثر في جودة الأداء، وأفضل في تحقيق الإشباع .