المبحث الثاني

تقدير وتحليل النتائج للانموذجات القياسية

كما أوضحنا سابقاً فإن دور النظرية الاقتصادية يتمثل في تفسير وتحديد العلاقة بين المتغيرات الاقتصادية في حين ان القياس الاقتصادي يحدد المقدار الكمي لتلك العلاقة، ومن أجل قياس العلاقات الفعلية بين المتغيرات الاقتصادية المختارة، فقد أعتمد على البيانات الإحصائية للمدة (1990-2005) وبالأسعار الثابتة لعام (2000) في محاولة لإزالة أو استبعاد أثر التضخم على هذه المتغيرات الاقتصادية، وباستخدام طريقة المربعات الصغرى الاعتيادية (OLS) في التقدير وباستخدام مختلف الصيغ القياسية منها الصيغة الخطية والصيغة اللوغارتمية والصيغة النصف لوغارتمية، وبعد استخراج النتائج واعتماد الانموذجات التي تنسجم إشارة معلماتها مع ما تفترضه النظرية الاقتصادية ومن ثم إعطائها أعلى قوة تفسيرية عن طريق الاعتماد على قيمة معامل التحديد (R²) والذي يوضح نسبة تأثير المتغيرات المستقلة في المتغير التابع بالإضافة الى (R^-2)، وأكدت جميع الانموذجات المقدرة معنويتها (باستثناء أنموذج أثر الاستثمار الاجنبي المباشر في الاستثمار المحلي الخاص بالأردن) من خلال اجتيازها الاختبار (F) الذي يتناول معنوية النموذج ككل، عند مقارنة قيمتها المقدرة بمثيلتها الجدولية وبدرجة حرية (1-N-K) ومستوى معنوية (5%) والبالغة (3.49) . إلا إن اختبار (t) وضح ان المعالم المقدرة لم تكن جميعها معنوية عند مقارنتها بمثيلتها الجدولية بدرجة حرية (1-N-K) ومستوى معنوية (5%) والبالغة (2.179) ، كما بينت نتائج الاختبار خلو النماذج المقدرة من مشكلة الارتباط الذاتي (التسلسلي) عند مقارنة قيمة (D.W) المحتسبة بقيمة (DL) و (DU) الجدوليتين عند مستوى معنوية (5%) والبالغة (DU = 1.73) (DL=0.86)، مع وقوع بعض القيم في مناطق عدم الحسم، وفي مثل هذه الحالة يكون الخيار لباني النموذج قبول أو رفض فرضية العدم لكون السبب في وجود المشكلة قد يعود الى عدم دقة توصيف النموذج ⁽¹⁾، كما تم استخدام اختبار (Klien) للكشف عن وجود التعدد الخطي وذلك بمقارنة معامل التحديد (R²) مع قيمة مربع معامل الارتباطات بين المتغيرات المستقلة، وأثبت الاختبار خلو أغلب النماذج من هذه المشكلة.

وفيما يلي تقدير للنماذج وتحليل لنتائجها:

1- الانموذج الأول: دالة أثر الاستثمار الأجنبي المباشر في الناتج المحلي الإجمالي: لقد تم إجراء محاولات مختلفة باستخدام صيغ متعددة لتبيان أثر كل من الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI)، والاستهلاك المحلي (DC)، والمدخرات المحلية (DS) كمتغيرات مستقلة على الناتج المحلي الإجمالي (GDP) كمتغير تابع لكل بلد من بلدان العينة، مع التأكيد على أثر الاستثمار الأجنبي المباشر كمتغير مستقل في الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر للنمو الاقتصادي كمتغير تابع وكما موضح في الجدول (41).

يتضح من الجدول (41) إن المتغير التابع يرتبط بعلاقة طردية مع المتغيرات المستقلة في مصر وهو ما يتفق ومنطق النظرية الاقتصادية، فباستخدام الدالة نصف اللوغارتمية نلاحظ إن زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) بنسبة (100%) يؤدي الى زيادة الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بنسبة (0.0001%) وهنا يظهر أثر ضعيف جداً للاستثمار الأجنبي المباشر على الناتج المحلي الإجمالي (كمؤشر للنمو الاقتصادي) وهو ما يهمنا في هذا الانموذج، كما إن زيادة الاستهلاك المحلي (DC) بنسبة (100%) يؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بنسبة (%0.0006) وزيادة المدخرات المحلية (DS) بنسبة (100%) يؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بنسبة (0.0005%).

كما يلاحظ إن معامل التحديد (²R)  قد أعطى قوة تفسيرية عالية للانموذج حيث أن (99.6%) من المتغيرات الحاصلة في المتغير التابع (GDP) يعود سببها الى المتغيرات المستقلة ( FDI DC, DS ) وان المتبقي والبالغ (0.4%) يعزى الى عوامل ومؤثرات أخرى لم تحددها الصيغة الدالية، كما بلغت (R^-2) حوالي (%99.5) ، وتشير قيمة (D.W) والتي بلغت (1.61) إلى وقوعها في منطقة عدم الحسم، بالاضافة الى خلو الانموذج من مشكلة التعدد الخطــي وحســب اختبار klien)) . ويبين اختبار (F) معنوية الأنموذج ككل عندما بلغت قيمته المحتسبة (1083.53)، أما بالنسبة لاختبار (t) فيؤكد على معنوية المعالم المقدرة باستثناء معلمة الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) فهي غير معنوية إحصائياً.

وفي الأردن وباستخدام الدالة اللوغارتمية، نلاحظ إن زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) بنسبة (100%) يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بنسبة (0.523%) وهو ما يؤكد وجهة النظر الكلاسيكية في إن للاستثمار الأجنبي المباشر أثراً سلبياً في النمو الاقتصادي، وقد يعود ذلك إلى إن الاستثمار

الاجنبي المباشر المتدفق إلى الأردن لم يتجه إلى قطاعات إنتاجية تلبي حاجة الطلب المحلي، في حين نلاحظ ان كلاً من الاستهلاك المحلي (DC) والمدخرات المحلية (DS) كمتغيران مستقلان قد أحدثا أثراً إيجابياً في الناتج المحلي الإجمالي (GDP) كمتغير تابع، حيث إن زيادة الاستهلاك المحلي بنسبة (100%) يؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (96.2%) ، كما إن زيادة المدخرات المحلية بنسبة (100%) يؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (3.63%) عن طريق زيادة حجم الاستثمار المحلي، وهذا يعني وجود علاقة طردية بين المتغيران المستقلان والمتغير التابع.

ويبين لنا معامل التحديد (R2) ان (98%) من التغيرات الحاصلة في المتغير التابع (GDP) يعود سببها إلى المتغيرات المستقلة FDI, DC,DS)) والمتبقي والبالغ (2%) يعود إلى عوامل ومؤثرات أخرى لم يتضمنها الانموذج. كما بلغت (R-2) (%96.5)، كما تشير قيمة (D.W) التي بلغت (2.52) الى وقوعهـا فـي منطقة عدم الحسم، إضافة الى خلو الانموذج من مشكلة التعدد الخطي وبحسب اختبار(K lien)) ، ويؤكد اختبار (F) على معنوية الانموذج حيث بلغت قيمة (F) المحتسبة (65.52) ، أما بالنسبة لاختبار (t) فيؤكد على عدم معنوية معلمة الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) ومعنوية معالم الاستهلاك المحلي (DC) والمدخرات المحلية (DS).

أما فيما يتعلق بليبيا وباستخدام الدالة الخطية، فنلاحظ ان زيادة الاستثمار الاجنبي المباشر (FDI) بمقدار وحدة واحدة يؤدي الى زيادة الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بمقدار (0.0166) وهذا يعني ان الاستثمار الاجنبي المباشر قد أحدث أثراً إيجابياً ضعيفاً جداً في الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا، كما ان زيادة الاستهلاك المحلي (DC) بمقدار وحدة واحدة يؤدي الى زيادة الناتج المحلي الاجمالي (GDP) بمقدار (0.504) ، وزيادة المدخرات المحلية (DS) بمقدار وحدة واحدة يؤدي الى زيادة الناتج المحلي الاجمالي (GDP) بمقدار (0.342). 

وان قيمة (R²) تشير الى ان حوالي (96.2%) من المتغيرات الحاصلة في المتغير التابع يعود سببها الى المتغيرات المستقلة( FDI, DCS)، والباقي (%3.8) يعود سببها الى متغيرات أخرى لم تدخل إلى الانموذج، كما بلغت (R^-2) حوالي (%94) كما تشير قيمة (D.W) التي بلغت (1.46) إلى وقوعها في منطقة عدم الحسم، إضافة الى خلو الانموذج من مشكلة التعدد الخطي وبحسب اختبار (klien) ، ويؤكد اختبار (F) على معنوية الانموذج ككل، حيث بلغت قيمتة المحتسبة (42.47)، أما بالنسبة لاختبار (t) فيؤكد على عدم معنوية معلمة الاستثمار الاجنبي المباشر (FDI) ومعنوية معالم الاستهلاك المحلي (DC) والمدخرات المحلية (DS).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) طالب حسن نجم الحيالي (مقدمة في القياس الاقتصادي)، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1991، ص 200.

مواضيع ذات صلة

التـوصـيـات المطلوبـة بشأن الاستثمار الاجنبي المباشر في البلدان العربية

الاستنتاجات الواردة بشأن الاستثمار الاجنبي المباشر في البلدان العربية

انموذج دالة أثر الاستثمار الأجنبي المباشر في الاستيرادات في البـلدان العربيـة

انموذج دالـة أثـر الاستـثـمار الأجنـبي المـباشـر فـي الصـادرات في البـلدان العربيـة

انموذج دالـة أثـر الاستثمـار الأجنبـي المبـاشـر فـي الاستثمـار المـحلـي في البـلدان العربيـة

انـموذج دالة أثر الاستثمار الاجنبي المباشر في المدخرات المحلية في البـلدان العربيـة

انـموذج دالة أثر الاستثمار الأجنبي المباشر في الاستهلاك المحلي في البـلدان العربيـة

الانموذج السادس لقياس أثر الاستثمار الأجنبي المباشر للمتغيرات الاقتصادية الكلية البلدان العربية

الانموذج الخامس لقياس أثر الاستثمار الأجنبي المباشر للمتغيرات الاقتصادية الكلية البلدان العربية

الانموذج الرابع لقياس أثر الاستثمار الأجنبي المباشر للمتغيرات الاقتصادية الكلية البلدان العربية

الانموذج الثالث لقياس أثر الاستثمار الأجنبي المباشر للمتغيرات الاقتصادية الكلية البلدان العربية

الانموذج الثاني لقياس أثر الاستثمار الأجنبي المباشر للمتغيرات الاقتصادية الكلية البلدان العربية