الاستنتاجات والتوصيات

الاستنتاجات:

1- لا يمكن تحديد تاريخ معين لظهور الاستثمار الاجنبي المباشر، لكن البداية الحقيقية لهذا الاستثمار كانت على أثر قيام الثورة الصناعية في مستهل القرن التاسع عشر، وتزايد اهتمام دول العالم منذ ذلك التاريخ بقضايا جذب الاستثمار الاجنبي المباشر واحتدمت المنافسة خلال العقدين الماضين بين بلدان العالم سواء كانت متقدمة أم نامية للفوز بأكبر نسبة ممكنة من اجمالي تدفق الاستثمار الاجنبي المباشر، واستطاعت البلدان المتقدمة نظراً للمزايا التي تتمتع بها من جذب نسبة مرتفعة من الاجمالي، فاقتصاديات هذه البلدان تتميز بالانفتاح الاقتصادي وتوفر المعلومات والبيانات عن المشاريع الاقتصادية وانخفاض المعوقات البيروقراطية وغيرها من الامور التي توفر فرصاً استثمارية في مختلف الأنشطة الاقتصادية.

2 ـ شهد عقد التسعينيات تطوراً كبيراً تمثل في الانفجار المالي على الصعيد العالمي، فالاستثمار الاجنبي المباشر صار الماكنة التي تقودها الشركات متعددة الجنسية لتحقيق الاندماج باتجاه العولمة، إذ كلما زادت قوة تحرير الاسواق المالية، كلما تعاظم دور هذه التدفقات المالية في الاقتصادات النامية، حيث ارتفعت أهمية التمويل من المصادر الخاصة وحلت محل المعونة الرسمية والاقتراض من مؤسسات التمويل الدولية، بالإضافة الى تزايد أعداد الاتفاقيات الثنائية التي تشجع الاستثمار بين الدول.

3 ـ تعاني غالبية البلدان العربية من مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية متعددة تعوق عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكن الأمر الأكثر خطورة على اقتصادياتها هو انها تعاني من توفر الفوائض المالية غير المستغلة بصورة جيدة، وهو ما يدفعها للخروج الى الأسواق العالمية لعدم توفر المناخ الاستثماري الملائم، حيث قدرت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار هذه الأموال ما بين (800-1000) مليار دولار، في حين يقدرها مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بحوالي (1400) مليار دولار، وهذه الأموال في أغلبها استثمارات خاصة يملكها أشخاص أو شركات من جنسيات عربية مختلفة، مع جزء قليل من الاستثمارات العامة التي تعود ملكيتها لحكومات عربية وتحديداً خليجية.

4 - تتمثل العوامل التي تدفع رؤوس الأموال العربية الى الهجرة في تخبط الأنظمة التشريعية وعدم ثبات القوانين الحاكمة للعملية الاستثمارية المحلية وضعف الأسواق المالية وعدم توفر المعلومات الكافية للمستثمرين عن حجم ونوعية الفرص الاستثمارية.

5- لم تتمكن البلدان العربية من جذب سوى النزر اليسير من مجمل الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة الى البلدان النامية والعالم، واتسمت حركة الاستثمارات الاجنبية الواردة الى البلدان العربية بالتذبذب من عام لآخر حسب الظروف الاقتصادية والسياسية في المنطقة، وأغلب هذه الاستثمارات لا يزال محصوراً في قطاعات محدودة جداً وبالأخص قطاع النفط، حيث بلغت التدفقات الداخلة الى البلدان العربية حوالي (21605) مليون دولار في عام (2004) وبنسبة مساهمة بلغت (7.86%) بالنسبة للبلدان النامية و (3.04%) بالنسبة للعالم، وارتفعت في عام (2005) لتبلغ (37650) مليون دولار، وهو ما يمثل (11.26%) من التدفقات المتجهة الى مجموعة البلدان النامية و ما نسبته (4.11%) من إجمالي التدفقات على مستوى العالم.

6- يلاحظ تذبذب تطور نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الناتج المحلي الإجمالي ونسبته الى تكوين رأس المال الثابت في البلدان العربية، إذ تصدرت البحرين قائمة البلدان العربية في مؤشر نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر الى الناتج المحلي الإجمالي، بحوالي (7.369%) في عام (1995) تلتها قطر بحوالي (1.155%) ، أما في عام (2005) فقد تصدرت الاردن القائمة بنسبة بلغت (12.052%) تلتها لبنان بحوالي (%11.668) ، أما تطور مؤشر نسبة الاستثمار الاجنبي المباشر الــى اجمالي تكوين رأس المال الثابت فقد تصدرته مصر بنحو (5.3%) تلتها قطر بحوالي (5%) في عام (1995)، أما في عام (2005) فقد سجلت لبنان أعلى نسبة بحوالي (53.3%) تلتها الاردن بنحو (53%).

7- تعاني البلدان العربية من انخفاض نسبة الاستثمار العربي البيني قياساً بالاستثمار العربي الدولي، إذ ان الاقتصادات العربية أكثر انفتاحاً أمام الاقتصادات الغربية وبالتالي أمام استثماراتها من أمام الاقتصادات العربية، وهذا الانخفاض في الاستثمارات البيئية يعود الى نقص وتخلف البني التحتية الملائمة وعدم الاستقرار السياسي وغياب الثقة بالمناخ الاستثماري السائد في البلدان العربية بالإضافة الى النقص الكبير في كفاءة الاجراءات الادارية والمؤسسية المصاحبة للمشاريع الاستثمارية، حيث تصدرت ليبيا قائمة البلدان العربية المصدرة للاستثمارات البينية حيث تشكل استثماراتها الداخلة الى الجزائر نسبة (53%) ثم تلتها السعودية بنسبة وصلت الى (%47.4) من الاستثمارات الداخلة الى الامارات، في حين تصدرت السعودية قائمة البلدان العربية المضيفة للاستثمارات العربية بحوالي (721.2) مليون دولار وهو ما نسبته (29.5%) من اجمالي الاستثمارات العربية البينية خلال عام (2001) ، واستمرت في الصدارة لتبلغ حوالي (28797) مليون دولار وهو ما نسبته (75.8%) من أجمالي الاستثمارات البينية عام (2005).

8- اتبعت مصر سياسة الاصلاح الاقتصادي منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي، وحققت هذه السياسة تحسينات كبيرة في مؤشرات الأداء الاقتصادي ككل، فانخفض عجز الموازنة العامة للدولة كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي الى( 1.24%) في عام (1990) مقارنة مع (9.58 %) في عام (1995) وانخفض معدل التضخم من (16.8%) في عام (1990) الى (2.7%) في عام (2000) ، وانخفض اجمالي الدين الخارجي الى الناتج المحلي الاجمالي من (79.9%) في عام (1990) الى حوالي (%27.8) في عام (2000)، كما ساهمت السياسات المالية والنقدية الانكماشية الى تباطئ في معدل النمو الاقتصادي حيث انخفض من (%16.4) في عام (1990) الى (7.6%) في عام (2000)، دفعت هذه الأوضاع الى استقرار في الاوضاع الاقتصادية وبالتالي جذب المزيد من استثمارات الاجنبية المباشرة ، فارتفعت هذه التدفقات من (598) مليون دولار وهو ما يمثل (0.994%) الى الناتج المحلي الاجمالي و (5.3%) الى اجمالي تكوين رأس المال الثابت في عام (1995) الى (5376) مليون دولار وهو ما نسبته (6.028%) الى الناتج المحلي الاجمالي و (33.6%) الى اجمالي تكوين رأس المال الثابت في عام (2005).

9- اتصف الاقتصاد الأردني بصغر حجم اقتصاده ومحدودية موارده وتأثره الكبير بالأحداث الإقليمية والدولية، بالمقابل ولمسايرة هذه التحديات سارعت الحكومة الأردنية الى اعتماد نهج التصحيح الاقتصادي، وقد أدى تطبيق هذا البرنامج الى نتائج ايجابية تمثلت في تحقيق معدل نمو وصل الى (12.1%) في عام (1995) مقارنة مع معدل نمو سالب بلغ (3%) في عام (1990)، وأنخفض معدل التضخم من (16.1%) في عام (1990) الى (1.67%) في عام (1995) كما انخفض عجز الموازنة العامة الى الناتج المحلي الاجمالي من (3.61-%) في عام (1990) الى (%1.67) في عام (1995)، ومما ساعد على تحسين هذه المعدلات هو امتلاك الاردن لبنية أساسية قوية وقطاع خاص نشط وأطار مؤسسي وتشريعي جيد، ونتيجة لذلك فقد تحسن مناخ الاستثمار كثيراً في الاردن وبالتالي ارتفعت تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر اليه من حوالي (13) مليون دولار في عام (1995) وهو ما يمثل (0.193%) من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي و (0.7%) من اجمالي تكوين راس المال الثابت الـــى (1532) مليون دولار وهو ما يمثل (12.052%) الى الناتج المحلي الاجمالي و (53%) الى اجمالي تكوين رأس المال الثابت في عام (2005).

10- على الرغم من موارد الطاقة التي تتمتع بها ليبيا الا انها تمتلك اقتصاداً من أقل الاقتصادات تنوعاً في منطقة المغرب العربي، وبدأت ببذل جهود حثيثة للانفتاح والاصلاح الاقتصادي بعد أن حلت قضية لوكربي وجمدت عقوبات الامم المتحدة في عام (1999)، وقد ارتكزت السياسة الاصلاحية على قيام برنامج للخصخصة واعادة هيكل الجهاز المصرفي وتحرير الاسعار وتخفيض الرسوم الجمركية، والعمل على فتح الباب على مصراعيه أمام المستثمرين الأجانب، إلا إنه وبالرغم من ذلك فان الاقتصاد الليبي لا يزال يتميز بتدني حجم الاستثمار الاجنبي المباشر الداخل ليصل الى (261) مليون دولار في عام (2005) وهو ما يمثل (%0.626) من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي و (8.6%) من اجمالي تكوين رأس المال الثابت مقارنة مع استثمارات سالبة طيلة المدة (2001-1995)، حيث لغت (107) مليون دولار في عام (1995) وهو ما نسبته (0.350%) من الناتج المحلي الاجمالي و (0.8%) من اجمالي تكوين رأس المال الثابت، وأغلب هذه الاستثمارات موجه نحو قطاع النفط والغاز، وان الحاجة الحقيقية للاقتصاد الليبي هي الاستثمار والشراكة في القطاعات الاخرى ذات الموارد المتجددة والتي ستسهم في تطوير العملية الإنتاجية في جميع القطاعات الاقتصادية.

11- تم استخدام الاستثمار الاجنبي المباشر كمتغير مستقل مع مجموعة من المتغيرات الأخرى في عدد من الانموذجات القياسية لقياس أثر الاستثمار الاجنبي المباشر في بعض متغيرات الاقتصاد الكلي في البلدان العربية المذكورة. وتبين ان للاستثمار الاجنبي المباشر أثراً ضعيفاً جداً في الناتج المحلي الاجمالي كمؤشر (للنمو الاقتصادي) في مصر والأردن، مع أثر ايجابي محدود في ليبيا. كما ظهر للاستثمار الاجنبي المباشر أثراً ضعيفاً جداً في الاستهلاك المحلي في مصر في حين سجل الأردن أثراً إيجابياً وصل الى (21.7%)، وأحدث الاستثمار الأجنبي المباشر أثراً سلبياً في الاستهلاك المحلي في ليبيا بمقدار (5.57). وفي مصر وليبيا سجل الاستثمار الاجنبي المباشر أثراً إيجابياً في المدخرات المحلية، وهذا ما يدل على ان الاستثمار الاجنبي المباشر لعب دوراً مكملاً للمدخرات المحلية في تمويل التنمية الاقتصادية، وأحدث الاستثمار الاجنبي أثراً سلبياً فـــي المدخرات المحلية في الاردن، وهذا ما يوضح اعتماد الاستثمارات الأجنبية على المدخرات المحلية في تمويل عملية التنمية الاقتصادية. وبينت العلاقة الخاصة بأثر الاستثمار الاجنبي المباشر في الاستثمار المحلي والصادرات أثراً إيجابياً في البلدان المختارة، وأحدث الاستثمار الاجنبي المباشر أثراً ضعيفاً في الاستيرادات في كل من مصر والأردن، في حين ان زيادة الاستثمار الاجنبي المباشر بوحدة واحدة يؤدي الى زيادة الاستيرادات بمقدار (1.66) في ليبيا وهنا يظهر الأثر الايجابي للاستثمار الأجنبي المباشر في الاستيرادات.

مواضيع ذات صلة

التـوصـيـات المطلوبـة بشأن الاستثمار الاجنبي المباشر في البلدان العربية

انموذج دالة أثر الاستثمار الأجنبي المباشر في الاستيرادات في البـلدان العربيـة

انموذج دالـة أثـر الاستـثـمار الأجنـبي المـباشـر فـي الصـادرات في البـلدان العربيـة

انموذج دالـة أثـر الاستثمـار الأجنبـي المبـاشـر فـي الاستثمـار المـحلـي في البـلدان العربيـة

انـموذج دالة أثر الاستثمار الاجنبي المباشر في المدخرات المحلية في البـلدان العربيـة

انـموذج دالة أثر الاستثمار الأجنبي المباشر في الاستهلاك المحلي في البـلدان العربيـة

تقدير وتحليل النتائج للانموذجات القياسية للدول العربيـة (دالة أثر الاستثمار الأجنبي المباشر في الناتج المحلي الإجمالي)

الانموذج السادس لقياس أثر الاستثمار الأجنبي المباشر للمتغيرات الاقتصادية الكلية البلدان العربية

الانموذج الخامس لقياس أثر الاستثمار الأجنبي المباشر للمتغيرات الاقتصادية الكلية البلدان العربية

الانموذج الرابع لقياس أثر الاستثمار الأجنبي المباشر للمتغيرات الاقتصادية الكلية البلدان العربية

الانموذج الثالث لقياس أثر الاستثمار الأجنبي المباشر للمتغيرات الاقتصادية الكلية البلدان العربية

الانموذج الثاني لقياس أثر الاستثمار الأجنبي المباشر للمتغيرات الاقتصادية الكلية البلدان العربية