تفسير قوله تعالى : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا .. } |
2116
12:18 صباحاً
التاريخ: 12-06-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-06-2015
2539
التاريخ: 12-06-2015
2187
التاريخ: 12-06-2015
4550
التاريخ: 14-06-2015
2052
|
قال
تعالى : {الْحَجُّ
أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا
فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ
اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي
الْأَلْبَابِ } [البقرة
: 197] .
{الْحَجُ} أي
وقت الحج والذي يصح فيه {أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ} معينة
ولئن كان المشركون ينسئونها الى أشهر أخر فإنما النسيء زيادة في الكفر. وهي شوال
وذو القعدة وذو الحجة لا غيرها. نعم كل ذي الحجة وقت ببعض الاعتبارات لبعض الاجزاء
كشوال وذي القعدة. قال في التذكرة وعليه اكثر علمائنا. وهو الظاهر مما روي في الكافي والفقيه والتهذيب عن سماعة
ومعاوية عن الصادق (عليه السلام) انها شوال وذو القعدة وذو الحجة. ونحوه ما رواه في الكافي والتهذيب عن
زرارة عن الباقر (عليه السلام).
وفي الدر المنثور وغيره
كالبيهقي والبخاري في أحاديث مسندا عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) انها شوال وذو القعدة وذو الحجة كما في أحاديث أبي امامة وابن عباس وابن عمر.
وصريح قول الكاظم (عليه
السلام) كان جعفر «يعني الصادق (عليه السلام)» يقول ذو الحجة كله من أشهر الحج. كما رواه في التهذيب في الصحيح عن عبد
الرحمن بن الحجاج وروى نحوه في تفسير البرهان أخذا من تفسير العياشي .
وكذا صريح قول الصادق (عليه السلام) في شمولها لما بعد ايام التشريق في صوم
الثلاثة في بدل الهدي حينئذ انا اهل بيت نقول ذلك لقوله تعالى {فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ} يقول
في ذي الحجة. كما رواه في الكافي والتهذيب في الحسن
كالصحيح او الصحيح عن رفاعة عنه (عليه السلام). ويؤيده ما رواه في الوسائل
والبرهان أخذا من تفسير العياشي عن حفص بن البختري عن الصادق (عليه
السلام). وربعي عن الكاظم (عليه السلام).
والمراد في الآية ان مجموع الوقت
من الأشهر الثلاثة وقت للمجموع من افعال الحج أي يصح بعض الاجزاء فيها كالأحرام
الذي هو جزء من أحد النسكين الحج والعمرة وان اختصت بعض الأفعال بيوم عرفة وما
بعده. فلا يجوز أن يقدم إحرام الحج على الأشهر المذكورة بإجماع الإمامية وحديث اهل
البيت وبذلك قال عطا ومجاهد وطاووس والشافعي. وفي الدر المنثور ذكر جماعة رووا ذلك منهم الشافعي
والحاكم وصححه عن ابن عباس وابن مردويه عن جابر عن رسول اللّه (صلى
الله عليه واله وسلم) والشافعي وغيره عن جابر موقوفا. والإحرام جزء من الحج والحج
أشهر معلومات. وحكى في التذكرة عن مالك والثوري والنخعي وأبي حنيفة وإسحاق واحمد
ان الإحرام ينعقد قبل الأشهر المذكورة فإذا بقي على إحرامه الى أشهر الحج جاز
للحج. تشبثا منهم بقوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ
مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة
: 189] ويرده ان كون الأهلة كلها مواقيت
للناس والحج إنما هو باعتبار مجموع الحوادث للناس والحج فإنها إنما تكون مواقيت
للحج وللناس في حوادثهم وأمورهم إذا امتازت بعض الأهلة عن بعض باعتبار الوقوع او
البداية او النهاية وإذا لم يمتز بعض الأهلة عن بعض في التوقيت كان الزمان كله
ظرفا ليس فيه وقت ولا ميقات فلا تكون الأهلة مواقيت. ولو تنزلنا لكان قوله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ} نصا على التعيين كنص السنة على تعيين التاسع
والعاشر من ذي الحجة على بعض اعماله.
وعمرة التمتع كالحج لا يقع شيء
منها في غير الأشهر المذكورة بإجماع الإمامية وحديث اهل البيت وما رووه عن جدهم (صلى
الله عليه واله وسلم) من قوله (صلى الله عليه واله وسلم) دخلت العمرة في الحج الى يوم القيامة كما أسنده الجمهور في جوامعهم ومسانيدهم
عن خمسة من الصحابة عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) كما أشرنا اليه آنفا.
فإذا كانت داخلة فيه كانت موقتة
بوقته. وان الإحرام الذي جعله للعمرة المتمتع بها الى الحج كان في ذي القعدة ولم
يرد ما يجوّز تقديمه على شوال. وقد اجمع المسلمون على انه لا يجوز أن تقدم عمرة
التمتع على أشهر الحج بجميع اعمالها. لكن في التذكرة عن ثاني قولي الشافعي إذا
أحرم بالعمرة في شهر رمضان وأتى بباقي اعمالها في شوال وحج من سنته كان متمتعا.
وقال ابو حنيفة ويجوز ايضا ان يقدم من اعمالها على أشهر الحج الى ثلاثة أشواط من
طوافها. ولعل أبا حنيفة يتشبث لتقديم إحرامها بما يتشبث به لتقديم إحرام الحج وقد
عرفت ما فيه. ويبقى قول الشافعي هنا وتقديم الأشواط الثلاثة ونحوها ليس له ما
يتشبث به {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ}.
اي جعل إتمامه فرضا واجبا عليه
بسبب عقده للإحرام بالتلبية او اشعار الهدي او تقليده كما في صحيحة الكافي عن معاوية عن الصادق
(عليه السلام) و يدخل في ذلك الإحرام من المواقيت في حج
التمتع لدخول العمرة في الحج {فَلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ ولا جِدالَ فِي
الْحَجِ} اي
ان الحج بطبيعته ومصلحة تشريعه يأبى هذه الأمور. وتقدير الكلام فمن فرض فيهن الحج
فلا يأت في حجه برفث ولا فسوق ولا جدال لأنه لا رفث ولا فسوق إلى آخره فحذف جواب
الشرط لدلالة هذه الجملة المذكورة عليه دلالة يكون ذكره معها من فصول الكلام.
وجيء بالجملة الخبرية.
وصرح باسم الحج في قوله جل شأنه «فِي الْحَجِّ» لإيضاح ان الحج بذاته ينافر هذه الأمور.
وليعرف ان عدمها ليس تكليفا محضا يختص بمن فرض الحج بل هو غرض يريد الشارع تحصيله
من المكلفين حتى في مورد لا يكون فيه من غير هذه الجهة منكر يجب النهي عنه واثم
تحرم المساعدة عليه كما لو اكره المحل بحق الزوجية زوجته على وطئها في حجها الواجب
أو المستحب بإذنه أو المولى أمته في حجها باذنه. او طاوعت المحلة زوجها غير البالغ
على وطئها في حجه وما أشبه ذلك. فإنه بمفاد الآية والغرض يراد من كل مكلف عدم
حصوله كمنعه ان كان لمنعه أثر وعلى ذلك جاءت صحيحة إسحاق بن عمار عن الكاظم (عليه
السلام) في ان المولى المحل إذا كان عالما بأنه لا ينبغي له ان يطأ أمته في حجها
باذنه كان عليه الكفارة كما افتى الأصحاب على إطلاقها سؤالا وجوابا بل الظاهر انه
لا يخفى عليه ان وطأها مع رضاها لا ينبغي له لأنه اعانة على الإثم. ولو قيل ولا
جدال فيه لاحتمل عود الضمير إلى ذلك الحج المفروض من حيث انه فرضه على نفسه وما
يرجع إلى تكليفه الخاص به لا من حيث منافرة ذات الحج لهذه الأمور وإن كان بعضها
حلالا في غيره كجماع الزوجين وقول لا واللّه وبلى واللّه في مقام الصدق. هذا وفي
التبيان وغيره الرفث عند أصحابنا كناية عن الجماع قلت وهو احدى روايات الجمهور عن
ابن عباس عن رسول اللّه ورووه ايضا عن ابن عباس وابن عمرو ابن الزبير موقوفا. والحجة
لأصحابنا فيه إجماعهم وما
في الكافي عن الصادق (عليه
السلام) الرفث الجماع. والفسوق الكذب والسباب.
والجدال قول الرجل لا واللّه وبلى واللّه ونحوه ما روى في الفقيه عن الصادق (عليه
السلام) إلا انه لم يذكر السباب. ونحوه ايضا ما روي في التهذيب عن الكاظم (عليه
السلام) الا انه ذكر المفاخرة بدل السباب.
ولعل ذكر السباب والمفاخرة كان
رعاية لبعض الوجوه باعتبار الغالب من اشتمالها على الكذب ويشهد لذلك خلوّ رواية
الفقيه منهما وخلوّ رواية الكافي من المفاخرة وخلوّ رواية التهذيب من السباب وكلها
في مقام البيان. وايضا ان الجماع هو المتيقن من الرفث في التفسير مع شهادة قوله
تعالى فيما سبق {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ
إِلى نِسائِكُمْ} ولئن ذكر له في كتب اللغة معان أخر فهي على
سبيل الاحتمال. والأصل فيه البراءة {وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} ويوفكم
جزاءكم وهو العليم الذي لا يضيع أجر المحسنين {وَتَزَوَّدُوا} من
تقوى اللّه والأعمال الصالحة. والزاد ما يعد من الطعام لحاجة السفر كني به هنا عن
الاستعداد للآخرة {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ} مما
يعتني الإنسان بتزوّده وبعدّه لضرورته ويراه واجبا لازما لحاجته إنما هو {التَّقْوى} للّه والعمل بأوامره ونواهيه. ولعمري ان
التفريع بالفاء ليوضح الرد لما ذكر في تفسير الآية من ان قوما كانوا يرمون أزوادهم
ويتسمون بالمتوكلين فقيل لهم تزودوا من الطعام ولا تلقوا كلكم على الناس. ولئن
ذكرت بذلك رواية عن ابن عباس وغيره كما أحصاه في الدر المنثور فإن عرضها
على كتاب اللّه في تفريع الآية بالفاء يعرّفك وهاهنا {وَاتَّقُونِ} عطف
تفسير على تزودوا فائدته البيان والتأكيد{يا أُولِي الْأَلْبابِ} الذين
يعرفون بعقولهم حاجتهم إلى التزود بالأعمال الصالحة ووجوب تقوى اللّه وما للتقوى
من فضل الغاية العظمى.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|