المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17751 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



تهديد قوم النبي هود بالعذاب ووقوعه وهلاكهم  
  
2209   12:48 صباحاً   التاريخ: 15-6-2021
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني .
الكتاب أو المصدر : القصص القرآنية دراسة ومعطيات وأهداف
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 152-154 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / قصص الأنبياء / قصة النبي هود وقومه /

قال تعالى : {قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} [الأعراف : 71] .

{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} [هود : 57] .

{فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} [الأحقاف : 22 ، 23] .

{رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} [المؤمنون : 39] .

{قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون : 40] .

***

جرت سنة الله سبحانه على أن يوصل الإنسان إلى الكمال الذي خلق لأجله ، فمادام هو في ذلك المسير بل مادام هناك بصيص من الرجاء لوصوله إلى الغاية ، فالقوى الظاهرية والباطنية تكون معينة له . وعلى العكس من ذلك فلو أن الإنسان ابتعد عن هذا المسير ولم يكن هناك رجاء لكماله فيعمه العذاب ويختم حيا تهمن أصلها .

وقد اتبع هود تلك السنة ، حيث استمر في دعوة قومه إلى التوحيد والهدى إلى أن يئس من استجابتهم وانصياعهم للحق ا إلا قليلاً منهم — وعند ذاك هددهم بنزول العذاب كما هو لائح من الآيات المتقدمة ، التي تحدثت عن استحقاقهم للرجس (العذاب) لشدة إنكارهم للحق ومجادلتهم بالباطل .

ومع هذه الإنذارات المتكررة التي تؤثر في أغلب الناس ، ولكن قوم هود لم يعيروا لها أدنى اهتمام ، ولم يبالوا وعيده ، وخاطبوه بقولهم : {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الأحقاف : 22] .

إن هذا التحدي والتكذيب لم يخرج هوداً عن سمت النبي الكريم ، ولم يقعده عن بيان هذه الحقيقة وهي أنه ليس سوى رسول ، وليس عليه إلا البلاغ ، أما العذاب فلا يعلم وقت نزوله إلا الله ، وهو الذي يقدر المصلحة في تعجيله أو تأجيله . (1) ومن هنا وصفه (عليه السلام) بالجهل والجهالة ، إذ لولا الجهل لما أظهروا مثل هذا التحدي الأرعن ، فإن احتمال نزوله ولو كان ضعيفاً يوجب عليهم التوقي والمرونة في الكلام والتدبر في حقيقة الدعوة .

كلّ ذلك يدل على أن هؤلاء قد فقدوا الأهلية في أن يكونوا خلفاء الله في الأرض إذ يجب أن يكون بين الخليفة والمخلف صلة معنوية ، والأقوام اللجوجة العنودة التي تستقل العذاب لا تستحق ذلك المنصب ، وعند ذلك دعا هود ربه فقال : {رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} [المؤمنون : 39] .

فوافاه الخطاب من اله سبحانه : {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون : 40] .

فلندرس إجابة دعوة هود وهي ، نزول العذاب عليهم وإبادتهم وإهلاكهم .

 

وقوع العذاب ، وهلاك قومه

{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف : 24] .

{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [الأحقاف : 25] .

{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت : 16] .

{وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة : 6 - 8] .

{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر : 19] .

{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات : 41 ، 42] .

{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت : 13] .

 

***

شاءت إرادته سبحا نه أن يبيد القوم الذين سخروا من نبيهم واتهموه واعترضوا عليه بأمور واهية ، فأرسل عليهم سحاباً أسود ، خيل للقوم في بادئ أمرهم أنه سوف يُمطرهم ويسقي زروعهم ، ففرحوا به ، لانحباس المطر عنهم -كما يبدو- لمدة ليست بالقليلة ، ولكنهم جهلوا بحقيقته إذ كان نذير شؤم وعذاب مؤلم ، إنه ريح عصوف تحطم كل شيء تمر به وتدمره تدميراً {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [الأحقاف : 25] . ولم ينج من ذلك العذاب إلا هوداً وأتباعه المؤمنين ، كما قال سبحانه : {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [الأعراف : 72] .

وكانت الريح عاتية باردة مهلكة ، استغرق وقت هبوبها سبع ليال وثما نية أيام متتالية ، تناثرت بعدها أشلاء القوم على وجه الأرض كأنها أصول نخل بالية ، لمرحت على الأرض .

وكانت هذه الأيام الثمانية أيام شؤم عليهم ، كما قال سبحانه : {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت : 16] .

وقد أريد من الأيام هنا مع لياليها لما مرّ في قوله سبحانه : {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة : 6 ، 7] .

فربما تطلق الأيام ويراد بها الأيام مع لياليها .

وعليه ، فقد بدأ العذاب نهاراً ، وتم قبل ليل اليوم الثامن ، فبينهما سبع ليال .

وأما قوله سبحانه : {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر : 19] ، فاستمرار النحس كناية عن استمرار العذاب ، فاستمر عليهم وفق الآيات السابقة بنحوسة سبع ليال وثما نية أيام .

هذا ، وقد عبر القرآن الكريم عن العذاب الذي أهلك عاداً بتعابير مختلفة : ريح صرصر ، والريح العقيم ، والصاعقة (راجع ما تقدم من الآيات الكريمة) .

والريح العقيم هي التي لا أثر فيها لخير أو فائدة من تنشئة سحاب أو تلقيح شجر ، ونحو ذلك ، بل أثرها الإهلاك و التدمير والإبلاء (ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم) أي كالشيء الهالك البالي .

وأما الصاعقة ، فهي الصوت الشديد ، وقد يطلق القرآن هذه اللفظة ، ويريد بها آثارها ومظاهرها ، مثل الموت ، كقوله تعالى : {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الزمر : 68] والعذاب ، كقوله : {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت : 13] ؛ والنار الساقطة من السماء عن برق ورعد ، كقوله : {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ} [الرعد : 13] (2) .

________________________

  1.  انظر : في ظلال القرآن : ٣٦/١٢(الطبعة الأولى) .
  2. انظر : مفردات الراغب : مادة «صعق» ؛ والميزان : ٣١٧/١١ و ٣٧٦/١٧ .



وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .