في بيان متطلّبات الظروف في عصر الرسول في مجال القيادة الإسلاميّة |
1150
08:58 صباحاً
التاريخ: 24-05-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2018
867
التاريخ: 2-5-2018
741
التاريخ: 7-5-2018
830
التاريخ: 6-5-2018
1406
|
لا شك أنّ الدين الإسلامي دين عالمي، وشريعة خاتمة، وقد كانت قيادة الأُمّة من شؤون النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ما دام على قيد الحياة، ثُمَّ إنّه وقع الاختلاف بين أصحاب المقالات والفِرق في صيغتها بعد الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فهل كانت متبلورة في صيغة النص أو في انتخاب الأُمّة؟
الشيعة ترى أنّ القيادة منصب تنصيصي، والّذي ينصّ على خليفة الرسول هو الله سبحانه عن طريقه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، بينما يرى أهل السنّة غير ذلك، ولكلّ من الاتّجاهين دلائل وبراهين، والمقصود هنا دراسة متطلّبات الظروف وتقييمها في عصر الرسالة، فهل كانت المصالح تكمن في تعيين القائد أو كانت تكمن في خلافه؟، فدراستها تسلّط الضوء على ... وجود النص من الرسول وعدمه، وإليك بيان ذلك:
إنّ الظروف السياسيّة الّتي كانت سائدة في المنطقة، كانت توجب على الرسول أن يعيّن القائد، وكانت المصلحة الإسلاميّة تقتضي ذلك؛ لأنّ المجتمع الإسلامي كان مهدّداً على الدوام بالخطر الثلاثي: الروم، الفرس، المنافقين؛ وخطرهم يتمثّل بشن هجوم مفاجئ كاسح، أو إلقاء بذور الفساد والاختلاف بين المسلمين، فمصالح الأُمّة كانت توجب توحيد صفوف المسلمين في مواجهة الخطر الخارجي والداخلي، وذلك بتعيين قائد سياسي من بعده، وبذلك يسدّ الطريق على نفوذ العدو في جسم الأُمّة الإسلاميّة والسيطرة عليها، وعلى مصيرها، وبذلك يخسر الّذين كانوا يتآمرون على ضرب الإسلام بعد وفاة النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
أمّا العدو الأوّل، فقد كان الإمبراطورية الرومانيّة الّتي كانت تشكّل أحد أضلاع المثلّث الخطر الّذي كان يحيط بالكيان الإسلامي ويهدده من الخارج.
وكانت هذه القوة الرهيبة تتمركز في شمال الجزيرة العربيّة، وكانت تشغل بال النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) على الدوام، حتّى أنّ التفكير في أمر الروم لم يغادر ذهنه وفكره حتّى لحظة الوفاة والالتحاق بالرفيق الأعلى.
وكانت أوّل مواجهة عسكريّة بين المسلمين والجيش الرومي، في السنة الثامنة من الهجرة في أرض فلسطين، وقد أدتّ هذه المواجهة إلى مقتل القادة العسكريّين البارزين الثلاثة؛ وهم: جعفر الطيار، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة.
ولقد أدّى انسحاب الجيش الإسلامي بعد مقتل القادة المذكورين، إلى تزايد جرأة الجيش الرومي، فكان يخشى بصورة متزايدة أن تتعرض عاصمة الإسلام للهجوم الكاسح من قبل هذا الجيش.
من هنا خرج رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في السنة التاسعة للهجرة (غزوة تبوك) على رأس جيش كبير جداً إلى حدود الشام ليقود بنفسه المواجهة العسكرية، وقد استطاع الجيش في هذه الرحلة الصعبة المضنية أن يستعيد للأُمّة الإسلامية هيبتها من جديد.
أمّا الضلع الثاني من المثلث الخطير الّذي كان يهدد الكيان الإسلامي، فكان الامبراطوريّة الفارسيّة. وقد بلغ غضب هذه الامبراطوريّة على رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ومعاداتها لدعوته، أن أقدم إمبراطور إيران (خسروپرويز) على تمزيق رسالة النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وتوجيه الإهانة إلى سفيره بإخراجه من بلاطه والكتابة إلى واليه في اليمن بأن يوجّه إلى المدينة من يقبض على رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أو يقتله إن امتنع.
وخسرو هذا وإن قُتل في زمن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إلاّ أنّ استقلال اليمن الّتي رزحت تحت استعمار الإمبراطورية الفارسيّة ردحاً طويلاً من الزمن، لم يغب عن نظر ملوك إيران آنذاك، وكان غرور أُولئك الملوك وتجبّرهم وكبرياؤهم، لا يسمح بتحمّل منافسة القوة الجديدة (القوة الإسلاميّة) لهم.
والخطر الثالث؛ وهو الأعظم؛ كان هو خطر حزب النفاق الّذي كان يعمل بين صفوف المسلمين كالطابور الخامس، على تقويض دعائم الكيان الإسلامي من الداخل، إلى درجة أنّهم حاولوا اغتيال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في طريق العودة من تبوك إلى المدينة.
فقد كان بعض عناصر هذا الحزب يقول في نفسه: إنّ الحركة الإسلاميّة سينتهي أمرها بموت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ورحيله، وبذلك يستريح الجميع!
فهل مع وجود مثل هؤلاء الأعداء الأقوياء الّذين كانوا يتربّصون بالإسلام الدوائر، ويتحيّنون الفرص للقضاء عليه، يصحّ أن يترك رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أُمّته الحديثة العهد بالإسلام، الجديدة التأسيس، من دون أن يعيّن لهم قائداً دينيّاً سياسيّاً؟!
إنّ المعطيات الاجتماعيّة توحي بأنّه كان من الواجب أن يدفع رسول الإسلام، بتعيين قائد للأُمّة، ظهور أي اختلاف وانشقاق فيها من بعده، ويضمن بذلك استمرار وبقاء الأُمّة الإسلاميّة، وإيجاد حصن قوي وسياج دفاعي متين حولها.
إنّ تحصين الأُمّة وصيانتها من الحوادث المشؤومة، والحيلولة دون مطالبة كلّ فريق الزعامة لنفسه دون غيره، وبالتالي التنازع على مسألة الخلافة والزعامة، لم يكن متحققاً إلاّ بتعيين قائد للأُمّة، وعدم ترك الأُمور للأقدار.
إنّ هذه المحاسبة الاجتماعيّة تهدينا إلى صحّة نظريّة (التخصيص على القائد بعد الرسول)، ولعلّه لهذه الجهة ولجهات أُخرى، طرح الرسول مسألة الخلافة في بدء الدعوة، واستمر بذلك إلى آخر ساعة من عمره الشريف.
إنّ الرسول الأكرم لم تقتصر مسؤوليّاته على تلقّي الوحي الإلهي وإبلاغ الآيات النازلة عليه، بل كانت تتجاوز ذلك كثيراً، فقد كانت وظائف ثلاث تقع على عاتقه، بالإضافة إلى ما يقوم به من سائر الوظائف:
1 ـ كان النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يفسّر الكتاب العزيز، ويشرح مقاصده، ويبيّن أهدافه، ويكشف رموزه وأسراره.
2 ـ وكان يبيّن أحكام الحوادث الجديدة الطارئة على المجتمع الإسلامي، عن طريق القرآن الكريم وسنّته.
3 ـ وكان يصون الدين من التحريف والدَّس، فكان وجوده مدار الحق وتمييزه عن الباطل، وكانت حياته ضماناً لعدم تطرّق الدسّ والتحريف إلى دينه.
ولا شكّ أنّ موت النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وفقدانه، سيوجدان فراغات هائلة في المجالات الثلاثة، فيجب إعداد قائد له القابليّة والصلاحيّة في سدّ تلك الفراغات، لا يقوم به إلاّ من كان يتمتّع به الرسول؛ عدا خصيصة النبوّة وتلقّي الوحي، فيكون وعاء علم النبيّ ومخزن أسراره ومودع حكمه حتّى يقوم بتلك الوظيفة العظيمة.
ومن الواضح أنّ هذه الكفاءات والمؤهّلات المعنويّة، لا تحصل لشخص بطريق عادي، ولا بالتربية البشرية المتعارفة، بل لابدّ من إعداد إلهي خاص، وتربية إلهيّة خاصّة، هذا من جانب، ومن جانب آخر لا يمكن للأُمّة أن تتعرّف بنفسها على هذا الشخص، وتكتشف من تتوفّر فيه تلك المؤهّلات والكفاءات بالطرق العادية.
كلّ ذلك يُثبت نظريّة التنصيص وإنّه لا محيص عن تعيين القائد بتنصيص الرسول بأمر من الله سبحانه؛ أي تنصيب من يتّصف بتلك الكفاءات الّتي لا يكتسبها إلاّ من تربّى في حضن الرسالة والرسول.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|