أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-12-2019
1686
التاريخ: 3-7-2019
3790
التاريخ: 23-12-2019
2454
التاريخ: 20-1-2020
3590
|
جرأة القصاصين وسيطرتهم :
كان القصاصون جريئين على الله ورسوله ، فلم يكونوا يتورعون عن وضع الحديث ، حتى لقد قال ابن حبان :
«كانوا إذا حلوا بمساجد الجماعات ، ومحافل القبائل مع العوام والرعاع أكثر جسارة في الوضع» (1). أي في وضع الحديث على لسان رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وقد حدّث ابن عون ، فقال : «أدركت المسجد ، مسجد البصرة ، وما فيه حلقة تنسب إلى الفقه إلا حلقة واحدة تنسب إلى مسلم بن يسار ، وسائر المسجد قصاص» (2).
ودعا عطاء بن أبي رباح بخمسة قصاص ، فقال : قصوا في المسجد الحرام.
قال : وهو جالس إلى أسطوانة.
قال : فكان خامسهم عمر بن ذر (3) وأما سيطرتهم على عقول الناس ، فذلك أوضح من الشمس ، وأبين من الأمس ، ويوضح ذلك كثير من الحالات والقضايا التي حصلت لبعض المعروفين ، الذين كانوا يرفضون طريقتهم ، وينظرون إليهم بعين الريب والشنآن.
ولكن كانت كلماتهم تجذبهم ، وأحاديثهم تسحرهم ، رغم علمهم بكونها موضوعة ومكذوبة.
ومن غريب ما يذكر هنا : أن أم الإمام أبي حنيفة لا تقبل بفتوى ولدها ، ولكنها ترضى بقول قاص يقال له : زرعة (4).
كما أن أحد الكبار المعروفين يحتج لبعض الأمور بقول أحد القصاصين من مسلمة أهل الكتاب ، وهو تميم الداري (5).
وحين حاول الشعبي أن ينكر على أحد القصاصين في بلاد الشام ما يأتي به من ترهات ، قامت عليه العامة تضربه ، ولم يتركه أتباع ذلك القاص ، حتى قال برأي شيخهم نجاة بنفسه (6).
بل لقد بلغ الاحترام والتقديس لمجلس القصص والقصاصين أن تخيل البعض :
أن الكلام أثناء القصص لا يجوز ، كما لا يجوز الكلام في خطبة الجمعة ، حتى أعلمه عطاء : أن الكلام أثناء القصص لا يضر (7).
وقال مالك : «.. وليس على الناس أن يستقبلوهم كالخطيب» (8).
القصاصون على حقيقتهم :
إنه وإن كان كثير من الأعيان والمعروفين كانوا يحضرون مجالس القصاصين ، ويستمعون إليهم (9) ، وقد استمر ذلك إلى وقت متأخر نسبيا ، إلا أن أمرهم قد افتضح ، وظهر لأكثر الناس ما كان خافيا.
وبدأ الناس يجهرون بالحقيقة ، ويصرحون بها ، ونحن نذكر هنا بعضا من ذلك ليتضح الأمر ، ويسفر الصبح لذي عينين ، فنقول :
١ ـ قال أبو قلابة : «ما أمات العلم إلا القصاص ، يجلس الرجل إلى القاص السنة فلا يتعلم منه شيئا» (10).
وقريب من ذلك ما عن أيوب السختياني (11).
٢ ـ لقد ذكر أحد الصحابة لواحد من القصاصين : أن ظهور القصاص كان هو السبب في ترك الناس لسنة نبيهم ، وقطع أرحامهم (12).
٣ ـ عن أحمد بن حنبل : أكذب الناس السؤال ، والقصاص (13).
٤ ـ وقال محمد بن كثير عن القصاص : أكذب الخلق على أنبيائه (14).
٥ ـ وصرح البعض : أن السبب في انتشار الإسرائيليات في كتب التاريخ والتفسير هم القصاصون (15).
٦ ـ وقال إبراهيم الحربي : «الحمد لله الذي لم يجعلنا ممن يذهب إلى قاص ، ولا إلى بيعة ، ولا إلى كنيسة» (16).
٧ ـ وقال ابن قتيبة : «إن القصاص على قديم الزمان كانوا يميلون وجوه العامة إليهم ، ويستدرون ما عندهم بالمناكير ، والغريب ، والأكاذيب من الحديث» (17).
٨ ـ ويقول آخر : «كانوا يضعون الأحاديث في قصصهم قصدا للتكسب والارتزاق ، وتقربا للعامة بغرائب الروايات ، ولهم في هذا غرائب وعجائب ، وصفاقة وجد لا توصف» (18).
٩ ـ وعن أيوب : ما أفسد على الناس حديثهم إلا القصاص (19).
١٠ ـ ولما قص إبراهيم الحربي أخرجه أبوه (20).
مع تفاصيل أخرى :
ولا يقتصر الأمر على ما ذكر ، فإنهم يقولون عن القصاصين أيضا :
١ ـ ما هم إلا غوغاء يستأكلون أموال الناس بالكلام (21).
٢ ـ إنهم لا يحفظون الحديث (22).
٣ ـ إنهم ينسبون ما يسمعونه من الناس إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، ويخلطون الأحاديث بعضها ببعض ، ويتصنعون البكاء ، والرعدة. ومنهم من يصفر وجهه ببعض الأدوية ، وبعضهم يمسك معه ما إذا شمه سال دمعه ، ويتظاهرون بالصعقة ، ويعملون على استمالة النساء ، وغير ذلك (23).
٤ ـ وقد أحدثوا وضع الأخبار (24).
٥ ـ وعامة ما يحدث به القصاص كذب (25).
وحسبك من جرائمهم على الحق وعلى الدين :
١ ـ أن قصة الغرانيق من صنعهم (26).
٢ ـ ومنهم من روى : أن يوسف حل تكته ، فلاح له أبوه (27).
٣ ـ وأن قصة داود وأوريا من وضعهم (28).
٤ ـ وأن قراءة القرآن بالإلحان قد جاءت من قبلهم (29).
٥ ـ ووضع بعضهم في ساعة واحدة أحاديث كثيرة حول فضل صيام يوم عاشوراء ، حسب اعترافه (30).
إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه.
موقف علي عليه السّلام من القصاصين :
أما بالنسبة لموقف علي «عليه السلام» المتشدد جدا من القصاصين ، الذين كان منهم شخصيات مشهورة ، وذات قيمة لدى بعض الفئات ، فلسوف يأتي الحديث عنه إن شاء الله في فصل : «لا بد من إمام».
ونكتفي هنا بالإشارة إلى موقف السائرين على نهج أمير المؤمنين علي «عليه السلام» ، وذلك في الفقرة التالية.
السائرون على نهج علي عليه السّلام :
إننا إنصافا للحقيقة وللتاريخ نسجل :
أن المواقف السلبية من القصاصين لمن عدا شيعة أهل البيت «عليهم السلام» قد جاءت متأخرة نسبيا عن موقف أتباع مدرسة أهل البيت «عليهم السلام» ، الذين كانوا يسجلون إنكارهم وإدانتهم لهذا الاتجاه في صور ومستويات مختلفة.
وقد تجد ذلك قد ورد على صورة نصائح ربما جاءت خافتة إلى حد ما ، وذلك انسجاما مع مقتضيات الواقع الذي كان يفرض قدرا من التحاشي عن الجهر بما يخالف سياسات الحكم ، ولو بهذا المستوى الضعيف والضئيل.
ولا نريد هنا أن نسبر أغوار التاريخ لنلتقط الدلائل والشواهد الكثيرة والغزيرة من هنا وهناك ، بل نكتفي بذكر نماذج تشير إلى ذلك ، وهي التالية :
١ ـ روى مسلم بسنده عن عاصم قال : «كنا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي ـ ونحن غلمة أيفاع ـ فكان يقول لنا : لا تجالسوا القصاص غير أبي الأحوص ، وإياكم وشقيقا. وكان شقيق هذا يرى رأي الخوارج ، وليس بأبي وائل» (31).
٢ ـ عن عبد الله بن خباب بن الأرت قال : مر بي أبي ، وأنا عند رجل يقص ، فلم يقل لي شيئا حتى أتيت البيت. فاتزر ، وأخذ السوط يضربني ، حتى حجره الزنو ، وهو يقول : أمع العمالقة؟! أمع العمالقة؟! ثلاثا. إن هذا قرن قد طلع ، إن هذا قرن قد طلع ، يقولها ثلاثا (32).
٣ ـ بل إن ابن مسعود الذي يقال : إنه يميل إلى علي «عليه السلام» ، رغم أننا نجد : أنه كان يتأثر خطى عمر بن الخطاب بصورة ملفتة وواضحة ، قد سجل أيضا إدانته للقصاص من أهل الكتاب (33) ، فما ظنك بغيره من أهل العلم والمعرفة بالدين؟!
٤ ـ وتقدم قول أبي قلابة : ما أمات العلم إلا القصاص ، وإن الرجل يجلس إلى القاص السنة ، فلا يتعلم منه شيئا.
٥ ـ وتقدم أيضا قول أحد الصحابة : إن القصاص هم السبب في ترك الناس لسنة نبيهم ، وقطيعة أرحامهم. إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه.
__________________
(1) عن المجروحين ج ٢ ص ٣٠ ، أ.
(2) القصاص والمذكرين ص ١٦.
(3) المصدر السابق ص ٣٢.
(4) القصاص والمذكرين ص ٩٠ وتاريخ بغداد ج ٣ ص ٣٦٦.
(5) عيون الأخبار لابن قتيبة ج ١ ص ٢٩٧.
(6) السنة قبل التدوين ص ٢١١ عن تمييز المرفوع عن الموضوع ص ١٦ ب. والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع.
(7) المصنف للصنعاني ج ٣ ص ٣٨٨.
(8) الحوادث والبدع ، لأبي بكر محمد بن الوليد الطرطوشي ص ٩٩ ط تونس سنة ١٩٥٩ م.
(9) راجع : القصاص والمذكرين وغيره.
(10) ربيع الأبرار ج ٣ ص ٥٨٨ والقصاص والمذكرين ص ١٠٧ وراجع ص ١٠٨ وأضواء على السنة المحمدية ص ١٢٤.
(11) السنة قبل التدوين ص ٢١٣ عن الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع ص ١٤٧.
(12) راجع : مختصر تاريخ دمشق ج ١٠ ص ٢٠٢ ومجمع الزوائد ج ١ ص ١٨٩ وغير ذلك.
(13) القصاص والمذكرين ص ٨٣ وراجع : طبقات الحنابلة ج ١ ص ٢٥٣ وعن قوت القلوب ج ٢ ص ٣٠٨. والحوادث والبدع ص ١٠٢.
(14) القصاص والمذكرين ص ٨٤ وراجع : تحذير الخواص ص ٨٠.
(15) تاريخ المذاهب الإسلامية ج ١ ص ١٥.
(16) القصاص والمذكرين ص ١٠٩.
(17) تأويل مختلف الحديث ص ٣٥٥ ـ ٣٥٧.
(18) الباعث الحثيث ص ٨٥.
(19) القصاص والمذكرين ص ٨٥.
(20) القصاص والمذكرين ص ١٠٧.
(21) ربيع الأبرار ج ٣ ص ٥٨٩.
(22) القصاص والمذكرين ص ٦٢ ـ ٦٣.
(23) راجع : القصاص والمذكرين ص ٧٨ و ٧٩ فما بعدها إلى آخر الباب.
(24) القصاص والمذكرين ص ١٨.
(25) المصدر السابق ص ١٩.
(26) القصاص والمذكرين ص ٨٥.
(27) المصدر السابق.
(28) المصدر السابق.
(29) المصدر السابق ص ٩٦ و ٩٧.
(30) المصدر السابق ص ٨٤.
(31) صحيح مسلم ج ١ ص ١٥ والقصاص والمذكرين ص ١٠٧.
(32) القصاص والمذكرين ص ١٠٤ وخباب صحابي معروف ، وقد مات «رحمه الله» وعلي «عليه السلام» في صفين.
(33) مجمع الزوائد ج ١ ص ١٨٩.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|