أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-05-2015
3185
التاريخ: 10-8-2016
3365
التاريخ: 18-10-2015
4006
التاريخ: 18-10-2015
4048
|
كان ابو الحسن موسى (عليه السلام) أعبد أهل زمانه وأفقههم وأسخاهم كفاً وأكرمهم نفساً وروي انه كان يصلي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح ثم يعقب حتى تطلع الشمس ويخر للّه ساجداً فلا يرفع رأسه من السجود والتحميد حتى يقرب زوال الشمس وكان يدعو كثيراً فيقول : اللهم اني اسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب ويكرر ذلك وكان من دعائه (عليه السلام) : عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك ؛ وكان يبكي من خشية اللّه حتى تخضل لحيته بالدموع وكان اوصل الناس لأهله ورحمه، وكان يتفقد فقراء المدينة في الليل فيحمل اليهم الزبيل فيه العين والورق والادقة والتمور فيوصل اليهم ذلك ولا يعلمون من أي جهة هو، وكان كريماً بهياً وعتق الف مملوك وانه قد حضره فقير مؤمن يسأله سد فاقته فضحك (عليه السلام) في وجهه فقال اسألك مسألة فان أصبتها اعطيتك عشرة اضعاف ما طلبت، وكان قد طلب منه مئة درهم يجعلها في بضاعة يتعيش بها، فقال الرجل سل، فقال موسى (عليه السلام) لو جعل اليك التمني لنفسك في الدنيا ماذا كنت تتمنى؟
قال : كنت اتمنى ان ارزق التقية في ديني وقضاء حقوق اخواني ؛ قال (عليه السلام) : وما لك لم تسأل الولاية لنا اهل البيت، قال ذلك قد اعطيته وهذا لم اعطه، فانا اشكر على ما اعطيت وأسأل ربي ما منعت، فقال احسنت اعطوه الفي درهم، وقال اصرفها في كذا يعني في العفص فانه متاع يابس ؛ وقد روى الناس عنه فأكثروا، وكان أفقه أهل زمانه وأحفظهم لكتاب اللّه وأحسنهم صوتاً بالقرآن، وكان اذا قرأه يحزن ويبكي السامعون بتلاوته وكان الناس بالمدينة يسمونه زين المجتهدين وسمي الكاظم لما كظمه من الغيظ وصبر عليه من فعل الظالمين حتى مضى قتيلاً في حبسهم ووثاقهم وكان يقول : اني استغفر اللّه في كل يوم خمسة آلاف مرة .
وروى الصدوق انه كانت لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) بضع عشرة سنة كل يوم سجدة بعد ابيضاض الشمس إلى وقت الزوال، قال : فكان هارون ربما صعد سطحاً يشرف منه على الحبس الذي حبس فيه ابا الحسن (عليه السلام) فكان يرى أبا الحسن (عليه السلام) ساجداً، فقال للربيع ما ذاك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع؟
قال يا أمير المؤمنين ما ذاك بثوب وانما هو موسى بن جعفر له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس الى وقت الزوال قال الربيع : فقال لي هارون اما ان هذا من رهبان بني هاشم، قلت فما لك فقد ضيقت عليه في الحبس، قال هيهات لا بد من ذلك .
وعن أبيه عن علي بن ابراهيم عن اليقطيني عن احمد بن عبد اللّه القزويني عن ابيه، قال : دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح فقال لي : ادن مني فدنوت حتى حاذيته، ثم قال لي اشرف الى البيت في الدار فأشرفت، فقال ما ترى في البيت، قلت : ثوباً مطروحاً، فقال انظر حسناً فتأملت ونظرت فتيقنت فقلت : رجل ساجد، فقال لي تعرفه قلت لا، قال : هذا مولاك، قلت : ومن مولاي، فقال : تتجاهل عليَّ، فقلت : ما اتجاهل ولكني لا اعرف لي مولى، فقال هذا ابو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) اني اتفقده في الليل والنهار فلم اجده في وقت من الاوقات الا على الحال التي اخبرك بها، انه يصلي الفجر فيقف ساعة في دبر صلاته الى ان تطلع الشمس ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجداً حتى تزول الشمس، وقد وكل من يترصد له الزوال، فلست ادري متى يقول الغلام قد زالت الشمس اذ يثب فيبتدئ بالصلاة من غير ان يجدد وضوءاً فاعلم انه لم ينم في سجوده ولا اغفى فلا يزال كذلك الى ان يفرغ من صلاة العصر، فاذا صلى العصر سجد سجدة فلا يزال ساجداً الى ان تغيب الشمس، فاذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلى المغرب من غير ان يحدث حدثاً ولا يزال في صلاته وتعقيبه الى ان يصلي العتمة فاذا صلى العتمة افطر على شوى يؤتى به، ثم يجدد الوضوء ثم يسجد ثم يرفع رأسه فينام نومة خفيفة، ثم يقوم فيجدِّد الوضوء ثم يقوم فلا يزال يصلّي في جوف الليل حتى يطلع الفجر فلست أدري متى يقول الغلام ان الفجر قد طلع اذ قد وثب هو لصلاة الفجر فهذا دأبه منذ حوّل اليّ .
وروي عن الخطيب البغدادي، وهو من اعاظم اهل السنة وثقات المؤرخين وقدمائهم، انه قال : كان موسى (عليه السلام) يدعى العبد الصالح من شدة عبادته واجتهاده .
روي انه دخل مسجد رسول اللّه (صلى الله عليه واله) فسجد سجدة في اول الليل فسمع وهو يقول عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك، يا اهل التقوى ويا أهل المغفرة فجعل يرددها حتى اصبح ؛ قلت وفي حديث طويل عن المأمون يصف فيه موسى بن جعفر (عليه السلام) ويذكر وروده على أبيه الرشيد بالمدينة يقول : اذ دخل شيخ مسخّد قد انهكته العبادة كأنه شنُّ بال قد كلم السجود وجهه وانفه وبالجملة كان (عليه السلام) حليف السجدة الطويلة والدموع الغزيرة وكان له غلام اسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه وعرنين انفه من كثرة سجوده :
طالت لطول سجود منه ثفنته *** فقرحت جبهةً منه وعرنينا
رأى فراغته في السجن منيته *** ونعمةً شكر الباري بها حينا
وحُكي انه توفي (صلوات اللّه عليه) في حال السجود للّه تعالى.
اقول : ولقد اقتدى به (عليه السلام) في ذلك جماعة ممن لقيه ورآه، منهم محمد بن ابي عمير الثقة الجليل الاواه ؛ روي عن الفضل بن شاذان، قال : دخلت العراق فرأيت احداً يعاتب صاحبه ويقول له : انت رجل عليك عيال وتحتاج ان تكتسب عليهم وما آمن من ان تذهب عيناك لطول سجودك، فلما اكثر عليه قال : اكثرت عليَّ، ويحك لو ذهب عين احد من السجود لذهبت عين ابن ابي عمير، ما ظنك برجل سجد سجدة الشكر بعد صلاة الفجر فما رفع رأسه الا الى زوال الشمس ؛ وقال الفضل اخذ يوماً شيخي بيدي وذهب بي الى ابن ابي عمير فصعدنا اليه في غرفة وحوله مشائخ له يعظمونه ويبجلونه، فقلت لأبي : من هذا، قال هذا ابن ابي عمير قلت : الرجل الصالح العابد ؟ قال نعم ؛ وروى ان هارون الرشيد انفذ الى موسى بن جعفر (عليه السلام) جارية حصيفة لها جمال ووضاءة لتخدمه في السجن، وانفذ الخادم اليه ليستفحص عن حالها فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها تقول : قدوس قدوس سبحانك سبحانك سبحانك، فأتى بها وهي ترعد شاخصة الى السماء بصرها، واقبلت في الصلاة، فاذا قيل لها في ذلك، قالت هكذا رأيت العبد الصالح فما زالت كذلك حتى ماتت .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|