أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-12-2020
3306
التاريخ: 14-3-2021
1968
التاريخ: 18-12-2020
2336
التاريخ: 7-2-2022
2059
|
قال علي :(عليه السلام) : (كم من مستدرج (1) بالإحسان إليه ، ومغرور بالستر عليه ، ومفتون (2) بحسن القول فيه ، وما ابتلى (3) الله سبحانه احدا بمثل الإملاء(4) له).
ان من المعلوم ان الله تعالى كريم لا بخل في ساحته عز وجل ، ينعم على من يعرفه ويوحده وعلى ما لا يعرفه بل وينكر وجوده ، إلا ان ذلك لا يعني في حال من الاحوال تساوي الحالتين فإنه يفيض بنعمه الواسعة على مخلوقاته لأنه المنعم والخالق والغني المطلق عن اي احد مهما كان والقوي والجبار والمهيمن والذي تسع رحمته كل شيء والذي اوجد الاشياء من العدم ، مما يعني ان الجميع خلقه لم يفرق بينهم سوى ان المخلوقين انقسموا إلى قسمين:
قسم آمن بخالقه وموجده ومدبره فعبده ونزهه عن الشريك والوالد والولد والصاحب ، ونفى عنه الاحتياج.
وقسم آخر انحرف وابتعد عن الصواب ولم يفلح بالإيمان والتوحيد.
وكل منهما لم تتدخل القوة في اختياره وانما قد وضح له المسار وحدد له الطريق الموصل إلى الخير، فكان توجهه بمحض إرادته من دون ما إلجاء او جبر، ولكن من الطبيعي سيكون القسم الاول أقرب وأفضل حالا من القسم الآخر، ولذا حصل المطيعون على امتيازات ، كما حرم العاصون من بلوغ درجات لا يصلون إليها إلا بالإيمان والتوحيد والتقوى كما هو الحال في القسم الاول.
ولكن هذا لا يعني حرمان القسم الآخر من جميع الاستحقاقات الطبيعية لهم كمخلوقين بل لهم ذلك ، ثم تأتي مرحلة الاختبار ليكشف من خلال ذلك مدى الاعتبار والاتعاض إذ ما من شيء خلقه تعالى إلا وفيه موعظة وعبرة {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق : 37] .
فإذا استفاد احد من هذا واجتاز الاختبار وكانت النتيجة الاهتداء والايمان فيكون له ما للقسم الأول وما لو لم يستفد بل تمادى على أساس القوة والاغترار ببعض القابليات – التي لم يلتفت إلى انها مخلوقة لله تعالى ايضا- فسوف يمهل ويؤخر عسى ان يرعوي ويرجع إلى صوابه ورشده ، وإلا فمصيره النار وساءت مصيرا وقد أودى بنفسه هو إلى هذا المصير ومن دون ظلم او انحياز ضده او جناية من احد عليه ، لأنه تعالى غني عن العالمين لا تنفعه طاعة المطيع ولا تضره معصية العاصي.
بل النفع والضرر في دائرة العبد فقط وسيندم ويشعر وقتئذ بأنه جنى على نفسه بذلك الانخداع بتوالي الفرص والذي قد ظن ان ذلك الإحسان وتتابع النعم عليه يعني انه على الطريق الصحيح حسبانا منه انه لو لم يكن كذلك لما تواصلت النعم عليه لكنه غفل عن انه تعالى قد حدد الطريق لكل احد ، وبين المستقيم من المعوج ، ثم أوكل الأمر في الاختيار والسلوك إلى إرادة العبد من دون ما تأثير او ضغط.
ويعرف ايضا ان عدم اخذه بالعذاب وعدم تعجيل العقوبة له على المعاصي إنما هو ستر من الله تعالى الخالق العظيم الرؤف الرحيم اللطيف الحنان المنان وليس عجزا عن إيقاع العذاب وبالشكل المناسب حسب ما يشاؤه تعالى.
فالدعوة إذن من خلال هذا البيان إلى ان يراقب العبد ربه ، ويستشعر وجوده ، ويؤمن بقدرته ، وانه مطلع على كل شيء حتى خطرات القلب ولحظات العين وما يجول من أفكار ولو لم يبدها لأحد ، فعندئذ يكون العبد على جانب كبير من التقوى ، والورع عن محارم الله عز وجل بما يوفر له حالة الاستقامة بأجلى صورها وأبهى مظاهرها فينعم بها ليصل إلى رضوان الله وما فيه خير الدنيا والآخرة.
فلابد للعاقل حينئذ من أن لا يغتر بإقبال الدنيا عليه وكونه محظوظا إذ من الممكن ان يكون ذلك اختبارا فلابد من ان يكون متوازنا محافظا على القواعد الصحيحة التي تضمن له عدم المسائلة او المحاسبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اي مخدوع.
(2) اي معجب.
(3) اي اختبر.
(4) الإمهال والتأخير. المنجد ص775 مادة (ملو).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|