أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-29
1343
التاريخ: 29-7-2021
5325
التاريخ: 2023-04-11
1586
التاريخ: 4-3-2021
7032
|
مسالة تحديد طبيعة قواعد القانون الدولي الخاص وخصائصها تتعلق بربط هذا القانون بالقسم الذي ينتمي إليه من أقسام القانون وتحديد نطاقه الإقليمي. فهل يعتبر قانونا بالمعنى الصحيح؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فما هي طبيعته من حيث هل هو قانون دولي له صفة دولية أم قانون داخلي له صفة وطنية؟ وإذا لم تكن له صفة دولية باعتباره من القانون الداخلي، فهل هو من فروع القانون الخاص أم من فروع القانون العام.
مما لا شك فيه أن القانون الدولي الخاص قانون بالمعنى الحقيقي ولقواعده صفة الإلزام، ولا خلاف في ذلك. إلا أن الخلاف يدور بين الفقهاء حول طبيعة قواعد هذا القانون. إذ ينكر البعض منهم على قواعده الصفية الدولية ويرونها قواعد قانونية داخلية بحتة، بينما يرى البعض الآخر منهم أن القواعد هذا القانون الصفة الدولية التي تجعله من القانون الدولي.
ويختلف الفقهاء أيضا في مسالة أخرى وهي القسم الذي ينتسب إليه هذا القانون. فمنهم من يرده إلى قسم القانون الخاص، ومنهم من يرده إلى قسم القانون العام، وكل فريق يبرر وجهة نظره بآراء مقنعة .
ويعود سببه عدم استقرار الفقهاء على وضع هذا القانون في موضعه الثابت الصحيح بالنسبة لطبيعة قواعده والقسم الذي ينتسب إليه من أقسام القانون و استمرار الجدل والنقاش بينهم حول كل ذلك في شتى دراساتهم، إلى حداثة نشأة هذا القانون وتنوع مصادره. فهناك اختلاف كبير بين الفقهاء بشأن هذه التساؤلات مصدره عدم الاتفاق على موضوعاته وطبيعة قواعده.
فهناك من الفقهاء وعلى رأسهم (نيبويه) يعتبرونه قانونا داخليا بحتا ليست له صفة دولية، لأن تصنيف القانون إلى داخلي ودولي يقوم إما على أساس نطاق تطبيقه أو على أساس مصدره.
وأي من هذين الأساسين لا يتوافق مع قواعد القانون الدولي الخاص لعدم وجود التماثل والتوافق بين قواعده وقواعد القانون الدولي العام، حيث أن قواعد كل من القانونين المذكورين لا تتوافق من حيث المصدر والموضوع وقوة الإلزام.
فمن حيث الموضوع، تنظم قواعد القانون الدولي الخاص علاقات قانونية خاصة بين الأفراد، بينما قواعد القانون الدولي العام تنظم علاقات دولية بين الدول. فقواعد الجنسية تحكم علاقة الفرد بالدولة، وقواعد مركز الأجانب تبين مدى تمتع الأجنبي بالحقوق في الدولة، وقواعد تنازع القوانين تنظم اختصاص القوانين التي تحكم العلاقات الخاصة بين الأفراد في أحوالهم الشخصية وروابطهم المالية، رغم أن العلاقة الخاصة هذه قد تكون بين أفراد تابعين لأكثر من دولة واحدة وتتجاوز إقليم الدولة وتأخذ بهذا مظهرا دوليا، إلا أنها في حقيقة الأمر ليست علاقات دولية بين الدول. فمثلا إذا طلق أردني زوجته الألمانية، فإن هذه المسالة خاصة بهما ولا توجد ضرورة أن تقوم دولتاهما بتنظيم هذه العلاقة باتفاقية أو معاهدة دولية. فكون هذه القواعد تنظم علاقات ذات مظهر دولي لا يكفي لإسباغ الصفة الدولية عليها واعتبارها دولية في موضوعها (1).
فالمصالح المتعارضة في القانون الدولي العام لها صفة عامة، بينما في القانون الدولي الخاص لها صفة خاصة.
ومن حيث المصدر لكي تثبت الصفية الدولية للقانون، لا بد من وجود سلطة تشريعية دولية عليا فوق سلطة الدول يكون في مقدورها إصدار قواعد قانونية ملزمة لكافة الدول أو أن يكون هناك المصدر المشترك الذي تستمد منه كافة الدول قواعدها القانونية أسوة بالقانون الداخلي. لأنه عند وجود مثل هذا المصدر الدولي المشترك تتخلى الدول عن المصادر الوطنية وتستند فقط إلى المصادر الدولية. في حين أن واقع الحال ينفي وجود قواعد قانونية ملزمة لجميع الدول في القانون الدولي الخاص لعدم وجود مصدر دولي مشترك تستمد منه كافة الدول قواعد قانونها الدولي الخام، إذ من المسلم به أن قواعد هذا القانون داخلية ومصدرها التشريع والعرف الداخلي، وحتى مصادرها التي يكون أساسها الاتفاقيات الدولية، فإن المشرع الوطني يبقى فيها صاحب القرار، لأنها لا تصبح نافذة وسارية المفعول إلا بعد إقرارها من قبله وتصديقه عليه. فالاتفاقية الدولية أو المعاهدة لا تعدو أكثر من تشريع داخلي، وهذا يفرض علينا القول بأن كافة قواعد القانون الدولي الخاص هي وطنية وليست لها صفة دولية. بينما مصادر القانون الدولي العام دولية في الأساس ولا تلعب إلا دورا ثانويا في القانون الدولي الخاص.
وما دامت قواعد القانون الدولي الخاص وطنية في مصدرها ويتكفل المشرع الوطني في كل دولة بما له من سيادة وحرية بوضعها دون أن يخضع في ذلك لسيادة دولة أخرى وتقوم المحاكم الوطنية بتطبيقها في الحدود الإقليمية لكل دولة، فهي داخلية محضة كسائر القوانين الداخلية الأخرى، لأن المشرع الوطني يستأثر بوضع قواعده بحرية تامة مستهدفة فيها أحوال بلده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ... إلخ. ولذلك لا يوجد قانون دولي خاص واحد لجميع الدول، بل لكل دولة قانونها الدولي الخاص الذي يستأثر المشرع الوطني بوضع قواعده دونما تقيد بمصالح الدول الأخرى وقوانينها، فهناك القانون الدولي الخاص الأردني والقانون الدولي الخاص العراقي والقانون الدولي الخاص الفرنسي ... إلخ. وتختلف أحكامه من دولة إلى أخرى من حيث الموضوع(2).
وإزاء من ينكر الصيفة الدولية على القانون الدولي الخاص، هناك آخرون ينكرون كونه من القوانين الداخلية ويضفون عليه الصفة الدولية ويقولون: أن القانون الوطني يحكم العلاقات القانونية الداخلية المحضة، في حين أن قواعد القانون الدولي الخاص تواجه علاقات أفراد تابعين لدول مختلفة ذات عنصر أجنبي لهسا مساس بأكثر من دولة واحدة، ولذلك فإن العلاقات التي يحكمها هذا القانون ما دامت ليست داخلية بحتة، فهي دولية وأن القانون الذي يحكمها يعتبر دوليا. وبالإضافة إلى ذلك فإن المراكز القانونية التي تتصدى قواعد القانون الدولي الخاص لتنظيمها، لها في كثير من الأحيان انعكاسات على علاقات الدول نتيجة لاهتمام جميع الدول بمصالح رعاياها، ولهذا فإن القانون الدولي الخاص بفرق عن القوانين الداخلية تماما، بل إنه قانون فوق القوانين الداخلية، رغم تناول قواعده حل النزاع المتعلق بالمصالح الخاصة للأفراد. فهو يعمل من أجل التوفيق بين المصالح العامة للدول المختلفة وسيادتها، وينظم العلاقات بين الدول بصرف النظر فيما إذا كانت هذه العلاقات عامة أو خاصة. فإذا كانت تلك العلاقات تخص القوانين العامة أو المصالح العامة كان القانون المنظم لها هو قانون دولي عام، وإذا كانت متعلقة بالقوانين الخاصة أو بالمصالح الخاصة كان القانون المنظم لها هو قانون دولي خاص، فيعتبر القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص فرعين من القانون الدولي وينظمان العلاقات بين الدول. ومن أهم أنصار هذا الرأي (Felix) و (Weiss). إذ يعرف (Weiss) القانون الدولي الخاص بانه القانون الذي يحل النزاع الحاصل بين دولتين بشأن قوانينهما الخاصة أو مصالحهما الخاصة. فهو قانون لا يخلو من الصفة الدولية شأنه في ذلك شأن القانون الدولي العام، ويعتبر هو والقانون الدولي العام من صنف واحد من أصناف القانون (3).
ويضيف هؤلاء، أنه إذا سلمنا بأن القوانين تكون إما دولية وإما داخلية، وأن القوانين الداخلية تحكم علاقات الأفراد الخاصة، والدولية تحكم علاقات الدول، فمن الذي يحكم العلاقات التي ليست دولية ولا داخلية وإنما مشوبة بعنصر أجنبي لصلتها بأكثر من دولة واحدة في جنسية أطرافها أو مكان انعقادها؟ ثم يخلصون إلى القول بأنه لا مفر من اعتبار قواعد القانون الدولي الخاص التي تحكم هذا النوع من العلاقات قواعد دولية.
و وقالوا أيضا أنه ليس من الصحيح القول بأن القوانين لا تكون دولية إلا إذا كانت تستقي أحكامها من مصادر دولية بحتة فقط، لأن القانون إنما يوصف بنوع العلاقات التي يحكمها والقواعد التي يتضمنها، لا بمنشئها ومصدرها، فهو مدني إن كان يهتم بحل علاقات الأفراد المدنية، وهو تجاري من أي مصدر أستقي إن كان ينظم الأعمال التجارية وعلاقات التجار التجارية، وهو دولي مهما كانت مصادره إن كان يحكم علاقات الدول أو علاقات الأفراد ذات العنصر الأجنبي، خاصة أن الدول تهتم بشؤون و مصالح رعاياها إلى درجة قد يؤدي الخلاف بشأن ذلك إلى حد نشوب نزاع دولي بينها(4).
فاهتمامات الدول وحرصها على تأمين مصالح رعاياها تخفف في كثير من الأحيان من اندفاعها نحو سن تشريعات متعلقة بمسالة من مسائل القانون الدولي الخاص تكون لها انعكاسات دولية فتقابل بتشريعات أكثر تطرفا تلحق الضرر برعاياها. وقيد كهذا يوحي بأن حرية الدولة في وضع قواعد القانون الدولي الخاص ليست طليقة، وإنما هي مقيدة برعاية مصالح الدول الأخرى، وهذا ما يضفي بالنتيجة على القانون الدولي الخاص مظهره الدولي، فكثير من قواعده يمكن رده إلى مصادر دولية، كالمعاهدات والاتفاقيات الدولية، والعرف والقضاء الدوليين (5).
والواقع الذي نراه هو أن القانون الدولي الخاص قانون وطني كسائر القوانين الداخلية الأخرى تماما وليس له صفة دولية، ولا يمكن أن يكون مثل القانون الدولي العام قانونا فوق الدول. لأن قواعده المتعلقة بتنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي لا تزال بعيدة من أن تكون عامة ومشتركة بين جميع الدول رغم وجود بعض الأسس الدولية فيها. فلو كانت لهذا القانون صفة دولية لما شرعت قواعده بمثل هذا الاختلاف، من دولة إلى أخرى ولكانت أحكامه وأسسه موحدة في جميع الدول. كما أن المشرع في كل دولة يستأثر بوضع قواعده بحرية تامة مراعيا في ذلك ظروف بلده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والمحاكم الداخلية هي التي تلزم الناس على إتباعها إضافة إلى عدم وجود التماثل بين قواعده وقواعد القانون الدولي العام، حيث أن قواعد كل من القانونين المذكورين لا تتفق في المصدر والموضوع وقوة الإلزام، فالقانون الدولي العام عبارة عن مجموعة القواعد القانونية التي تعين الحقوق والواجبات المتقابلة بين الدول بصفتها أشخاصا معنوية، بينما القانون الدولي الخاص عبارة عن القواعد القانونية المتبعة في حسم الخلافات القائمة بين القوانين الخاصية في دولتين عند تعارضها حول منافع رعاياهما. و بعد أن انتهينا من تحديد موضوعات القانون الدولي الخاص ومناقشة الرأي الذي يعتبر القانون الدولي العام و القانون الدولي الخاص فرعين من القانون الدولي وتأكيدنا أن القانون الدولي الخاص قانون داخلي يختلف عن القانون الدولي العام من حيث طبيعة قواعده، يثور الخلاف حول مسألة أخرى تتعلق بتحديد موضع هذا القانون من قسمي القانون ( العام والخاص). فهل هو من قسم القانون العام أو من قسم القانون الخاص؟
يرى بعض الفقهاء أن القانون الدولي الخاص فرع من فروع قسم القانون الخاص، لأنه يعين القانون الواجب تطبيقه في العلاقات القانونية الخاصة بين الأفراد، وأن القانون الخاص هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم الروابط الاجتماعية بين الأفراد سواء في أحوالهم الشخصية أم المالية وبينهم وبين الدولة لا بصفتها صاحبة السيادة والسلطة العامة، بل بوصفها شخصا عادية، عكس القانون العام الذي هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الفرد والدولة وبين الدولة وغيرها من الدول والمنظمات الدولية باعتبارها صاحبة السيادة والسلطة العامة. فتطبيق هذا المعيار على موضوعات القانون الدولي الخاص يؤدي بنا إلى القول بأنه من القانون الخاص لا من القانون العام. لأن غاية القانون الدولي الخاص في تنظيم علاقات الأفراد الخاصة عبر الحدود، لا سيما موضوعاته المتعلقة بتنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية. فقواعده المتعلقة بتنازع القوانين تقتصر على حل التنازع بين القوانين الخاصة التي تحكم علاقات الأفراد، وقواعده المتعلقة بتنازع الاختصاص القضائي الدولي تحدد اختصاص المحاكم الوطنية في حكم هذه العلاقات، وأن الجنسية ومركز الأجانب رغم كونهما من القانون العام، إلا أن الصلة الوثيقة القائمة بينهما وبين تنازع القوانين، وتنازع الاختصاص القضائي الدولي جعلتهما مسألة أولية لبحث التنازع وحله ولهذا أدخلا ضمن موضوعات القانون الدولي الخاص.
وينكر فريق آخر من الفقهاء انتماء القانون الدولي الخاص إلى قسم القانون الخاص ويرون ضرورة ضمه إلى حظيرة قسم القانون العام على أساس أنه أيضا ينظم علاقات الأفراد بالدولة وعلاقات الدولة بغيرها من الدول والمنظمات الدولية باعتبارها صاحبة السيادة والسلطة العامة، وأن بعض قواعده تتعلق بسيادة الدولة. فمثلا قواعده المتعلقة بتنازع القوانين رغم انها تقتصر على حل التنازع بين القوانين الخاصية التي تحكم علاقات الأفراد التابعين لدول مختلفة إلا أنها تنتهي إلى تحديد مجال تطبيق القوانين الوطنية والأجنبية. وهكذا الحال بالنسبة لقواعده المتعلقة بتنازع الاختصاص القضائي الدولي التي تنتهي إلى مدي اختصاص المحاكم الوطنية للنظر في المنازعات المشوبة بعنصر أجنبي وقالوا: إن هدف قواعد تنازع القوانين ليس تنظيم مؤسسة من المؤسسات القانونية حتى نعتبرها من القانون الخاص، بل هو تحديد مدى سلطان القوانين الوطنية والأجنبية وهذا يعتبر من أبحاث القانون العام، وهكذا الأمر بالنسبة لتحديد مدى اختصاص المحاكم الوطنية في داخل الدولة في العلاقات القانونية المشوبة بعنصر أجنبي الذي يعد من أبحاث القانون العام لا القانون الخاص.
أما بالنسبة للجنسية فقد قالوا عنها انها لما كانت رابطة قانونية سياسية بين الفرد والدولة وتجدد انتماء الفرد للدولة وتتدخل الدولة في تنظيم هذه العلاقة بما لها من سيادة وسلطة عامة وهي حرة في منحها أو سحيها بحسب ما تمليه عليها مصالحها الأساسية، فهي بذلك من أنظمة القانون العام باعتبارها أداة لتحديد سكان الدولة، أي عنصر الشعب الذي هو من أهم عناصر قيام الدولة، فلا بد إذن من اعتبار الجنسية من موضوعات القانون العام لتعلقها بعناصر تكوين الدولة(6).
. وأوردوا نفس الملاحظة بشأن موضوع المركز القانوني للأجانب وقالوا: لا يمكن اعتباره من موضوعات القانون الخاص، لأن الدولة تحدد مركز الأجنبي في إقليمها وفقا القواعد قانونية تشرعها استنادا لسلطتها الآمرة وسيادتها المطلقة ومقتضيات مصالحها العليا، ولهذا فإن هذه القواعد تعتبر من القانون العام لا من القانون الخاص. لأنها تتناول تنظيم مركز الأجانب كجزء من السياسة العامة في الدولة لاعتبارات سياسية(7).
ومع استمرار هذا النقاش بين الفقهاء حول القسم الذي ينتمي إليه القانون الدولي الخاص، فإن الاتجاه السائد يكاد يستقر على اعتباره في أغلب الدراسات الأكاديمية من فروع القانون الخاص. لأنه ينظم علاقات الأفراد الخاصية عبر الحدود، خاصة في قواعده المتعلقة بتنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية التي لا تؤثر في سيادة الدولة بشيء. لأن القانون الأجنبي الذي يطبق في العلاقات المشوبة عنصر أجنبي يتقرر تطبيقه بأمر من المشرع الوطني في كل دولة، وهو الذي يحدد حالات ومجالات تطبيقه وتخلي القانون والقضاء الوطني عن اختصاصهما له (8).
وبالانتهاء من تعريف القانون الدولي الخاص والوقوف على طبيعية قواعده وموضوعاته وموضعه بين قسمي القانون نصل إلى جملة خصائص يتميز بها هذا القانون هي:
1- إنه قانون ملزم بالمعنى الصحيح، لأن بعض قواعده يتضمن الجزاء المادي الذي يحكم به القضاء المختص في الدولة ويتم تنفيذ الأحكام الصادرة بموجبه حسب الأصول أسوة بتنفيذ الأحكام الصادرة بموجب القوانين المرعية الأخرى في الدولة.
2- إنه قانون حديث النشأة نسبيا إذا ما قيست نشأته بنشأة العديد من باقي فروع القانون. إذا بدأ رجال الفقه يبحثون في شمال إيطاليا عن حل لتنازع القوانين في القرن الثالث عشر وراحوا يتلمسون الحلول لهذه المسالة من النصوص الرومانية ومن قواعد العرف التي كانت سائدة في فرنسا قبل صدور مجموعات نابليون، ثم امتد نطاق التفكير في هذه المسألة من إيطاليا إلى فرنسا، فهولندا وإنكلترا والدنيا الجديدة. وقد استعمل لأول مرة اصطلاح القانون الدولي الخاص عام 1834م بتأثير الفقه الهولندي، ولهذا يمكن القول بان مفهوم هذا القانون لم يتضح ويتطور إلا بعد الثورة الفرنسية. لأن الدول قديما كانت تتشدد في التمسك بمبدأ السيادة المطلقة وإقليمية قوانينها(9).
3- إنه قانون وطني كسائر القوانين الداخلية الأخرى، يحكم علاقات خاصة مشوبة بعنصر أجنبي بين الأشخاص، عكس القانون الدولي العام الذي يحكم علاقات دولية بين الدول ويعد قانونا فوق الدول. بينما القانون الدولي الخاص ليس قانونا فوق الدول، وان المشرع الوطني في كل دولة حر في وضع قواعده بما له من سيادة ووفقا للمصالح العليا في دولته دون الخضوع لسيادة ومصلحة دولة أخرى. كما أن المحاكم الوطنية هي التي تطبقها في الحدود الإقليمية لكل دولة، ولهذا تختلف قواعده من دولة التي أخرى، ولا يوجد قانون دولي خاص واحد لجميع الدول، بل لكل دولة قانونها الدولي الخاص. فهناك قانون دولي خاص أردني وقانون دولي خاص عراقي وقانون دولي خاص فرنسي ... إلخ. على أساس أن الروابط الاجتماعية تختلف باختلاف أسس الحياة الخاصة في كل جماعة، ومن هنا جاء الاختلاف بين قواعد القانون الدولي الخاص من دولة إلى أخرى.
4 - إنه فرع من فروع القانون الخاص وتعالج غالبية قواعده العلاقات الخاصة بين الأفراد في روابط أحوالهم الشخصية والمالية، فغايته تنظيم العلاقات الخاصة بين الأفراد عبر الحدود.
و إن بعض قواعده (قواعد التنازع) قواعد إسناد وإحالة تقتصر وظيفتها على إسناد العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي إلى القانون الواجب تطبيقه عندما تتنازع قوانين عدة دول على حكم هذه العلاقة، دون أن تمس موضوع النزاع أصلا، أي أنها ترشد قاضي الموضوع إلى القانون الواجب تطبيقه والمحكمة المختصة في النزاع المشوب بعنصر أجنبي المعروض عليه، بينما بعض قواعده الأخرى موضوعية تفصل في النزاع مباشرة، كقواعد الجنسية ومركز الأجانب وتنفيذ الأحكام الأجنبية. - لا توجد قواعده بشكل مجموعة واحدة مستقلة، بل متوزعة بين قوانين مختلفة، مثل القانون المدني والقانون التجاري وقانون الجنسية وقانون إقامة الأجانب، لأن أحكامه لا تبلغ من الكثرة حدا يسوغ إيرادها في مجموعة مستقلة، خاصة بالنسبة لأحكام تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي. ولهذا فهي قد تدرج عادة في القانون المدني وقانون أصول المحاكمات المدنية(10)
5- يعتبره البعض قانونا مختلطا يشمل موضوعات متعددة غير متجانسة و غير مترابطة من القانون العام والقانون الخاص مما يثير صعوبة في تحديد طبيعة قواعده. فهو يحوي قواعد من القانون الخاص، كقواعد تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي التي تلعب دورا هاما في فض خلافات الأفراد وحل علاقاتهم الخاصة عبر الحدود في روابط أحوالهم الشخصية والمالية، ويحوي أيضا قواعد من القانون العام، كقواعد الجنسية ومركز الأجانب التي تتدخل الدولة في تنظيمها بصفتها صاحبة السيادة والسلطة العامة، لأنها من أنظمة القانون العام ومتعلقة بالسيادة.
كما أنه مزيج من القانون الدولي والقانون الوطني لاحتوائه على قواعد من القانون الداخلي تنظم العلاقات الخاصة بين الأفراد وأخرى من القانون الدولي توفق بين سيادة مختلف الدول في مجال تطبيق القوانين. ولهذا على المشرع عند وضع قواعده، وعلى الباحث عند شرح أحكامه، وعلى القاضي عند تطبيق نصوصه ملاحظة هذه الصفة المزدوجة التي يتميز بها هذا القانون ، ليتمكنوا من التوفيق بين مصلحة وسيادة دولهم ومصلحة وسيادة الدول الأخرى.
6- إنه لا يحكم العلاقات الخاصة بين أفراد ينتمون إلى دول متعددة وجنسيات مختلفة فحسب، بل يحكم العلاقات الخاصة بين أفراد ينتمون إلى دولة واحدة أيضا، كعقد زواج يبرم بين أردني وأردنية في فرنسا. - له مصادر متعددة ومختلفة تتسع لتشمل ثلاثة أنواع هي: مصادر وطنية (التشريع والعرف والقضاء والمبادئ العامة للقانون الدولي الخاص)، ومصادر دولية (الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والأعراف الدولية والقضاء الدولي، ومصادر علمية (الفقه الداخلي والدولي).
_____________
1- حسن الهداوي و الدكتور غالب الداودي -القانون الدولي الخاص - القسم الثاني - تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية مطابع مديرية دار الكتب للطباعة والنشر في جامعة الموصل / 1982 - ص 14
2- راجع الدكتور محمد كما فهي أصول القانون الدولي الخاص - الطبعة الأولى – الاسكندرية 1955 ص 53 والدكتور حسن الهداوي والدكتور غالب الداودي - المرجع السابق - ص 15.
3- راجع الدكتور مرتضى نصر الله - مبادى القانون الدولي الخاص التجاري - مطبعة النعمان النجف الأشرف / 1962 – ص 9-11 و
Prof. Dr. Osman Berki Devletler Hususi Hukuku. Cilt 1. Basi 4. Ankara- 1960. Sf. 4.
4- الدكتور ماجد الحلواني - الوجيز في الحقوق الدولية الخاصة. الجزء الأول، الطبعة الأولى دمشق1960 ص 42، ومؤلفنا القانون الدولي الخاص. النظرية العامة وأحكام الجنسية العراقية - الطبعة الثانية دار الحرية للطباعة - بغداد / 1978 - م 26-27
5- راجع الدكتور حسن الهداوي والدكتور غالب الداودي - المرجع السابق - ص 16
6- راجع الدكتور حسن الهداوي - الوجيز في القانون الدولي الخاص - الجنسية - بغداد 1962 - ص 11 و مؤلفنا القانون الدولي الخاص - الجنسية والمركز القانوني للأجانب وأحكامهما في القانون العراقي - مطابع مديرية دار الكتب للطباعة والنشر في جامعة الموصل /1982 ص 4
7-راجع 4 . Prof . Dr . Osman Berki – sf
8- راجع الدكتور ممدوح عبد الكريم حافظ – القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن - مطبعة الحكومة - بغداد / 1972- ص 29
9- راجع الدكتور إدمون نعيم - القانون الدولي الخاص وفقا للتشريع والاجتهاد في لبنان - بيروت 1961- م 13 ومؤلفنا - المرجع السابق – ص 4-6 .
10- يتضمن القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 أحكام تنازع القوانين في المواد من 11 إلي 29 وتوجد أحكام الاختصاص القضائي الدولي في قانون أصول المحاكمات المدنية رقم 24 لسيئة 1988 وقانون الأحوال الشخصية رقم 61 لسنة 1976، وتوجد أحكام مركز الأجانب في قانون الإقامة وشؤون الأجانب رقم 24 لسنة 1973 وأحكام الجنسية في قانون الجنسية الأردنية رقم 6 لسنة 1954، وأحكام تنفيذ الأحكام الأجنبية في قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية رقم 8 لسنة 1952 ... إلخ
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|