أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-23
3308
التاريخ: 2023-05-01
1204
التاريخ: 7-8-2017
3284
التاريخ: 17/9/2022
2096
|
ان الاختصاص القضائي مستخلص مما هو شائع ومعمول به في كثير من القوانين. ولم ترق هذه المبادئ الى مرتبة الالزام لتتمسك بها الدول، وإنما من حق كل دولة أن توسع او تضيق من نطاق هذه فالدولة حرة في تحديد سياستها في هذا الصدد وهي تنفرد في رسم اختصاص محاكمها ولا يجوز لأي فرد أو دولة أجنبية أو هيئة دولية التدخل في تنظيم الاختصاص القضائي لدولة من الدول .
ولا يرد على حرية الدولة في تنظيم الاختصاص القضائي فيها سوى بعض القيود التي أساسها الاتفاقيات أو الأعراف الدولية، كالحصانات القضائية للدول الأجنبية والمنظمات الدولية ولرؤساء الدول الأجنبية وبعثاتها الدبلوماسية أو القنصلية (1).
الحصانة القضائية
تتمتع الدول، والمنظمات ورؤساء الدول وبعثاتها الديبلوماسية بحصانة قضائية تعفيها من ولاية المحاكم الأجنبية وتمنع هذه المحاكم من النظر في الدعوى التي تقام ضدها. ويشترط للتمسك بالحصانة القضائية أن تباشر الجهة المستفيدة اختصاصها في الدولة التي رفعت الدعوى أمام محاكمها، لا أمام محكمة دولة أخرى ذلك لأن الغرض من الحصانة هو فسح المجال أمام الجهة التي قررت الحصانة لمصلحتها لأن تؤدي أعمالها على الوجه المطلوب في الدولة التي تمارس عملها فيها .
1- الحصانة القضائية للدول الأجنبية والهيئات الدولية :
كان الرأي السائد في أكثر الدول يتجه الى إعفاء الدول الأجنبية من الخضوع للقضاء الوطني. نظرة لما لها من استقلال وسيادة إذ أن اخضاعها لمحاكم دول أخرى يعتبر ماسا بسيادتها (2) ، لذا فهي لا تخضع لولاية القضاء في أية دولة بل تخضع للقضاء الدولي .
وقد كان مبدأ الحصانة القضائية للدول الأجنبية في بادئ الأمر يعفي الدول إعفاءاً مطلقا ولا يجيز مقاضاة الدول الأجنبية أمام المحاكم الوطنية عن أي نشاط تمارسه. ثم أخذ مبدأ الحصانة المطلقة للدول الأجنبية يتحدد بعد زيادة تدخل الدول في كل مجالات النشاط التي كانت في الماضي وقفا على القطاع الخاص وحده صارت الدولة في يومنا هذا تسهم بقسط كبير في الحياة الاقتصادية تجاريا او صناعيا. ولم يعد من الانصاف بعد تغلغل الدولة هذا، حرمان الأفراد المتعاملين معها من حق الالتجاء إلى القضاء لحماية حقوقهم .
ولهذا دعا جانب كبير من الفقهاء الى التفرقة بين شخصية الدولة كصاحبة سيادة حيث تتمتع بالحصانة القضائية وبين شخصيتها كفرد عادي تباشر التصرفات كما يباشرها الأفراد في ميدان القانون الخاص والتي يقتضي عدم الاعتراف لها بالحصانة القضائية ولا تعفي فيها من الخضوع لولاية القضاء في الدول الأخرى .
وقد واجهت القضاء في دول متعددة مشكلة تمتع أو عدم تمتع المشروع العام Interprise Publique الأجنبي بالحصانة القضائية التي تتمتع بها الدول الأجنبية التي ينتمي اليها. فذهبت بعض المحاكم الى عدم الاعتراف للمشروع العام الأجنبي بالحصانة لاستقلال شخصيته عن الدولة التي أنشأته. وعلقت محاكم أخرى التمتع بالحصانة على الغاية التي تقام من أجلها، فإن كان إنشاؤه بقصد تحقيق غاية وطنية فيلزم الاعتراف له بالحصانة القضائية وإن كان بقصد تحقيق غاية تجارية فلا يعفي من ولاية المحاكم. واتجهت محاكم دول أخرى الى وجوب الأخذ بعين الاعتبار طبيعة العمل الذي يقوم به المشروع العام الأجنبي .
فإذا كان عمله يدخل ضمن الإطار المكون أجهزة الدولة فانه يندمج عندئذ في شخصية الدولة ويعامل معاملة الدولة من حيث تمتعه او عدم تمتعه او بالحصانة القضائية. فامتناع البنك الاسباني في باريس بتعليمات من الحكومة الاسبانية من ابدال العملات الجديدة بالقديمة بمقتضى أوامر مباشرة من الحكومة الاسبانية اعتبرته محكمة النقض الفرنسية (3) في هذه الحالة ممثلا للحكومة الاسبانية وعدت عمله من أعمال السيادة لا يخضع لولاية القضاء(4).
ويعود الأمر إلى القاضي الوطني لتحديد ما اذا كان المشروع العام الأجنبي يدخل ضمن الإطار المكون لأجهزة الدولة الأجنبية، أو لا يدخل ضمنها فاذا اتضح له أن عمله يدخل في وظائف الدولة عليه عند ذاك أن يحدد ما اذا كان عمل الدولة هذا مشمولا بالحصانة القضائية ام لا.
وظهر اتجاه جديد في تحديد نطاق الحصانة القضائية للدول والمؤسسات العامة الأجنبية. ويقوم على فكرة المساواة في المعاملة بين الدولة الأجنبية والدولة الوطنية ومعنى ذلك أنه اذا كان النشاط الذي تمارسه الدولة الأجنبية يخرج عن نطاق اختصاص المحاكم الوطنية فيما لو باشرته الدولة الوطنية فتعامل عند ذلك الدولة الأجنبية بذات المعاملة ولا تنظر المحاكم الوطنية الدعوى المقامة على الدولة الأجنبية في هذا المجال.
وقد رد على هذا بالقول ان عدم امكانية النظر في الدعاوى التي ترفع على السلطة الوطنية أساسه مبدا الفصل بين السلطات في داخل الدولة في حين تقوم الحصانة القضائية للدول الأجنبية على اعتبارات اخرى وهي استقلالها وسيادتها او على اساس فكرة المجاملة. ولهذا فالتشبيه في المعاملة بين الدولة الأجنبية والدولة الوطنية غير وارد وقد يكون من المفيد عند النظر في موضوع الحصانة القضائية النظر الى الصلة القائمة بين المنازعات ووظائف الدولة الأجنبية وفقا لما يراه القانون العام للدولة الأجنبية. فاذا كان النشاط الذي تقوم به الدولة الأجنبية يعتبر، وفقا لقانونها العام، من وظائف الدولة انتفعت الدولة الأجنبية أو المؤسسة العامة التابعة لها بالحصانة، وإلا فلا(5)
ونعتقد ان الاخذ بوجه النظر هذه تؤدى الى ان السلطات القضائية ستعمل بما يرسمه المشرع الأجنبي لا بما يميله عليها المشرع الوطني .
اما بشأن المنظمات الدولية : كهيئة الأمم المتحدة والبنك الدولى ومحكمة العدل الدولية ومنظمة العمل الدولية وجامعة الدول العربية، فان تمتعها بالحصانة القضائية تقرره الاتفاقيات الدولية التي تنشأ بموجبها، فان نص عليها في الاتفاقية تمتعت المنظمة بالحصانة وإلا فلا.
ومن المنظمات الدولية التي اقرت الحصانة القضائية لها ولممثلي الدول فيها هي منظمة الأمم المتحدة باتفاقيتها الخاصة بالامتيازات والحصانات القضائية والمعقود في 13 فبراير (شباط) عام 1946(6)، وجامعة الدول العربية في اتفاقية 10 مايو (آذار) 1953 (7)
2 - الحصانة القضائية لرؤساء الدول الأجنبية وللمبعوثين الدبلوماسيين من اقدم انواع الحصانات التي اقرها العرف الدولي تلك التي يتمتع بها رؤساء الدول الاجنبية والمبعوثون الدبلوماسيون من رئيس البعثة ومستشارين وملحقين وكتبة بشرط أن تثبت لهم صفتهم الدبلوماسية. فهؤلاء جميعهم لا يخضعون لولاية القضاء وذلك بالنسبة لرئيس الدولة على أساس المجاملة لشخصه، أما بالنسبة للمثلين الدبلوماسيين فان أساسها تمكينهم من مزاولة أعمالهم.
والحصانة القضائية لهؤلاء الأشخاص لم تجابه بصعوبة من حيث المبدأ، الا ان الخلاف في العمل يظهر واضحا في التطبيق بشأن مدى الحصانة. فبالنسبة لرئيس الدولة مثلا يدعو الرأي السائد فقها وقضاء الى التفرقة بين التصرفات التي يباشرها رئيس الدولة بوصفه رئيسا وفيها يتمتع بالحصانة القضائية وبين التصرفات المتعلقة بحياته الخاصة والتي تخضع فيها لولاية قضاء الدولة (8)
وهناك رأي يدعو الى الاعتراف لرؤساء الدولة بالحصانة المطلقة في كل تصرفاتهم (9)، وتشمل حصانة رئيس الدولة أفراد أسرته ومرافقيه وحاشيته وهي محددة بولايته فتنتهي بانتهاء
أما المبعوثون الدبلوماسيون فان اتفاقية فينا المبرمة سنة 1961 والتي صادق عليها العراق بالقانون رقم 203 لسنة 1968(10) ، والأردن في 29/7/1971 أكدت القواعد التي اختطها العرف الدولي بخصوص اعفاء المبعوثين الدبلوماسيين من الخضوع للقضاء المحلي في الدولة الموفدين اليها، فهم يتمتعون بهذه الحصانة فيما يتعلق بالقضاء الجنائي للدولة التي اعتمدوا لديها وهي حصانة مطلقة. أما فيما يتعلق بقضائها المدني والإداري فان الحصانة القضائية المدنية تكون فيه مطلقة للأعمال الرسمية، ومقيدة للأعمال الخاصة فهم لا يتمتعون بالحصانة في بعض الحالات (كالدعاوى العينية المتعلقة بالأموال العقارية الخاصة الكائنة في اقليم الدولة المعتمد لديها - ما لم تكن حيازتهم لها بالنيابة عن الدولة المعتمدة لاستخدامها في اغراض البعثة - والدعاوى المتعلقة بالإرث، والدعاوى المتعلقة باي نشاط مهني او تجاري يمارسونه خارج وظائفهم) (11)
ولهذا فان الممثل الدبلوماسي يعفي من الحضور امام محاكم الدولة المعتمد لديها ولا يجوز رفع الدعوى عليه الا في الاحالات الاستثنائية المشار اليها. ولكن هذا لا يمنع من رفع الدعوى عليه بصفته الشخصية في بلده ويكون ذلك بطلب من الدولة المعتمد لديها. وفي حالة رفض طلب الدولة المعتمدة مقاضاته امام محاكمها ففي مقدور الدولة المعتمد لديها ان تتخذ الإجراءات الضاغطة كفرض رقابة عليه او حتى تسفيره وفي مقدور الممثل الدبلوماسي ان يتنازل عن الحصانة المقررة لمصلحته والحضور للمحاكمة بشرط ان توافق الدولة التي اعتمدته. وتشمل الحصانة الممثل وأفراد أسرته والمقيمين معه. أما الضباط القنصليون والموظفون فانهم لا يخضعون للولاية القضائية للدولة المستقبلة بالنسبة للأعمال التي يضطلعون بها ممارسة منهم للواجبات القنصلية فقط.
___________
1- راجع تفصيل ذلك : طبيعة الدفع بالحصانة، الدكتور هشام علي صادق، دراسات في القانون الدولي الخاص الطبعة الأولى سنة 1918 ص 289.
2- الدكتور علي صادق ابو هيف، القانون الدولي العام، الطبعة السابعة 1965 رقم 57 وما بعدها .
2-REVUE CRITIQRES 1953 P. 425
4- راجع تفصيل ذلك مجلة مصر المعاصرة يناير سنة 1966 في مركز المشروعات العامة في القانون الدولي الخاص الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض .
5- دكتور ماجد الحلوني - مذكرات القانون الدولي الخاص - الكويت : 1972- 197۳ ص 126
6- تستند هذه الاتفاقية الى المادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة ، راجع في ذلك التنظيم الدولي العالمي ، الدكتور محمد عزيز شكري ص 139 دار الفكر 1973 .
7- دكتور حلواني مذكرات ص126 .
8- Niboyet ج6 فقرة 1787 منقول عن دكتور عز الدين عبدالله ، المذكور ، ص770 فالنزاع المتعلق بشراء اثاث خاص بمكتب الرئاسة لا يخضع لولاية القضاء اما اذا تعلق النزاع بشراء اثاث خاص فانه يخضع لولاية القضاء .
9- انظر دكتور علي صادق ابو هيف في القانون الدبلوماسي 1967 ص 45 وما بعدها .
10- د. سهيل العتلاوي ، الحصانة القضائية للمبعوث الدبلوماسي ، بغداد : 1980، ص159.
11- راجع المجلة المصرية للقانون الدولي الخاص المجلد الحادي والعشرون ، 1965 ص89،الحصانة القضائية للمبعوثين الدبلوماسيين للدكتورة عائشة راتب .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مستشفى العتبة العباسية الميداني في سوريا يقدّم خدماته لنحو 1500 نازح لبناني يوميًا
|
|
|