أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-17
838
التاريخ: 21-09-2015
3605
التاريخ: 2-03-2015
5859
التاريخ: 5-05-2015
4031
|
لمسنا في مجموعة التركيبة اللفظية للقرآن الكريم لغة اجتماعية ذات طابع دلالي خاص ، تستمد نشاطها البنائي من بنيات بلاغية متجانسة حتى عادت لغة مسيطرة في عمقها الدلالي لدى عامة الناس في الفهم الأولي ، وعند خاصة العلماء في المعاني الثانوية ، وتوافر حضورها في الذهن العربي المجرد حضورا تكامليا ، بعيدا عن الإبهام ، والغموض والمعميات ولا مجال للألغاز في تصرفاتها ولا أرضية للمخلّفات الجاهلية في ثروتها ، تبتعد عن الوحشي الغريب ، وتقترب من السهل الممتنع ذلك من خلال التعامل اللغوي الموجه للفرد والأمة مما فرز حالة حضارية متميزة تعنى بالجهد الفني تلبية للحاجة الإنسانية الضرورية في التقاء الفكر بالواقع واللغة بالعاطفة والشكل بالمحتوى دون تعقيد ثقافي يجر إلى تكوينات متنافرة.
وعلى الرغم من توقف جملة من علمائنا الأوائل عن الخوض في حديث المداليل في القرآن الكريم ، فإن القرآن يبقى ذا دلالة أصلية ، وما معاملتهم له إلا دليل تورع وتحرج عن الفتوى بغير مراد الدلالة حتى وإن أدركوها إجمالا.
كان الأصمعي - وهو إمام أهل اللغة - لا يفسر شيئا من غريب القرآن وحكي عنه أنه سئل عن قوله سبحانه : {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} [يوسف : 30] فسكت وقال : هذا في القرآن ثم ذكر قولا لبعض العرب في جارية لقوم أرادوا بيعها : أتبيعونها ، وهي لكم شغاف ولم يزد على ذلك ، أو نحو من هذا الكلام» (1).
ولو تجاوزنا حدود العلماء والنقاد العرب ، إلى القادة والسلف الصالح لوجدنا الأمر متميزا في احترام النص القرآني ، ومحاطا بهالة متألقة من التقديس ، فلقد قال الإمام علي عليه السلام مجاهرا : «و كتاب اللّه بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه وبيت لا تهدم أركانه ، وعز لا تهزم أعوانه» (2).
وهو تعبير حي عن حماية القرآن وصيانته ، وتبيان لحجج القرآن ودلالته.
وقد كان عمر بن الخطاب - وهو من الفصاحة في ذروة السنام والغارب- يقرأ قوله عزّ وجلّ : {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس : 31] فلا يعرفه فيراجع نفسه ويقول : ما الأبّ؟ ثم يقول : إن هذا تكلف منك يا ابن الخطاب» (3).
وكان ابن عباس رحمه اللّه وهو ترجمان القرآن ووارث علمه يقول : لا أعرف حنانا ولا غسلين ولا الرقيم (4).
ولا يعني التحرج في كشف الدلالة القرآنية عدم وضوح الرؤية ، أو انعدام المراد بل على العكس أحيانا ، فقد أجمع انقاد على سلامة النظم القرآني ، وتواضعوا على إعجازه ، بل اعتبروا استعمال القرآن لأفصح الألفاظ بأحسن المواقع متضمنة أسلم المعاني وأعلى الوجوه دلالة ، من مخائل الإعجاز القرآن ، حتى أوضح الخطابي (ت : 388هـ) هذا العلم بقوله : «و اعلم أن القرآن إنما صار معجزا لأنه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف متضمنا أصح المعاني» (5).
وقد اعتبر الخطابي نفسه اختيار اللفظ المناسب للموقع المناسب عمود البلاغة القرآنية فقال : الصفات هو وضع كل نوع من الألفاظ التي تشتمل عليها فصول الكلام موضعه الأخص الأشكل به الذي إذا أبدل مكانه غيره جاء منه : أما تبدل المعنى الذي يكون منه فساد الكلام ، وأما ذهاب الرونق الذي يكون معه سقوط البلاغة وذلك أن في الكلام ألفاظا متقاربة في المعاني ، يحسب أكثر الناس أنها متساوية في إفادة بيان مراد الخطاب كالعلم والمعرفة ، والحمد والشكر ، وبلى ونعم ، وذلك وذاك ، ومن وعن ، ونحوهما من الأسماء والأفعال والحروف والصفات مما سنذكر تفصيله فيما بعد ، والأمر فيها وفي ترتيبها عند علماء أهل اللغة بخلاف ذلك ، لأن كل لفظة منها خاصية تتميز بها عن صاحبتها في بعض معانيها ، وإن كانا قد يشركان في بعضهما» (6).
(2) ظ : ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة : 8/ 273.
(3) الخطابي ، بيان إعجاز القرآن : 36.
(4) المصدر نفسه : 36.
(5) المصدر نفسه : 27.
(6) الخطابي ، بيان إعجاز القرآن : 29.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|