المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
عمليات خدمة الثوم بعد الزراعة
2024-11-22
زراعة الثوم
2024-11-22
تكاثر وطرق زراعة الثوم
2024-11-22
تخزين الثوم
2024-11-22
تأثير العوامل الجوية على زراعة الثوم
2024-11-22
Alternative models
2024-11-22

التفسير الموضوعي
28-2-2016
حقوق الزوجة
2023-03-07
Paramyxoviruses
20-11-2015
حروف الاستقبال
17-4-2022
تعريف الضرر في المسؤولية العقدية
2024-08-22
الشيخ حسين بن عبد الصمد الأول بن محمد
10-6-2017


بعض أبرز النظريات في المعاصرة القرآنية  
  
10414   04:27 مساءاً   التاريخ: 5-05-2015
المؤلف : جواد علي كسار
الكتاب أو المصدر : فهم القرآن دراسة على ضوء المدرسة السلوكية
الجزء والصفحة : ص 471- 482 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / مواضيع عامة في علوم القرآن /

لأجل أن يكتسب الطرح في هذا الفصل طابعا تطبيقيا يعين على الفهم والمقارنة، نعرض فيما يلي لعدد من النظريات والأفكار التي أفرزتها حركة الفكر خلال العقود الأخيرة :

1- عكفت شريحة من المفسّرين والباحثين لتحقيق القراءة العصرية للقرآن الكريم من خلال الحث على المنحى الاجتماعي الذي يركّز على استقصاء المدلولات الاجتماعية للنصّ، وربط ذلك مع أسئلة الواقع المعاش واحتياجات المسلمين فيه.

لا يكاد يخلو من هذه النزعة تفسير خلال القرن الأخير. فهي واضحة في تفسير «المنار» للثنائي محمد عبده ورشيد رضا، وتفسير المراغي والطاهر بن عاشور وسيد قطب ومحمد جواد مغنية، والتفسير «الأمثل» لمكارم شيرازي، كما لا تخلو منها بحوث واسعة من تفسير «الميزان» للطباطبائي، و«قبس من القرآن» للطالقاني وغير ذلك كثير.

2- كما مال بعضهم لاستيفاء المدلول العصري للقرآن من خلال التركيز على‏ الأبعاد العلمية. وربما كان أبرز هؤلاء طنطاوي جوهري وأحمد خان، والأعمال القرآنية لعبد الرزاق نوفل ومهدي بازركان ومصطفى محمود وغير هؤلاء كثير.

لقد واجهت هذه النزعة نقدا شديدا يرجع في جوهره إلى أنّ القرآن كتاب هداية وليس كتابا للعلوم الطبيعية. بالإضافة إلى ما في إقحام العلوم الطبيعية وتحميلها على القرآن من مضار ناتجة عن الطابع المتغيّر الذي تتّسم به هذه العلوم.

وما يلحظ هو أنّ نزعة التفسير العلمي تدخل ركنا مهما في تكوين ما يطلق عليه ب «التفسير العصري»، بل هناك من يرادف بين العلمي والعصري ويجمعهما في معنى واحد، مع أنّ ذلك ليس صحيحا (1)، لأنّ العصري أعمّ من العلمي وأشمل منه.

3- كتجربة خاصّة يلحظ أنّ هناك عددا من العناصر المنهجية والمضمونية التي يمكن رصدها في تفسير «الميزان» تنهض بتحقيق عصرية القرآن. منها الفصل بين التفسير والتطبيق، فعلى قدر ما يكون الأوّل محدودا فإنّ الثاني موسّع بمقدوره أن يستوعب كثيرا ممّا يدخل في تكوين المعاصرة بمختلف أبعادها.

من العناصر المنهجية الاخرى في استكناه هذا البعد قاعدة الجري، ومبدأ تفسير القرآن بالقرآن واستيلاد معان جديدة بالطريقة التي يستخدمها المؤلف، وتوظيف مبدأ بطون القرآن في مدّ النص القرآني على طبقة من المعاني العمودية التي يترتب بعضها على بعض سعة وعمقا، والركون إلى مبدأ وحدة المفهوم وتعدّد المصاديق مع توسيع دائرة المصاديق لتشمل ما هو غيبي بالإضافة إلى ما هو مادّي، وهكذا إلى بقية العناصر.

4- ممّن دخل على الخط المفكّر الإيراني عبد الكريم سروش الذي أولى‏

المسألة اهتماما نظريا واسعا، بحيث أضحى العمل على المعاصرة في الفهم الديني عامّة من العلامات الفارقة لشخصيته الفكرية والثقافية عبر ما بات يعرف بنظرية تكامل المعرفة الدينية.

جوهر ما ذهب إليه سروش هو التمييز بين النص الديني المقدّس الثابت والفهم الديني السيال المتغيّر المتجدّد دائما، عبر علاقة تبادلية مفتوحة بين المعرفة الدينية والمعارف التي تنتجها البشرية في كلّ عصر. فبمقتضى هذه الرؤية انحلّت لديه مشكلة المعاصرة ليس في مضمار المعرفة القرآنية وحدها، بل في مجال الفهم الديني برمته‏ (2).

5- من الرؤى في هذا الاتجاه ما عرض له المفسّر المعاصر الشيخ جوادي آملي من تفاعل بين عالم التكوين وعالم التدوين؛ أي بين الوجود والقرآن. فإذا ما كان الإنسان واعيا للتناسق القائم بين الاثنين فسيدرك جيّدا بأنّ كلّ كلمة (واقعة، حدث، فكرة) جديدة في عالم التكوين، ستكون حافزا لتجلي معنى جديد للنص القرآني. هكذا تمضي متغيّرات الوجود ومستجدّات العصر باتجاه تحقّق المعاصرة القرآنية، من خلال حركة مستمرّة تتجلّى بها معان جديدة لكتاب اللّه.

بيد أنّ هذه الرؤية لا تتحقّق بحسب صاحبها، إلّا بوجود فاعل حيوي يمثّله المفسر العارف بالقرآن وبزمانه معا؛ بالنص وبالوجود، أو بالوجودين التدويني‏

والتكويني‏ (3).

6- من النزعات ما يذهب إلى تحقيق المعاصرة القرآنية عبر التجديد اللغوي. هذه النزعة تكاد تنبسط على عدد من المحاولات المعاصرة في فهم القرآن والتعاطي مع نصه الكريم، بل هي ترمي بظلالها على أبرزها وإن ضمّت إليها عناصر اخر.

للغة دورها ولا ريب، لكن الاكتفاء بها وحدها أو التركيز المبالغ عليها بذريعة أنّ القرآن هو نصّ لغوي في نهاية المطاف، يجرّ إلى مزالق خطيرة. فدور اللغة أنّها حامل للعصرية ووسيط ينهض بالمعنى العصري، لا أنّها بذاتها مستودع العصرية، كما تذهب إلى ذلك النزعات اللغوية ونظريات النظم والدلالة والألسنية والاتجاهات الأدبية. وحتّى لو أخذنا بأبرز حجة لهؤلاء متمثّلة في أنّ القرآن نص لغوي، فهي غير تامّة لأنّ لهذه اللغة بنية خاصّة هي التي تسوّغ القول بالإعجاز اللغوي.

تكفي نظرة سريعة في هذا الاتجاه لبعض الاستنتاجات التي خرجت بها واحدة من القراءات المعاصرة، وهي تستند- فيما تستند إليه- إلى النزعة اللغوية (4).

7- ثمّ تيار يذهب إلى إقحام المنهجيات الحديثة على النص القرآني لتحقيق القراءة العصرية. وربما كان خير مثال على ذلك أعمال محمّد أركون وسعيه الدائم لتوظيف العلوم الإنسانية في هذا المجال‏ (5).

يلتقي مع هذه النزعة ولو بالعنوان، تلك الاتجاهات التي تسعى لقراءة النص القرآني عبر منهجيات تفسيرية جديدة، مثل المنهج الموضوعي، والمنهج السنني، والمنهج الترابطي، والمنهج البياني، والمنهج الوجودي وغير ذلك، وإن اختلفت معها بالمضمون والدوافع في الغالب.

8- توظيف الهرمنيوطيقا في فهم النص، مع ما يصاحب ذلك من تنويعات بل واختلافات ناشئة من الاختلاف في تحديد الهرمنيوطيقا، وتعيين دلالات هذه النزعة ومكوّناتها.

لقد ساوى بعضهم بين الهرمنيوطيقا والتفسير أو نظرية التفسير فيما ذهبت شريحة واسعة من الباحثين إلى مقاربة معنى المصطلح بالتأويل أو عدّه نظرية التأويل، مع الأخذ بنظر الاعتبار المسافة الفاصلة بين دلالة المصطلح على التفسير أو التأويل، وبين حمل معناه على نظرية التفسير أو نظرية التأويل.

كما ذهب بعض الدارسين إلى تحديد مسارين رئيسيّين للهرمنيوطقيا أحدهما برز مع شلير ماخر (ت : 1843 م) وديلثي (ت : 1911 م) ويتعاطى مع هذا العلم بوصفه نظاما عامّا لمعرفة المنهج الثاوي وراء التأويل، والثاني مع مارتن هيدجر الذي يرى فيه بحثا فلسفيا يدور حيال حالة الفهم وشروطها الضرورية (6).

ذكروا أيضا أنّ هذا المصطلح يتضمن تطبيقيا ثلاث مراحل، هي : النص،

التفسير، المفسّر. في حين أرجعه بعضهم إلى ثلاثية : القصد، النص، التفسير. كما أشار بعضهم الآخر إلى أنّ الهرمنيوطيقا تنفكّ عقليا إلى ثلاثة أسئلة، هي :

1- ما هي ماهية النص؟

2- ما معنى فهم النص؟

3- كيفية فهم النص؟

لكن برغم هذه التنويعات والاختلافات في المصطلح ودلالته ومعناه ‏(7)، فإنّ من يقحمه في مضمار التعامل مع النص القرآني، إنّما يعني به مجموعة القواعد والمعايير التي ينبغي للمفسّر (مفسّر النص) أن يتبعها لفهم النص الديني، وهو القرآن الكريم هنا (8).

بديهي أنّ فهم النص أو قراءته وتأويله في نطاق الظاهرة الهرمنيوطيقية هو غير إدراك معناه اللغوي. وبذلك فإنّ كلّ نص يتضمّن عددا من القراءات وإن شئت قلت من الفهوم والتأويلات، التي ستتحوّل إلى قراءات مفتوحة بلحاظ وصلها بقصد صاحب النص أو فصلها عنه، ولجهة ما يسقطه قارئ النص على النص ممّا تفيض به خلفيته الذهنية من مسبقات ومصادرات، وأخيرا بلحاظ ما يرتقبه المخاطب بالنصّ من النصّ.

هذا الحشد من العوامل يمنح النص جاهزية دائمة، بحيث يكون مفتوحا على قراءات متجدّدة باستمرار، هي التي تحقّق عصريته ‏(9).

الطريف أن نعرف أنّ بعض الدارسين بلغ به الحماس لهذه النزعة حدّا دفعه إلى تطبيق قواعدها ومفاهيمها ورؤاها على الفكر القرآني للإمام الخميني ‏(10).

9- النزعة التأويلية التي تستند إلى إعمال العقل واجتهاد الرأي في تقديم فهم متجدّد للقرآن. لا بدّ أن نشير بدءا إلى اختلاف الرؤى حيال معنى التأويل وتعدّد الأقوال فيه. والذين يأخذون منه مركبا لإنجاز القراءة العصرية يرون في التأويل ممارسة ذهنية وحركة نظر عقلي لإدراك ماوراء الظواهر التي يضطلع بها التفسير.

وبذلك يعدّ التأويل لدى هؤلاء مرحلة تلي التفسير. على حين ثمّ من المفسّرين من يرفض هذا المعنى بضرس قاطع ويراه متعارضا مع المعنيين اللغوي والقرآني‏ (11).

ثمّ عدد وافر من الباحثين المعاصرين ولجوا قراءة النص القرآني انطلاقا من ذلك المعنى للتأويل، منهم علي حرب الذي صار عنده النص، هو : «دلالة لا تحصر ومعنى لا يضبط، وإذن فمن الصعب القرار على تفسير واحد أو تأويل وحيد الجانب» (12). بيد أنّ الأهم في هؤلاء جميعا هو نصر حامد أبو زيد الذي غابت الدراسة الموضوعية عن تقييم أعماله وكتبه وسط التداخل بين البعدين العلمي والسياسي، فضلا عن المزايدات الإعلامية والدينية التي اكتنفت قضيته، حتّى آل الأمر إلى تكفير البعض له ‏(13).

يطرح أبو زيد العديد من الأفكار منها المعنى والمغزى. وهذه اطروحة تجمع بين توفّر النص على دلالة محدّدة هي معناه التأريخي في عصر النزول، وامتلائه في الآن نفسه بدلالات مفتوحة على عصور تالية من خلال المغزى. بتعبيرات الكاتب نفسه : «المعنى يمثّل المفهوم المباشر لمنطوق النصوص ... وهو المفهوم الذي يستنبطه المعاصرون للنص من منطوقه». بهذه المثابة فإنّ «المعنى يمثّل الدلالة التاريخية للنصوص في سياق تكوّنها وتشكّلها»، بيد أنّ : «الوقوف عند دلالة المعنى وحدها يعني تجميد النص في مرحلة محدّدة وتحويله إلى أثر وشاهد تاريخي». وهذا ما يتنافى مع المكانة المعرفية الخاصّة التي تتمتّع بها النصوص الدينية من حيث أنّ «دلالتها لا تتوقّف عن الحركة» (14)، وبذلك صار من الضروري اللوذ بأسلوب خاص يحفظ للنص الديني حيويته واستمراريته وتدفّقه بالمعاني في كلّ وقت، وهذا ما ينهض به المغزى، ف «المغزى ذو طابع متحرّك مع تغيّر آفاق القراءة» (15).

ما يلحظ في هذه الأطروحة أنّ الكاتب ينظر إلى المغزى كأمر ملامس للمعنى منطلق منه دون انفكاك، في عين كونه متحرّكا «بحكم ملابسته لآفاق الحاضر والواقع» (16). ثمّ إنّ المغزى يصاب بتوسّط مبدأ التأويل العقلي، والتأويل هنا

أشمل من التفسير، التأويل في هذا الاتجاه هو بمنزلة الآلة المولّدة التي لا تتوقّف عن إنتاج المعاني والدلالات : «في حالة القرآن فإنّ أي دراسة لتاريخ التفسير تكشف عن قيام (التأويل) دائما بدور الرافعة الدلالية» (17). كما ينضبط عنده التأويل ويبتعد عن أن يكون محض «تلوينات» يسقطها قارئ النصّ على النصّ القرآني، لتتحقق المعاصرة القرآنية عن هذا السبيل. يكتب : «إنّ المعنى ذو طابع تاريخي ...

والمغزى، وإن كان لا ينفكّ عن المعنى بل يلامسه وينطلق منه ذو طابع معاصر، بمعنى أنّه محصّلة لقراءة عصر غير عصر النص» (18).

في نطاق الظاهرة التأويلية ذاتها يذهب حسن حنفي إلى معنى غريب يجافي كثيرا من مسلّمات العلوم، بل يتهافت مع رؤاه الاخرى. فهو يرى النص القرآني في مرحلة النزول واقعة محدّدة الثغور معروفة المعنى. لكن تبدأ المشكلة في العصور التالية حينما يقحم النص في لعبة الأهواء، فيستخدم استخداما غير مشروع طبقا للأهواء والمصالح. وفي كلا الحالين فالنص فارغ من المضمون، طائر في الهواء بلا محل، وبتعبيره : «إنّ النص بطبيعته مجرد صورة عامة تحتاج إلى مضمون يملؤها.

وهذا المضمون بطبيعته قالب فارغ يمكن ملؤه من حاجات العصر ومقتضياته».

كيف يتمّ ذلك في النسق المشروع؟ يتمّ من خلال التأويل : «فالتأويل ضرورة للنص» والتأويل يحقّق القراءة العصرية، لأنّه ما هو إلّا : «وضع مضمون معاصر للنص» (19).

10- من الاتجاهات البارزة هو الاتجاه الذي يسعى إلى تحقيق المعاصرة

القرآنية عبر التفاعل ما بين الواقع والنص، إيمانا منه بأنّ القراءة المعاصرة لا تتحقّق من خلال النص وحده ككيان مغلق، ولا من خلال التجديد اللغوي، ولا أيضا عبر الممارسة العقلية الاجتهادية النظرية المفصولة عن الواقع، التي تكتسب أحيانا عنوان التأويل العقلي وهي تتحرّك بين مفهوم ومفهوم، أو بين منطوق ودلالات ومعان متعدّدة، أو بين مفهوم ومصاديق متعدّدة، أو بين ظهور بسيط وآخر مركّب، أو بين معنى ولوازم معنى، أو بين لفظ ثابت ومعنى متغيّر، أو بين معنى ومغزى، إلى آخر الصيغ المغلقة في إطار الألفاظ والكلمات والمفاهيم والاجتهادات النظرية.

لا ريب أنّ أحد أبرز المشكلات التي وقعت بها محاولات القراءة العصرية للقرآن، أنّها فهمت المعاصرة في اللغة والمدلولات اللغوية، وفي المفاهيم ومدلولاتها أو في النظريات عامّة، فراحت تركّز على النص وما يتصل به، مهملة من جهة الواقع المعاش أشدّ الإهمال، والحقائق الوجودية الكامنة وراء الألفاظ من جهة اخرى ‏(20).

ورفض المعاصرة والتجديد من خلال اللغة، والانفتاح على الواقع المعاش وإدراجه في متن المهمة التفسيرية، هما حدّا الرؤية التي اعتمدها أصحاب هذا الاتجاه في تحقّق المعاصرة القرآنية.

يكتب السيد محمد باقر الصدر (ت : 1980م) الذي يعدّ عبر منهجه المقترح للتفسير الموضوعي، أحد أبرز رادة هذا الاتجاه في العقدين الأخيرين؛ يكتب عن الحدّ الأوّل : «التفسير اللغوي ينفد لأنّ اللغة لها طاقة محدودة، وليس هناك تجدّد

في المدلول اللغوي، ولو وجد تجدّد في المدلول اللغوي فلا معنى لتحكيمه على القرآن، ولو وجدت لغة اخرى بعد القرآن لا معنى لأن يفهم القرآن من خلال لغة جديدة، أو مصطلحات جديدة أو ألفاظ جديدة تحمل مدلولات وضعية استهدفت بعد القرآن» (21).

في إطار الفهم الذي أسّس له الصدر للتفسير الموضوعي، سجّل أنّ المفسّر الموضوعي لا يبدأ عمله من النص بل من واقع الحياة، فيركّز نظره على موضوع من موضوعات الحياة ويستوعب ما أثارته تجارب الفكر الإنساني حيال ذلك الموضوع من مشاكل، وما قدّمه الفكر الإنساني من حلول، وما طرحه التطبيق التاريخي من أسئلة ومن نقاط فراغ، ثمّ ينتقل إلى النصّ القرآني ليبدأ حوارا معه، هو يسأل والقرآن يجيب.

ما تعني هذه الرؤية تأكيده هو عصرية القرآن، وتجدّد المعرفة القرآنية وقدرتها الدائمة على المواكبة، لما يوفّر لكتاب اللّه القيمومة على الحياة. فالمفسّر فيها ينطلق من الواقع إلى القرآن، لا أنّه يبقى يدور في حركة مغلقة تبدأ من النصّ وتنتهي بالنصّ، فتنفصل قراءته عن نبض الواقع وحركة الحياة، بما تحفل به من تيارات ورؤى ومشكلات.

وما يثيره الواقع من أسئلة وقضايا : «هنا يلتحم القرآن مع الواقع، يلتحم القرآن مع الحياة، لأنّ التفسير يبدأ من الواقع وينتهي إلى القرآن». ومهمّة «التفسير الموضوعي دائما- في كلّ مرحلة وفي كلّ عصر- أن يحمل كلّ تراث البشرية الذي عاشه، يحمل أفكار عصره، يحمل المقولات التي تعلمها في تجربته البشرية، ثمّ‏ يضعها بين يدي القرآن».

على هذا النحو تتحقّق المعاصرة القرآنية، و«تبقى للقرآن حينئذ قدرته على القيمومة دائما، قدرته على العطاء المستجدّ دائما، قدرته على الإبداع» (22).

لا مانع عندئذ أن تستعين هذه القراءة بلغة تفسيرية تناسب روح العصر، بوصف اللغة أداة تحمل التجديد وتعبّر عنه، لا أن تكون بنفسها منبع التجديد ومصدر القراءة العصرية.

وفي الوقت الذي تحرص به هذه المنهجية على الواقع فهي لا تضحّى بالنص القرآني، ولا تحمل عليه معطيات الواقع وتفرضها على القرآن فرضا، فتفرغه من معناه، وتجعله يكتسب في كلّ قراءة لونا. عند هذه النقطة تتقاطع قراءة الصدر مع قراءة اخرى للمعاصرة القرآنية عبر الواقع، بلغ بها تطرّف الانحياز إلى الواقع مستوى النظر إلى النص على أنّه «قالب دون مضمون» (23).

هذه جملة من الأفكار والآراء في هاجس القراءة العصرية للقرآن لم نسقها كأقسام متباينة غير متداخلة.

و من ثمّ لا ندّعي أنّها جاءت جامعة مانعة تنطبق عليها قواعد القسمة بالمعنى المنطقي، بل هي إشارات سريعة دورها أن تعدّ الذهن للدخول إلى المحور التالي والأخير من محاور هذا الفصل، لكي تسهل عملية المقارنة بينها وبين النظرية الأخيرة التي سنعرض لها على هذا الصعيد.

________________________

(1)- راجع : قرآن وتفسير عصرى.

(2)- راجع : قبض وبسط تئوريك شريعت. لقد أثارت النظرية مناقشات واسعة في الأجواء الفكرية الإيرانية وردود فعل نقدية كثيرة لسنا بصددها، منها ما كتبه الشيخ جوادي آملي مقرّا بصحّة أصل نظرية تكامل المعرفة، ومسجّلا ما يكتنفها من مزالق كثيرة بحسب تعبيره، مقترحا ترميمها بتلافي تلك المزالق. (راجع : شريعت در آينه معرفت : 89)

(3)- راجع : رسالت قرآن : 16.

(4)- راجع : الكتاب والقرآن، يلاحظ أنّ بعض مناشئ هذا الاتجاه تعود إلى أمين الخولي، تابعه عليه محمّد أحمد خلف اللّه ومحمّد النويهي ونصر حامد أبو زيد.

(5)- من العسير أن يفهم المرء- أو هكذا يبدو الأمر لكاتب هذه السطور- ما يريده أركون‏ - تحديدا. وبشأن أعماله القرآنية يمكن مراجعة : قراءات للقرآن، بالفرنسية، باريس 1982.

وراجع كمراجعة بالعربية لمشروعه الذي يقترحه في هذا الكتاب : مجلة 15- 21، العدد 5، شعبان 1403 ه : 26- 29، الإسلام بين الأمس واليوم، رؤية جديدة للقرآن، نافذة على الإسلام.

(6)- راجع : علم الهرمنيوطيقا : 55، إشكاليات القراءة وآليات التأويل : 13- 49.

(7)- راجع في هذه التنويعات : كتاب نقد (الكتاب النقدي) العدد المزدوج 5- 6، محور : التفسير بالرأي ... النسبية والهرمنيوطيقا، أيضا وبالعربية : مجلة الحياة الطيبة، العدد 8 : 33- 68، (الهرمنيوطيقا وعلم التفسير).

(8)- راجع : إشكاليات القراءة وآليات النص : 13.

(9)- خير تطبيق لهذه النزعة، هو كتاب : هرمنوتيك كتاب وسنت (هرمنيوطيقا الكتاب والسنة)، كما تظهر لها تطبيقات في بعض أعمال أبو زيد وحسن حنفي.

(10)- راجع : مجلة بحوث قرآنية، المزدوج 19- 20، خريف 1999 : 106- 123، إمام خميني، تفسير وهرمنوتيك (الإمام الخميني : التفسير والهرمنيوطيقا).

(11)- الميزان في تفسير القرآن 3 : 44- 49.

(12)- راجع : التأويل والحقيقة : 45.

(13)- أشهر أعمال أبو زيد : الاتجاه العقلي في التفسير (1982)، فلسفة التأويل (1983)، مفهوم النص (1990)، إشكاليات القراءة وآليات التأويل (1992)، النص- السلطة- الحقيقة (1995)، الخطاب والتأويل (2000 م).

(14)- راجع : الخطاب الديني، رؤية نقدية : 151.

(15)- نفس المصدر : 152.

(16)- نفس المصدر : 153.

(17)- الخطاب والتأويل : 264.

(18)- الخطاب الديني، رؤية نقدية : 152.

(19)- من العقيدة إلى الثورة 1 : 374- 375.

(20)- هذه الحقائق التي يذهب للإيمان بها العرفاء والمدرسة الوجودية، ويعدّون الألفاظ القرآنية بتبع ذلك الصورة الكتبية لتلك الحقائق والوجود الأدنى لها.

(21)- المدرسة القرآنية : 23.

(22)- نفس المصدر : 7- 38.

(23)- من العقيدة إلى الثورة 1 : 375.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .