أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-05-2015
3106
التاريخ: 2024-01-24
1506
التاريخ: 2024-01-28
1294
التاريخ: 2-03-2015
3709
|
مهما كانت الدوافع التي أملت على أصحاب هذا الاتجاه الجنوح إلى لغة الإشارة و الرمز، وسواء أ كانت معرفية أو اجتماعية أو مركّبة من الاثنين معا ، فإنّ رموزه يرون أنّ لهذا الأسلوب أصله التأسيسي في القرآن الكريم، كما أنّه يعبّر عن مبدأ ثابت في منهج الدعوات النبوية، مضافا إلى اتساقه مع القواعد العقلية في ممارسة العمل الديني مع الناس . وبتعبير الإمام الخميني : «فإنّ لكلّ قوم لسانا، و لكلّ كلام مع كلّ متكلّم مقاما، كلّم الناس على قدر عقولهم (1)، و ما ارسل رسول إلّا بلسان قومه».(2)
على ضوء هذا الإطار نتعامل مع الكلمة التي سجّلها الإمام في الأسطر الأخيرة من كتابه «مصباح الهداية»، و اختار لها عنوان «خاتمة و وصية»، حيث جاء فيها قوله : «إيّاك أيّها الصديق الروحاني ثمّ إياك، و اللّه معينك في اولاك و اخراك، أن تكشف هذه الأسرار لغير أهلها أو لا تضنّن على غير فحلها.
فإنّ علم باطن الشريعة من النواميس الإلهية والأسرار الربوبية، مطلوب ستره عن أيدي الأجانب و أنظارهم، لكونه بعيد الغورعلى جليّ أفكارهم و دقيقها.
وإيّاك وأن تنظر نظر الفهم في هذه الأوراق إلّا بعد الفحص الكامل عن كلمات المتألّهين من أهل الرواق، و تعلّم المعارف عند أهلها من المشايخ العظام و العرفاء الكرام، و إلّا فمجرد الرجوع إلى مثل هذه المعارف لا يزيد إلّا خسرانا و لا ينتج إلّا حرمانا» (3). و مع ذلك حتّى لو لاحت هذه المعارف و الأفكار إلى الآخرين، فلا ينبغي لهم المبادرة إلى رميها بالزخرف و البطلان لمجرد أنّها لا تتّسق مع أذواقهم و لا تنسجم مع ما ألفوه، ذلك أنّ لكلّ علم أهلا، و لكلّ مسير رجالا : «مع أنّ قرار الكاتب في هذه الرسالة أن أمتنع عن ذكر المطالب العرفانية غير المألوفة، مكتفيا بالآداب القلبية للصلاة و حسب، إلّا إنّني أرى القلم و قد طغى، و قد تجاوزت بخصوص تفسير السورة الشريفة الحدود التي ألزمت بها نفسي. ليس باليد حيلة إلّا أنّ اوجّه عذري لأخوة الإيمان و للأصدقاء الروحانيين [الحوزويين] و بالضمن إذا لمس هؤلاء مطلبا لا يتطابق مع مذاقهم فلا يرمونه بالباطل دون تأمّل؛ لأنّ لكلّ
علم أهلا و لكلّ مسير رجالا. رحم اللّه امرأ عرف قدره ولم يتعدّ طوره (4)» (5).
هذا المعنى نفسه نراه واضحا في كتاب آخر من كتب الإمام، وقد عزّزه بلغة صريحة لا شوب فيها في الدفاع عن رموز هذا الخطّ، وتفسير بعض ما يعتور أفكارهم من غموض يبعث على الالتباس ، على أساس اللغة الخاصة التي يستعملونها وما تتخلّله من مصطلحات : «واوصيك أيّها الأخ الأعز، أن لا تسوء الظنّ بهؤلاء العرفاء والحكماء الذين كثير منهم من خلّص شيعة علي بن أبي طالب وأولاده المعصومين عليهم السّلام، و سلّاك طريقتهم و المتمسّكين بولايتهم. و إيّاك أن تقول عليهم قولا منكرا، أو تسمع إلى ما قيل في حقّهم فتقع فيما تقع.
ولا يمكن الاطّلاع على حقيقة مقاصدهم بمجرّد مطالعة كتبهم من غير الرجوع إلى أهل اصطلاحهم، فإنّ لكلّ قوم لسانا و لكلّ طريقة تبيانا» (6).
في السياق ذاته جاء حثّ الإمام المتكرّر على عدم إنكار مقامات الأولياء و العرفاء وأهل اللّه، وربّما كانت المرة الأخيرة هي التي جاءت في ثوب وصية إلى نجله أحمد، حيث كتب إليه قبل مدّة قليلة من وفاته «بني، ما أحرص على أن اوصيك به في الدرجة الاولى، هو أن لا تنكر مقامات أهل المعرفة، لأنّ ذلك اسلوب الجهّال، و أن تنأى عن معاشرة منكري مقامات الأولياء، إذ هؤلاء قطّاع طريق الحقّ» (7).
____________________
(1)- إشارة إلى النبوي الشريف : «إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم».
(الكافي 1 : 23/ 15)
(2)- إشارة لقوله سبحانه وتعالى في سورة إبراهيم، الآية 4 : {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}. (التعليقة على الفوائد الرضوية : 138- 139)
(3)- مصباح الهداية إلى الخلافة و الولاية : 90. والجدير بالذكر أنّ الإمام انتهى من تأليف هذا الكتاب بتأريخ 25 شوال 1349 هـ.
(4)- غرر الحكم و درر الكلم، الفصل الثالث، حرف الراء، الحديث 1.
(5)- آداب الصلاة : 346، وقد ساق هذه الملاحظة أواخر الكتاب بعد الانتهاء من تفسيره سورة القدر.
(6)- مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية : 36.
(7)- سرّ الصلاة ، معراج السالكين وصلاة العارفين : 28 من المقدمة، و الجدير ذكره أنّ مقدمة هذه الطبعة هي الرسالة التي كتبها الإمام إلى نجله أحمد ليلة 15 ربيع الأوّل 1407 هـ ، حين أهدى إليه نسخة منه.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|