المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05

network (n.)
2023-10-17
معنى كلمة خلل
17/11/2022
تضاريس الأرض
12-3-2016
الإفراط والتفريط
24-10-2018
مهارات الأسرة تجاه ابنائها
18-1-2016
الصرع الجزئي (البؤري) Partial (focal) Epilepsy
2024-05-15


ما حقيقة الفتوحات بعد الرسول صلى الله عليه واله ؟ وما هو دور الأئمة صلوات الله عليهم في ذلك ؟  
  
4153   11:04 صباحاً   التاريخ: 30-11-2020
المؤلف : السيد جعفر مرتضى العاملي
الكتاب أو المصدر : مختصر مفيد أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة
الجزء والصفحة : ج6 - ص 143- 183
القسم : العقائد الاسلامية / أسئلة وأجوبة عقائدية / اسئلة عامة / فتوحات وثورات وغزوات /

السؤال : أود أن أسألكم عن بعض الأمور التاريخية :

 

من المعروف في التاريخ أن عمر هو الذي فتح القدس، وأن صلاح الدين حررها، ومعروفة بطولات خالد بن الوليد في الفتوحات التي قام بها عمر.

وقد وصلت الفتوحات الإسلامية إلى بلاد الأندلس في عهد بني أمية وانتشر الدين الإسلامي في تلك البلاد.. السؤال هو: هل ذلك صحيح؟! وهل كان للأئمة صلوات الله عليهم دور في صنع هذا التاريخ؟!..

 

الجواب : قد يكون من الضروري الاقتصار في الأسئلة على ما يمثل عقدة في النواحي العقيدية، والإيمانية، وغيرها مما يرتبط بفهم حقائق الدين وشرائعه، وآياته، ونصوصه، التي تحتاج إلى إيضاح.. فإن أعمارنا لا تتسع لمعالجة الموضوعات الجانبية، أو التي لها صفة علمية وحسب. وقد ورد في الحديث الشريف ما يشير إلى أن العلم كثير فخذوا منه ما أهمكم..

أخي الكريم..

بالنسبة لما سألتم عنه، أقول: إن الفتوحات، والاستيلاء على البلاد والعباد، ليست غاية للإسلام، بل الغاية هي نشر الدين، والحق والعدل، والإيمان، من قبل من يحق له أن يتصدى لذلك، وبرعاية وهداية ودلالة، وتفويض من قبل المعصوم. وبإجازة ورضى منه..

وأنتم تعلمون.. أن الأمور إنما هي بغاياتها، وبدوافعها.. فإذا كان الدافع هو رضا الله تعالى، وليس مجرد توسيع رقعة النفوذ، وبسط السلطة، والحصول على الأموال، وعلى الرقيق، من السبايا والعبيد..

وإذا كانت قد روعيت في الفتوحات جميع الشرائط الشرعية، ومنها استجازة المعصوم في التصدي لمثل هذا الأمر الخطير..

وإذا كانت قد حققت نتائج طيبة تصب في مصلحة الإسلام والمسلمين. وكانت قائمة على الحق والعدل..

إذا كان الأمر كذلك.. فإن بالإمكان القول: إن ما فعلوه وما قاموا به من فتوحات كان حسناً..

ولكن مراجعة أحداث التاريخ تشير إلى عدم توفر أي شرط من الشروط الآنفة الذكر..

فالفاتحون كانوا لا يعترفون بالإمام الحق.. بل هم كانوا يناوؤونه ويتآمرون عليه..

وهم أيضاً لا يراعون موازين القسط والعدل في الناس الذين يتسلطون عليهم، ولا يهتمون بأمر الدعوة إلى الله ونشر الدين فيهم..

بل هم يمارسون الظلم والتعدي، والعسف، والإذلال، همتهم منصرفة إلى الحصول على البلاد، وعلى خيراتها، وعلى الأموال، وعلى السبايا والحسناوات، وعلى العبيد والموالي.. وما إلى ذلك..

وقد نتج عن تلك الفتوحات مصائب وبلايا، وكوارث ورزايا، سواء في المجال الاجتماعي، أم التربوي، أم الالتزام الديني، وبسببها دخلت الشبهات وراج الفساد والانحراف، في المجتمعات الإسلامية، واختلطت المفاهيم، وظهرت الدعوات الهدامة، وما إلى ذلك من أمور اتسع بسببها الخرق على الراقع، وكانت قاصمة الظهر، وبها كان ضياع العمر، وبوار الدهر..

وإنما لم تُسْلِم الصين لحد ربما بسبب ما جرى للصغد، كما ذكره الطبري، وقد ضاعت الأندلس، بسبب قضايا البربر..

وإذا كان قواد الجيوش الفاتحة هم الفسقة الفجرة، من أمثال خالد بن الوليد، الغادر ببني جذيمة، والقاتل لمالك بن نويرة، والفاجر بامرأة ذلك القتيل في ليلة قتله، والفار من الزحف بجيش الإسلام في غزوة مؤتة، فإن على الإسلام السلام، وعلى البلاد المفتوحة على أيدي هؤلاء أن تنتظر المصائب، والبلايا، والكوارث، والرزايا، ولن تجد لرحمة وعدل الإسلام أية رائحة أو أثر في حياتها الاجتماعية والسياسية وغيرها. هذا بالإضافة إلى أن الجيوش الفاتحة كانت على غاية من الجهل بأحكام الدين وشرائعه. وفي منتهى الشراهة للأموال، والتوثب للحصول على السبايا الحسناوات..

أما صلاح الدين.. فإن خيانته أظهر من الشمس وأبين من الأمس، فإن الخطة كانت تقضي بأن يكون هو في مصر، وعمه نور الدين في الشام، ليطبقا على القوات الصليبية الغازية.. فنكل صلاح الدين وتراجع، وتم للغزاة ما أرادوا..

ثم إنه مما يثير الريب والدهشة: أنه بعد أن حرر القدس ترك للصليبيين طريقاً إلى القدس، وأعطاهم يافا.. كما أن أبناء أخيه هم الذين سلموا القدس للصليبيين، وسلم أقاربه الآخرون قلاع تبنين، وصيدا، وهونين، وصفد، إليهم أيضاً..

وأما الأئمة فكانت مهمتهم هي إصلاح ما أفسده الطغاة ومداواة الجراح، وتخفيف وقع تلك المصائب.

ولو أن الحكام المعتدين، قد سلموا الأمر لأهله، ولو أنهم قاموا بتلك الفتوحات، على الحق والعدل.. لا على أساس الظلم والتعدي، والجور، لعمَّ الإسلام العالم كله بالعدل، وبالدعوة الصحيحة إلى الله، التي لا تستعمل السيف إلا لرد العدوان، ولإفساح المجال لكلمة الحق، لتجد طريقها إلى العقول والقلوب. ولا يحاصرها الطغاة والجبارون، والمستكبرون بظلمهم واستكبارهم..

ولنا حول الفتوحات كلام فيه بعض التفصيل، ذكرناه في كتابنا «الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام» نرسله إليك علك تجد فيه ما ينفع ويقنع .. وهو التالي:

ألف: آثار الفتوح على الشعوب التي افتتحت أرضها :

إن من الواضح: أن تلك الفتوحات لم يكن يتبعها أي اهتمام ـ من قبل ـ الهيئة الحاكمة بإرشاد الناس، وتعليمهم، وتثقيفهم، وتربيتهم تربية دينية صالحة، بحيث يتحول الإسلام في داخلهم إلى طاقة عقائدية، تشحن وجدان الإنسان وضميره بالمعاني السامية، والنبيلة، ولينعكس ذلك ـ من ثم ـ على كل حركات ذلك الإنسان ومواقفه، وتغنى روحه وذاته بالمعاني والخصائص الإنسانية الإسلامية السامية، وتؤثر في صنع، ثم في بلورة خصائصه الأخلاقية، على أساس تلك المعاني التي فجرتها العقيدة في داخل ذاته، وفي عمق ضميره ووجدانه.

نعم.. لقد اتسعت رقعة الإسلام خلال عقدين من الزمن اتساعاً هائلاً، يفوق أضعافاً كثيرة جداً ما تم إنجازه على هذا الصعيد في عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله. ولكن الفارق بينهما كان شاسعاً، والبون كان بعيداً، فلقد كان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله لا يكتفي من الناس بإظهار الإسلام والتلفظ بالشهادتين، ثم ممارستهم السطحية لبعض الشعائر والظواهر الإسلامية، وإنما كان يرسل لهم المعلمين والمرشدين، والمربين، ليعلموهم الكتاب والحكمة، وأحكام الدين(1).

أما هذه الفتوحات العظيمة التي تم إنجازها على عهد الخلفاء الثلاثة بعده صلى الله عليه وآله، ثم في عهد الأمويين، فلم يكن يصحبها تربية ولا تعليم، ولا كان ثمة كوادر كافية للقيام بمهمة كهذه، بالنسبة لهذه الرقعة الواسعة، وهذا المد البشري الهائل، ولا كان يهم الخلفاء والفاتحين ذلك من قريب، ولا من بعيد.

وإنما كانوا يكتفون من المستسلمين بالتلفظ بالشهادتين، ثم بممارسة بعض الحركات والشعائر، ظاهراً، من دون أن يكون لها أي عمق عقيدي، أو رصيد ضميري أو وجداني ذي بال.. ولذلك نجد في كتب التاريخ: أن كثيراً من البلدان تفتح، ثم تعود إلى الكفر والعصيان، ثم تفتح مرة أخرى(2).

فالنبي صلى الله عليه وآله كان يريد من الناس الإسلام والإيمان معاً.. {قَالَتِ الأَعْرَابُ: آمَنّا. قُلْ: لَمْ تُؤْمِنوا، وَلِكن قُولُوا: أَسْلَمنا، وَلَمّا يدخُلِ الإيمَانُ في قُلوبِكُمْ}( سورة الحجرات الآية14).

أما الآخرون، فكانوا يكتفون منهم بظاهر الإسلام، ولا يهمهم ما بعد ذلك.

ونجد عدم الاهتمام هذا واضحاً جلياً لدى القرشيين(3)..

وحتى الكثيرين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله منهم.. حتى لقد قال موسى بن يسار: «إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا أعراباً جفاة، فجئنا نحن أبناء فارس، فلخصنا هذا الدين»(4)..

وهكذا.. فإن أهل البلاد المفتوحة بعد الرسول صلى الله عليه وآله قد بقوا على ما كانوا عليه من عاداتهم وتقاليدهم، ومفاهيمهم الجاهلية، التي كانت تهيمن على حركاتهم، وعلى مواقفهم، وعلى علاقاتهم الاجتماعية بصورة عامة، ولم يتعمق الإسلام في وجدانهم، ولا مسَّ ضمائرهم، فضلاً عن أن يكونوا قد ذابوا فيه، بحيث يصبح هو المهيمن، والمحرك والدافع لهم في كل موقف وكل حركة..

آثار ونتائج:

وعلى صعيد آثار هذه الظاهرة على المدى البعيد، فقد كانت لها آثار سيئة جداً.. فإن تلك العادات، والتقاليد، والمفاهيم، والانحرافات الجاهلية، والعلاقات القبلية، والأهواء والأطماع الشخصية وما يتبع ذلك من ممارسات لا إنسانية لم ير فيها المستفيدون منها ـ الذين ما عرفوا من الإسلام إلا اسمه، ولا من الدين إلا رسمه ـ أمراً مخالفاً للإسلام، أو مصادماً له، ولا أحسوا فيها أية منافرة أو منافاة له، إن لم نقل: إنها ـ بزعم أولئك المستفيدين منها ـ قد انتزعت من الإسلام اعترافاً بها، وأصبح يؤمِّن غطاء وحماية لها، حيث قد صارت ملبسة بلباس الشرع، ومصبوغة بصبغة الدين.

بل إن الحكام وأعوانهم، ممن كان لهم مكانة ما لدى الناس، بسبب صحبتهم للنبي صلى الله عليه وآله، ورؤيتهم له ـ هم أيضاً، أو أكثرهم ـ لم يكن الإسلام قد تعمق في نفوسهم كثيراً، بل بقوا على ما كانوا عليه من انحرافات، ومن مفاهيم وتقاليد جاهلية وقبلية، وقد استفادوا من مركزهم، ومن موقعهم، ومن مكانتهم في مجال تركيز تلك المفاهيم والعادات والانحرافات، ولو عن طريق وضع الأحاديث على لسان النبي صلى الله عليه وآله لتأييدها، كما كان الحال بالنسبة للتمييز العنصري، وتفضيل العربي على المولى، وغير ذلك مما تقدمت الإشارة إلى بعض منه.

ولا أقل.. من أنهم لم يكن يهمهم أمر الإسلام، ونشر مفاهيمه وتعاليمه، من قريب ولا من بعيد.

وبعد.. فإنه إذا كان إسلام الناس صورياً، لا يدعمه أي بعد عقيدي، وليس له أية خلفيات وقواعد ثقافية وعلمية، ولا يتصل بروح الإنسان وعقله ووجدانه، بحيث يصير محركاً وجدانياً، ودافعاً ضميرياً.. فإنه سيتقلص تدريجاً، ولا يعود له أي أثر على صعيد الحركة والموقف.. ولسوف يعتاد الناس على إسلام كهذا.. يرون أنه لا يتنافى مع جميع أشكال الانحرافات والجرائم، وتصبح هداية هؤلاء الناس على المدى البعيد أكثر صعوبة، وأعظم مؤونة، إن لم نقل: إنه يحتاج إلى عملية بل إلى عمليات جراحية عميقة جداً تستنفد الكثير من الطاقات والمواهب.. وتنتهي بهدر العظيم من القدرات والإمكانات.. ولقد كان بالإمكان تجنب كل ذلك، لو كان ثمة تأس واتباع للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وتأثُّر لخطاه المباركة والميمونة في هذا المجال.

وعلى صعيد آخر.. فإن مجتمعاً كهذا لا يملك المناعات ولا الحصانات الكافية، التي تضمن عدم صيرورته ألعوبة بأيدي الأشرار، بل بأيدي أولئك الذين يتخذونه أداة لهدم الإسلام الحقيقي، الذي يرونه يقف حاجزاً أو مانعاً أمام أطماعهم وأهوائهم وانحرافاتهم، وقد حصل ذلك بالفعل، كما يتضح لمن يراجع التاريخ، ولا سيما فترة الحكم الأموي، ثم ما يلي ذلك من فترات.

وعن مجتمع العراق في عصر الإمام الحسن عليه السلام، نجد النص التاريخي يقول: «ومعه أخلاط من الناس، بعضهم شيعته، وشيعة أبيه عليهما السلام، وبعضهم محكِّمة، يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة، وبعضهم أصحاب طمع في الغنائم وبعضهم شكاك، وبعضهم أصحاب عصبية، اتبعوا رؤساء لأحكام ومثلها في أصول دين»(5)..

لقد كان هذا حال مجتمع العراق في عهد الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام، رغم أنه كان أقرب إلى مركز الحكم الإسلامي من غيره، ورغم أنه قد كان ثمة عناية خاصة من قبل الهيئة الحاكمة بشأن العراق، الذي كان مركز الانطلاق لغزو بلاد المشرق..

وقد تحدثنا عن مجتمع العراق بشيء من التفصيل في بحثنا المستفيض حول الخوارج، والذي نأمل في تقديمه إلى القراء في فرصة قريبة إن شاء الله تعالى.

ولكن يلاحظ على النص المتقدم قوله: «بعضهم شيعته، وشيعة أبيه».. فإننا لا نعتقد: أن هذا البعض كان من الكثرة بحيث يصح جعله في قبال سائر الفئات التي تحدث عنها ذلك النص، إذ:

«قد كان الناس كرهوا علياً، ودخلهم الشك والفتنة، وركنوا إلى الدنيا، وقلّ مناصحوه، فكان أهل البصرة على خلافه، والبغض له، وجلّ أهل الكوفة وقراؤهم، أهل الشام، وقريش كلها»(6).

بل لقد روى الكشي عن الباقر (عليه السلام) قوله: «كان علي بن أبي طالب عليه السلام عندكم بالعراق، يقاتل عدوه، ومعه أصحابه وما كان منهم خمسون رجلاً يعرفونه حق معرفته، وحق معرفته إمامته»(7).

وفي حرب صفين يقول علي عليه السلام لعدي بن حاتم: «أدن. فدنا حتى وضع أذنه عند أنفه. فقال: ويحك، إن عامة من معي اليوم يعصيني. وإن معاوية فيمن يطيعه ولا يعصيه»(8)..

هذا.. وإن سلوك الحكام والولاة مع الناس آنئذٍ لم يكن إسلامياً على وجه العموم. وإن إلقاء نظرة سريعة على معاملتهم للناس آنئذٍ، تكفي لإعطاء صورة عن ذلك.. وكنموذج على ذلك نذكر النص التالي:

«لم يزل أهل أفريقية من أطوع البلدان وأسمعهم إلى زمان هشام بن عبد الملك، حتى دب إليهم أهل العراق، واستثاروهم، فشقوا العصا، وفرقوا بينهم إلى اليوم، وكانوا يقولون: لا نخالف الأئمة بما تجني العمال، فقالوا لهم: إنما يعمل هؤلاء بأمر أولئك، فقالوا حتى نَخْبُرَهُم.

فخرج ميسرة في بضعة وعشرين رجلاً، فقدموا على هشام، فلم يؤذن لهم، فدخلوا على الأبرش، فقالوا: أبلغ أمير المؤمنين: أن أميرنا يغزو بنا، وبجنده، فإذا غنمنا نفّلهم، ويقول: هذا أخلص لجهادنا وإذا حاصرنا مدينة قدّمنا وأخّرهم، ويقول: هذا ازدياد في الأجر، ومثلنا كفى إخوانه. ثم إنهم عمدوا إلى ماشيتنا، فجعلوا يبقرون بطونها عن سخالها، يطلبون الفراء البيض لأمير المؤمنين، فيقتلون ألف شاة في جلد، فاحتملنا ذلك. ثم إنهم سامونا أن يأخذوا كل جميلة من بناتنا. فقلنا: لم نجد هذا في كتاب ولا سنة، ونحن مسلمون، فأحببنا أن نعلم: أعن رأي أمير المؤمنين هذا، أم لا؟!..

فطال عليهم المقام، ونفدت نفقاتهم، فكتبوا أسماءهم ودفعوها إلى وزرائه، وقالوا: إن سأل أمير المؤمنين، فأخبروه، ثم رجعوا إلى أفريقية، فخرجوا على عامل هشام، فقتلوه، واستولوا على أفريقية، وبلغ الخبر هشاماً، فسأل عن النفر، فعرف أسماءهم، فإذا هم الذين صنعوا ذلك»(9)..

ويذكر نص آخر: أن قتيبة بن مسلم أوقع بأهل الطالقان، فقتل من أهلها مقتلة عظيمة، لم يسمع بمثلها، وصلب منهم سماطين: أربعة فراسخ في نظام واحد، الرجل بجنب الرجل، وذلك مما كسر جموعهم»(10)..

كما أن بعضهم يعطي أماناً لبلد في معاملة جرجان، على أن لا يقتل منهم رجلاً واحداً، فيقتلهم جميعاً إلا رجلاً واحداً(11)..

وآخر يصالح أهل مدينة قنسرين، ويجعل من جملة الشروط: أن يهدم المدينة من الأساس وهكذا كان(12).

وأيضاً: فقد دعا نائب خراسان: «أهل الذمة بسمرقند، ومن وراء النهر إلى الدخول في الإسلام، ويضع عنهم الجزية، فأجابوه إلى ذلك، وأسلم غالبهم، ثم طالبهم بالجزية، فنصبوا له الحرب، وقاتلوه»(13)..

كما أن عقبة بن نافع، الذي ولاَّه معاوية ابن أبي سفيان على افريقية، حينما دخلها «وضع السيف في أهل البلاد، لأنهم كانوا إذا دخل إليهم أمير أطاعوا، وأظهر بعضهم الإسلام، فإذا عاد الأمير عنهم نكثوا، وارتد من أسلم»(14).

وقال ابن الأثير: «لما رأى أهل فارس ما يفعل المسلمون بالسواد، قالوا لرستم والفيرزان، وهما على أهل فارس: لم يبرح بكما الاختلاف حتى وهنتما أهل فارس الخ..»(15).

وأمثال ذلك كثير جداً.

ولأجل ذلك، فقد اشتدت مقاومة أهل البلاد المفتوحة، وكثر نقض العهود، حتى اضطر المسلمون إلى فتح كثير من البلاد أكثر من مرة، كما ألمحنا إليه فيما سبق.

ب: آثار الفتوح على الفاتحين:

وبعد كل ما تقدم.. فإن سياسات التمييز في العطاء، وتفضيل العرب على غيرهم، ثم حبس كبار الصحابة في المدينة، وتولية الأعمال الجليلة، وقيادة الجيوش خاصة، لفئة خاصة، لم تكن على الأغلب تملك رصيداً روحياً، ولا ثقافياً إسلامياً، سوى أنها تتمتع بثقة الهيئة الحاكمة، أو انها رأت النبي صلى الله عليه وآله لبرهة وجيزة جداً، أو أنها من قريش.

إن كل ذلك وسواه من سياسات، ليس فقط قد جعل من هذه الأمة المنتصرة أمة مغرورة، معجبة بنفسها، لا تقف عند حدٍ، ولا تنتهي إلى غاية.. وخلق طبقة من الأثرياء، الذين اتخمهم المال، وأبطرتهم النعمة، مع عدم وجود روادع دينية أو وجدانية كافية لديهم. وقد كان معظمهم من أبناء واعضاء الهيئة الحاكمة، وأعوانهم المقربين، ومن قريش بصورة خاصة، فنال الأمة منهم كل مكروه، وأصيب الإسلام على أيديهم في مقاتله..

نعم.. لقد بهرتهم المناصب، وأسالت لعابهم الفتوحات، بما فيها من غنائم وسبايا، وبسط نفوذ، فشمخ كل منهم بأنفه، ونظر في عطفه، وتكبر، وتجبر، لأنه كان يتعامل مع الواقع الجديد بعقليته الجاهلية، التي تعتبر القبيلة، لا الأمة أساساً، والفرد ـ لا الجماعة ـ ميزاناً، ومنطلقاً لمجمل تعامله، وعلاقاته، وكل مواقفه وحركاته.. وصاروا يهتمون بتقوية أمرهم، وتثبيت سلطانهم، فصاروا يجمعون الأنصار بالمال، وبالإغراء بالمناصب ..

ثم بالإصهار إلى القبائل، وبغير ذلك من سياسات، ليس الترهيب والقمع في كثير من الأحيان إلا واحداً منها(16).

واستمروا في بسط نفوذهم وسلطانهم على أساس أنه ملك قبلي فردي بالدرجة الأولى(17)..

وإذا كان أبو بكر، وكذلك عمر لا يدري: أخليفة هو أم ملك(18)..

فإن معاوية بن أبي سفيان كان نفسه ملكاً بالفعل، وكذلك كان يعتبره الكثيرون..

بل إن عمر نفسه قد اعتبر نفسه ملكاً في بعض المناسبات(19).

نعم لقد كان معاوية، والأمويون يعتبرون أنفسهم ـ بل ويعتبروهم كثيرون ـ ملوكاً قيصريين..وأن على الدين والإسلام ـ بنظرهم ـ أن يكون مجرد شعار يخدم هذا الملك ويقويه، وإذا وجدوا فيه أنه سيكون مانعاً لهم من الوصول إلى ما يطمحون إليه، ويعملون في سبيل الحصول عليه، فلا بد من تدميره، واستئصاله من جذوره.

فالمستفيدون الحقيقيون من تلك الفتوحات ـ ولاسيما على المدى البعيد ـ هم خصوص هذه الطبقة دون سواها، وهم الذين كانوا يحصلون على النفائس، والأقطاع، والذهب، وصوافي الغنائم.. وهم الذين لا بد أن يختصوا بالحسناوات من النساء، بعنوان سبايا وجواري.. وقد بلغت الثروات في عهد الخلفاء الثلاثة الأول أرقاماً خيالية، كما تدل عليه الكثير من النصوص التاريخية(20)..

وقد زادت هذه الأرقام وتضاعفت في عهد الحكم الاموي، الذي لم يكن يقف عند حدود، ولا يرجع إلى دين، حتى أن خالداً القسري كان يتقاضى راتباً سنوياً قدره عشرون مليون درهم، بينما كان ما يختلسه يتجاوز المئة مليون(21).

بل إننا نجد: أن من يقال عنه: أنه من أزهد الناس، وهو عمر بن الخطاب، بل يقولون: إنه لم يترك صامتاً(22). وكان يرتزق من بيت المال، ويقتر على نفسه كثيراً، كما ذكرته بعض النصوص، وكانت قد أصابته خصاصة، فاستشار الصحابة فأشاروا عليه أن يأكل من بيت المال ما يقوته(23).

ولما حج فبلغت نفقته ستة عشر ديناراً قال: أسرفنا في هذا المال(24).

إن عمر هذا.. قد أصدق زوجته أربعين ألف درهم أو دينار(25). وقيل مئة ألف(26).

كما أنه أعطى صهراً له قدم عليه من مكة عشرة آلاف درهم من صلب ماله(27).

بل يقولون: «إن ابناً لعمر باع ميراثه من عمر بماءة ألف درهم»(28).

ويؤيد ذلك ما يذكره أبو يوسف: من أنه «كان لعمر بن الخطاب أربعة آلاف فرس موسومة في سبيل الله تعالى، فإذا كان في عطاء الرجل خفة، أو كان محتاجاً، أعطاه الفرس، وقال له: إن أعييته، أو ضيَّعته من علف، أو شرب، فأنت ضامن، وإن قاتلت عليه فأُصيب، أو أصبت، فليس عليك شيء»(29).

فإن الظاهر هو: أن هذه الأفراس كانت له، وقد فعل ذلك تقرباً إلى الله ـ كما يقول!! ـ ، ولا يبعد أن يكون الأمر هو ذلك، إذا كان إرث واحد ـ من أولاده مئة ألف فقط.

ولقد كان هذا في الوقت الذي كان يعيش فيه البعض أقسى حياة يعيشها إنسان، فلم يكن يملك سوى رقعتين، يستر بإحداهما فرجه، وبالأخرى دبره(30).

ولعله لأجل هذا، ولأجل الحفاظ على الوجه الزهدي للخليفة، نجد الحسن البصري، يحاول الدفاع عن الخليفة الثاني في هذا المجال بالذات، حيث إنه حينما يسأله البعض، إن كان عمر بن الخطاب أوصى بثلث ماله: أربعين ألفاً، يحاول إنكار ذلك، ثم توجيهه بقوله:

لا والله، لمالهُ كان أيسر من أن يكون ثلثه أربعين ألفاً. ولكن أوصى بأربعين ألفاً، فأجازوها»(31).

وعلى كل حال، فإننا نستطيع أن نحشد الكثير الكثير من الشواهد والأدلة على مدى اهتمام الحكام وأعوانهم، وكل من ينتسب إليهم بجمع الأموال، والحصول على الغنائم، بحق أو بغير حق. ويكفي أن نذكر: أن زياداً بعث «الحكم بن عمر الغفاري على خراسان، فأصابوا غنائم كثيرة، فكتب إليه زياد: أما بعد، فإن أمير المؤمنين كتب: أن يصطفي له البيضاء والصفراء، ولا يقسم بين المسلمين ذهباً ولا فضة» فرفض الحكم ذلك، وقسمه بين المسلمين، فوجه إليه معاوية من قيَّده، وحبسه. فمات في قيوده، ودفن فيها. «وقال: إني مخاصم»(32).

هذا وقد بدأ التعذيب في الجزية من زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب(33).

بل لقد رأيناهم يضربون الجزية حتى على من أسلم من أهل الذمة، وذلك بحجة: أن الجزية بمنزلة الضريبة على العبد، فلا يسقط إسلام العبد ضريبته. لكن عمر بن عبد العزيز شذّ عن هذه السياسة، وأسقطها عنهم، كما يذكرون(34).

كما أن عمر بن الخطاب قد حاول أخذ الجزية من رجل أسلم، على اعتبار: أنه: إنما أسلم متعوذاً، فقال له ذلك الشخص:

إن في الإسلام لمعاذاً. فقال عمر: صدقت، إن في الإسلام لمعاذاً(35).

وأما مضاعفته الجزية على نصارى تغلب، فهي معروفة ومشهورة(36).

وقال خالد بن الوليد، يخاطب جنوده، ويرغبهم بأرض السواد: «ألا ترون إلى الطعام كرفغ(37) التراب؟. وبالله، لو لم يلزمنا الجهاد في الله، والدعاء إلى الله عز وجل، ولم يكن إلا المعاش لكان الرأي: أن نقارع على هذا الريف، حتى نكون أولى به، ونولي الجوع والإقلال من تولى، ممن اثاقل عما أنتم عليه»(38).

وفي فتح شاهرتا، يعطي بعض عبيد المسلمين أماناً لأهل المدينة، فلا يرضى المسلمون، وينتهي بهم الأمر: إلى أن رفعوا ذلك إلى عمر بن الخطاب، فكتب: «إن العبد المسلم من المسلمين، أمانه أمانهم. قال: ففاتنا ما كنا أشرفنا عليه من غنائمهم..»(39).

وقال أحد الشعراء عند وفاة المهلب:

ألا ذهب الغزو المقرب للغنى ... ... ومات الندى والجود بعد المهلب

وعدا عن ذلك كله، فإن قبيلة بجيلة تأبى الذهاب إلى العراق، حتى ينفلها الحاكم ربع الخمس من الغنائم(40).

نعم.. إن ذلك كله، لم يكن إلا من أجل ملء جيوبهم، ثم التقوِّي ـ أحياناً ـ على حرب خصومهم.

ولكن ما ذكره خالد بن الوليد آنفاً ليس هو كل الحقيقة، وذلك لأن ما كان يصل إلى الطبقة المستضعفة من الجند، لم يكن إلا أقل القليل، مما لا يكفي لسد خلتهم، ورفع خصاصتهم، بل كان محدوداً جداً، لا يلبث أن ينتهي ويتلاشى، مع أنهم كانوا هم وقود تلك الحروب، وهم صانعوا النصر والظفر فيها.. وقد يكون الكثيرون منهم ممن قد افتتحت أرضهم بالأمس القريب. ثم هم يحرمون من كثير من الامتيازات، حسبما تقدم بالنسبة لأهل أفريقية، الذين قدموا ليشتكوا للخليفة الأموي هشام بن عبد الملك.

ولكن أكثر هؤلاء قد أصبحوا يجدون في هذه الحروب مصدر عيش لهم، يحصلون عن طريقه على المال، مهما كان ضئيلاً وزهيداً، وذلك مما يرضيهم بطبيعة الحال، ويجعلهم ـ لو كان فيهم من له أدنى اطلاع على الإسلام وأحكامه ـ يغمضون العين عن جميع ممارسات الحكام، وأعمالهم الشيطانية واللاإسلامية..

وبعض الانتفاضات وإن كانت قد حصلت في بعض الفترات.. ولكنها لا تلبث أن تنتهي، وسرعان ما تسحق، أمام الضربات الماحقة، التي يسددها إليها الحكام آنئذٍ.

وعلى كل حال.. فإن الحرب من أجل الغنائم والأموال، كانت هي الصفة المميزة لأكثر تلك الفتوحات، وكأنني أتذكر ـ وإن كنت لم أستطع العثور على ذلك الآن رغم بحثي الجاد ـ إن في بعض المعارك يعلن الفريق الآخر إسلامه، فلا يلتفتون إليهم، ويعتبرونهم كاذبين، وذلك طمعاً في أموالهم ونسائهم.

وقد نجد آثار هذه الظاهرة، حتى في زمن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أيضاً، حيث إن المسلمين لم يكونوا قد بلغوا مرحلة النضج الرسالي بعد، ولا تفاعلوا مع الإسلام وأحكامه على النحو المطلوب.

بل كانت لا تزال فيهم بعض النزعات الجاهلية، والأطماع الدنيوية، فيقول الحارث بن مسلم التميمي: إن النبي صلى الله عليه وآله أرسلهم في سرية، قال:

«فلما بلغنا المغار استحثثت فرسي، وسبقت أصحابي، واستقبلنا الحي بالرنين، فقلت لهم: قولوا لا إله إلا الله تحرزوا؟ فقالوها. فجاء أصحابي، فلاموني، وقالوا: حرمتنا الغنيمة بعد أن بردت في أيدينا. فلما قفلنا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله، فدعاني، فحسَّن ما صنعت، وقال: أما إن الله قد كتب لك من كل إنسان منهم كذا وكذا الخ..»(41).

وقال الزبير للذي سأله عن مسيره لحرب علي (عليه السلام): «حدثنا أن ههنا بيضاء وصفراء ـ يعني دراهم ودنانير، فجئنا لنأخذ منها»(42).

وبعد ذلك كله، فقد قال المعتزلي في مقام إصراره على لزوم دخول علي في الشورى، لأن الأحقاد عليه من قريش والعرب كانت على أشدها ـ قال ـ : «لا كإسلام كثير من العرب، فبعضهم تقليداً وبعضهم للطمع والكسب، وبعضهم خوفاً من السيف، وبعضهم على طريق الحمية والانتصار، أو لعدواة قوم آخرين من أضداد الإسلام وأعدائه»(43).

وبعد كل ما تقدم.. فطبيعي: أن حياة النعيم والرفاهية لدى الهيئة الحاكمة وأعوانها، وكذلك التمتع بالحسناوات والجواري، من شأنه أن يزرع بذور الخمول، وحب السلامة، والإخلاد للراحة، بحثاً عن الملذات.. ثم يستتبع ذلك: العمل على دفع الآخرين ليخوضوا الغمرات، ويقدموا التضحيات، في سبيل تأمين المزيد من تلك الامتيازات، وفي سبيل حمايتها أيضاً:

تربية النشء على أيدي غير المسلمات:

هذا كله.. عدا عن أن الجواري اللواتي لم يسلمن، أو لم يتعمق الإسلام في قلوبهن على الأكثر.. قد كن يعشن في قلب ذلك المجتمع، وكن يتولين تربية النشء الجديد فيه، سواء كان من أولادهن، أو من أولاد الأخريات من الحرائر،

وقد رأينا: أن الكثيرين من الأشراف والرؤساء قد كانوا من أمهات نصرانيات، أو تلمذوا على نصارى فقد:

1ـ كان لأولاد سعد بن أبي وقاص معلم نصراني(44).

2ـ يوسف بن عمرو الذي كانت أمه نصرانية، كما نص عليه كثير من المؤرخين(45).

3ـ خالد القسري، الذي بنى لأمه كنيسة كما نص عليه كثير من المؤرخين أيضاً(46) وكان خالد يهدم المساجد، ويبني البيع والكنائس، ويولي المجوس الخ(47) وكان جد خالد من يهود تيماء(48).

ومن أبناء نساء كتابيات يذكرون:

4ـ الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي.

5ـ عبيدة السلمي.

6ـ أبو الأعور السلمي.

7ـ حنظلة بن صفوان.

8ـ عبد الله بن الوليد بن عبد الملك.

9ـ يزيد بن أسيد.

10ـ عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان.

11ـ العباس بن الوليد بن عبد الملك.

12ـ مالك بن ضب الكلبي.

13ـ شقيق بن سلمة أبو وائل.

14ـ عبد الله بن أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي(49).

15ـ عمر بن أبي ربيعة(50).

16ـ وأبو سلمة بن عبد الرحمن(51).

وذكر ابن حبيب طائفة من أبناء اليهوديات من قريش مثل:

1ـ عاصم بن الوليد بن عتبة.

2ـ هاشم بن عتبة بن نوفل.

3ـ عامر بن عتبة بن نوفل.

4ـ قويت بن حبيب بن أسد.

5ـ عيسى بن عمارة بن عقبة.

6ـ عمرو بن قدامة بن مظعون.

7ـ أبو عزة الجمحي الشاعر.

8ـ الخيار بن عدي.

9ـ الحصين بن سفيان بن أمية وغيرهم(52).

وكان حبيب بن أبي هلال الذي يروي عن سعيد بن جبير قد عشق امرأة نصرانية فكان يأتي إلى البيعة لأجلها، فجرحه علماء الرجال بذلك.

بل قيل إنه قد تنصر وتزوج بها(53).

بل إن طلحة قد تزوج بيهودية في زمن عمر(54).

وتزوج عبد الله بن أبي ربيعة بنصرانية أيضاً وذلك في زمن عمر(55).

وعثمان أيضاً تزوج بنائلة بنت الفرافصة على نسائه وهي نصرانية(56).

ومع أنه قد كان لعمر غلام نصراني لم يسلم، وقد أعتقه حين وفاته(57).

إلا أننا نجده يعترض على أبي موسى، لأن كاتبه غلام نصراني(58).

ويقول الجاحظ: «أكثر من قتل في الزندقة ممن كان ينتحل الإسلام ويظهره هم الذين كان آباؤهم نصارى، على أنك لو عددت اليوم أهل الظنة ومواضع التهمة لم تجد أكثرهم إلا كذلك»(59).

ولو أردنا استقصاء هذه الأمور لطال بنا الأمر..

وعلى كل حال.. فإن تربية تلك الجواري للنشء الجديد ـ قد كان من شأنه أن يخفض من المستوى الديني، ومن مستوى الالتزام بالأحكام الإسلامية لدى ذلك النشء بالذات.. وهذا بطبيعة الحال ـ من شأنه أن يشكل خطراً جدياً على الإسلام وعلى المسلمين، ولذلك.. فإننا نجد الأئمة عليهم السلام يهتمون بتربية العبيد والجواري تربية إسلامية صالحة، ثم عتقهم(60).

وقد شجع الإسلام العتق على نطاق واسع. وجعل له من الأسباب الإلزامية والراجحة الشيء الكثير، الذي من شأنه أن يقضي على ظاهرة العبودية من أساسها. بل لقد اعتبر العتق في نفسه راجحاً، ومن دون أي سبب.

طموحات الشباب:

ومن جهة أخرى.. فإننا نجد: أن الحكام كانوا يستفيدون من تلك الفتوحات في مجال إرضاء طموحات الشباب، وإشباع غرورهم، إذا كانوا بصدد تأهيلهم لمناصب عالية، وإظهار شخصياتهم.. بل لقد رأينا معاوية يجبر ولده يزيد لعنه الله على قيادة جيش غاز لبعض المناطق(61) والظاهر أن ذلك لأجل ما ذكرناه.

إبعاد المعترضين:

أضف إلى ذلك: أنهم كانوا يستفيدون منها كذلك في إبعاد المعترضين على سياساتهم، والناقمين على أعمالهم، وتصرفاتهم، وكشاهد على ذلك نذكر: أنه لما تفاقمت النقمة على عثمان استدعى بعض عماله ومستشاريه، وهم: معاوية وعمرو بن العاص، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن عامر(62) واستشارهم فيما ينبغي له عمله لمواجهة نقمة الناس على سياساته، ومطالبتهم له بعزل عماله(63)، واستبدالهم بمن هم خير منهم، فأشار عليه عبد الله بن عامر بقوله:

«رأيي لك يا أمير المؤمنين: أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك، وأن تجمرهم(64) في المغازي، حتى يذلوا لك، فلا يكون همة أحدهم إلا نفسه، وما هو فيه من دَبَرة دابته، وقَمَلِ فروه».

وأضاف في نص آخر قوله: «فرد عثمان عماله على أعمالهم، وأمرهم بالتضييق على من قبلهم، وأمرهم بتجمير الناس في البعوث، وعزم على تحريم أعطياتهم، ليطيعوه، ويحتاجوا إليه..»(65).

وحينما أنكر الناس على عثمان بعض أفعاله، وأشار عليه معاوية بقتل علي عليه السلام، وطلحة، والزبير، فأبى عليه ذلك، قال له معاوية: «فثانية؟ قال: وما هي؟ قال: فرقهم عنك، فلا يجتمع منهم اثنان في مصر واحد. واضرب عليهم البعوث والندب، حتى يكون دَبَر بعير كل واحد منهم أهم عليه من صلاته.

قال عثمان: سبحان الله شيوخ المهاجرين والأنصار، وكبار أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبقية الشورى، أخرجهم من ديارهم، وأفرق بينهم وبين أهليهم؟.. الخ..»(66).

ويقول اليعقوبي عن معاوية: «وكان إذا بلغه عن رجل ما يكره قطع لسانه بالإعطاء، وربما احتال عليه، فبعث به في الحروب، وقدمه، وكان أكثر فعله المكر والحيلة»(67). إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه في عجالة كهذه..

ج: الأئمة (عليهم السلام) وتلك الفتوحات:

1ـ وبعد كل ما تقدم.. فإنه يتضح لنا: لماذا لم يتقدم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام خطوة واحدة نحو الفتوحات، وتوسعة رقعة البلاد الإسلامية، حتى في أيام خلافته، بل كان يهتم بتركيز العقيدة، وتثبيت المنطلقات والمثل الإسلامية الرفيعة والنبيلة، ونشر الفكر القرآني المحمدي الصافي، وإعطاء خط الإسلام الصحيح للأمة، وللمتصدين لإدارة شؤونها على حد سواء.. سواء في نظرتهم، أو في تعاملهم ومواقفهم، أو حتى في مجال تربية أنفسهم، وتهذيبها، ما وجد إلى ذلك سبيلاً..

وقد نوه بذلك عليه السلام في خطبة له، فقال: «وركزت فيكم راية الإيمان، ووقفتكم على حدود الحلال والحرام الخ..»(68).

هذا كله.. عدا عن أنه عليه السلام كان ـ أيام خلافته منشغلاً بتصفية الجبهة الداخلية من العناصر الفاسدة، التي لا تزال تعيش المفاهيم الجاهلية، وتريد أن تحكم الأمة، وتتحكم بمقدراتها، وتستخدمها في سبيل أهدافها اللاإنسانية البغيضة..

2ـ وأمر آخر مهم، لا بد من الإشارة إليه هنا، وهو: أن الجهاد الابتدائي يحتاج إلى إذن الإمام العادل(69)..

ونحن نرى: أن أئمة الحق كانوا لا يرون في الاشتراك في هذه الحروب مصلحة، بل لا يرون نفس تلك الحروب خيراً: فقد روي: أن أبا عبد الله الصادق عليه السلام قال لعبد الملك بن عمرو:

«يا عبد الملك، ما لي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك؟

قال: قلت: وأين؟.

قال: حدة، وعبادان، والمصيصة، وقزوين!.

فقلت: انتظاراً لأمركم، والاقتداء بكم.

فقال: إي والله، لو كان خيراً ما سبقونا إليه»(70).

وثمة عدة روايات تدل على أنهم عليهم السلام كانوا لا يشجعون شيعتهم، بل ويمنعونهم من الاشتراك في تلك الحروب، ولا يوافقون حتى على المرابطة في الثغور أيضاً، ولا يقبلون منهم حتى بذل المال في هذا السبيل، حتى ولو نذروا ذلك(71)..

نعم.. لو دهمهم العدو، فإن عليهم أن يقاتلوا دفاعاً عن بيضة الإسلام، لا عن أولئك الحكام(72).

بل إننا نجد رواية عن علي عليه السلام تقول: «لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم، ولا ينفّذ في الفيء أمر الله عز وجل»(73).

ويؤيد ذلك: أننا نجد: أن عثمان جمع يوماً أكابر الصحابة، مثل: علي عليه السلام، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، واستشارهم في غزو افريقية، فرأوا ـ في الأكثر ـ : أن المصلحة في أن لا تقع افريقية بأيدي أصحاب الأغراض والأهواء والمنحرفين(74).

فالأئمة عليهم السلام وإن كانوا ـ ولا شك ـ يرغبون في توسعة رقعة الإسلام، ونشره ليشمل الدنيا بأسرها، ولكن الطريقة والأسلوب الذي كان يتم ذلك بواسطته، وغير ذلك مما تقدم، كان خطأً ومضراً بنظرهم، حسبما يفهم مما تقدم ومما سيأتي..

وعلى كل حال.. فإن جميع ما تقدم وسواه ليكفي في أن يلقي ظلالاً ثقيلة من الشك والريب فيما ينسب إلى الإمامين الهمامين: الحسن، والحسين عليهما الصلاة والسلام، من الاشتراك في فتح جرجان، أوفي فتح افريقية ـ مع أن عدداً من كتب التاريخ التي عددت أسماء كثير من الشخصيات المشتركة في فتح افريقية لم تذكرهما، مع أنهما من الشخصيات التي يهم السياسة التأكيد على ذكرها في مقامات كهذه.

وذلك يجعلنا نشعر بأن وراء الأكمة ما وراءها، وأن الاطمئنان لما يذكر في هذا المجال، من دون تحقيق أو تمحيص، مما لا يحسن جداً، بل وفيه ظلم للحقيقة والتاريخ..

3ـ ويؤيد ذلك أيضاً: ما ذكره بعض المحققين(75)، «من أنه عليه السلام قد منع ولديه من الخوض في معارك صفين، وقال وقد رأى الحسن يتسرع إلى الحرب: «املكوا عني هذا الغلام لا يهدني، فإنني أنفس بهذين (يعني الحسنين عليهما السلام) على الموت، لئلا ينقطع بهما نسل رسول الله صلى الله عليه وآله» فأسرعت إليه خيل من أصحاب علي فردوا الحسن(76).

وقد كان هذا منه عليه السلام في وقت كان له كثير من الأولاد، فكيف يسمح بخروجهما مع أمير أموي، أو غير أموي، ولم يكن قد ولد لهما أولاد بعد، أو كان، ولكنهم قليلون؟!!» انتهى.

وكل ما تقدم يوضح لنا: أن ما استند إليه بعض الأعلام لقبول ما قيل من اشتراك الحسنين عليهما السلام في فتح أفريقية وجرجان، لا يمكن القبول به، ولا يصح التعويل عليه.. ولعل الهدف من طرح أمور كهذه هو إعطاء خلافة عثمان بالذات صفة الشرعية والقبول، حتى من قبل أهل البيت عليهم السلام، كما عودنا أنصاره ومحبوه في كثير من الأحيان.

4ـ ولو أريد الإصرار على وجهة النظر تلك، واعتبارها قادرة على تبرير اشتراكهما عليهما السلام المزعوم في الفتوح.. فإننا نجد.. أن من حقنا أن نتساءل، فنقول: إنه لا ريب في أن الجهاد، واتساع رقعة الإسلام من الأمور الراجحة والمرضية إسلامياً. ولكن ذلك لا يعني: أن الفتوحات التي حصلت في عهد الخلفاء الثلاثة، على ذلك النحو، وبتلك الطريقة، كانت راجحة ومرضية أيضاً.. وإلا.. فلماذا يترك أمير المؤمنين عليه السلام هذا الجهاد ويجلس في بيته مدة خمس وعشرين سنة؟!، ألم يكن هو الذي مارس الحروب، وجالد الأقران، أعواماً طويلة في عهد الرسول الأكرم صلى عليه وآله وسلم، ولم تثر حرب آنئذٍ إلا وهو حامل لوائها، ومجندل أبطالها؟.

أم يعقل أن ذلك كان منه زهداً في الإسلام، وتباطؤاً عن واجبه؟

أم أن الحكام أنفسهم كانوا لا يرغبون في إشراكه في تلك الفتوحات والمآثر التي كانوا يسطرونها؟!

أم أنهم حبسوه كما حبسوا كبار الصحابة في المدينة، كما اعتذر به العلامة الحسني رضوان الله تعالى عليه(77)؟.

إننا نجد في التاريخ ما يفند كل ما تقدم، وصرح وينطق بأنهم قد أرادوه على ذلك، فامتنع.

يحدثنا المسعودي: أنه حينما شاور عمر عثمان بن عفان في أمر الحرب مع الفرس، قال له عثمان فيما قال: «.. ولكن ابعث الجيوش، وداركها بعضاً على بعض، وابعث رجلاً له تجربة بالحرب، وبصربها.

قال عمر: ومن هو؟.

قال: علي بن أبي طالب.

قال: فالقه، وكلمه، وذاكره ذلك، فهل تراه مسرعاً إليه، أو لا؟!.

فخرج عثمان فلقي علياً فذاكره ذلك، فأبى عليِّ ذلك وكرهه. فعاد عثمان، فأخبره»(78).

كما أن البلاذري قد ذكر هذه القضية باختصار، مكتفياً بالإشارة إلى أن عمر قد عرض على علي عليه السلام الشخوص إلى القادسية، ليكون قائداً لجيش المسلمين، فأباه، فوجه سعد بن أبي وقاص(79).

وفي قضية أخرى، نجد: أنه حينما استشار أبو بكر عمر بن الخطاب في إرسال علي أمير المؤمنين عليه السلام لقتال الأشعث بن قيس، وقال: «إني عزمت على أن أوجه إلى هؤلاء القوم علي بن أبي طالب، فإنه عدل رضا عند أكثر الناس، لفضله، وشجاعته، وقرابته، وعلمه، وفهمه، ورفقه بما يحاول من الأمور(80).

قال: فقال عمر بن الخطاب: صدقت يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، إن علياً كما ذكرت، وفوق ما وصفت، ولكني أخاف عليك خصلة منه واحدة.

قال له أبو بكر: ما هذه الخصلة التي تخاف علي منها منه؟.

فقال عمر: أخاف أن يأبى قتال القوم، فلا يقاتلهم، فإن أبى ذلك، فلن تجد أحداً يسير إليهم(81) إلاَّ على المكروه منه.

ولكن ذر علياً يكون عندك بالمدينة، فإنك لا تستغني عنه، وعن مشورته. واكتب إلى عكرمة الخ..»(82).

وبعد ذلك كله.. فقد شكى عمر لابن عباس ـ في الشام ـ علياً، فقال: «اشكو إليك ابن عمك، سألته أن يخرج معي فلم يفعل، ولم أزل أراه واجداً الخ..»(83).

وبعد.. فأن يجدوا أمير المؤمنين عليه السلام قائداً عسكرياً، يراه الناس تحت أمرهم، وفي خدمتهم أحب إليهم من أن يجدوه منافساً قوياً، يحتج عليهم بأقوال ومواقف النبي صلى الله عليه وآله في حقه(84).

وأما عن مشورة أمير المؤمنين على عمر في ما يرتبط بحرب الفرس، فإنما كان يهدف منها إلى الحفاظ على بيضة الإسلام، كما يظهر من نفس نص كلامه عليه السلام فيها.. فمن أراد ذلك فليراجعه في مصادره..

وبعد.. فإن أخذ سائر ما قدمناه بنظر الاعتبار، يجعلنا نطمئن، بل نقطع بعدم صحة ما ينسب إلى الحسنين (عليهما السلام) من الاشتراك في الغزوات آنئذٍ.

وقد قال السهمي: «وذكر عباس بن عبد الرحمن المروزي في كتابه: التاريخ، قال: قدم الحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير اصبهان، مجتازين إلى جرجان، فإن ثبت هذا يدل: على أنه كان في أيام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه»(85).

وأما بالنسبة لاشتراك بعض المخلصين من كبار الصحابة في الفتوح، فالظاهر هو أنهم كانوا غافلين عن حقيقة الأمر، فكانوا يقصدون بذلك خدمة الدين، ونصرة الإسلام والمسلمين، مع عدم إطلاعهم على رأي الأئمة عليهم السلام في هذه الفتوحات، كما يظهر مما تقدم، حيث نجد اهتماماً واضحاً في أن لا يعرف الناس رأي علي عليه السلام في هذا المجال، أو لعل السلطة كانت تهتم في إرسالهم في مهمات كهذه، وتمارس عليهم بعض الضغوط في ذلك (انتهى).

وأما الحديث عن أن عمر هو الذي فتح بيت المقدس، فستجدون طرفاً منه في الإجابة على السؤال عن المقصود بالآية الكريمة: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً}( سورة الإسراء الآية1).. وهو بعنوان: «المسجد الأقصى أين؟».. والذي سينشر في الوقت المناسب إن شاء الله.

والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع: التراتيب الإدارية ج1 ص477 و248.

وقد أرسل النبي صلى الله عليه وآله مصعب بن عمير إلى المدينة ليعلمهم، كما أنه صلى الله عليه وآله في عهده لعمرو بن حزم يأمره بتعليمهم (راجع مكاتيب الرسول كتابه صلى الله عليه وآله لعمرو بن حزم)..

وفي التراتيب الإدارية ج 1 ص 41: أن النبي صلى الله عليه وآله يتهدد من لا يعلم جيرانه. وفي البخاري هامش فتح الباري ج 1 ص 166 يقول النبي صلى الله عليه وآله لوفد عبد القيس: «ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم».

وفي غزوة بئر معونة قتل العشرات ممن أرسلهم النبي صلى الله عليه وآله لتعليم الناس أحكام الدين.

وليراجع غزوة الرجيع وغير ذلك كثير جداً لا مجال لتتبعه..

ولكن قال بعض المحققين: إن قسطاً عظيماً من الفتوح الإسلامية كان في إيران، ونرى كثيراً من العلماء والمتعبدين من الإيرانيين في زمن التابعين، ولا يمكن نشوء هؤلاء إلا بالتعليم والإرشاد، من قبل الصحابة والتابعين وأهل المدينة، فعدم ذكر هذه الإرشادات لا يدل على عدم وجودها.

ونقول: إن ما ذكره قد كان بعد عشرات السنين من هذه الفتوحات.. كما أن كمية العلماء والمتعبدين التي أشار إليها، لا تتناسب مع حجم الفتوحات هذه. كما أنهم إنما كان المتعبدون منهم ممن يعيشون في المناطق القريبة من البلاد الإسلامية.

وعلى كل حال، فإن ذلك رغم أنه لم يكن في المستوى المطلوب، ولا في المناطق البعيدة، وكان بعد مضي جيل أو جيلين أو أكثر لم يكن نتيجة لجهود الهيئة الحاكمة، بل هو نتيجة جهود أفراد مخصوصين دفعهم شعورهم بالمسؤولية، ولا سيما أمير المؤمنين عليه السلام طيلة أيام حكمه، ثم جهود سائر الأئمة، والصحابة المخلصين.

(2) راجع على سبيل المثال: تاريخ ابن خلدون ج2 قسم 2 ص131 و132 و133 والبداية والنهاية ج7 ص152 و155 و165 و121 وليراجع: الفتوح لإبن اعثم الترجمة الفارسية ص85 والكامل لابن الأثير ج3 ص465 وتاريخ الطبري ج3 ص325 والفتوحات الإسلامية لدحلان ج1 فإن فيه الكثير من الموارد وراجع المختصر في أخبار البشر ج1 ص186.

(3) لذلك شواهد كثيرة في النصوص التاريخية، لا مجال لإيرادها الآن...

(4) لسان الميزان ج6 ص136 وميزان الاعتدال ج4 ص227.

(5) كشف الغمة للأربلي ج2 ص165 والإرشاد للمفيد ص193 وأعيان الشيعة ج4 قسم 1 ص50 و51.

(6) الغارات للثقفي ج2 ص552.

(7) اختيار معرفة الرجال ص6.

(8) شرح النهج للمعتزلي ج8 ص77.

(9) الكامل لابن الأثير، ج3 ص92 و93 وتاريخ الطبري ج3 ص313.

(10) البداية والنهاية ج9 ص78 و81 والكامل لابن الأثير ج4 ص545.

(11) تاريخ الطبري ج3 ص324 والكامل لابن الأثير ج3 ص110 والبداية والنهاية ج7 ص154.

(12) الفتوحات الإسلامية لدحلان ج1 ص53 والكامل لابن الأثير ج2 ص493 وتاريخ الطبري ج3 ص98.

(13) البداية والنهاية ج9 ص259/260.

(14) الكامل لابن الأثير ج3 ص465.

(15) الكامل لأبن الأثير ج2 ص448.

(16) كما جرى لأبي ذر، وابن مسعود، وعمار وغيرهم.. ولاسيما في عهد معاوية فمن بعده.

(17) حتى كانوا يعتبرون السواد بستاناً لقريش، والقضية معروفة.

(18) راجع: طبقات ابن سعد ج3 قسم 1 ص221 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص66 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج4 ص383 و389 وحياة الصحابة ج3 ص476 وج2 ص36 و37 و256 والتراتيب الإدارية ج1 ص13 وعن كنز العمال ج2 ص317 ج3 ص454 وعن نعيم بن حماد في الفتن والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص306 ط صادر وتاريخ الخلفاء ص140.

(19) الفتوحات الإسلامية لدحلان ج2 ص290 وحياة الصحابة ج2 ص256 عن كنز العمال ج2 ص317. وطبقات ابن سعد ج3 ص219 وعن ابن جرير وابن عساكر.

(20) راجع: مشاكلة الناس لزمانهم ص12 حتى 18 ومروج الذهب والغدير ج8 و9 وجامع بيان العلم ج2 ص17 و16 والبداية والنهاية ج7 ص164 وربيع الأبرار ج1 ص830 والتراتيب الإدارية ج2 ص32 ـ 24 ـ 29 ـ و395 و424 و397 حتى ص405 و420 و424 و435 والعقد الفريد ج4 ص322 ـ 324 وحياة الصحابة ج2 ص241 ـ 250. وغير ذلك كثير.

(21) السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات ص32 و25 و24 وغير ذلك من صفحات، ترجمة الدكتور حسين إبراهيم حسن، ومحمد زكي إبراهيم. وفي البداية والنهاية ج9 ص325: أن دخل خالد القسري كان عشرة ملايين دينار سنوياً.

(22) جامع بيان العلم ج2 ص17.

(23) راجع طبقات ابن سعد ج3 قسم 1 ص221 و222 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ص411 وحياة الصحابة ج2 ص301.

(24) تاريخ الخلفاء ص141 وطبقات ابن سعد ط صادر ج3 ص308 و279 ودلائل الصدق ج3 قسم 1 ص212 عن تاريخ الخلفاء والصواعق المحرقة.

(25) الفتوحات الإسلامية لدحلان ج2 ص55 والتراتيب الإدارية ج2 ص405 والبحر الزخار ج4 ص100 وأنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج2 ص190 وعدة رسائل للشيخ المفيد ص227.

(26) أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص190 وعدة رسائل للشيخ المفيد، المسائل السروية ص227.

(27) طبقات ابن سعد ج3 ص219 والفتوحات الإسلامية لدحلان ج2 ص390 وحياة الصحابة ج2 ص256 عن ابن سعد، وعن كنز العمال ج2 ص317 وعن ابن جرير وابن عساكر.

(28) جامع بيان العلم ج2 ص17.

(29) الخراج ص51.

(30) المصنف لعبد الرزاق ج6 ص367 وراجع ص268 والبيهقي ج7 ص209.

(31) جامع بيان العلم ج2 ص17.

(32) مستدرك الحاكم ج3 ص442/443 وتلخيصه للذهبي بهامشه وحياة الصحابة ج2 ص80 و81 عنه وراجع: الإستيعاب ج1 ص316 والإصابة ج1 ص347..

(33) راجع: المصنف لعبد الرزاق ج11 ص245 فما بعدها، وراجع: تاريخ جرجان ص107/108.

(34) راجع ذلك، وحول ضرب الجزية على من أسلم: تاريخ الدولة العربية ص235 وتاريخ التمدن الإسلامي، المجلد الأول ص273/274 والمجلد الثاني ص360 عن ابن الأثير ج4 ص261 و68 و225 وج5 ص111 و48 و24 وابن خلكان ج2 ص277 والعراق في العصر الأموي ص66 عن الأموال لأبي عبيد ص48 والفتوحات الإسلامية ج1 ص249، وفجر الإسلام ص96 عن ابن الأثير 4/179. وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص102.

(35) المصنف لعبد الرزاق ج6 ص94 ولا بأس بمراجعة: السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات ص26 ـ 56.

(36) سنن البيهقي ج9 ص216 والمصنف لعبد الرزاق ج6 ص50.

(37) الرفغ: الأرض الكثيرة التراب، يقال: «جاء بمال كرفغ التراب: أي في كثرته..» أقرب الموارد ج1 ص419.

(38) العراق في العصر الأموي ص11 عن الطبري ج4 ص9، ولا بأس بمراجعة الكامل لابن الأثير ج2 ص488.

(39) المصنف ج5 ص222 و223 وسنن البيهقي ج9 ص94.

(40) راجع: الكامل في التاريخ ج2 ص441.

(41) كنز العمال ج15 ص330 عن أبي نعيم، والحسن بن سفيان.

(42) أنساب الأشراف [بتحقيق المحمودي] ج2 ص271.

(43) شرح النهج للمعتزلي ج13 ص300.

(44) أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص292.

(45) راجع على سبيل المثال: أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج3 ص88.

(46) راجع على سبيل المثال: وفيات الأعيان ج1 ص169 والأغاني ج19 ص59 ط ساسي والبداية والنهاية ج10 ص20 و21 والغدير ج5 ص294 وطبقات الشعراء لابن سلام ص80.

(47) راجع: العراق في العصر الأموي ص240.

(48) الأغاني ط ساسي ج 19 ص57.

(49) المحبَّر: ص305/306. وراجع: الاعلاق النفيسة: ص213. ونسب قريش لمصعب: ص319/318. وربيع الأبرار: ج1ص328.

(50) الشعر والشعراء: ص349.

(51) حياة الصحابة: ج1 ص104. والإصابة: ج1 ص108.

(52) المنمق: ص506 و507.

(53) المجروحون: ج1 ص264.

(54) المصنف لعبد الرزاق: ج7 ص177/178. وتفسير الخازن: ج1 ص439..

(55) نسب قريش: ص318 و319.

(56) تفسير الخازن: ج1 ص439.

(57) التراتيب الإدارية: ج1 ص102 عن ابن سعد: ج6 ص109 ط ليدن وص155 ط صادر. وحلية الأولياء ج9 ص34 وعن كنز العمال: ج5/50 عن ابن سعد وسعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم.

(58) عيون الأخبار لابن قتيبة: ج1 ص43 والدر المنثور: ج2 ص91. عن ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان.

(59) ثلاث رسائل للجاحظ. رسالة الرد على النصارى: ص17.

(60) راجع كتابنا: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام المجلد الأول: بحث الإمام السجاد باعث الإسلام من جديد.

(61) راجع المحاسن والمساويء ج2 ص222 ونسب قريش لمصعب ص129/130 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص229.

(62) يلاحظ: أن هؤلاء قد كانوا عماله باستثناء عمرو بن العاص. فإنه كان معزولاً آنئذٍ.

(63) إن من الطريف جداً: أن يستشير عثمان نفس أولئك الذين يطالب الناس بعزلهم في نفس أمر العزل هذا؟!.

(64) التجمير: حبس الجيش في أرض العدو.

(65) تاريخ الطبري ج3 ص373 و374 حوادث سنة 34 هـ. وراجع: الفتوح لابن أعثم ج2 ص179 ومروج الذهب ج2 ص337 وأنساب الأشراف ج5 ص89 والكامل في التاريخ ج3 ص149.

(66) النصائح الكافية ص86 والإمامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص31.

(67) تاريخ اليعقوبي ج2 ص238.

(68) نهج البلاغة، بشرح عبده ج1 ص153.

(69) راجع: الوسائل ج11 ص32 فصاعداً والكافي ج5 ص20 والتهذيب ج6 ص134 فصاعداً.

(70) التهذيب ج6 ص127، والكافي ج5 ص19، والوسائل ج11 ص32.

(71) راجع الوسائل ج11 ص21 و22 عن قرب الإسناد ص105 والتهذيب ج6 ص134 و125 و126 والكافي ج5 ص21.

(72) الوسائل ج11 ص22 عن قرب الإسناد ص150 والكافي ج5 ص21 والتهذيب ج6 ص125.

(73) الوسائل ج11 ص34 عن علل الشرايع ص159 وعن الخصال ج1 ص163.

(74) الفتوح لابن أعثم، الترجمة الفارسية ص126.

(75) هو المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني (رحمه الله).

(76) راجع: المصادر التالية: المعيار والموازنة ص151 ونهج البلاغة بشرح عبده ج2 ص212 وتاريخ الطبري حوادث سنة37 ج4 ص44 والفصول المهمة للمالكي ص82 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص244 والاختصاص ص179 وتذكرة الخواص ص324.

(77) سيرة الأئمة الإثني عشر ج1 وص534 وص317.

واعتذر بذلك أيضاً المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني (رحمه الله)، حيث قال ما ملخصه: إنهم كانوا يخافون منه، إذ لو كان عليه السلام مكان سعد بن أبي وقاص، مع ما يتحلى به من مؤهلات تامة وكاملة، من العلم وقوة البيان، والسياسة، والقرابة القريبة منه '، وشهادة الصحابة له بالتقدم في كل فضيلة، ومع ما له من سوابق حسنة، ومآثر كريمة ـ إنه لو كان والحالة هذه مكان سعد بن أبي وقاص ـ هل يكون مأموناً من أن يرجع بجيشه، أو بطائفة عظيمة منه وينحي الخليفة عن مركزه، ويجري حكم الله فيه حسبما يراه؟!.

ونقول: إنهم لربما كانوا يفكرون بمثل ذلك.. ولكن الإمام علياً عليه السلام لم يكن ليقدم على أمر كهذا ؛ لأن فيه خطراً على الإسلام.. بالإضافة إلى أنهم كانوا يعلمون بأن النبي صلى الله عليه وآله قد عهد إليه أن لا يبادر إلى أي عمل من هذا القبيل.

(78) مروج الذهب ج2 ص309/310.

(79) فتوح البلدان بتحقيق صلاح الدين المنجد، القسم الأول ص313.

(80) هذه الشهادة تدفع ما يدعى: من أنه لم يكن له بصر في السياسة، كما يحاول أن يدعي المغرضون.

(81) هذه الكلمات تدل على مدى ما كان يتمتع به أمير المؤمنين من احترام وتقدير لدى الناس جميعاً، بحيث لو لم يقاتل لم يقاتل أحد من الناس!! وإن كانوا ربما لا يقاتلون معه لو أرادهم على ذلك.

(82) الفتوح لابن اعثم ج1 ص72.

(83) شرح النهج للمعتزلي ج12 ص78.

(84) وقد قال المحقق البحاثة الشيخ علي الأحمدي الميانجي (رحمه الله) هنا ما يلي: إنه هل يمكن للخليفة الذي عزل خالد بن سعيد بن العاص عن إمارة الجيش، لميله إلى علي (عليه السلام) ـ هل يمكن ـ أن يرغب في تولية علي (عليه السلام) هنا؟! اللهم إلا أن يكون هناك تخطيط بأن يقوم بعرض ذلك عليه، فإن قبله، فإن ذلك يكون تأييداً لخلافتهم، ثم يعزلونه إيذاناً منهم للناس بعدم كفايته.. فيربحون في الحالتين.. أو يقال: إن الظروف في عهد أبي بكر تختلف عنها في عهد عمر.

(85) تاريخ جرجان ص9.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.