أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-04-2015
1470
التاريخ: 25-04-2015
1752
التاريخ: 13-10-2014
1930
التاريخ: 25-04-2015
7822
|
الهرمنيوطيقا (1) : لفظ يوناني بمعنى فنّ تفسير المتون.
وقد يقال (2) : إنّ هذا اللفظ متّخذ في الأصل من «هرمس»- وهو رسول الآلهة- باعتبار كونه مفسّرا لنداء الآلهة ومبيّنا لرسالاتها.
فسمّيت عملية تفسير أيّ متن ونداء بذلك.
ويستمدّ مثل هذا المفسّر من الأساليب والمناهج المتداولة؛ ليستعين بها على فهم متن كلام المؤلّف ، بل أيّ قائل يريد المفسر تفسير كلامه ، يفعل ذلك؛ ليوصل بهذا الطريق إلى فهم مراده.
ومن هنا نرى بعض الغربيين مثل «أگوست ولف» (3) استعمل لفظ «الهرمنيوطيقيا» في العلم بالقواعد الكاشفة عن أفكار المؤلفين وكشف مراداتهم من كلامهم.
وقد استعمله «شلاير ماخر» (4) في ما يفيد معنى المنع والسدّ عن خطر سوء فهم المتون. وهمّ بعضهم مثل «ويلهم ديلتاي» (5) أن يرسم على أساس «الهرمنوطيقا» منهجا جامعا للعلم بتفسير جميع العقائد ومذاهب أقوام البشر والملل.
وقد عرّفه «پل ريكو» (6) بعملية فهم مرادات المتكلّمين وتفسير متون المؤلفين.
ثم استخدم فنّ «الهرمنيوطيقا» في عهد الفلاسفة الغربيين- مثل «مارتين هايدگر» (7) و«گادامر» (8)- في سلطة بعض المسائل الفلسفية. ولم يعلم ما هو غرضهم الداعي لهم إلى هذا التحويل والتغيير.
وقد تحوّل وترقّى «الهرمنيوطيقا» أخيرا من تفسير المتون إلى استكشاف حالات المتكلم الباطنية وأسراره وضمائره المكنونة القلبية من طريق كيفية استخدامه الألفاظ وموسيقى صوته ، بل يتكفّل فنّ «الهرمنيوطيقا» لاستكشاف مطويّات الإنسان من تصوير شكله وتمثيل مثاله ، وفهم منويّاته.
هذا حاصل الكلام في ماهية «الهرمنيوطيقا» ومبدأ نشأته ومسير جريانه.
على ما أفاده بعض العلماء المحققين (9).
وأنت ترى أنّ هذا الفن بهذا العرض العريض لا يبتني على أيّ ميزان علمي ولا ضابطة عقلية ، بل هو أشبه بالخرص والظن والتخمين. والظن لا يغني من الحق شيئا.
فإنّ تفسير كلام أيّ متكلّم وتبيين متن كتاب أيّ مؤلف لا بدّ أنّ يبتني على القانون المحاوري الذي يتّكل عليه العقلاء في محاوراتهم ومكالماتهم؛ ضرورة ابتناء كلام أيّ متكلم وكتاب أيّ مؤلف على هذا الأسلوب المحاوري العقلي.
وما كان من استكشاف مراد المتكلمين وتفسير المتون مبتنيا على ذلك ، فهو منهج عقلائي جرت واستقرّت عليه سيرة العقلاء ، ولا يهمّنا تسمية ذلك بالهرمنيوطيقا أو بعنوان آخر. وإن لم يكن مبتنيا على ذلك فهو أشبه بالحدس والظن ، بل الوهم والخيال ، ولا حظّ له من الواقع ، بل معزل عن الحقيقة وأجنبي عنها.
هذا حال تفسير المتون ، وأما استكشاف الضمائر والتطرّق إلى المنويات والضمائر المكنونة القلبية من طريق موسيقا الصوت ونقوش التماثيل ، فحاله معلوم.
أسئلة وأجوبة حول مباني الهرمنيوطيقا
المطلب الأساسي والمحور الأصلي الذي يدور علم الهرمنيوطيقا مداره ، هو أسلوب تفسير المتن ، وبعبارة اخرى : معرفة المناهج التفسيرية لمتون الكتب واصول المذاهب ومباني الأديان والمكاتب. ولم أقف على تعريف مضبوط من مهرة هذا الفن وخبرائهم ، بل هناك عدّة عناصر وأساليب قد تلوّن بها هذا الفن في تفسير تطوّراته التاريخية ، في كل عصر بلون منها. (10)
ويمكن الاشارة إلى هذه العناصر بطرح أسئلة وبيان المنهج الصحيح منها من منظر الشريعة الاسلامية في ضمن الاجابة عن هذه الأسئلة؛ لكي تتضح منصّة علم «الهرمنيوطيقا» في الإسلام.
وإليك أهم هذه الأسئلة :
س : 1- ما هو المعيار والهدف من معرفة المتن وتفسيره ، هل هو استكشاف مراد الماتن؟ أو معرفة حاقّ المتن نفسه وتعيين معناه الذاتي- مع قطع النظر عن مراد الماتن- فكأنّ الماتن حينئذ أحد قرّاء المتن ؟
فعلى الأوّل : لا بد في تفسير المتن من لحاظ خصوصيات المتكلّم الماتن وحالاته الشخصية والشرائط الزمانية والثقافية الحاكمة عليه.
وعلى الثاني : لا بد في تفسيره من الاقتصار على القواعد اللفظية الوضعية والمحاورية العامّة ، مع قطع النظر عن خصوصيات وحالات شخص الماتن وشرائطه الثقافية.
ج : لا ريب في أصالة وموضوعية الشارع في المتون الشرعية. ولمّا كان منهج الشارع في خطاباته وتقنيناته على أساس المحاورات العقلائية لا مناص من تحكيم سيرتهم المحاورية في استكشاف مراد الشارع من خطاباته. وقد استقرّت سيرة عقلاء العالم من أيّ عصر وجيل في محاوراتهم وتقنيناتهم ، على الاتكال على القرائن الحالية والمقامية الحافّة بكلامهم وعلى الخصوصيات الزمانية والمكانية والقومية والشرائط الثقافية المحكمة بين أهل زمانهم ، مضافا إلى القرائن اللفظية الوضعية والقواعد المحاورية العقلائية العامّة.
فالتفكيك المزبور ممّا لا أساس عقلائي له ولا طائل تحته؛ حيث إنّ تفسير أيّ متن بأيّ نحو خارج عن مراد الماتن ، لا يمكن إسناده إلى أيّ شخص من أرباب النظر وقادة الأمم وزعماء المكاتب وعلماء الأديان والأنبياء والكتب السماوية والعلمية.
س : 2- هل يؤثّر الاختلاف الزماني والمكاني بين الماتن والمفسّر واختلاف الحالات وخصوصياتهما الشخصية والثقافية ، في مغايرة التفسير وعدم مطابقته مع مقصود الماتن؟
ج : إذا كان مبنا المفسّر في تفسير أيّ متن عتيق لحاظ خصوصيات نفسه وحالاته الشخصية وعلى أساس مرتكزات ومفروضات ذهنه والشرائط الثقافية الحاكمة عليه ، لا ريب في تأثير ذلك في المغايرة والمباينة بين التفسير وبين مراد الماتن ، وإلّا فلا مغايرة في البين.
وقد استقرّ دأب علمائنا وسيرة فقهائنا العظام على عدم ملاحظة مرتكزاتهم القومية وحالاتهم الشخصية ولا مداخلة الشرائط الثقافية المختصّة بزمانهم وبلادهم ، في تفسير الآيات القرآنية ولا استظهاراتهم واستنباطاتهم من المتون الروائية في اجتهاداتهم وفتاواهم.
ومن هنا يحاولون تفسير العناوين المأخوذة في الخطابات الشرعية على أساس مرتكزات عهد الشارع ولا قيمة عندهم لمرتكزات زمانهم ولا للشرائط الثقافية الحاكمة عليهم وعلى أهل زمانهم في تفسير المتون الشرعية ، بل يهتمّون- أشدّ الاهتمام والاحتياط- بعدم مداخلة شيء من ذلك في استظهار مداليل متون القرآن والسنة.
ولأجل ذلك هنا ترى الفقهاء أحيانا ينكر بعضهم بعضا ما يبتني من استنباطاتهم واجتهاداتهم على أساس تفسير المتون الشرعية حسب ارتكازاتهم الشخصية ، ويعدّونه نقصا للفقيه المتّخذ لهذا المنهج.
: 3- هل يؤثر الاختلاف الزماني والمكاني والثقافي بين المفسّرين في المغايرة والمباينة بين نفس التفاسير؟ ؛ بأن يفسّر كلّ منهم على أساس مرتكزاته الشخصية ومقتضيات خصوصياته الزمانية والمكانية والقومية والثقافية ، فينتج ذلك كون متن واحد ذا تفاسير عديدة؟
ج : لا ريب في تأثير ذلك لو كان مبنا المفسّرين ملاحظة مرتكزاتهم الشخصية ومداخلة الشرائط الثقافية الحاكمة عليهم في تفسير المتون واستظهار مداليلها واستنباط مضامينها ، إلّا أنّك قد عرفت آنفا عدم مشروعية واعتبار هذا المنهج التفسيري بين فقهائنا ، بل إنّهم يرون سالك هذا المسلك خارجا عن ربقة علماء الدين وفقهاء المذهب وأجنبيا عن حملة الشريعة. ومن أراد إثبات ذلك له بالمعاينة ، فعليه أن يتعلّم علوم التفسير والأصول والفقه ومباديها ومبانيها العلمية ، ثمّ يدارس كلمات علمائنا وفقهائنا الفحول ، حتّى يعرف حقيقة الحال ويعترف بما قلناه.
س : 4- هل يكون مقصود الماتن المقنّن من كلامه ومراده من متنه ، مفهوم واحد ومطلب فارد لأهل جميع الأزمنة والأقطار ومختلف القبائل والأقوام والثقافات؟ أو ليس كذلك ، بل يتعدّد مقصوده من متنه بحسب اختلاف ذلك؟
ج : لا مانع ثبوتي من إرادة المعاني والمفاهيم المتعدّدة بحسب الجهات المذكورة. ولكن لا بد لاثبات ذلك من نصب قرينة قطعية خاصّة من جانبه ، وإلّا فلا مناص من تفسير كلامه وتبيين مراده على أساس ما رسمناه من الضابطة.
س : 5- هل الدور الأساسي في تفسير المتون لحالات شخص الماتن ومرتكزاته الذهنية وساير خصوصياته الشخصية ، من الثقافية والاجتماعية والقومية وغيرها؟ أو يكون للقواعد اللفظية الوضعية والعقلائية المحاورية.
ج : لا ريب في دخل كل واحد من الأمرين المذكورين في تفسير المتون ، إلّا أنّ
التقدّم للأمر الأوّل ، فلا بد من ملاحظته قبل الثاني وتحكيمه عليه ، ولكن لا بد من إثبات ذلك بالقرائن القطعية.
بل التحقيق أنّ التفكيك المزبور غير صحيح؛ لأنّ الأمر الأوّل أيضا داخل في قانون المحاورة.
ومن هنا نستطيع أن نقول بعبارة موجزة : إنّ المعيار المحكّم في تفسير المتون واستكشاف المرادات ، هو قانون المحاورة العقلائي.
وقد اتضح على ضوء ما أجبنا به عن الأسئلة المزبورة كثير من مبهمات وغموض مسائل الهرمنيوطيقا ، وبانت نقاط ضعف هذا الفن وتبيّنت مواضع النقاش منه.
(2) راجع كتاب «هرمنوتيك» للشيخ جعفر السبحاني.
(3)Agust wolf
(4) Scohleiermacher ، 1834- 1768.
(5)Wilheim dithey ، 1911- 1833.
(6) Pei riko من معاريف فنّ الهرمنيوطيقا في القرن المعاصر.
(7) Martin heidegger ، 18891976.
(8) gadamer : 1900.
(9) راجع كتاب : هرمنوتيك ، تأليف الشيخ جعفر سبحاني.
(10) كما قد يقال : إنّ هذا العلم كان في عصر (دان هاور-dann haver / م 1654) متكفّلا لمنهج تفسير الكتاب المقدس ، وفي عصر (شلاير ماخر) لغرض السد عن سوء التفسير واصلاح اعوجاج فهم المتون ، وفي عصر (مارتين هيدگر) لغرض تشييد هذا الفن على أساس المرتكزات الثابتة في ذهن المفسّر وتعاملها مع ارتكاز الماتن.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|