أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-04-2015
4782
التاريخ: 2024-10-15
393
التاريخ: 9-1-2022
9978
التاريخ: 28-2-2022
2343
|
كانت حركة عليّ عليه السّلام في إطار أسباب النزول تسير وفق خطّين ، الخطّ الأوّل يتمثّل بالوقوف بوجه ظاهرة استجدّت في عصره ، وهي ظاهرة تجاهل أسباب نزول القرآن وعدم الاتّكاء عليها في استخراج تعاليم القرآن ومفاهيمه ، خاصّة بالنسبة لمسألة خلافة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
والخطّ الثاني يتمثّل بعمليّة بثّ عدد من أسباب النزول في المجتمع ، مع ما شاب ذلك من تحدّيات وظروف حسّاسة ، جعلت هذا الأمر محدودا.
الوقوف بوجه التنكّر لأسباب النزول
يظهر من كلمات أمير المؤمنين عليه السّلام أنّ ما عاب هذه المرحلة في عالم أسباب النزول هو تغاضي الصحابة عنها ، وعدم تعرّضهم لها في تعاطيهم مع القرآن وظروف الإسلام ، وقد وقف عليه السّلام بوجه هذا التنكّر للأسباب ، وهذا ما يمكن لمسه من خلال متابعة كلماته :
الاحتجاج بأسباب النزول
أوّل ما يطالعنا في هذا النطاق ، احتجاجه المتكرّر بأسباب النزول ، لا سيّما إذا لاحظنا الصيغة واللهجة الشديدة والمستنكرة في بيان هذا المطلب ، ففي الآية :
12 ، من سورة الحاقة ، ينقل الأصبغ بن نباتة قول أمير المؤمنين عليه السّلام : «ويل لهم ، واللّه أنا الذي أنزل اللّه فيّ : {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة : 12] فإنّا كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فيخبرنا بالوحي ، فأعيه أنا ومن يعيه ، فإذا خرجنا قالوا : ما ذا قال آنفا؟» ، «1» فتعبيره ب : «ويل لهم» ، وكذلك قسمه «و اللّه» ، وتعريضه بغيره ، يشير إلى حقيقة دفينة في هذا المجال.
ومن ذلك ما ورد عنه عليه السّلام : «... فهل فيكم أحد أنزل اللّه تعالى فيه { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ } [السجدة : 18] إلى آخر ما اقتصّ اللّه تعالى من خبر المؤمنين غيري؟! ، قالوا : اللهمّ لا» ، «2» وغنيّ عن البيان صيغة الاحتجاج والاستنكار التي يعتمدها أمير المؤمنين عليه السّلام في بيان سبب نزول هذه الآية ، فيبدو واضحا أنّه يخاطب من تغاضى عن مثلها عامدا.
كما نقلوا عنه أنّ رجلا سأله وهو على المنبر : ما نزل فيك أنت؟ من القرآن ، «3» فأجابه الأمير عليه السّلام : «.. ويحك هل تقرأ سورة هود؟! ، ثمّ قرأ عليّ عليه السّلام {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هود : 17] رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على بيّنة ، وأنا الشاهد منه» ... «4»
التعريض بالآخرين
في مقابل ذلك هناك تعريض مبرم ورد عن أمير المؤمنين عليه السّلام اتجاه رجالات قريش ، وكان هذا التعريض متّصلا بأسباب النزول ، فهو يذكّر من غفل أو تغافل ، بأسباب النزول وأعلامها مدحا وذمّا؛ إذ الكلّ مشترك فيها!
فقد روي عن جابر عن عبد اللّه بن يحيى قال : «سمعت عليّا عليه السّلام وهو يقول ما من رجل من قريش إلّا وقد أنزلت فيه آية أو آيتان من كتاب اللّه ...» «5» ، وروى عبّاد بن عبد اللّه الأسدي أنّه سمع عليّا يقول مثل ذلك وهو على المنبر ، «6» وكذلك قوله المتقدّم : «فهل فيكم أحد أنزل اللّه تعالى فيه : {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} [السجدة : 18] إلى آخر ما اقتصّ اللّه تعالى من خبر المؤمنين غيري؟ ، قالوا : اللهمّ لا» ، «7» في تنبيه وتعريض واضح ، والهدف الأساس من كلّ ذلك ، هو نوع تهديد خفيّ لبعض رجالات قريش ممّن ظهروا بعد وفاة الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، أمام الذين لم يتسنّ لهم الاطّلاع على ظروف المرحلة السابقة ، بصورة غير صورتهم الحقيقيّة وبسيرة غير السيرة التي يمكن أن تحكيها أسباب النزول ، طمعا في ارتقاء مناصب قياديّة ، فكان ذلك من الأمير عليه السّلام تنبيها لهم وتذكيرا بماضيهم ، حتّى لا يتنكّروه في هذه اللحظات الحسّاسة ، وقد حثّ الناس على العودة إلى أسباب النزول المغيّبة عن الساحة على ما يبدو لكشف هذه الحقائق.
تأكيده على ضرورة العودة إلى الأسباب
وهو ما أثر عن أمير المؤمنين عليه السّلام ، من تكرار وتأكيد على ربط العلم بالقرآن عن طريق العلم بأسباب النزول ، في صيغة لا تخلو هي الأخرى من إشارات إلى أنّ ثمّة فاصلة حدثت بين القرآن وأسباب النزول في تلك الفترة ، فعند ما حاول البعض أن يتعرّض للأمير عليه السّلام ، وأنّه لا يحسن كثيرا من القرآن ، كان جوابه واضحا في هذا الإطار ، قال : «.. واللّه ما من حرف نزل على محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إلّا أنّي أعرف فيمن أنزل ، وفي أيّ يوم ، وفي أيّ موضع ...». «8»
كما ورد أنّه عليه السّلام كان يقول : «ما نزلت آية إلّا وأنا علمت فيمن أنزلت ، وأين نزلت ، وعلى من نزلت ، إنّ ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا طلقا» ... «9»
وبهذا المعنى مجموعة من الروايات ضمّتها كتب التفسير والحديث وغيرها ، «10» وكلّ ذلك يشير إلى الفاصلة التي حدثت بين القرآن وأسباب نزوله ، وهو ما حاول أمير المؤمنين عليه السّلام التنبيه عليه والوقوف بوجهه.
وبالفعل فإنّ المريب في هذه المرحلة أنّ الأسباب لم تنقل عن وجوه الصحابة غير عليّ عليه السّلام ، بل النقل عن مختلف الصحابة لا يخلو من ندرة في هذا المجال ، «11» وهذا يؤكّد أن حركة تجاهل واسعة قد تعرّضت لها الأسباب في هذه المرحلة ، وهذا ما وقف بوجهه أمير المؤمنين عليه السّلام.
_________________________
(1). تفسير العيّاشي ، ج 1 ، ص 14 ، ح 1.
(2). الطوسي ، الأمالي ، ج 2 ، ص 159.
(3). وذلك بعد أن ذكر أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه : «ما من رجل من قريش إلّا وقد نزلت فيه آية أو آيتان» الآتي ذكره.
(4). الأربلي ، كشف الغمّة ، ج 1 ، ص 321.
(5). تفسير العيّاشي ، ج 2 ، ص 142 ، 143.
(6). الأربلي ، كشف الغمّة ، ج 1 ، ص 321.
(7). أمالي الطوسي ، ج 2 ، ص 159.
(8). تفسير العيّاشي ، ج 1 ، ص 14.
(9). المصدر السابق ، ص 17.
(10). أمالي الصدوق ، ص 350؛ أمالي الطوسي ، ص 170؛ ابن شهرآشوب ، مناقب آل أبي طالب ، ج 1 ، ص 32؛ كنز العمّال ، ج 13 ، ص 128؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج 42 ، ص 398؛ البلاذري ، أنساب الأشراف ، ص 99؛ الطبقات الكبرى ، ج 2 ، ص 338؛ شواهد التنزيل ، ج 1 ، ص 40- 51؛ حلية الأولياء ، ج 1 ، ص 68؛ تأسيس الشيعة ، ص 318.
(11). نعم كثر النقل عن ابن عبّاس ، وهو فضلا عن أنّه يعدّ من المعسكر العلويّ ، فإنّ كثيرا من المنسوب إليه يحتاج إلى تحقيق.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|