أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-04-2015
5729
التاريخ: 20-6-2016
3350
التاريخ: 3-05-2015
2115
التاريخ: 4-1-2016
2174
|
هذا الترتيب يشكّل السياق القرآني ، ويؤثّر تأثيرا بالغا في المعنى ، وتغييره تغيير في بنية القرآن ومعناه.
وتثبت الروايات أن تنظيم الآيات ، وترتيبها ضمن كل سورة ، هو تنظيم وترتيب إلهي توقيفي.
قال ابن عباس : (كان جبريل إذا نزل على النبي بالوحي يقول له : ضع هذه الآية في سورة كذا ، في موضع كذا. فلما نزل عليه : {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة : 281] قال : ضعها في سورة البقرة) (1).
وكان المسلمون يعرفون ذلك حتى أن الحجاج بن يوسف الثقفي كان يخطب الناس يوما فقال : (ألّفوا القرآن ، كما ألّفه جبريل عليه السّلام) (2).
وتفيد الروايات التأريخية ، وتؤيدها دلالات الآيات أن كثيرا من الآيات المتتالية في ترتيبها داخل السورة الواحدة ليس ضروريا أن تكون نزلت متسلسلة تسلسلا زمنيا ، الواحدة بعد الاخرى ، بل إن هناك فترة زمنية ربما كانت طويلة بين آية واخرى ، وأن ما نزل بعد هذه الآية في تسلسله الزمني ربما وضع في موقع آخر ، في حين وضعت آية الى جوار الآية السابقة ، رغم التباعد الزمني بينها. كما أن بعضها قد نزل في مكة المكرمة ونجده في سورة مدنية.
ونستطيع أن نأخذ مثالا للدراسة سورة العلق ، فنكتشف من خلال تحليل مضامين آياتها الفارق الزمني بين آيات تلك السورة ، إذ تتكون هذه السورة من مقطعين من الآيات : الأول منها يبدأ من قوله تعالى : {بسم الله الرحمن الرحيم اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق : 1 - 5] أما المقطع الثاني فيتكون من الآيات الاخرى المتبقية من السورة.
ومن خلال الدراسة التحليلية للمصطلحات والمفاهيم والوقائع التأريخية نكتشف الفارق الزمني بين مقطعي السورة ، وكما ذكر العلماء المهتمون بالنزول وتأريخ القرآن ، فإن آيات كثيرة نزلت بعد مقطع الآيات الأولى ، وقبل آيات المقطع الثاني في حين وضعت هذه الآيات في هذا الموقع من سورة العلق ، ولم توضع الآيات التي نزلت قبلها ، كآيات سورة المدثر والمزمل ... الخ في هذه السورة ، مما يدل على أن وضع الآيات في موضعها المثبت في القرآن الكريم هو أمر إلهي ، وقائم على اتساق وترابط سياق ، كما روى ابن عباس آنفا.
ولكي يتضح ذلك ننقل آراء المفسرين التي أرخت لنزول هذين المقطعين من الآيات.
قال الشيخ الطوسي : (روي عن عائشة ، ومجاهد وعطاء وابن سيار : أن أول آية نزلت قوله تعالى : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} وهو قول أكثر المفسرين. وقال قوم أول ما نزل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر : 1] (3).
وفي الحديث عن أسباب نزول آيات المقطع الثاني قال : (وقوله : {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى} [العلق : 9 ، 10] تقرير للنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم واعلام له ما يفعله بمن ينهاه عن الصلاة.
وقيل : إن الآيات نزلت في أبي جهل بن هشام. والمراد بالعبد في الآية النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فإن أبا جهل كان ينهى النبي عن الصلاة ...) (4).
ومن الواضح تأريخيا أن صلاة النبي المعلنة والتي كان ينهاه أبو جهل عنها تكشف أن تلك الحوادث قد وقعت بعد ما كان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يصلي بشكل معلن ، وأن أبا جهل كان قد دعي الى الهدى فأعرض عن تلك الدعوة ، ولم تحدث دعوة النبي لأبي جهل وتكذيبه للنبي وصده له عن الصلاة ورد الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على أبي جهل وانتهاره له إلّا بعد فترة زمنية طويلة تفصل بين نزول الآيات الخمس الأولى وما بعدها.
كما أن هناك سورا مكية فيها آيات مدنية ، مثل سورة (القلم) ، قال الطبرسي رحمه اللّه : (و تسمى أيضا سورة : ن ، وهي مكية ، عن الحسن وعكرمة وعطاء ، وقال ابن عباس وقتادة من أولها الى قوله : {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ } [القلم : 16] مكي ، وما بعده الى قوله : {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة : 102] مدني ، وما بعده الى قوله : {يَكْتُبُونَ} مكي ، وما بعده مدني وهي اثنتان وخمسون آية بالإجماع) (5).
______________________________
(1) تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 43. دار صادر- بيروت.
(2) صحيح مسلم ج 4 : كتاب الحج ، رقم 306 ، ص 356 ، دار الكتب العلميّة بيروت ، ط. سنة 1415 ه.
(3) التبيان : 10 تفسير سورة العلق.
(4) المصدر السابق.
(5) مجمع البيان في تفسير القرآن : 9/ 496 ط دار المعرفة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|