المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17761 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

السيد حيدر علي الهندي
28-7-2017
الهرم Aging
20-4-2017
نماذج من التصنيفات المناخية - تصنيف كوبن
1/12/2022
حكم من تيقن ترك عضو من اعضاء الوضوء
28-12-2015
[موقف أمام المتقين من شارب الخمر]
20-10-2015
co-occurrence (n.)
2023-07-26


تفسير الآية (52-68) من سورة الشعراء  
  
6531   01:53 صباحاً   التاريخ: 22-8-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الشين / سورة الشعراء /

قال تعالى : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوالْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الشعراء : 52 - 68] .

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قال تعالى : {وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي} سبق تفسيره في سورة طه {إنكم متبعون} بتبعكم فرعون وجنوده ليحولوا بينكم وبين الخروج من أرض مصر {فأرسل فرعون في المدائن حاشرين} يحشرون إليه الناس ويجمعون له الجيوش ليقبضوا على موسى وقومه لما ساروا بأمر الله عز وجل .

فلما حضروا عنده قال لهم {إن هؤلاء} يعني أصحاب موسى {لشرذمة قليلون} أي عصابة من الناس قليلة قال الفراء يقال عصبة قليلة وقليلون وكثيرة وكثيرون قال المفسرون وكان الشرذمة الذين قللهم فرعون ستمائة ألف ولا يحصى عدد أصحاب فرعون {وإنهم لنا لغائظون} يقال غاظه واغتاظه وغيظه إذا أغضبه أي أنهم غاظونا لمخالفتهم إيانا في الدين ثم لخروجهم من أرضنا على كره منا وذهابهم بالحلي الذي استعاروها وخلوصهم من استعبادنا {وإنا لجميع حاذرون} أي خائفون شرهم وحاذرون أي مؤدون مقوون أي ذو وأداة وقوة مستعدون شاكون في السلاح وقال الزجاج الحاذر المستعد والحذر المتيقظ .

ثم أخبر سبحانه عن كيفية إهلاكهم بقوله {فأخرجناهم} يعني آل فرعون {من جنات} أي بساتين {وعيون} جارية فيها {وكنوز} أي أموال مخبأة وخزائن ودفائن {ومقام كريم} أي منابر يخطب عليها الخطباء عن ابن عباس وقيل هو مجالس الأمراء والرؤساء التي كان يحف بها الأتباع فيأتمرون بأمرهم وقيل المنازل الحسان التي كانوا مقيمين فيها في كرامة وقيل يريد مرابط الحيل لتفرد الرؤساء بارتباطها عدة وزينة فصار مقامها أكرم مقام متروك {كذلك} أي كما وصفنا لك أخبارهم {وأورثناها بني إسرائيل} وذلك إن الله سبحانه رد بني إسرائيل إلى مصر بعد ما أغرق فرعون وقومه وأعطاهم جميع ما كان لفرعون وقومه من الأموال والعقار والمساكن والديار .

{فأتبعوهم مشرقين} يعني قوم فرعون أدركوا موسى وأصحابه حين شرقت الشمس وظهر ضوءها وذلك قوله {فلما تراءا الجمعان} أي تقابلا بحيث يرى كل فريق صاحبه {قال أصحاب موسى إنا لمدركون} أي سيدركنا جمع فرعون ولا طاقة لنا بهم {قال} موسى ثقة بنصر الله تعالى {كلا} لن يدركونا ولا يكون ما تظنون فانتهوا عن هذا القول {إن معي ربي} بنصره {سيهدين} أي سيرشدني إلى طريق النجاة وقيل سيكفيني عن السدي {فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر} وهو نهر النيل ما بين إيلة ومصر وقيل هو بحر قلزم ما بين اليمن ومكة إلى مصر وفيه حذف أي فضرب {فانفلق} أي فانشق البحر وظهر فيه اثنا عشر طريقا وقام الماء عن يمين الطريق ويساره كالجبل العظيم وذلك قوله {فكان كل فرق كالطود العظيم} أي فكان كل قطعة من البحر كالجبل العظيم والفرق الاسم لما انفرق والفرق مصدر .

{وأزلفنا ثم الآخرين} أي قربنا إلى البحر فرعون وقومه حتى أغرقناهم عن ابن عباس وقتادة وقيل معناه جمعنا في البحر فرعون وقومه عن أبي عبيدة وقيل معناه وقربناهم إلى المنية لمجيء وقت هلاكهم {وأنجينا موسى ومن معه أجمعين} يعني بني إسرائيل أنجينا جميعهم من الغرق والهلاك {ثم أغرقنا الآخرين} فرعون وجنوده {إن في ذلك لآية} معناه إن في فرق البحر وإنجاء موسى وقومه وإغراق فرعون وقومه لدلالة واضحة على توحيد الله وصفاته التي لا يشاركه فيها غيره .

{وما كان أكثرهم مؤمنين} معناه أنهم مع هذا السلطان الظاهر والبرهان الباهر والمعجز القاهر ما آمن أكثرهم فلا تستوحش يا محمد من قعود قومك عن الحق الذي تأتيهم به وتدلهم عليه فقد جروا على عادة أسلافهم في إنكار الحق وقبول الباطل {وإن ربك لهو العزيز} في سلطانه {الرحيم} بخلقه وقيل العزيز في انتقامه من أعدائه الرحيم في إنجائه من الهلاك لأوليائه وقيل أنه لم يؤمن من أهل مصر غير آسية امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون ومريم التي دلت على عظام يوسف .

____________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج7 ، ص332-334 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{وأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} . أمر اللَّه موسى أن يخرج ليلا هو وبنو إسرائيل من أرض مصر ، وأخبره ان فرعون وجنوده لاحقون بهم لإرجاعهم {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ} . لما علم فرعون بخروج موسى وقومه جمع لهم ليرغمهم على الرجوع إلى سلطانه ، وينكل بهم ما شاء له التنكيل وقال : {إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ وإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ} .

من هو موسى وقوم موسى ؟ انهم ليسوا بشيء بالنسبة إلينا ، وقد حاولوا إزعاجنا والتمرد على أمرنا . . ولكن نحن لهم بالمرصاد ، وسيذوقون وبال أمرهم . .

ولكن فوق تدبير فرعون للَّه تدبير . . حشد فرعون جيوشه لموسى ، فكان مصيره ومصيرهم إلى الإغراق والإهلاك . . قال الإمام علي (عليه السلام) : تذل الأمور للمقادير حتى يكون الحتف في التدبير .

{فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وعُيُونٍ وكُنُوزٍ ومَقامٍ كَرِيمٍ} . خرج فرعون وجنوده لينتقموا من موسى ومن معه ، فانتقم اللَّه منهم ، وأخرجهم مما كانوا يملكون وبه يتنعمون . . قصور عالية ، وأنهار جارية ، وقطوف دانية ، وكنوز مخبأة ، ونواد ، وجنينات ، ومسابح ومتنزّهات ، كل هذه وما إليها تركوها إلى غير رجعة {كَذلِكَ وأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ} . قال الطبري والطبرسي : ان اللَّه سبحانه أورث بني إسرائيل ديار فرعون وقومه . وقال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط ، وهذا المعنى هو الظاهر لأن آية أورثناها جاءت بعد آية أخرجناهم .

وقال آخرون : ان اللَّه أورث بني إسرائيل مثل ما كان لفرعون وقومه لأن الإسرائيليين لم يعودوا إلى مصر بعد أن خرجوا منها .

ومهما يكن فان محل الشاهد في الآية ان اللَّه لا يدع الظالمين وظلمهم ، وانه ينتقم منهم على أيدي المخلصين أو بأي سبب من الأسباب ولو بعد حين ، وهذا ما نعتقده ونؤمن به ، أما تحقيق المسائل التاريخية ، وغيرها فندعه لأهل الاختصاص إلا إذا كنا على يقين منه .

{فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} خرج فرعون بخيله ورجله في طلب موسى وأصحابه ، فأدركوهم حين شروق الشمس {فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ} جمع موسى وجمع فرعون رأى كل منهما الآخر {قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} قالوا فزعا وهلعا :

لحق بنا العدو ، ولا طاقة لنا به {قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} . قال موسى لقومه : لا تخافوا من فرعون وقوته ، ان اللَّه أقوى وأعظم ، وهو معي وسترون . . وما أتم كلامه حتى أمره اللَّه أن يضرب البحر بعصاه ، ولما ضربه انشق اثني عشر طريقا على عدد الأسباط الإسرائيليين ، وارتفع الماء بين طريق وطريق كالجبل العظيم ، وتجاوز موسى وقومه البحر إلى الشاطئ الثاني . وتقدم مثله في الآية 77 من سورة طه .

{وأَزْلَفْنا ثَمَّ الآخَرِينَ وأَنْجَيْنا مُوسى ومَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ} .

أزلفنا أدنينا ، وثم بفتح الثاء أي هناك ، والمراد بالآخرين جمع فرعون ، والمعنى ان اللَّه سبحانه بعد ان جاوز ببني إسرائيل البحر إلى الضفة الثانية ، وأصبحوا بمنجاة وصل جمع فرعون ، وشاهدوا المعجزة الكبرى في وقوف مياه البحر كالجبال ومسالكه الممهدة ، ففرح فرعون وقال لجمعه : انظروا كيف استجاب البحر لرغبتي ، وفتح لي الطريق إلى الخارجين على إرادتي ، ثم اقتحموا تلك المسالك ، وساروا في أمان واطمئنان . . وما ان توسطوا البحر حتى انطبق عليهم أجمعين ، ولم ينج واحد منهم بعد ان حذروا كثيرا وأمهلوا طويلا ، ولكن لجوا في طغيانهم يعمهون .

{إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً} معجزة خارقة ، وعبرة وعظة {وما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وإِنَّ رَبَّكَ لَهُو الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} . ضمير أكثرهم يعود إلى بني إسرائيل الذين أنجاهم اللَّه من فرعون ، لا إلى المغرقين كما قال جماعة من المفسرين أخذا بظاهر السياق .

والدليل على أن المراد بنو إسرائيل ، لا المغرقون ان أتباع فرعون كلهم كافرون دون استثناء ، وبالخصوص من كان معه ، وان بني إسرائيل لما أنجاهم اللَّه من فرعون وتجاوز بهم البحر وأهلك عدوهم قالوا لموسى : نريد صنما نعبده من دون اللَّه : {وجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ} - 138 الأعراف . وعليه يكون معنى الآية ان الإسرائيليين شاهدوا انفلاق البحر وغيره من المعجزات ، ومع ذلك أصر أكثرهم على الكفر والتمرد .

______________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج5 ، ص 498-500 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : {وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون} شروع في سرد الشطر الثاني من القصة وهو وصف عذاب آل فرعون بسبب ردهم دعوة موسى وهارون (عليهما السلام) و ، قد كان الشطر الأول رسالة موسى وهارون إليهم ودعوتهم إلى التوحيد ، والإسراء والسري السير بالليل ، والمراد بعبادي بنو إسرائيل وفي هذا التعبير نوع إكرام لهم .

وقوله : {إنكم متبعون} تعليل للأمر أي سر بهم ليلا ليتبعكم آل فرعون وفيه دلالة على أن لله في اتباعهم أمرا وأن فيه فرج بني إسرائيل وقد صرح بذلك في قوله : {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ } [الدخان : 23 ، 24] .

قوله تعالى : {فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إلى قوله ثم أغرقنا الآخرين} قصة غرق آل فرعون وإنجاء بني إسرائيل في أربع عشرة آية وقد أوجز في الكلام بحذف بعض فصول القصة لظهوره من سياقها كخروج موسى وبني إسرائيل ليلا من مصر لدلالة قوله : {أن أسر بعبادي} عليه وعلى هذا القياس .

فقال تعالى : {فأرسل فرعون} أي فأسرى موسى بعبادي فلما علم فرعون بذلك أرسل {في المدائن} التي تحت سلطانه رجالا {حاشرين} يحشرون الناس ويجمعون الجموع قائلين للناس {إن هؤلاء} بني إسرائيل {لشرذمة قليلون} والشرذمة من كل شيء بقيته القليلة فتوصيفها بالقلة تأكيد {وإنهم لنا لغائظون} يأتون من الأعمال ما يغيظوننا به {وإنا لجميع} مجموع متفق فيما نعزم عليه {حاذرون} نحذر العدو أن يغتالنا أو يمكر بنا وإن كان ضعيفا قليلا ، والمطلوب بقولهم هذا وهولا محالة بلاغ من فرعون لحث الناس عليهم .

{فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم} فيه قصورهم المشيدة وبيوتهم الرفيعة ، ولما كان خروجهم عن مكر إلهي بسبب داعية الاستعلاء والاستكبار التي فيهم نسب إلى نفسه أنه أخرجهم {كذلك} أي الأمر كذلك {وأورثناها} أي تلك الجنات والعيون والكنوز والمقام الكريم {بني إسرائيل} حيث أهلكنا فرعون وجنوده وأبقينا بني إسرائيل بعدهم فكانوا هم الوارثين .

{فأتبعوهم} أي لحقوا ببني إسرائيل {مشرقين} أي داخلين في وقت شروق الشمس وطلوعها {فلما تراءا الجمعان} أي دنا بعضهم من بعض فرأى كل من الجمعين جمع فرعون وجمع موسى الآخر ، {قال أصحاب موسى من بني إسرائيل خائفين فزعين {إنا لمدركون} سيدركنا جنود فرعون .

{قال موسى كلا} لن يدركونا {إن معي ربي سيهدين} والمراد بهذه المعية معية الحفظ والنصرة وهي التي وعدها له ربه أول ما بعثه وأخاه إلى فرعون : {إنني معكما} وأما معية الإيجاد والتدبير فالله سبحانه مع موسى وفرعون على نسبة سواء ، وقوله : {سيهدين} أي سيدلني على طريق لا يدركني فرعون معها .

{فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق والانفلاق انشقاق الشيء وبينونة بعضه من بعض {فكان كل فرق} أي قطعة منفصلة من الماء {كالطود} وهو القطعة من الجبل {العظيم} فدخلها موسى ومن معه من بني إسرائيل .

{وأزلفنا ثم} أي وقربنا هناك {الآخرين} وهم فرعون وجنوده {وأنجينا موسى ومن معه أجمعين} بحفظ البحر على حاله وهيئته حتى قطعوه وخرجوا منه ، {ثم أغرقنا الآخرين} بإطباق البحر عليهم وهم في فلقه .

قوله تعالى : {إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم} ظاهر السياق - ويؤيده سياق القصص الآتية - أن المشار إليه مجموع ما ذكر في قصة موسى من بعثه ودعوته فرعون وقومه وإنجاء بني إسرائيل وغرق فرعون وجنوده ، ففي ذلك كله آية تدل على توحيده تعالى بالربوبية وصدق الرسالة لمن تدبر فيها .

وقوله : {وما كان أكثرهم مؤمنين} أي وما كان أكثر هؤلاء الذين ذكرنا قصتهم مؤمنين مع ظهور ما دل عليه من الآية وعلى هذا فقوله بعد كل من القصص الموردة في السورة : {وما كان أكثرهم مؤمنين} بمنزلة أخذ النتيجة وتطبيق الشاهد على المستشهد له كأنه يقال بعد إيراد كل واحدة من القصص : هذه قصتهم المتضمنة لآيته تعالى وما كان أكثرهم مؤمنين كما لم يؤمن أكثر قومك فلا تحزن عليهم فهذا دأب كل من الأمم التي بعثنا إليهم رسولا فدعاهم إلى توحيد الربوبية .

وقيل : إن الضمير في {أكثرهم} راجع إلى قوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمعنى : أن في هذه القصة آية وما كان أكثر قومك مؤمنين بها ولا يخلو من بعد .

وقوله : {وإن ربك لهو العزيز الرحيم} تقدم تفسيره في أول السورة .

_____________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج15 ، ص221-223 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

مصير الفراعنة :

في الآيات المتقدمة . . . رأينا كيف أنّ موسى خرج منتصراً من تلك المواجهة . رغم عدم إيمان فرعون وقومه إلاّ أن هذه القضية كان لها عدة آثار مهمّة ، يعدُّ كلٌ منها انتصاراً مهمّاً :

1 ـ آمن بنو إسرائيل بنبيّهم «موسى(عليه السلام)» والتفّوا حوله بقلوب موحّدة . . . لأنّهم بعد سنوات طوال من القهر والتعسف والجور يرون نبيّاً سماوياً في أوساطهم يضمن هدايتهم وعلى استعداد لأنّ يقود ثورتهم نحو الحرية وتحقيق النصر على فرعون . .

2 ـ لقد شقّ موسى (عليه السلام) طريقة وسط أهل مصر من الأقباط وغيرهم . . . ومال إليه جمع منهم ، أو على الأقل خافوا من مخالفته ، وطافت أصداء دعوة موسى في أرجاء مصر جمعاء !

3 ـ وأهمّ من كل ذلك أنّ فرعون لم ير في نفسه القدرة ـ لا من جهة أفكار عامّة الناس ، ولا من جهة الخوف على مقامة ـ على مواجهة رجل له عَصَا كهذه العصا ، ولسان مؤثر كلسان موسى .

هذه الأُمور هيأت أرضية ملائمة لأن ينشر موسى (عليه السلام) دعوته بين الناس ، ويتمّ الحجة عليهم !

ومرّت سنون طوال على هذا المنوال ، وموسى (عليه السلام) يظهر المعاجز تلو المعاجز ـ كما أشارت إليها سورة الأعراف وبينّاها في ذيل الآيات 130 ـ 135 منها ـ إلى جانب منطقه المتين ، حتى ابتلى الله أهل مصر بالقحط والجذب لسنوات لعلهم يتّقون «لمزيد الإيضاح لا بأس بمراجعة تفسير الآيات آنفة الذكر» . . .

ولمّا أتمّ موسى على أهل مصر الحجة البالغة ، وامتازت صفوف المؤمنين من صفوف المنكرين ، نزل الوحيُ على موسى أن يخرج بقومه من مصر ، والآيات التالية تجسد هذا المشهد فتقول أوّلا : {وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي أنّكم متبعون} .

وهذه خطة إلهية على موسى (عليه السلام) أن يمتثلها ويسري بقومه ليلا ، وإنّ على فرعون وقومه أن يعلموا ذلك فيتبعوهم ليحدث ما يحدث بأمر الله .

والتعبير بـ «عبادي» بضمير الإفراد ، مع أن الفعل (أوحينا) في الجملة ذاتها مسند إلى ضمير الجمع ، إنّما هو لبيان منتهى محبة الله لعباده المؤمنين . . .

وفعلا امتثل موسى (عليه السلام) هذا الأمر ، وعبأ بني إسرائيل بعيداً عن أعين أعدائهم ، وأمرهم بالتحرك ، واختار الليل خاصّة لتنفيذ أمر الله لتكون خطته نافذة .

إلاّ أن من البديهي أن حركة جماعة بهذا الشكل ليس هيناً يسيراً يمكن إخفاؤه لزمان طويل ، فما كان أسرع أن رفع جواسيس فرعون هذا الخبر إليه ، وكما يحدثنا القرآن عن ذلك أن فرعون أرسل رسله وأعوانه الى المدن لجمع القوات : {فأرسل فرعون في المدائن حاشرين} .

بالطبع فإنّ في تلك الظروف ، وصول إبلاغ فرعون إلى المدائن ، وجميع مناطق مصر ، يحتاج إلى زمان معتنى به لكن من الطبيعي أن يصل هذا البلاغ المدن القريبة بسرعة وتتحرك القوى المعدّة فوراً ، وتؤدي مقدمة الجيش مهمّتها ، وتتبعها بقية الأفواج بالتدريج . . .

ولتعبئة الناس ـ ضمناً ـ وتهيئة الأرضية لإثارتهم ضد موسى وقومه ، أمر فرعون أن يُعلَن {إنّ هؤلاء لشرذمة قليلون} .

فبناء على ذلك فنحن منتصرون عند مواجهتنا لهذه الفئة القليلة حتماً .

و«الشرذمة» في الأصل تعني القلة من الجماعة ، كما تعني ما تبقى من الشيء ، ويطلق على اللبوس الممزق الخلق «شراذم» ، فبناءً على هذا يكون المعنى أنّ هؤلاء «أي موسى وقومه» بالإضافة إلى أنّهم قليلون فهم متفرقون ، فكأن فرعون ، بهذا التعبير أراد أن يجسم عدم انسجام بني إسرائيل من حيث أعداد الجيش فيهم . . .

ثمّ تضيف الآية الأُخرى حاكية عن لسان فرعون {وإنّهم لنا لغائظون} فمن يسقي مزارعنا غداً ، ومن يبنى لنا القصور؟ ومن يخدم في البيوت والقصور غيرهم ؟!

ثمّ إنّا من مؤامرتهم يجب أن نكون على حذر سواء أقاموا أم رحلوا : {وإنا لجميع حاذرون} ومستعدون جميعاً لمواجهتهم .

وقد فسّر بعضهم «حاذرون» على أنها من الحذَر ، بمعنى الخوف والخشية من التآمر ، وفسّر بعضهم (حاذرون) على أنها من الحذِر ، بمعنى الفطنة والتهيؤ من حيث السلاح والقوّة . إلاّ أن هذين التّفسيرين لا منافاة بينهما ، فربّما كان فرعون وقومه قلقين من موسى ومستعدين لمواجهته أيضاً .

ثمّ يذكر القرآن النتيجة الإجمالية لعاقبة فرعون وقومه وزوال حكومته ، وقيام حكومة بني إسرائيل ، فيقول : {فأخرجناهم من جنات وعيون . . . وكنوز ومقام كريم} .

أجل {كذلك وأورثناها بني إسرائيل} .

وهناك اختلاف بين المفسّرين في المراد من كلمة (مقام كريم) ، فقال بعضهم بأنّها القصور المجللة والمساكن المظللة . . .

وقال بعضهم بأنّها المجالس المنعقدة بالحبور والسرور والنشاط .

وقال بعضهم : المراد مقام الحكام والأمراء ، الذين يجلسون على كراسيهم ومن حولهم أتباعهم وجنودهم يمتثلون أوامرهم . . .

وقال بعضهم : بل يعني المنابر التي كان يصعدها الخطباء «المنابر التي كانت لصالح فرعون وحكومته وجهازه فهي بمثابة أبواق إعلام له» .

وبالطبع فإن المعنى الأوّل أنسب من الجميع كما يبدو ، رغم أن هذه المعاني غير متباينة ومن الممكن أن تجتمع هذه المعاني جميعاً في مفهوم الآية . . . فالمستكبرون (فرعون وقومه) أخرجوا من قصورهم وحكومتهم وموقعهم وقدرتهم ، كما أخرجوا من مجالسهم المنعقدة بالحبور والسرور .

 

وقوله تعالى : {فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء : 60-68] .

 

عاقبة فرعون وأتباعه الوخيمة

في هذه الآيات يبرز المشهد الأخير من قصّة موسى وفرعون ، وهو كيفية هلاك فرعون وقومه ، ونجاة بني إسرائيل وانتصارهم !

وكما قرأنا في الآيات المتقدمة فإنّ فرعون أرسل المدائن حاشرين ، وهيأَ مقداراً كافياً من «القوّة» والجيش ، قال بعض المفسّرين : كان ما أرسله فرعون على أنّه مقدمة الجيش ستمائة ألف مقاتل ، وتبعهم نفسه بألف ألف مقاتل «أي مليون» .(2)

تحركوا في جوف الليل ليدركوهم بسرعة ، فبلغوهم صباحاً كما تقول الآية الأُولى من الآيات محل البحث : {فاتبعوهم مشرقين (3) فلمّا تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنّا لمدركون} .

فأمامنا بحر خضم متلاطم بالأمواج ، ومن ورائنا بحر من الجيوش المتعطشة للدماء بتجهيزاتها الكاملة . . . هؤلاء الغاضبون علينا وهم الذين قتلوا أطفالنا الأبرياء سنين طوالا . . . وفرعون نفسه رجل دموي جبار . . . فعلى هذا سيحاصروننا بسرعة ، ويقتلوننا جميعاً بحدّ السيوف ، أو سيأسروننا ويعذبوننا ، والقرائن جميعها تدل على ذلك .

وهنا مرّت لحظات عسيرة على بني إسرائيل . . . لحظات مُرّة لايمكن وصف مرارتها . . . ولعل جماعة منهم تزلزل إيمانهم وفقدوا معنوياتهم وروحياتهم .

إلاّ أنّ موسى (عليه السلام) كان مطمئناً هادىء البال ، وكان يعرف أن وعد الله في هلاك فرعون وقومه ونجاة بني إسرائيل لا يتخلف أبداً ولن يخلف الله وعده رسله ! . . .

لذلك التفت إلى بني إسرائيل الفزعين بكمال الإطمئنان والثقة و{قال كلاّ إن معي ربّيْ سيهدين} .

ولعلّ هذا التعبير يشير إلى وعد الله لموسى وأخيه هارون حين أمرهما بإنذار قومهما ، إذ قال لهما : {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه : 46] .

إذ كان موسى يعلم أن الله معه في كل مكان ، وخاصّة تعويله في كلامه على كلمة (ربّي) أي الله المالك والمربّي هذا يدل على أنّ موسى (عليه السلام) كان يدري أنّه لا يطوي هذا الطريق بخطاه ، بل بلطف الله القادر الرحيم . . .

وفي هذه الحال التي قد يكون البعض سمعوا كلامه دون أن يصدقوه ، وكانوا ينتظرون آخر لحظات حياتهم ، صدر أمر الله كما يقول القرآن : {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر . . .} .

تلك العصا التي هي في يوم آية إنذار ، وفي يوم آخر آية رحمة ونجاة !

فامتثل موسى(عليه السلام) أمر ربه فضرب البحر ، فإذا أمامه مشهد رائع عجيب ، تهللت له أسارير وجوه بني إسرائيل ، إذا انشقَّ البحر {فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم} !

و«انفلق» مأخوذ من «الفَلَق» ومعناه الإنشقاق و«فَرَقَ» من مادة «فرْق» على زنة «حلق» ومعناه الإنفصال !

وبتعبير آخر ، كما يقول الراغب في مفرداته : أن الفرق بين (فلق) و(فرق) هو أن الأوّل يشير إلى الإنشقاق (أو الإنشطار) والثّاني يشير إلى الإنفصال ، ولذا تطلق الفرقة والفِرَق على القطعة أو الجماعة التي انفصلت عن البقيّة ! . . .

«الطود» معناه الجبل العظيم ، ووصف الطود بالعظمة في الآية تأكيد آخر على معناه .

وعلى كل حال ، فإنّ الله الذي ينفذ أمره في كل شيء ، وبأمره تموج البحار وتتصرف الرياح وتتحرك العواصف وكل شيء في عالم الوجود من رشحات فضله وقدرته أصدر أمره الى البحر ، وأمواجه ، فالتحمت الأمواج وتراكمت بعضها إلى بعض ، وظهرت ما بينها طُرُق سالكة ، فمرّتْ كل فرقة من بني إسرائيل في إحدى الطرق !

إلاّ أنّ فرعون وأتباعه بالرغم من مشاهدتهم هذه المعجزة الكبرى الواضحة لم يذعنوا للحق ، ولم ينزلوا عن مَركبِ غرورهم ، فاتبعوا موسى ورهطه ليبلغوا مصيرهم المحتوم ، كما يقول القرآن في هذا الشأن : {وأزلفنا ثمّ الآخرين} . .

وهكذا ورد فرعون وقومه البحر أيضاً ، واتبعوا عبيدهم القدماء الذين استرقّوهم بطغيانهم ، وهم غافلون عن أن لحظات عمرهم تقترب من النهاية ، وأن عذاب الله سينزل فيهم !

وتقول الآية التالية : {وأنجينا موسى ومن معه أجمعين} .

وحين خرج آخر من كان من بني إسرائيل من البحر ، ودخل آخر من كان من أتباع فرعون البحر ، صدر أمر الله فعادت الأمواج إلى حالتها الأُولى فانهالت عليهم فجأةً ، فهلك فرعون وقومه في البحر ، وصار كل منهم كالقشّة في وسط الأمواج المتلاطمة .

ويبيّن القرآن هذه الحالة بعبارة موجزة متينة فيقول : {ثمّ أغرقنا الآخرين} . . .

وهكذا انتهى كل شيء في لحظة واحدة . . . فالأرقاء أصبحوا أحراراً ، وهلك الجبابرة ، وانطوت صفحة من صفحات التأريخ ، وانتهت تلك الحضارة المشيدة على دماء المستضعفين ، وورث الحكومة والمُلكَ المستضعفون بعدهم .

أجل {إنّ في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين} فكأنّ في أعينهم عمىً ، وفي آذانهم وقراً ، وعلى قلوب أقفالا .

فحيثُ لا يؤمن فرعون وقومه مع ما رأوا من المشاهد العجيبة ، فلا تعجبُ إذاً ألاّ يؤمن بك المشركون ـ يا محمد ـ ولا تحزن عليهم لعدم إيمانهم ، فالتاريخ ـ يحمل بين طياته وثناياه كثيراً من هذه المشاهد !

والتعبير بـ «أكثرهم» إشارة إلى أن جماعة من قوم فرعون آمنوا بموسى والتحقوا بأصحابه ، لا آسيةُ امرأة فرعون فحسب ، ولا رفيق موسى المخلص المذكور في القرآن على أنه مؤمن من آل فرعون ، بل آخرون أيضاً كالسحرة التائبين مثلا .

أمّا آخر آية من هذه الآيات فتشير في عبارة موجزة وذات معنى غزير إلى قدرة الله ورحمته المطلقة واللامتناهية ، فتقول : {وإن ربّك لهو العزيز الرحيم} .

فمن عزته أنه متى شاء أن يهلك الأمم المسرفة الباغية أصدر أمره فأهلكها ، ولا يحتاج أن يرسل جنوداً من ملائكة السماء لإهلاك أُمة جبّارة . . . فيكفي أن يهلكها بما هو سبب حياتها ، كما أهلك فرعون وقومه بالنيل الذي كان أساس حياتهم وثروتهم وقدرتهم ، فإذا هو يقبرهم فيه !!

ومن رحمته أنّه لا يعجل في الأمر أبداً ، بل يمهل سنين طوالا . ويرسل معاجزه إتماماً للحجة ، ومن رحمته أن يخلص هؤلاء المستعبدين من قبضة الجبابرة الظالمين .

_________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج9 ، ص301-309 .

2 ـ كلمة مليون وأخواتها (مليار ، بليون الخ) من مصطلحات العصر وهي غير عربية ، وكان العرب يقولون ألف ألف .

3 ـ قال بعض المفسّرين : المراد من «مشرقين» ، أن بني اسرائيل ساروا نحو الشرق ، واتّباع فرعون وقومه بالإتجاه نفسه ، لأنّ بيت المقدس يقع شرق مصر !




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .