المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

الثقوب السوداء والكون
2023-08-07
مشهد رؤوس بعض شهداء كربلاء في دمشق
19-10-2015
تطور السياسات الدينية في عهد ملكات البطالمة.
2023-09-10
واضع علم النحو
27-03-2015
Atomic particles
8-9-2020
الشبهة البدويّة
11-9-2016


موقف الإمام الصادق إزاء ثورات العلويّين  
  
5488   03:06 مساءً   التاريخ: 17-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص357-362.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام جعفر بن محمد الصادق / قضايا عامة /

هنا يطرح هذا التساؤل : ماذا كان موقف الإمام الصادق إزاء الثورات الشيعية و منها ثورة زيد التي قادها العلويون؟ هل وقف إلى جانبها؟ فإن لم يكن كذلك فما هو السبب؟

وجواباً على ذلك يجب التذكير بأنّ لكلّ ثورة هدفين رئيسيين عادة:

الأوّل : تقويض النظام القائم الذي أثار غضب الثوريين.

الثاني : إقامة نظام مثالي آخر بدل النظام السابق.

ويظهر من دراسة ثورات العلويين منذ نهايات الحكم الأموي حتّى عصر الحكم العباسي انّ تلك الثورات كانت تمثل تمرداً على الحكم القائم في الأغلب، أي انّ الظلم اللا محدود للأمويين والعباسيين كان يثير حفيظة الأحرار من المجتمع فكانت الهزات الاجتماعية تحدث بين الحين والاخر، وكان الناس المتعطشون للعدالة والذين قد استاءوا من فساد وظلم الحكمين الأموي والعباسي وعنصريتهما يبحثون عن منقذ يصغي إلى آلامهم ولذلك ما ان ترفرف راية ثورة ما و هو ما كان يحدث على يد العلويين وساداتهم غالباً كانوا يلتفون حولها.

صحيح انّ هذه الثورات كانت تبدأ من قبل الشيعة استلهاماً من مذهبهم وانّ المؤيدين لها هم شيعيون و من الصفوة غير انّ إقامة حكم أفضل بعد سقوط الحكم الأموي والعباسي لا يبدو أمراً مضموناً، وذلك للأسباب التالية :

1. انّ قادة هذه الثورات لم يكونوا يملكون مخططاً متكاملاً في الأغلب، فكان الاضطراب والتقييمات الخاطئة غالبة على أعمالهم.

2. لم يكن أُولئك القادة من ناحية العدد والعدة العسكرية بحيث يمكن الأمل بانتصارهم.

3. انّ أصحاب الثورة لم يكونوا شيعيّين مائة بالمائة.

ولذلك لم يكن هناك أي ضمان لئن يحكموا وفقاً للشريعة الإسلامية في حالة نجاحهم. ولعل أفضل شاهد على ذلك ظهور الحكم العباسي بعد سقوط الحكم الأموي، لأنّه ـ و كما لاحظنا في هذا الكتاب ـ انّ الحكم الأموي الفاسد قد سقط على يد الثوار الموالين لخط أهل البيت غير انّ عدم أصالة الثوريين وخلوصهم جعل العباسيين يجنون ثمرة الثورة ويتمادون في غيّهم وظلمهم أكثر من الأمويين. ومن هنا كانت مواقف الأئمّة  (عليهم السَّلام) غير مؤيدة لتلك الثورات نظراً للأسباب المذكورة آنفاً.

وقد كتب أحد علماء الشيعة وباحثيهم الكبار حول ذلك :  لقد كان أئمّة أهل البيت يدركون بوضوح تام انّ القوى التي يعتمد عليها العلويون قوى منهكة لا تستطيع أن تقود حركة ثورية في رقعة جغرافية واسعة النطاق إلى نهاية مظفرة ومن ثمّ فإنّ حركة ثورية تعتمد على هذه القوى محكوم عليها بالفشل الذي يتعداها ليكون نقمة تنزل بالأُمّة كلّها من قبل النظام الأموي وكانوا يدركون في مقابل ذلك انّ العناصر المؤهلة للقيام بحركة ثورية ناجحة هي عناصر غير إسلامية غالباً ولذا لم يجوزوا لأنفهسم التعامل معها وإن كانوا لم يقفوا في وجه حركتها ذات القيادة العباسية فقد كان إسقاط النظام الأموي مطلباً تاريخياً وحضارياً لا يمكن الوقوف في وجهه وكانوا يدركون انّ الإسلام سيذوب كلّ الجماعات المشبوهة من حيث عقيدتها ويدمجها في الأُمة الإسلامية ديناً وحضارة ؛ لقد ثبت أئمّة أهل البيت على موقفهم هذا في العهد العباسي وأمروا شيعتهم بتجنب المساهمة في هذا النشاط وكانوا ينصحون بني عمهم من العلويين يتجنب القيام بالثورات ذات المصير المحكوم عليه بالفشل دون أن يؤثروا فيهم .

كان هذا الكلام حول موقف أهل البيت تجاه ثورات العلويين، وأمّا عن ثورة زيد فهذا ما سنتحدث عنه : هل تمت انتفاضة زيد بموافقة الإمام الصادق (عليه السَّلام)  ؟ قد نقلت روايات متغايرة حول زيد وانّه كان يدّعي الإمامة أو يأخذ بإمامة الإمامين الباقر والصادق عليمها السَّلام حيث قد طعن في بعضها ومدح في البعض الآخر منها، ويرى أكثر العلماء والباحثين في علم الرجال والحديث قديماً وحديثاً انّ الروايات التي تطعن في زيد ساقطة سنداً ولم يعولوا عليها.

وعلى سبيل المثال اعتبر المرحوم آية اللّه العظمى السيد الخوئي قدَّس سرَّه بعد دراسة الروايات الطاعنة في زيد تلك الروايات ضعيفة من ناحية السند لا يمكن التعويل عليها فكتب : حاصل ما قلناه هو انّ زيداً رجل جليل وممدوح، ولا يوجد أي دليل على انحراف عقيدته أو الطعن فيها.

ويكتب العلاّمة المجلسي بعد نقل الروايات المتعلّقة بزيد : اعلم أنّ الأخبار اختلفت وتعارضت في أحوال زيد، لكنّ الأخبار الدالّة على جلالة زيد ومدحه وعدم كونه مدّعياً لغير الحقّ أكثر، وقد حكم أكثر الأصحاب بعلو شأنه، فالمناسب حسن الظن به وعدم القدح فيه.

وأمّا حول انتفاضته وقيامه فهناك أدلّة كثيرة تدلّ على أنّ ثورته كانت بإذن من الإمام الصادق وموافقته، ومنها كلام الإمام الرضا (عليه السَّلام) في جوابه للمأمون حيث قال : نقل أبي موسى بن جعفر ، أنّه قد سمع أبيه جعفر بن محمّد يقول : لقد استشارني في خروجه فقلت له يا عمّ ان رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك، فلمّا ولّى قال الإمام الصادق :  ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه .

وهذه الرواية دليل جيد على أنّ قيام زيد كان بإذن الإمام، ولكن وبسبب انّ انتفاضة زيد كان يجب أن تكون مدروسة ويتوخّى فيها جوانب الحذر، وكان يحتمل أن يسمع العدو بتدخل الإمام وموافقته لها، لذلك لم يرغب الإمام ولا زيد ولا أصحابه في إظهار ذلك.

 

وقد قال الإمام الصادق (عليه السَّلام) في حوار مع أحد أصحاب زيد و قد قتل ستة من جيش الأمويين : أشركني اللّه في تلك الدماء، واللّه لقد مضى عمي زيد مثل ما مضى علي وأصحابه .
وكان زيد من المعتقدين بإمامة الإمام الصادق (عليه السَّلام) كما روي عنه أنّه قال : جعفر إمامنا في الحلال والحرام.

ويقول أيضاً : في كلّ زمان رجل منّا أهل البيت يحتج اللّه به على خلقه، وحجّة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد، لا يضل من تبعه، ولا يهتدي من خالفه.

وكان الإمام الصادق (عليه السَّلام) يقول : رحم اللّه عمي زيداً أما إنّه لو ظفر لوفى، انّه كان يدعو الناس إلى الرضا من آل محمد، وذاك هو أنا .

وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السَّلام) انّه قال عن زيد :  رحمه اللّه أما إنّه كان مؤمناً، و كان عارفاً، وكان عالماً، وكان صدوقاً، أما إنّه لو ظفر لوفّى ، أما إنّه لو ملك لعرف كيف يضعها ؛ ترك نبأ استشهاد زيد وأصحابه حزناً كبيراً على أهل المدينة لا سيّما الإمام الصادق (عليه السَّلام) الذي تأثّر أكثر من غيره، وقد خيّم الحزن عليه بعده ممّا جعل الدموع تتصبب من على خديه كلّما سمع اسم الكوفة واسم زيد ويبكي دون إرادة وكان يذكره بعبارات مؤثرة وكبيرة مزيجة بالتقدير والاحترام الكبيرين له ولأصحابه المضحين تكريماً لذكرى استشهاده ويقول أحد أصحاب الإمام السادس حمزة بن حمران: دخلت على الصادق جعفر بن محمد (عليمها السَّلام) ، فقال لي :  يا حمزة من أين أقبلت؟  .

قلت : من الكوفة، فبكى (عليه السَّلام) حتى بلت دموعه لحيته، فقلت له : يا ابن رسول اللّه مالك أكثرت البكاء؟!

فقال: ذكرت عمي زيداً وما صنع به .

فبكيت فقلت : وما الذي ذكرت منه ؟

فقال : ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه سهم   ثمّ راح يذكر (عليه السَّلام) له كيفية استشهاده . 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.