المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17751 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الخرشوف Artichoke (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24

الخصائص المعنوية للشعر الجاهلي
26-09-2015
Signaling and Signal Transduction
30-10-2015
Ogive
27-4-2021
بناء الصفحات
25-7-2020
نظريات في جغرافية الخدمات - نظرية أقطاب النمو وتطورها عند ميردال Myrdal و هيرشمان Hirschman
2023-02-05
الجهاز العصبي في النيماتودا
1-2-2017


تفسير الآية (33-34) من سورة لقمان  
  
11780   02:34 صباحاً   التاريخ: 12-8-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف اللام / سورة لقمان /

قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوجَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [لقمان : 33 ، 34] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

خاطب سبحانه جميع المكلفين فقال {يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده} يعني يوم القيامة لا يغني فيه أحد عن أحد لا والد عن ولده {ولا مولود هوجاز عن والده شيئا} كل امرء تهمة نفسه {إن وعد الله} بالبعث والجزاء والثواب والعقاب {حق} لا خلف فيه {فلا تغرنكم الحيوة الدنيا} أي لا يغرنكم الإمهال عن الانتقام والآمال والأموال عن الإسلام ومعناه لا تغتروا بطول السلامة وكثرة النعمة فإنهما عن قريب إلى زوال وانتقال .

{ولا يغرنكم بالله الغرور} وهو الشيطان عن مجاهد وقتادة والضحاك وقيل هو تمنيك المغفرة في عمل المعصية عن سعيد بن جبير وقيل كل شيء غرك حتى تعصي الله وتترك ما أمرك الله به فهو غرور شيطانا كان أو غيره عن أبي عبيدة وفي الحديث : ((الكيس من دان نفسه وعمل لها بعد الموت والفاجر من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله)) وفي الشواذ قراءة سماك بن حرب الغرور بضم الغين وعلى هذا فيكون المعنى ولا يغرنكم غرور الدنيا بخدعها الباطلة أو غرور النفس بشهواتها الموبقة {إن الله عنده علم الساعة} أي استأثر سبحانه به ولم يطلع عليه أحد من خلقه فلا يعلم وقت قيام الساعة سواه .

{وينزل الغيث} فيما يشاء من زمان أو مكان والصحيح أن معناه ويعلم نزول الغيث في مكانه وزمانه كما جاء في الحديث إن مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله وقرأ هذه الآية {ويعلم ما في الأرحام} أي ويعلم ما في أرحام الحوامل أ ذكر أم أنثى أ صحيح أم سقيم واحد أو أكثر {وما تدري نفس ما ذا تكسب غدا} أي ما ذا تعمل في المستقبل وقيل ما يعلم بقاءه غدا فكيف يعلم تصرفه {وما تدري نفس بأي أرض تموت} أي في أي أرض يكون موته وقيل أنه إذا رفع خطوة لم يدر أنه يموت قبل أن يضع الخطوة أم لا وإنما قال بأي أرض لأنه أراد بالأرض المكان ولو قال بأية أرض لجاز وروي أن ذلك قراءة أبي وقد روي عن أئمة الهدى (عليهم السلام) أن هذه الأشياء الخمسة لا يعلمها على التفصيل والتحقيق غيره تعالى {إن الله عليم} بهذه الأشياء {خبير} بها .

_______________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص95-96 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) 

 

{يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ واخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ ولا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا ولا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} . أمر سبحانه بالتقوى لأنها سبيل النجاة من يوم يفر فيه المرء من بنيه وأمه وأبيه . . وهذا اليوم آت لا محالة ، والمخدوع من اغتر بالأباطيل والأكاذيب .

لماذا خلق اللَّه الإنسان ؟

قرأت لكاتب يقول : {من الأسئلة التي لا جواب لها هذا السؤال : لما ذا خلق اللَّه الإنسان ؟} . وما من شك ان كل واحد يتمنى لو عرف الجواب عن هذا السؤال لأنه يرتبط ارتباطا طبيعيا ومباشرا بوجوده وحقيقته ، ولا أخفي سرا كان في نفسي ، وهو اني قرأت أجوبة كثيرة عن هذا السؤال للفلاسفة وعلماء الكلام وغيرهم من القدامى والجدد ، ولكني لم اقتنع بشيء منها بيني وبين نفسي . .

مع أن هذا السؤال قد وجه إليّ أكثر من مرة ، وأجبت عنه بما أجابوا لا لشيء إلا لأني لا أملك غير ما قالوا ، والا لأني أريد أن أجيب .

وحين باشرت بتفسير آي الذكر الحكيم نسيت السؤال وما كنت أحفظ من جوابهم لأن (التفسير الكاشف) أفقدني كل شيء حتى ذاكرتي ، ولم يدع لي إلا البصيرة التي أهتدي بها إلى معاني كتاب اللَّه وأهدافه وربطها بواقع الحياة . .

وما مضيت في التفسير إلا قليلا حتى وجدت الجواب في آيات اللَّه واضحا لا يقبل الشك والتأويل . . ولا بدع فان خالق الشيء هو أعلم بما أراد من خلقه . . وجدت في كتاب اللَّه آيات تدل دلالة واضحة على أن الإنسان خلق للآخرة لا للدنيا ، لحياة طيبة لا مشاكل فيها ولا تعقيد .

ولكن شاءت حكمة الخالق ان يربط بين الحياة الطيبة في الآخرة التي خلق الإنسان من أجلها وبين صدق الايمان بالحق والإخلاص له والعمل لحمايته ، كما قضت حكمته تعالى ان من لا يؤمن بهذا الارتباط ، أو يؤمن به نظريا ولا يعمل له - أن يحاسبه حسابا عسيرا ، ويعذبه عذابا أليما لأنه جهل أو تجاهل الغاية التي من أجلها وجد ، وتنكب عن الطريق السوي بسوء اختياره بعد أن أرشده اللَّه إليه ، وأمره بسلوكه . . وبكلام آخر ان حياة الإنسان في واقعها باقية ببقاء خالقها ، وإنما وضعه تعالى في دار الدنيا مؤقتا والى حين ، ثم ينتقل به إلى دار القرار ، وأمره أن يعمل للدارين معا ، ويحتاط لما يمكن أن يقع له في الدار الأولى ، ولما هو واقع لا محالة في الدار الثانية ، فإن امتثل وأطاع فقد اختار لنفسه الأمن والفلاح تماما كمن سافر ، وهو مزوّد بما يحتاج إليه في سفره ، ومن أعرض وتولى فقد اختار لها شر العواقب كمن سافر إلى بلد بعيد وغريب على غير زاد ، وشئ من الاستعداد (2) .

والآن نذكر طرفا من الآيات التي دلت على أن الغاية من خلق الإنسان هي الحياة الثانية ، وهذه الآيات على أنواع :

{منها} ما تصف الدنيا باللهو واللعب ومتاع الغرور ، وبالزوال والفناء ، وبالهشيم والتفاخر والتكاثر ، وتصف الآخرة بدار اللَّه والخير والحيوان والرضوان ، فكيف يخلق سبحانه الإنسان ، ويودع فيه من الأسرار والطاقات ما يخلق الحضارات ، ويغير تاريخ الإنسان والأرض والسماء ، كيف يخلق هذا الكائن العجيب للهو ومتاع الغرور ولحياة أشبه بالأحلام ، وهو القائل : {ولَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ} [الإسراء - 70 ] . ولا شيء يناسب الكرامة الإنسانية ، والحكمة الإلهية إلا الحياة الباقية ببقاء خالقها .

و {منها} الآيات الدالة على أن اللَّه سبحانه يبتلي الإنسان ويمتحنه - وهو أعلم به - ليكشف الستار عن دخيلته وحقيقته ، وتظهر أفعاله التي يستحق بها الثواب والعقاب في الآخرة ، ومن هذه الآيات قوله تعالى : {وما كانَ لَهُ - أي لإبليس - عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ} [سبأ - 21 ] وقوله : {إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف - 7 ] . وليس القصد مجرد الإعلان والاظهار . . {كلا ، بل لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا ويَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم - 31 ] .

وبما ان هذا الجزاء لم يتحقق في الدنيا فتعين أن يكون في اليوم الآخر ، وإلا كان وعد اللَّه تهويلا . . تعالى اللَّه عما يقول الجاهلون .

و {منها} الآيات الدالة على خلود من آمن وأحسن في الجنة ، وخلود من كفر وأساء في النار .

وتسأل : وما ذا تصنع بقوله تعالى : {وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات - 56 ] حيث دل بصراحة على أن الغاية من خلق الإنسان ان يعبد اللَّه في الحياة الدنيا ، لا أن يحيا حياة طيبة دائمة في الآخرة ؟

الجواب : المراد بالعبادة هنا كل عمل يرضي اللَّه تعالى ، ويتقرب به إليه ، وليس من شك ان مرضاة اللَّه هي السبيل الوحيد للحياة الطيبة الدائمة ، وعليه يكون المعنى ما خلقت الجن والإنس إلا ليعملوا عملا صالحا يحيون بسببه حياة طيبة دائمة في الآخرة ، وبكلام آخر ان قوله تعالى : {وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ يرادف قوله : وقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء - 23 ] وقوله : {وما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهً مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة - 5 ] . ونتيجة الإخلاص في الدين حياة دائمة ، وجنة قائمة .

أما الآيات التي أناطت نعيم الآخرة بعمل الخير والصلاح في الحياة الدنيا ، وأناطت عذاب الآخرة بعمل الشر والفساد في الأرض فهي تعد بالعشرات ، منها الآية 72 من سورة الإسراء : {ومَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُو فِي الآخِرَةِ أَعْمى وأَضَلُّ سَبِيلًا} ومنها الآية 142 من سورة آل عمران : {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ولَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ويَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} . والمراد بالجهاد هنا الجهاد لحماية الحق وأهله ، والاستشهاد في سبيل اللَّه ، والمراد بالصبر الثبات ضد المبطلين والمعتدين . . لا صبر الذين يستسلمون لقوى الشر والبغي ، وعلى الذل والفقر .

ومتى تبين معنا ان الغاية من خلق الإنسان هي الحياة الباقية ، وان نعيمها منوط بعمل الخير والصلاح في الحياة الدنيا ، وجحيمها منوط بعمل الشر والفساد في الأرض ، إذا تبين معنا هذا أدركنا ان أي تفسير للغاية من خلق الإنسان لا يعكس هذه الحقيقة فهو بعيد عن الصواب والواقع ، وكفى دليلا على ذلك قوله تعالى : {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون - 115 ] أي لولم يخلق اللَّه الإنسان للآخرة لكان اللَّه عابثا جلت حكمته .

علم الساعة والغيث وما في الأرحام :

{إِنَّ اللَّهً عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويُنَزِّلُ الْغَيْثَ ويَعْلَمُ ما فِي الأَرْحامِ وما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهً عَلِيمٌ خَبِيرٌ} .

وتسأل : ان معلومات اللَّه سبحانه لا يبلغها الإحصاء ، كما قال في الآية 3 من سورة سبأ :

{عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ ولا فِي الأَرْضِ} والآية : {ويَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها ولا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الأَرْضِ ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ} [ الانعام - 59 ] ، وقال الإمام علي (عليه السلام) : ان اللَّه يعلم مسقط القطرة ومقرها ومسحب الذرة ومجرّها ، وما يكفي البعوضة من قوتها . فلما ذا خص سبحانه هذه الأشياء بالذكر ؟

وقيل في الجواب : ان سائلا سأل النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عن هذه الأشياء فنزلت الآية .

وقال الرازي : لما ذكر سبحانه يوم القيامة ناسب أن يذكر هذه الأشياء . وقلنا نحن أكثر من مرة : ان القرآن كتاب دين وهداية ينتقل بالإنسان من شأن إلى شأن . قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) : ان الآية يكون أولها في شيء وآخرها في شيء آخر ، وهو كلام متصل ينصرف بعضه إلى وجوه . . ومهما يكن فقد تضمنت الآية خمسة أشياء ، وهي :

1 - {إِنَّ اللَّهً عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} {لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُو} [الأعراف - 186 ] ، والحكمة في ذلك أن يكون الناس على حذر وتوقع دائم فيحتاطوا لمواجهة الاحتمالات .

2 - {ويُنَزِّلُ الْغَيْثَ} قال كثير من المفسرين : ان المراد ب {ينزل الغيث} ان العلم بنزوله مختص باللَّه وحده . . والصواب ان تؤخذ كلمة {ينزل} على ظاهرها أي ان القدرة على انزال الغيث تختص باللَّه لأن أسبابه الكونية تنتهي إليه تعالى . . وهذا لا يمنع أبدا ان يعلم الإنسان وقت نزول المطر عند ظهور دلائله . . ولو سلمنا - جدلا - بأن المراد من {ينزل} العلم فنقول : ان الإنسان يعلم وقت نزول المطر حين تظهر دلائله وعلاماته ، ولكن لا يعلم متى تظهر هذه الدلائل والعلامات إلا اللَّه وحده .

وتسأل : ان العلماء ينزلون المطر الصناعي ، وعليه فلا يختص إنزاله باللَّه وحده ؟

الجواب : ان العلماء يحولون السحاب الموجود إلى مطر ، واللَّه يكوّن السحاب ويوجده ، ثم يسوقه من بلد إلى البلد الذي يشاء ، والفرق بعيد بين إيجاد الشيء وبين تحويل الشيء الموجود إلى شيء آخر .

3 - {ويَعْلَمُ ما فِي الأَرْحامِ} . وتسأل : ان العلم الحديث يعلم أيضا بواسطة الأشعة ما في الأرحام من ذكر أو أنثى ؟

الجواب : ان الأشعة تعكس المادة الموجودة بالفعل ، أما غيرها من الصفات والغرائز التي سيكون عليها الحمل في المستقبل كالحسن أو القبح ، والذكاء أو البلادة ، وما إلى ذلك ، أما هذه فعلمها عند اللَّه وحده ، قال الإمام علي (عليه السلام) :

{يعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى ، وقبيح أو حسن ، وسخي أو بخيل ، وشقي أو سعيد ، ومن يكون في النار حطبا ، أوفي الجنان للنبيين مرافقا} .

4 - {وما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً} لأن كل يوم هو في شأن ، وقد أثبتت الأيام نظرية الفيلسوف اليوناني هرقليطس الذي قال : {انك لا تنزل النهر الواحد مرتين} يشير إلى أن جميع المظاهر الكونية والاجتماعية تتغير بين لحظة ولحظة من حال إلى حال ، وعليه يتعذر العلم بما يحدث للإنسان في مستقبله .

5 - {وما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهً عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ولا بأي زمن أيضا لأن الموت لا ضابط له ، فقد يأخذ الطفل الصغير والشاب المعافى ، ويترك العليل والشيخ الكبير .

______________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص 170- 175 .

2- انظر تفسير الآية 77 من سورة القصص : {وابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ ولا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا} .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

قوله تعالى : {يا أيها الناس اتقوا ربكم} لما ساق الحجج والمواعظ الشافية الوافية جمعهم في خاتمتها في خطاب عام يدعوهم إلى التقوى وينذرهم بيوم القيامة الذي لا يغني فيه مغن إلا الإيمان والتقوى .

قال الراغب : الجزاء الغنى والكفاية ، وقال : يقال : غررت فلانا أصبت غرته ونلت منه ما أريد والغرة غفلة في اليقظة والغرار غفلة مع غفوة ، إلى أن قال : فالغرور كل ما يغر الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان إذ هو أخبث الغارين وبالدنيا لما قيل : الدنيا تغر وتضر وتمر انتهى .

فمعنى الآية : {يا أيها الناس اتقوا ربكم} وهو الله سبحانه {واخشوا يوما} وهو يوم القيامة {لا يجزى} لا يغني {والد عن ولده ولا مولود هو جاز} مغن كاف {عن والده} شيئا {إن وعد الله} بالبعث {حق} ثابت لا يخلف {فلا تغرنكم الحياة الدنيا} بزينتها الغارة {ولا يغرنكم بالله الغرور} أي جنس ما يغر الإنسان من شئون الحياة الدنيا أو خصوص الشيطان .

قوله تعالى : {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ما ذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير} الغيث المطر ومعنى جمل الآية ظاهر .

وقد عد سبحانه أمورا ثلاثة مما تعلق به علمه وهي العلم بالساعة وهو مما استأثر الله علمه لنفسه لا يعلمه إلا هو ويدل على القصر قوله : {إن الله عنده علم الساعة} وتنزيل الغيث وعلم ما في الأرحام ويختصان به تعالى إلا أن يعلمه غيره .

وعد أمرين آخرين يجهل بهما الإنسان وبذلك يجهل كل ما سيجري عليه من الحوادث وهو قوله : {وما تدري نفس ما ذا تكسب غدا} وقوله : {وما تدري نفس بأي أرض تموت} .

وكان المراد تذكرة أن الله يعلم كل ما دق وجل حتى مثل الساعة التي لا يتيسر علمها للخلق وأنتم تجهلون أهم ما يهمكم من العلم فالله يعلم وأنتم لا تعلمون فإياكم أن تشركوا به وتتمردوا عن أمره وتعرضوا عن دعوته فتهلكوا بجهلكم .

_____________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص192-193 .

 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

 سعة علم الله :

في هاتين الآيتين اللتين هما آخر آيات سورة لقمان ، تلخيص للمواعظ والنصائح السابقة ولأدلّة التوحيد والمعاد ، وتوجيه الناس إلى الله واليوم الآخر وتحذير من الغرور الناشيء من الدنيا والشيطان ، ثمّ الحديث عن سعة علم الله سبحانه وشموله لكلّ شيء ، فتقول : {ياأيّها الناس اتّقوا ربّكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً} .

إنّ الدستور الأوّل هو التوجّه إلى المعاد ، فالدستور الأوّل يحيي في الإنسان قوّة المراقبة ، والثّاني ينمّي روح الثواب والعقاب ، ولا شكّ أنّ الإنسان الذي يعلم أنّ شخصاً خبيراً ومطّلعاً على كلّ أعماله يراه ويعلم به ويسجّل كلّ أعماله ، ومن ناحية اُخرى يعلم أنّ محكمة عادلة ستتشكّل للتحقيق في كلّ جزئيات أعماله ، لا يمكن أن يتلوّث بأدنى فساد ومعصية .

جملة (لا يجزي) من مادّة الجزاء ، و«الجزاء» ورد بمعنيين من الناحية اللغوية :

أحدهما : المكافأة والمعاقبة مقابل شيء ، كما يقال : جزّاه الله خيراً .

والآخر : الكفاية والنيابة والتحمّل للشيء عن الآخرين ، كما جاء في الآية مورد البحث : {لا يجزي والد عن ولده} .

ومن الممكن أن يعود كلا المعنيين إلى أصل واحد ، لأنّ الثواب والعقاب يحلاّن محلّ العمل وينوبان عنه ، وهما بمقداره أيضاً ـ تأمّلوا ذلك ـ .

على كلّ حال ، فإنّ كلّ إنسان في ذلك اليوم مشغول بنفسه ، ومبتلى بمعطيات أعماله وآثارها إلى درجة أنّه لا ينظر إلى أحد ولا يهتمّ به ، حتّى وإن كان أبوه ، أو إبنه الذي كانت تربطه به أقرب الروابط ، فلا يفكّر أحد بآخر مطلقاً .

وهذه الآية نظير ما ورد في بداية سورة الحجّ في الحديث حول القيامة والزلزلة : {يوم ترونها تذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت} .

وممّا يستحقّ الإنتباه أنّه يعبّر بـ (لا يجزي) في مورد الأب ، وهي صيغة المضارع ، أمّا في شأن الإبن فإنّه يعبّر باسم الفاعل (جاز) وهذا التفاوت في التعبير لعلّه من باب التنوّع في الكلام ، أو إشارة إلى واجب ومسؤولية الإبن تجاه الأب ، لأنّ اسم الفاعل يؤدّي معنى الدوام والتكرار أكثر .

وبتعبير آخر ، فإنّ المتوقّع من العواطف الأبوية أن يتحمّل الأب مقداراً من العذاب عن إبنه ، كما كان في الدنيا يتحمّل المصاعب والمشاكل في سبيله ، لكن من الإبن أن يتحمّل مصائب الأب أكثر وفاءً لحقوق الاُبوّة المترتّبة عليه ، في حين أن أيّاً منهما لا يتحمّل أدنى مشكلة عن الآخر ، وكلّ منهما مشغول بأعماله ، وحائر في أمره ونفسه .

وتحذّر الآية في النهاية البشر من شيئين ، فتقول : {إنّ وعد الله حقّ فلا تغرنّكم الحياة الدنيا ولا يغرنّكم بالله الغرور} أي الشيطان .

في الواقع ، يلاحظ هنا نهيان في مقابل الأمرين اللذين كانا في بداية الآية ، فإنّ الإنسان إذا نمت فيه مسألة التوجّه إلى الله ، والخوف من الحساب والجزاء ، فلا يخاف عليه من الإنحراف والفساد ، إلاّ من طريقين :

أحدهما : أن تغلب زخارف الدنيا وزبرجها الحقائق في عينيه بصور اُخرى ، وتسلب منه القدرة على التشخيص ، لأنّ حبّ الدنيا رأس كلّ الخطايا وأساسها .

والآخر : أن تخدعه وساوس الشيطان وتغرّه ، وتبعده عن المبدأ والمعاد .

فإذا أغلق طريقي نفوذ المعصية والذنب هذين ، فسوف لا يهدّده أيّ خطر ، وعلى هذا فإنّ الدساتير والبنود الأربعة أعلاه تمثّل مجموعة كاملة من برنامج نجاة وخلاص الإنسان .

وفي آخر آية من هذه السورة ، وبمناسبة البحث الذي جاء في الآية السابقة حول يوم القيامة ، يدور الكلام عن العلوم المختّصة بالله سبحانه ، فتقول : {إنّ الله عنده علم الساعة وينزّل الغيث} ومطّلع على جميع جزئياته وتفاصيله . . .

{ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأيّ أرض تموت إنّ الله عليم خبير} .

فكأنّ مجموع هذه الآية جواب عن سؤال يطرح في باب القيامة ، وهو نفس السؤال الذي سأل المشركون به النّبي (صلى الله عليه وآله) مراراً وتكراراً ، وقالوا : {مَتَى هُوَ} [الإسراء : 51] ، فيجيبهم القرآن عن سؤالهم ، ويقول : لا يعلم أحد بموعد قيام القيامة إلاّ الله سبحانه ، وطبقاً لصريح آيات اُخرى ، فإنّ الله أخفى هذا العلم عن الجميع : {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا } [طه : 15] ، وذلك كي لا يحيط الغرور والغفلة بأطراف البشر .

ثمّ تقول الآية : إنّ مسألة القيامة ليست هي المسألة الوحيدة الخافية عليكم ، ففي حياتكم اليومية ، ومن بين أقرب المسائل المرتبطة بحياتكم ومماتكم ، مسائل كثيرة تجهلونها . .

أنتم لا تعلمون زمان نزول قطرات المطر ، والتي ترتبط بها حياة كلّ الكائنات الحيّة ، وإنّما تتوقّعونها على أساس الحدس والظنّ والتخمين .

وكذلك زمان تكوّنكم في بطون الاُمّهات وخصائص الجنين فلا علم لأحد منكم بذلك .

ومستقبلكم القريب ، أي حوادث الغد ، وكذلك مكان موتكم وتوديعكم للحياة ، خاف على الجميع .

فإذا كنتم جاهلين بهذه المسائل القريبة من حياتكم والمتّصلة بها ، فلا مجال للعجب من عدم علمكم بلحظة قيام القيامة (2) .

ونقل في الدرّ المنثور : أنّ رجلا يقال له «الوراث» ، من بني «مازن بن حفصة» ، جاء إلى النّبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال : يا محمّد ، متى تقوم الساعة؟ وقد أجدبت بلادنا فمتى تخصب ؟ وقد تركت امرأتي حبلى فمتى تلد؟ وقد علمت ما كسبت اليوم فماذا أكسب غداً؟ وقد علمت بأي أرض ولدت فبأي أرض أموت؟ فنزلت هذه الآية (3) .

______________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج10 ، ص262-265 .

2 ـ صحيح أنّ جملة (ينزل الغيث) في الآيات أعلاه لا تتحدّث عن مسألة علم الله ـ ولهذا السبب فإنّ البعض اعتبر هذه الجملة إستثناء من بين هذه الجمل ، وجعلها مبيّنة لقدرة الله لا علمه ، إلاّ أنّ إنسجام الجمل الخمس مع بعضها من جهة ، والروايات المتعدّدة التي وردت في نهج البلاغة وكتب اُخرى ـ وسنشير إليها قريباً ـ من جهة اُخرى ، قرينة على أنّها ترتبط بعلم الله أيضاً .

3 ـ تفسير الدرّ المنثور ، طبقاً لنقل تفسير الميزان ، الجزء ، 16 صفحة 241 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .