دوران الأمر بين اعتبار وجود شيء بالجزئيّة أو الشرطيّة وبين اعتبار عدمه بالمانعيّة أو القاطعيّة |
3377
12:08 صباحاً
التاريخ: 25-7-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2016
2087
التاريخ: 8-8-2016
1355
التاريخ: 29-8-2016
2248
التاريخ: 28-8-2016
1563
|
إذا دار الأمر بين اعتبار وجود شيء بالجزئيّة أو الشرطيّة وبين اعتبار عدمه بالمانعيّة أو القاطعيّة كان من باب الدوران بين المتباينين وليس من باب الدوران بين المحذورين، لإمكان الاحتياط بإتيان العمل مرّتين مع هذا الشيء مرّة وبدونه اخرى، نعم لو قام الإجماع على مضريّة التكرار فى العبادة كان من باب الدوران بين المحذورين ومقاما للتخيير، وحيث جرى ذكر المانع والقاطع ناسب بسط الكلام فى بيان الفرق بينهما مفهوما وبيان الأصل المعمول عند الشبهة فى كلّ منهما حكميّة أم موضوعيّة.
فنقول: أمّا الفرق بينهما مفهوما فهو أنّه تارة يعتبر عدم واحد مستمر من أوّل العمل إلى آخره فى عرض أجزائه وشرائطه، ويكون هذا العدم واحدا من أجزائه أو شرائطه، وذلك كعدم التكلّم فى الصلاة، وحينئذ فانتفاء هذا العدم لا يورث اختلالا فى الأجزاء او الشرائط السابقة بمعنى أنّها باقية على صحّتها التأهليّة، وإنّما يمنع عن تحقّق أصل العمل لانتفاء جزئه أو شرطه العدمي.
واخرى يعتبر هذا العدم فى العمل على وجه يكون مرتبطا بتمام أجزائه وشرائطه وذلك بأن يكون قيدا ساريا فى تمام الأجزاء والشرائط بأن يعتبر فى كلّ جزء وشرط أن لا يتحقّق الشيء الفلاني مقارنا له ولا لاحقا، وذلك كعدم الحدث فى الصلاة، وحينئذ فانتفاء هذا العدم يورث اختلال نظام الأجزاء والشرائط المتقدّمة ويمحو عنها صورة الجزئيّة والشرطيّة، فوجود الشيء فى الصورة الاولى يكون مانعا لأصل العمل، وفى الثانية قاطعا له، أمّا الأوّل فواضح، وأمّا الثاني فلأنّه قد قطع استمرار العدم الذي كان به قوام الأجزاء والشرائط السابقة.
وأما بيان الاصل عند الشك فاعلم أنه اذا شك(1) في مانعية شيء وعدمها أو قاطعيّته وعدمها فالأصل فيه واضح، لأنّ الشك فيه راجع إلى الشكّ في تقيّد المأمور به بهذا العدم عدم تقيّده، فيكون من جزئيات الشبهة بين الأقلّ والأكثر، ويكون مبنيّا على الخلاف في تلك المسألة، وقد مرّ أنّ التحقيق فيها البراءة.
كما أنّه لا خفاء في الأصل في الشبهة الموضوعيّة أعني الشكّ بعد الفراغ عن مانعيّة الشيء أو قاطعيّته فى حدوثه في أثناء العمل وعدم حدوثه، فإن الأصل فيه عدم التحقّق، غاية الأمر أنّ أصالة عدم المانع يحرز بسببها بعض الأجزاء والشرائط مع إحراز الباقي بالوجدان، وأصالة عدم القاطع يحرز بسببها قيد الأجزاء والشرائط مع إحراز ذواتها بالوجدان، ولا يرد أنّ الثاني أصل مثبت بلحاظ أنّ الأصل المثبت للقيد لا يثبت إضافة الذات إلى القيد وتقيّدها به، وذلك لأنّ الواسطة خفيّة.
كما أنّه لا كلام في عدم جريان أصل الصحّة عند الشكّ في وجود المانع في الأثناء، فإن الأجزاء المتقدّمة باقية على الصحة التأهليّة قطعا، والأجزاء اللاحقة لم يؤت بها بعد، وكذلك الكلّ، وعدم المانع في الحال مشكوك، فلا محلّ لأصالة الصحة في شيء.
إنّما الكلام والإشكال فيما إذا قلنا بعدم جريان أصالة العدم وجريان أصل الصحّة وكان الشكّ في وجود القاطع في الأثناء، فانّه ربما يقال بجريان هذا الاصل في الأجزاء المتقدّمة بتقريب أنّ هذه الأجزاء كانت في السابق بحيث لو انضمّ اليها الأجزاء اللاحقة كانت صحيحة، فالأصل بقاء هذا المعنى فيها.
وبعبارة اخرى: كان لتلك الأجزاء في السابق إمكان الجزئيّة فالأصل بقاء هذا الإمكان فيها في اللاحق، وذلك لأنّ القاطع ولو فرض كونه في السابق في علم اللّه تعالى بحيث يوجد في اللاحق، والمفروض مضريّته حينئذ حتّى بالنسبة إلى الأجزاء السابقة أيضا، ولكنّ الأجزاء السابقة قبل تحقّق القاطع لا يخرج بمجرد هذا العلم عن وصف إمكان الجزئيّة.
نعم بعد تحقّق القاطع في الخارج يصير عدم الجزئية ضروريا، وذلك ضرورة أنّ الممكن لا يزول عنه وصف الإمكان بمجرّد تعلّق علم الباري تعالى بتحقّقه أو عدم تحقّقه في اللاحق؛ ولهذا نقول بأنّ المعصية الصادرة عن العبد في اللاحق في علم اللّه تعالى لا يخرج بمجرّد هذا العلم عن كونه اختياريا ومقدورا للعبد، نعم بعد التحقّق الخارجي يصير ضروريا.
لا يقال: إنّ إمكان الجزئية الذي جعلته مجرى للاستصحاب ليس حكما شرعيا ولا موضوعا للحكم الشرعي، كما هو واضح، فكيف يكون هذا الاستصحاب جاريا.
لأنّا نقول: لا يعتبر في شمول «لا تنقض» إلّا كون المقام مما تناله يد الجعل ويكون إثباته ورفعه من وظيفة الشرع، سواء كان حكما شرعيا أم موضوعا أم لم يكن شيئا منهما ولكن كان منشؤه بيد الشرع، فيمكن شمول «لا تنقض» حينئذ أيضا باعتبار المنشأ، فلا وجه لعدم عمومه، وذلك مثل استصحاب الصّحة، فإنّ الصحّة أمر عقلي ينتزعه العقل من الفعل التام الأجزاء والشرائط المعتبرة في المأمور به، وإن شئت قلت: من موافقة الفعل الخارجي للمأمور به أو لغرض الآمر، ومع ذلك يشملها عموم «لا تنقض» باعتبار أنّ منشأها وهو الأمر بيد الشارع.
فنقول: إمكان الجزئيّة في هذا المقام من هذا القبيل، وذلك لأنّه كما يمكن للشارع أن يرفع قيديّة عدم القاطع للأجزاء واقعا حتى تكون الأجزاء ممكنة الجزئيّة واقعا عند وجود القاطع، كذلك يمكنه أن يرفع القيديّة في حال الشك في وجود القاطع حتى يكون بقاء إمكان الجزئيّة في حال الشكّ في وجود القاطع محفوظا، هذا.
ولكنّ التحقيق عدم الجدوى مع ذلك في هذا الاستصحاب، وذلك لأنّ غاية ما يلزم من هذا البيان ويفيده الاستصحاب المذكور إثبات الصحّة في الأجزاء السابقة، وأمّا الأجزاء اللاحقة فهي بعد مشكوكة الصّحة والفساد، وذلك لوضوح أنّ وجود القاطع على تقدير ثبوته واقعا كما يكون مضرّا بالأجزاء السابقة كذلك يكون مضرا باللاحقة، ففي الأجزاء السابقة حيث كان لإمكان جزئيتها حالة سابقة، أمكن إثبات التعبّد بعدم القاطعيّة بالاستصحاب، وأما الأجزاء اللاحقة فلا يمكن فيها ذلك لعدم الحالة السابقة، لأنّها من أوّل الوجود يشكّ في إمكان جزئيّتها وعدمه.
نعم لازم رفع القاطعيّة واقعا في حال الشكّ وثبوت إمكان الجزئيّة في الأجزاء السابقة ثبوته في الأجزاء اللاحقة أيضا عقلا، ولكنّ البناء على عدم أخذ اللوازم العقليّة في الاصول، فمن الممكن ثبوت التعبّد بعدم القاطعيّة من حيث إمكان الجزئيّة في الأجزاء السابقة وعدم ثبوته من حيث الإمكان في الأجزاء اللاحقة.
وإذن فاستصحاب الأهليّة والإمكان بالمعنى المذكور لا يجدي في إثبات صحّة المركب، وعلى هذا فيشترك الشكّ في وجود المانع وفي وجود القاطع في عدم الانتفاع بأصل الصحّة فيهما، نعم لا إشكال في أصالة العدم في كليهما.
______________
(1) والمراد بالشبهة الحكميّة ما كان وظيفة رفعها من شأن الشارع، سواء كانت الشبهة في طرف الحكم، كما في الشكّ في أصل مانعيّة التكلّم، أم في طرف الموضوع من حيث المفهوم بعد الفراغ عن أصل الحكم، كما في الشكّ في أنّ التكلّم المانع هل هو الأعمّ من المشتمل على حرف واحد، أو المشتمل على حرفين، أو هو خاصّ بالثاني. منه عفي عنه.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|