أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2016
1360
التاريخ: 12-7-2020
4471
التاريخ: 15-11-2016
1470
التاريخ: 15-11-2016
1815
|
بانتصار المسلمين في اليرموك تحررت سوريا والقدس
فقد انهزم هرقل في اليرموك ببطولة الأشتر ورفاقه رضي الله عنهم ، وتحررت مدن سوريا وفلسطين حتى القدس .
روى الكلاعي : 3 / 271 ، عن عبد الله بن قرط : « أن أول من جاء ملكهم بالهزيمة رجل منهم فقال له : ما وراءك ؟ قال خير أيها الملك هزمهم الله وأهلكهم ، يعني المسلمين قال : ففرح بذلك من حوله وسروا ورفعوا أصواتهم فقال لهم ملكهم : ويحكم هذا كاذب ، وهل ترون هيئة هذا إلا هيئة منهزم ، سلوه ما جاء به ، فلعمري ما هو ببريد ولو لم يكن هذا منهزماً ما كان ينبغي له أن يكون إلا مع أميره مقيماً ! فما كان بأسرع من أن جاء آخر فقال له: ويحك ما وراءك؟ فقال: هزم الله العدو وأهلكهم . قال له هرقل : فإن كان الله أهلكهم فما جاء بك ! وفرح أصحابه وقالوا: صدقك أيها الملك. فقال لهم: ويحكم أتخادعون أنفسكم! إن هؤلاء والله لو كانوا ظهروا أو ظفروا، ما جاؤوكم على متون خيولهم يركضون، ولسبقهم البريد والبشرى.
قال : فإنهم لكذلك إذ طلع عليهم رجل من العرب من تنوخ على فرس له عربية يقال له حذيفة بن عمرو ، وكان نصرانياً فقال قيصر : ما أظن خبر السؤال إلا عند هذا ، فلما دنا منه قال له : ما عندك ؟ قال : الشر .
قال : وجهك الذي بشرنا بالشر ، ثم نظر إلى أصحابه فقال خبر سوء ، جاء به رجل سوء ، من قوم سوء !
فإنهم لكذلك إذ جاءه رجل من عظماء الروم ، فقال له الملك : ما وراءك ؟ قال : الشر ، هزمنا ! قال فما فعل أميركم باهان ؟ قال : قتل . قال : فما فعل فلان وفلان يسمي له عدداً من أمرائه وبطارقته وفرسانه ؟ فقال : قتلوا .
فقال له : لكنك والله أنت وفلان يسمي له عدداً من أمرائه وبطارقته وفرسانه فقال : قتلوا ! فقال له : لكنك والله أنت أخبث وألأم وأكفر من أن تذب عن دين أو تقاتل على دنيا ، ثم قال لشرطه أنزلوه فأنزلوه فجاؤوا به فقال له : ألست كنت أشد الناس عليَّ في أمر محمد نبي العرب ، حين جاءني كتابه ورسوله ، وكنت قد أردت أن أجيبه إلى ما دعاني إليه وأدخل في دينه ، فكنت أنت من أشد الناس عليَّ حتى تركت ما أردت من ذلك ! فهلا قاتلت الآن قوم محمد وأصحابه دون سلطاني ، وعلى قدر ما كنت لقيت منك إذ منعتني من الدخول في دينه : اضربوا عنقه . فقدموه فضربوا عنقه .
ثم نادى في أصحابه بالرحيل راجعاً إلى القسطنطينية ، فلما خرج من الشام وأشرف على أرض الروم استقبل الشام فقال : السلام عليك يا سورية ، سلام مودع لا يرى أنه يرجع إليك أبداً ! ثم قال : ويحك أرضا ما أنفعك لعدوك لكثرة ما فيك من العشب والخصب والخير » !
وقال البلاذري : 1 / 162 : « قالوا : ولما بلغ هرقل خبر أهل اليرموك وإيقاع المسلمين بجنده هرب من أنطاكية إلى قسطنطينية . فلما جاوز الدرب قال : عليك يا سورية السلام ! ونعم البلد هذا للعدو . يعنى أرض الشام لكثرة مراعيها . وكانت وقعة اليرموك في رجب سنة خمس عشرة » .
أقول : بمجرد هزيمة الروم في اليرموك قرر هرقل الانسحاب الكامل من سوريا وفلسطين ومصر وقبرص ، وفتحت كل مدنها أمام المسلمين ، فلم تحتج إلى قتال ، بل كان يكفي أن يذهب إلى أي مدينة رسول بكتاب من القائد العام أبي عبيدة ، أو يطلب حضورهم فيأتونه ليكتب معهم عهد صلح ويقبلوا بالجزية التي هي ضريبة سنوية .
وكل ما رواه الرواة من معارك بعد اليرموك ، فإما أن يكون معركة صغيرة أو مناوشات مع حاميات غير رومية ، وقد ضخمها الرواة ليثبتوا بطولات لخالد بن الوليد وعمرو العاص وأمثالهم ، وغالباً ما تكون المعركة من أصلها مكذوبة .
وكذلك ما رووه من معارك في فتح القدس ، وفتح قبرص ، ومصر ! وما أسهل أن تكشف كذب الرواة إذا بحثت عن الجيش الذي قاتلوه ، فلا تجد جندياً رومياً واحداً !
أما مجئ عمر بن الخطاب إلى القدس فكان رغبة منه لزيارتها ، وكان تشريفياً لم تكن فيه معركة ، وحتى عهد الصلح الذي كتبه لأهلها ، كان إضافة لعهد أبي عبيدة .
صورة كلية لفتح مصر
أثبتنا في ترجمة عمرو العاص أن مصر فتحت صلحاً بدون أي قتال ، وأن عمرو العاص اخترع واخترعوا له معارك في فتح مصر ، مع أنه لم يكن فيها جيش رومي ، والروم الذين بقوا في مصر كانوا سكاناً لا مقاتلين .
وأهل مصر الأقباط قرروا أن يصالحوا المسلمين ولا يحاربوهم ، وتحملوا بسبب ذلك غضب هرقل .
إن حقيقة فتح مصر أن هرقل بعد هزيمته في معارك فلسطين والشام ، وفي أثنائها سحب منها جيشه ، فدخلها عمرو العاص في ثلاثة آلاف وخمس مئة رجل ، واستقبله ملكها المقوقس ووقَّع معه عهد الصلح على أن يدفع مبلغاً فعلاً ، ويدفع عن كل مصري دينارين سنوياً .
وقد تم ذلك بدون ضربة سيف ولا سوط ، وحكم المسلمون مصر بدل الروم ، وأخذوا يديرونها ويأتون إليها للسكنى .
يدل على ذلك :
أولاً : أن أهل مصر الأقباط رأوا أنه لا قدرة لهم بمقاومة المسلمين فقرروا أن يصالحوهم ولا يقاتلوهم ، وكان موقفهم هذا معروفاً للمسلمين ، وقد ذكره عمرو بن العاص نفسه لعمر بن الخطاب ليقنعه بغزو مصر .
قال ابن الحكم المصري في كتابه : فتوح مصر / 131 : « قال يا أمير المؤمنين إيذن لي أن أسير إلى مصر ، وحرضه عليها وقال : إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعوناً لهم ، وهي أكثر الأرض أموالاً وأعجزها عن القتال والحرب .
فتخوف عمر بن الخطاب على المسلمين وكره ذلك ، فلم يزل عمرو يعظم أمرها عند عمر بن الخطاب ويخبره بحالها ويهون عليه فتحها ، حتى ركن عمر لذلك ، فعقد له على أربعة آلاف رجل كلهم من عكّ ، ويقال بل ثلاثة آلاف وخمس مائة » . ونحوه في تاريخ اليعقوبي : 2 / 147 ، وغيره من المصادر .
ثانياً : كان هذا الموقف متفقاً عليه بين المصريين ، ففي تاريخ الطبري : 3 / 199 : « لما نزل عمرو على القوم بعين شمس وكان الملك بين القبط والنوب ، ونزل معه الزبير عليها ، قال أهل مصر لملكهم : ما تريد إلى قوم فلُّوا كسرى وقيصر وغلبوهم على بلادهم ، صالحِ القومَ واعتقد منهم ( أبرم عقداً معهم ) ولا تَعْرُض لهم ، ولا تُعرضنا لهم ، وذلك في اليوم الرابع ، فأبى وناهدوهم فقاتلوهم ، وارتقى الزبير سورها فلما أحسوه فتحوا الباب لعمرو وخرجوا إليه مصالحين ، فقبل منهم ونزل الزبير عليهم عنوة ، حتى خرج على عمرو من الباب معهم ، فاعتقدوا بعد ما أشرفوا على الهلكة ، فأجروا ما أخذوا عنوة مجرى ما صالح عليه ، فصاروا ذمة » . والاكتفاء للكلاعي : 4 / 34 ، والطبري طبعة أخرى : 2 / 514 .
وفي فتوح مصر وأخبارها / 136 : « وكان بالإسكندرية أسقف للقبط يقال له أبو ميامين ، فلما بلغه قدوم عمرو بن العاص إلى مصر كتب إلى القبط ، يعلمهم أنه لا تكون للروم دولة ، وأن ملكهم قد انقطع ، ويأمرهم بتلقي عمرو ، فيقال أن القبط الذين كانوا بالفرما كانوا يومئذ لعمرو أعواناً . . ثم توجه عمرو لا يدافع إلا بالأمر الخفيف ، حتى نزل القواصر . .
سمع رجلاً من لخم يحدث . . كنت أرعى غنماً لأهلي بالقواصر ، فنزل عمرو ومن معه ، فدنوت إلى أقرب منازلهم ، فإذا بنفر من القبط فكنت قريباً منهم ، فقال بعضهم لبعض : ألا تعجبون من هؤلاء القوم يُقْدِمون على جموع الروم ، وإنما هم قلة من الناس ! فأجابه رجل آخر منهم فقال : إن هؤلاء القوم لا يتوجهون إلى أحد إلا ظهروا عليه » .
ثالثاً : روى المؤرخون نص عقد الصلح ، وغضب الروم منه وإصرار الأقباط عليه ، ففي كتاب فتوح مصر وأخبارها ، للمؤرخ المصري المتوفى 257 هجرية ، قال في / 152 : « وشرط المقوقس للروم أن يخُيَّروا ، فمن أحب منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك ، لازماً له مفترضاً عليه ، ممن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلها ، ومن أراد الخروج منها إلى أرض الروم خرج ، وعلى أن للمقوقس الخيار في الروم خاصة ، حتى يكتب إلى ملك الروم يعلمه ما فعل ، فإن قبل ذلك ورضيه جاز عليهم ، وإلا كانوا جميعاً على ما كانوا عليه ، وكتبوا به كتاباً .
وكتب المقوقس إلى ملك الروم كتاباً يعلمه على وجه الأمر كله ، فكتب إليه ملك الروم يُقَبِّحُ رأيه ويُعَجِّزُه ويَرُدُّ عليه ما فعل ، ويقول في كتابه إنما أتاك من العرب اثنا عشر ألفاً وبمصر من بها من كثرة عدد القبط ما لا يحصى، فإن كان القبط كرهوا القتال، وأحبوا أداء الجزية إلى العرب ، واختاروهم علينا ، فإن عندك من بمصر من الروم ، وبالإسكندرية ومن معك أكثر من مائة ألف ، معهم السلاح والعدة والقوة ، والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت ، فعجزت عن قتالهم ورضيت أن تكون أنت ومن معك من الروم في حال القبط أذلاء ، إلا تقاتلهم أنت ومن معك من الروم حتى تموت ، أو تظهر عليهم ، فإنهم فيكم على قدر كثرتكم وقوتكم وعلى قدر قلتهم وضعفهم ، كأكْلة ! فناهضهم القتال ولا يكون لك رأي غير ذلك. وكتب ملك الروم بمثل ذلك كتاباً إلى جماعة الروم !
فقال المقوقس لما أتاه كتاب ملك الروم: والله إنهم على قلتهم وضعفهم أقوى وأشد منا على كثرتنا وقوتنا، وإن الرجل الواحد منهم ليعدل مائة رجل منا، وذلك أنهم قوم الموت أحب إلى أحدهم من الحياة، يقاتل الرجل منهم وهو مستقتل يتمنى أن لا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده، ويرون أن لهم أجراً عظيماً فيمن قتلوه منا، ويقولون إنهم إن قتلوا دخلوا الجنة وليس لهم رغبة في الدنيا ولا لذة إلا على قدر بلغة العيش من الطعام واللباس ، ونحن قوم نكره الموت ونحب الحياة ولذتها ، فكيف نستقيم نحن وهؤلاء وكيف صبرنا معهم !
واعلموا معشر الروم والله إني لا أخرج مما دخلت فيه، ولا مما صالحت العرب عليه ، وإني لأعلم أنكم سترجعون غداً إلى رأيي وقولي ، وتتمنون أن لو كنتم أطعتموني ! وذلك أني قد عاينت ورأيت وعرفت ما لم يعاين الملك ولم يره ولم يعرفه ! ويْحكم ! أما يرضى أحدكم أن يكون آمناً في دهره على نفسه وماله وولده بدينارين في السنة !
ثم أقبل المقوقس إلى عمرو بن العاص فقال له: إن الملك قد كره ما فعلتُ وعجَّزني، وكتب إليَّ وإلى جماعة الروم أن لا نرضى بمصالحتكم، وأمرهم بقتالكم حتى يظفروا بك أو تظفر بهم. ولم أكن لأخرج مما دخلت فيه وعاقدتك عليه، وإنما سلطاني على نفسي ومن أطاعني ، وقد تم صلح القبط فيما بينك وبينهم ، ولم يأت من قبلهم نقض ، وأنا متم لك على نفسي ، والقبط متمون لك على الصلح الذي صالحتهم عليه وعاقدتهم . وأما الروم فإني منهم برئ ، وأنا أطلب إليك أن تعطيني ثلاث خصال . فقال له عمرو : ما هن ؟ قال : لا تنقض بالقبط ، وأدخلني معهم وألزمني ما ألزمتهم ، وقد اجتمعت كلمتي وكلمتهم على ما عاهدتك عليه ، فهم متمون لك على ما تحب .
وأما الثانية ، فإن سألك الروم بعد اليوم أن تصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئاً وعبيداً ، فإنهم أهل ذلك ، فإني نصحتهم فاستغشوني ، ونظرت لهم فاتهموني . وأما الثالثة ، أطلب إليك إن أنا متُّ أن تأمرهم أن يدفنوني في كنيسة أبي يحنس بالإسكندرية .
فأنعم له عمرو بن العاص بذلك وأجابه إلى ما طلب ، على أن يضمنوا له الجسرين جميعاً ، ويقيموا له الأنزال والضيافة والأسواق والجسور ، ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية ، ففعلوا ، وصارت القبط أعواناً للمسلمين على الروم » . ونهاية الإرب : 19 / 301 .
إن أي عاقل يقرأ هذه الحقائق ، لا يمكنه أن يقبل ما ادعاه عمرو بن العاص ورواة السلطة ، من معارك مخترعة ، وبطولات مكذوبة ، في فتح مصر !
وإني لأعجب لبعض الباحثين ، كيف يمتهن عقله ، فيسرد تلك المعارك والبطولات على أنها أحداث وقعت في فتح مصر ، مع القبط أو الروم !
من هذه المعارك المزعومة مع الروم قولهم:
« وكان بالإسكندرية فيما أحصي من الحمامات اثنا عشر ألف ديماس ( حمَّام ) أصغر ديماس منها يسع ألف مجلس ، كل مجلس منها يسع جماعة نفر ، وكان عدة من بالإسكندرية من الروم مائتي ألف من الرجال ، فلحق بأرض الروم أهل القوة وركبوا السفن ، وكان بها مائة مركب من المراكب الكبار ، فحمل فيها ثلاثون ألفاً مع ما قدروا عليه من المال والمتاع والأهل ، وبقي من بقي الأسارى ممن بلغ الخراج ، فأحصي يومئذ ست مائة ألف سوى النساء والصبيان ، فاختلف الناس على عمرو في قسمها ، وكان أكثر الناس يريدون قسمها ، فقال عمرو : لا أقدر على قسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين ، فكتب إليه كتاباً يعلمه بفتحها وشأنها ، ويعلمه أن المسلمين طلبوا قَسْمها . فكتب إليه عمر : لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئاً للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم . فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج ، فكانت مصر صلحاً كلها بفريضة دينارين دينارين على كل رجل ، لا يزاد على أحد منهم في جزية رأسه أكثر من دينارين ، إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع ، إلا أهل الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليَهم ، لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد ، ولم يكن صلح ولا ذمة وقد كانت قرى من قرى مصر » . ( فتوح مصر وأخبارها / 167 ) .
بينما قالت رواية ثانية في / 163 : « ويقال إن عمرو بن العاص استشار مسلمة بن مخلد كما حدثنا عثمان بن صالح عن من حدثه فقال أشر علي في قتال هؤلاء ؟ فقال له مسلمة : أرى أن تنظر إلى رجل له معرفة وتجارب من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فتعقد له على الناس ، فيكون هو الذي يباشر القتال ويكفيكه . قال عمرو : ومن ذلك ؟ قال : عبادة بن الصامت ، فدعا عمرو عبادة فأتاه وهو راكب على فرسه فلما دنا منه أراد النزول ، فقال له عمرو : عزمت عليك إن نزلت ، ناولني سنان رمحك فناوله إياه ، فنزع عمرو عمامته عن رأسه وعقد له ، وولاه قتال الروم فتقدم عبادة مكانه فصافَّ الروم وقاتلهم ، ففتح الله على يديه الإسكندرية من يومهم ذلك . حدثنا أبو عبد الله بن عبد الحكم قال : لما أبطأ على عمرو بن العاص فتح الإسكندرية ، استلقى على ظهره ثم جلس ثم قال : إني فكرت في هذا الأمر ، فإذا هو لا يصلح آخره إلا من أصلح أوله يريد الأنصار ، فدعا عبادة بن الصامت فعقد له ، ففتح الله على يديه الإسكندرية » .
وخالفتها رواية ثالثة في / 161 ، فاخترعت بطولة لعمرو تعتمد على الحيلة : « ثم اشتد القتال حتى اقتحموا حصن الإسكندرية ، فقاتلتهم العرب في الحصن ، ثم جاشت عليهم الروم حتى أخرجوهم جميعاً من الحصن ، إلا أربعة نفر بقوا في الحصن وأغلقوا عليهم باب الحصن ، أحدهم عمرو بن العاص ، والآخر مسلمة بن مخلد ، ولم نحفظ الآخرين ، وحالوا بينهم وبين أصحابهم ، ولا يدري الروم من هم ، فما رأى ذلك عمرو بن العاص وأصحابه التجأوا إلى ديماس من حماماتهم ، فدخلوا فيه فاحترزوا به ، فأمروا رومياً أن يكلمهم بالعربية فقال لهم : إنكم قد صرتم بأيدينا أسارى فاستأسروا ولا تقتلوا أنفسكم ، فامتنعوا عليهم ثم قال لهم : إن في أيدي أصحابكم منا رجالاً أسروهم ونحن نعطيكم العهود نفادي بكم أصحابنا ولا نقتلكم ، فأبوا عليهم ، فلما رأى الرومي ذلك منهم قال لهم : هل لكم إلى خصلة وهي نصف فيما بيننا وبينكم ، أن تعطونا العهد ونعطيكم مثله على أن يبرز منكم رجل ومنا رجل ، فإن غلب صاحبنا صاحبكم استأسرتم لنا وأمكنتم من أنفسكم ، وإن غلب صاحبكم صاحبنا خلينا سبيلكم إلى أصحابكم ، فرضوا بذلك وتعاهدوا عليه ، وعمرو ومسلمة وصاحباهما في الحصن في الديماس ، فتداعوا إلى البراز فبرز رجل من الروم ، قد وثقت الروم بنجدته وشدته ، وقالوا يبرز رجل منكم لصاحبنا ، فأراد عمرو أن يبرز فمنعه مسلمة وقال : ما هذا تخطئ مرتين ، تشذ من أصحابك وأنت أمير ، وإنما قوامهم بك وقلوبهم معلقة نحوك ، لا يدرون ما أمرك ، ثم لا ترضى حتى تبارز وتتعرض للقتل ، فإن قتلت كان ذلك بلاء على أصحابك مكانك وأنا أكفيك إن شاء الله تعالى . فقال عمرو : دونك فربما فرجها الله بك فبرز مسلمة والرومي فتجاولا ساعة ، ثم أعانه الله عليه فقتله فكبر مسلمة وأصحابه ، ووفى لهم الروم بما عاهدوهم عليه ، ففتحوا لهم باب الحصن ، فخرجوا ولا يدري الروم أن أمير القوم فيهم حتى بلغهم ، بعد ذلك فأسفوا على ذلك ، وأكلوا أيديهم تغيضاً على ما فاتهم ، فلما خرجوا استحيا عمرو مما كان قال لمسلمة حين غضب ، فقال عمرو عند ذلك : أستغفر لي ما كنت قلت لك فاستغفر له ، وقال عمرو والله ما أفحشت قط إلا ثلاث مرار مرتين في الجاهلية وهذه الثالثة وما منهن مرة إلا وقد ندمت وما استحييت من واحدة منهن أشد مما استحييت مما قلت لك » !
والصحيح أن الإسكندرية فتحت صلحاً بلا قتال ، وأن عَمْراً ادعى بعد خمس سنين أن أهلها نقضوا الصلح ، فغزاهم وسبى منهم ، فكذبه الخليفة عثمان ، وأمره برد السبي والأموال التي أخذها ، وقالوا إنه عزله بسبب ذلك ، كما بينا في ترجمة عمرو !
إن أي عاقل يقرأ هذه الحقائق ، لا يمكنه أن يقبل ما ادعاه عمرو بن العاص ورواة السلطة ، من معارك مخترعة ، وبطولات مكذوبة ، في فتح مصر !
وإني لأعجب لبعض الباحثين ، كيف يمتهن عقله ، فيسرد تلك المعارك والبطولات على أنها أحداث وقعت في فتح مصر ، مع القبط أو الروم !
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|