أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-7-2020
4771
التاريخ: 10-7-2020
5314
التاريخ: 4-7-2020
14866
التاريخ: 8-7-2020
9702
|
قال تعالى:{ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } [يوسف: 43 - 49]
أخبر سبحانه عن سبب نجاة يوسف من السجن وهو أنه لما قرب الفرج رأى الملك رؤيا هالته وأشكل تعبيرها على قومه حتى عبرها يوسف فقال سبحانه :{ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} يعني: وقال ملك مصر وهو الوليد بن ريان والعزيز وزيره وفيما رواه الأكثرون: إني أرى في منامي سبع بقرات سمان { يأكلهن سبع } أي: سبع بقرات أخر { عجاف} أي: مهازيل فدخلت السمان في بطون المهازيل حتى لم أر منهن شيئا { وسبع سنبلات خضر} أي: وأرى في منامي سبع سنبلات قد انعقد حبها { وأخر} أي: وسبعا أخر { يابسات } قد احتصدت فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها { يا أيها الملأ } أي: جمع الأشراف وقيل: جمع السحرة والكهنة وقص رؤياه عليهم وقال: يا أيها الأشراف أوالجماعة { أفتوني في رؤياي } أي: عبروا ما رأيت في منامي وبينوا لي الفتوى فيه وهو حكم الحادثة { إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} معناه: إن كنتم عابرين للرؤيا وقيل: إن اللام تفيد معنى إلى أي إن كنتم توجهون العبارة إلى الرؤيا { قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} أي: هذه أباطيل أحلام عن الكلبي وقيل: تخاليط أحلام عن قتادة والمعنى: هذا منامات كاذبة لا يصح تأويلها { وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ} التي هذه صفتها { بعالمين } وإنا نعلم تأويل ما يصح وكان جهل الملأ بتأويل رؤيا الملك سبب نجاة يوسف لأن الساقي تذكر حديث يوسف فجثا بين يديه وقال: يا أيها الملك إني قصصت أنا وصاحب الطعام على رجل في السجن منامين فخبر بتأويلهما وصدق في جميع ما وصف فإن أذنت مضيت إليه وأتيتك من قبله بتفسير هذه الرؤيا فذلك قوله: { وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} عن الكلبي وقوله :{ وادكر بعد أمة } معناه: تذكر شأن يوسف وما وصاه به بعد حين من الدهر وزمان طويل عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة :وهاهنا حذف يدل الكلام عليه وهوفأرسلون إلى يوسف فأرسل فأتى يوسف في السجن وقال له: { يوسف} أي: يا يوسف { أيها الصديق} أي: الكثير الصدق فيما تخبر به { أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} إلى قوله { يابسات } فإن الملك رأى هذه الرؤيا واشتبه تأويلها { لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ} يعني: الملك وأصحابه والعلماء الذين جمعهم لتعبير رؤياه.
{ لعلهم يعلمون } فضلك وعلمك فيخرجوك من السجن وقيل: لعلهم يعرفون تأويل رؤيا الملك { قال} يوسف في جوابه معبرا ومعلما أما البقرات السبع العجاف والسنابل السبع اليابسات فالسنون الجدبة وأما السبع السمان والسنابل السبع الخضر فإنهن سبع سنين مخصبات ذوات نعمة وأنتم تزرعون فيها فذلك قوله { تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} أي: فازرعوا سبع سنين متوالية عن ابن عباس أي زراعة متوالية في هذه السنين على عادتكم في الزراعة سائر السنين وقبل دأبا أي بجد واجتهاد في الزراعة ويجوز أن يكون حالا فيكون معناه تزرعون دائبين { فما حصدتم } من الزرع { فذروه} اتركوه { في سنبله} لا تذروه ولا تدوسوه { إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ} وإنما أمرهم بذلك ليكون أبقى وأبعد من الفساد يعني أن ما أردتم أكله فدوسوه واتركوا الباقي في السنبل وقيل: إنما أمرهم بذلك لأن السنبل لا يقع فيه سوس ولا يهلك وإن بقي مدة من الزمان وإذا صفي أسرع إليه الهلاك { ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد } أي: سبع سنين مجدبات صعاب تشد على الناس { يأكلن ما قدمتم لهن } معناه: تأكلن فيها ما قدمتم في السنين المخصبة لتلك السنين وإنما أضاف الأكل إلى السنين لأنه يقع فيها كما قال الشاعر :
نهارك يا مغرور سهووغفلة وليلك نوم والردى لك لازم
وسعيك فيما سوف تكره غبه(2) كذلك في الدنيا تعيش البهائم
وقيل أراد بالأكل الإفناء والإهلاك كما يقال أكل السير لحم الناقة أي ذهب به قال زيد بن أسلم كان يوسف يصنع طعام اثنين فيقربه إلى رجل فيأكل نصفه حتى كان ذات يوم قربه إليه فأكله كله فقال هذا أول يوم من السبع الشداد { إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} معناه :إلا شيئا قليلا مما تحرزون وتدخرون { ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ} معناه ثم يأتي من بعد هذه السنين الشداد عام فيه يمطر الناس من الغيث وقيل يغاثون من الغوث والغياث أي: ينقذون وينجون من القحط { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} الثمار التي تعصر في الخصب كالعنب والزيت والسمسم عن ابن عباس ومجاهد وقتادة ينجون من الجدب من العصرة والعصر والاعتصار الالتجاء قال عدي بن زيد :
لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري(3)
وهذا القول من يوسف إخبار بما لم يسألوه منه ولم يكن في رؤيا الملك بل هو مما أطلعه الله تعالى عليه من علم الغيب ليكون من آيات نبوته ( عليه السلام ) قال البلخي وهذا التأويل من يوسف يدل على بطلان قول من يقول إن الرؤيا على ما عبرت أولا لأنهم كانوا قالوا هي أضغاث أحلام فلوكان ما قالوه صحيحا لكان يوسف لا يتأولها .
_____________________
1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج5،ص409-411.
2- غب الأمر:عاقبته وأخره.
3- الشرق:دخول الماء الحلق حتى يغص به.
الأحلام ونظرية فرويد :
الأحلام ظاهرة نفسية ، وقد تناولها بالبحث والتمحيص علماء النفس وكثير غيرهم من كل مذهب ، وتكلموا عنها كثيرا ، وما أتوا بضابط كلي يمكن الاعتماد عليه في تفسير الأحلام بشتى أنواعها . . أجل ، لقد اهتدوا إلى المصدر الأول لنوع من الأحلام ، وفسروه تفسيرا صحيحا ، واكتشفوا منه بعض الأمراض العصبية ، لأنه انعكاس عنها ، ولكن هناك أحلاما تتكلم بغير لغة الحالم ونفسه وحياته ، وعجز العلماء عن تفسيرها .
وحاول « فرويد » أن يفرض التفسير الجنسي على جميع الأحلام ، بل وعلى كل شيء في هذه الحياة أوعلى أكثر أشيائها . . فالأحلام عنده كلها رموز جنسية ، دون استثناء ، والأمراض العصبية سببها كبت الغريزة الجنسية ، وحب الولد لوالدته ناشئ عن التفكير فيها وغيرته من أبيه عليها ، وكذلك تعشق البنت أباها ، وتغار من أمها عليه ، بل كذلك جميع الصداقات والأشواق . . حتى فكرة التدين والضمير مصدرها الخوف من مضاجعة المحارم . . وعلى هذه فقس ما سواها . .
ورد العارفون هذه النظرية بأن الإنسان مسير بالعديد من الغرائز ، لا بغريزة الجنس فقط ، وألف « جاسترو» البولندي كتابا في جزءين ردا على فرويد ، وأسماه : الأحلام والجنس ، وترجمه فوزي الشتوي ، ومما جاء فيه ان العلماء درسوا بضعة آلاف من الأحلام لبضع مئات من الناس ، فوجدوا أن أقل من 50 بالمائة منها لا يمكن تفسيرها بنظرية فرويد ، وان هذه النظرية تترك كثيرا من الأسئلة بغير إجابة . وقال أديب ذكي معاصر .
« ان نظرية فرويد لا تدين سوى صاحبها ، فهو صاحب الخيال الجنسي الذي يرى في كل شيء مستدير عضوا انثويا ، وفي كل مستطيل عضوا مذكرا . . أما
الإنسانية فهي بريئة من هذا الرأي ، ان هذه النظرية الضيقة لا يمكن أن تكون صادقة ، فالإنسان ليس عبدا للجنس فقط ، وإنما هوعبد لأكثر من لذة ، لذة الجنس ، ولذة الحب ، ولذة الصداقة ، ولذة الجمال ، ولذة المعرفة ، ولذة السيطرة ، ولذة القوة ، ولذة الحرية ، والسعادة هي ائتلاف هذه اللذات في حياة منسجمة ، وفي نظرة رحبة واسعة الأفق » .
والذي نراه ان الأحلام على أنواع :
« منها » ما هو انعكاس لعادات الإنسان وتفكيره ، كالفيلسوف يرى أنه يناقش أفلاطون وأرسطو، والمسلم يصلي في المسجد ، والمسيحي يصلَّب في الكنيسة والفلاح يزرع ، والباني يبني ، وما أشبه ذلك . وهذا النوع واضح ولا يختلف فيه اثنان ، لأنه يحمل تفسيره معه .
و« منها » ما هو غريب عن حياة الحالم وتفكيره ، كرؤيا الملك البقرات والسنبلات . . وما هو فلاح ، ولا براعي بقر ، وجاءت رؤياه إنذارا بما حدث من الجدب بعد الخصب .
و« منها » ما يقع في اليقظة ، تماما كما رآه الإنسان في منامه دون زيادة أونقصان . . وهذا نادر جدا ، ولكنه حدث قطعا ، وحتى الآن لم يهتد العلم إلى تفسير هذا النوع والنوع الذي قبله ، وقد يهتدي إليه في المستقبل القريب أوالبعيد . .
وفسرهما البعض بالصدفة . . وليس من شك ان الصدفة هي ملجأ العجزة ، وقال آخر : انهما نتيجة لحاسة في الإنسان نجهل كنهها . . وهذا أيضا من العجز .
وفي سنة 1956 رأيت فيما يرى النائم المرحوم أخي الشيخ عبد الكريم ، وكان قد مضى على وفاته عشرون سنة ، وأخبرني عما سيحدث وعيّن الوقت ، فكان كما قال . . وبعد هذا بسنوات رأيت رؤيا فصدقت ، وكانت سوءا كالأولى ، فقلت لصديق لي مداعبا : ان رؤيا الشر تصدق ، دون رؤيا الخير . . وحين وصلت في التفسير إلى أول سورة يوسف قرأت هذه العبارة للرازي : « اعلم أن الحكماء يقولون : ان الرؤيا الرديئة يظهر تفسيرها عن قريب » فتعجبت ، وتذكرت قول الشاعر البائس :
فإن أر خيرا في المنام فنازح * وان أر شرا فهومني مقرب
والخلاصة انه لا يوجد ضابط كلي يمكن الاعتماد عليه في تفسير الأحلام بكاملها لأنها أنواع متضادة متباينة ، فمنها صدى لوساوس النفس وظروفها ، وهذا النوع واضح بوضوح مصدره . ومنها ما هوصورة طبق الأصل عن الحادث الذي يقع في اليقظة بعد الحلم ، وهذا النوع نجهل سره ومصدره . ومنها ما هورموز وإشارات مسبقة إلى الواقع المحسوس قبل وقوعه ، كالكواكب التي سجدت ليوسف ، والخبز الذي حمله الفتى المسجون فوق رأسه ، والبقرات والسنبلات التي رآها ملك مصر ، وهذا كسابقه لا نعرف له سرا ولا مصدرا . أما من قال بأن هذا النوع والذي قبله بشرى من اللَّه ، أوحاسة في الإنسان فقد ادعى لنفسه العلم بالغيب ، ولا يرضى أن ينسب إلى الجهل ، حتى بما حجب اللَّه علمه عن عباده .
{ وقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وأُخَرَ يابِساتٍ } . في ذات يوم أصبح ملك مصر على رؤيا غريبة . . رأى بقرات يأكلهن بقرات مثلهن ، وما حدث مثل هذا قط ، وبالخصوص ان المهازيل أكلن السمان ، وأيضا رأى سنابل يابسات تلتوي على سنابل خضر في حقل واحد . .
وهذا غريب عن المعتاد .
فدعا رجال حاشيته ، وكهنة دولته ، وقال لهم : { يا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ } . فعجزوا عن التفسير و{ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعالِمِينَ } . المعنى واضح ، ولكن للرازي هنا كلاما مفيدا يتلخص بأن اللَّه تعالى جعل رؤيا الملك سببا لخلاص يوسف ( عليه السلام ) ، وإذا أراد اللَّه أمرا هيأ أسبابه ، وقد شاهد الملك ان الضعيف يستولي على القوي ، وهذا بعيد عن الفطرة ، فأيقن ان الرؤيا تنذر بالشرّ ، ولكنه جهل حقيقته وتفاصيله ، فتشوّق إلى المعرفة ، وجمع المعبرين وسألهم عن تفسير ما رأى ، ولكن اللَّه أعماهم عن الحقيقة ليكون ذلك سببا لخلاص يوسف من سجنه . . ثم قال الرازي : ان المعبرين ما نفوا عن أنفسهم العلم بالتعبير ، وانما قسموا الرؤيا إلى قسمين :
منتظمة يسهل معرفتها ، ومضطربة لا تفسير لها إلا الوهم والخيال ، وقالوا :
ان رؤيا الملك من النوع الذي لا تفسير له ، أولا يعرفون هم له تفسيرا ، وان المتبحر في علم الرؤيا قد يهتدي إلى تفسيره .
{ وقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ } . سبق ان يوسف حين دخل السجن دخل معه فتيان ، وان أحدهما رأى أنه يعصر خمرا ، والآخر يحمل فوق رأسه خبزا ، فعبر لهما يوسف ما رأيا وأحسن التعبير حيث نجا الأول ، وصلب الثاني كما قال . . وهذه الآية تشير إلى الذي نجا ، وقال له يوسف آنذاك : اذكرني عند ربك ، فأنساه الشيطان وصية يوسف ، ولما رأى حيرة الملك واهتمامه بتعبير رؤياه وعجز المعبرين تذكر يوسف ، فأخبر الملك عنه وعن صلاحه وعلمه بتعبير الرؤيا ، وقال : لوأرسلتني إليه أيها الملك لجئتك بالخبر اليقين .
{ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وأُخَرَ يابِساتٍ } . أمر الملك ساقيه أن ينطلق إلى الرجل الصالح الذي حدثه عنه ، وان يقص عليه رؤياه ، ثم يأتيه بما يسمع منه ، فانطلق الساقي إلى يوسف ، وبطبيعة الحال اعتذر له عن نسيانه ، بعد أن لقّبه بما هوأهل له من الصدق ، ثم نقل له رؤيا الملك بالحرف ليأتي التفسير على وفق النص { لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } . أي أخبرني عن التأويل لأنقله عنك إلى الملك وحاشيته ، فيعلمون بفضلك ومكانتك ، فيخرجونك من السجن .
{ قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ } قال يوسف للسائل مفسرا رؤيا الملك : تزرعون سبع سنين متوالية ، وتكون هذه السنين خصبة طيبة ، وهي المشار إليها بالبقرات السمان والسنابل الخضر ، كل سنبلة وبقرة ترمز إلى سنة ، ثم نصح لهم يوسف ، وقال : كل ما تحصدونه من الزرع ادخروا سنابله ، ولا تدوسوه لأن القمح في سنابله يصان من السوس والرطوبة : أما الذي تريدون أكله فدوسوه ، مع مراعاة الاقتصاد والاكتفاء بما يسد الحاجة .
{ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ } أسند الأكل إلى السنين ، والمراد أهلها ، وهذا كثير في كلام العرب ، والمعنى ان السنين المخصبة تعقبها سبع سنين مجدبة ، يتجهم فيها وجه الأرض ، ولا تنبت شيئا ، فتأكلون كل ما ادخرتموه فيما مضى ، ولا يبقى إلا القليل للبذر { ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وفِيهِ يَعْصِرُونَ } . أي يأتي بعد السبع
الشداد عام خصب يغيث اللَّه فيه الناس من الشدة بالماء ، فينبت الزرع ، وينموالشجر ، ويعصر الناس من ثمره خمرا وزيتا وأنواع الدهون والأشربة . . وتجدر الإشارة إلى أنه لم يرد في رؤيا الملك أي رمز إلى هذا العام ، وانما هومن الغيب الذي لا يطلع عليه إلا اللَّه أومن ارتضى من رسول .
___________________
1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية،ج4، صفحه 319-323.
تتضمن الآيات قصة خروجه (عليه السلام) من السجن ونيله عزة مصر والأسباب المؤدية إلى ذلك، وفيها تحقيق الملك ثانيا في اتهامه وظهور براءته التام.
قوله تعالى:{ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ} إلى آخر الآية.
رؤيا للملك يخبر بها الملأ والدليل عليه قوله:{ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} وقوله:{إني أرى} حكاية حال ماضية، ومن المحتمل أنها كانت رؤيا متكررة كما يحتمل مثله في قوله سابقا:{إني أراني أعصر خمرا}{إني أراني أحمل} إلخ.
والسمان جمع سمينة والعجاف جمع عجفاء بمعنى المهزولة، قال في المجمع: ولا يجمع فعلاء على فعال غير العجفاء على عجاف والقياس في جمعه العجف بضم العين وسكون الجيم كالحمراء والخضراء والبيضاء على حمر وخضر وبيض، وقال غيره: إن ذلك من قبيل الاتباع والجمع القياسي عجف.
والإفتاء إفعال من الفتوى والفتيا، قال في المجمع،: الفتيا الجواب عن حكم المعنى وقد يكون الجواب عن نفس المعنى فلا يكون فتيا انتهى.
وقوله:{تعبرون} من العبر وهو بيان تأويل الرؤيا وقد يسمى تعبيرا، وهو على أي حال مأخوذ من عبور النهر ونحوه كان العابر يعبر من الرؤيا إلى ما وراءها من التأويل، وهو حقيقة الأمر التي تمثلت لصاحب الرؤيا في صورة خاصة مألوفة له.
قال في الكشاف، في قوله:{سبع بقرات سمان} إلخ فإن قلت: هل من فرق بين إيقاع سمان صفة للمميز وهو بقرات دون المميز وهو سبع وإن يقال: سبع بقرات سمانا؟ قلت: إذا أوقعتها صفة لبقرات فقد قصدت إلى أن تميز السبع بنوع من البقرات وهي السمان منهن لا بجنسهن، ولووصفت بها السبع لقصدت إلى تمييز السبع بجنس البقرات لا بنوع منها ثم رجعت فوصفت المميز بالجنس بالسمن.
فإن قلت: هلا قيل: سبع عجاف على الإضافة؟ قلت: التمييز موضوع لبيان الجنس والعجاف وصف لا يقع البيان به وحده فإن قلت: فقد يقال: ثلاثة فرسان وخمسة أصحاب قلت: الفارس والصاحب والراكب ونحوها صفات جرت مجرى الأسماء فأخذت حكمها وجاز فيها ما لم يجز في غيرها، أ لا تراك لا تقول: عندي ثلاثة ضخام وأربعة غلاظ. انتهى.
وقال أيضا: فإن قلت: هل في الآية دليل على أن السنبلات اليابسة كانت سبعا كالخضر؟ قلت: الكلام مبني على انصبابه إلى هذا العدد في البقرات السمان والعجاف والسنابل الخضر فوجب أن يتناول معنى الآخر السبع، ويكون قوله:{وأخر يابسات} بمعنى وسبعا أخر.
فإن قلت: هل يجوز أن يعطف قوله:{وأخر يابسات} على{سنبلات خضر} فيكون مجرور المحل؟ قلت: يؤدي إلى تدافع وهو أن عطفها على سنبلات خضر يقتضي أن يدخل في حكمها فيكون معها مميزا للسبع المذكورة، ولفظ الأخر يقتضي أن يكون غير السبع بيانه أنك تقول: عندي سبعة رجال قيام وقعود بالجر فيصح لأنك ميزت السبعة برجال موصوفين بقيام وقعود على أن بعضهم قيام وبعضهم قعود فلوقلت: عنده سبعة رجال قيام وآخرين قعود تدافع ففسد.
انتهى، وكلامه على اشتماله على نكتة لطيفة لا ينتج أزيد من الظن بكون السنبلات اليابسات سبعا كغيرها أما وجوب الدلالة من الكلام فلا البتة.
ومعنى الآية: وقال ملك مصر لملئه إني أرى في منامي سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات مهازيل وأرى سبع سنبلات خضر وسنبلات أخر يابسات يا أيها الملأ بينوا لي ما عندكم من حكم رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون.
قوله تعالى:{ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} الأحلام جمع حلم بضمتين وقد يسكن وسطه هو ما يراه النائم في منامه وكان الأصل في معناه ما يتصور للإنسان من داخل نفسه من غير توصله إليه بالحس، ومنه تسمية العقل حلما لأنه استقامة التفكر، ومنه أيضا الحلم لزمان البلوغ قال تعالى.
{ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ}: النور: 59 أي زمان البلوغ، بلوغ العقل، ومنه الحلم بكسر الحاء بمعنى الأناءة ضد الطيش وهو ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب وعدم المعاجلة في العقوبة فإنه إنما يكون عن استقامة التفكر.
وذكر الراغب: أن الأصل في معناه الحلم بكسر الحاء، ولا يخلومن تكلف.
وقال الراغب: الضغث قبضة ريحان أو حشيش أوقضبان وجمعه أضغاث، قال تعالى:{وخذ بيدك ضغثا} وبه شبه الأحلام المختلفة التي لا تتبين حقائقها{ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} حزم أخلاط من الأحلام انتهى.
وتسمية الرؤيا الواحدة بأضغاث الأحلام كأنه بعناية دعوى كونها صورا متفرقة مختلطة مجتمعة من رؤى مختلفة لكل واحد منها تأويل على حدة فإذا اجتمعت واختلطت عسر للمعبر الوقوف على تأويلها، والإنسان كثيرا ما ينتقل في نومة واحدة من رؤيا إلى أخرى ومنهما إلى ثالثة وهكذا فإذا اختلطت أبعاضها كانت أضغاث أحلام وامتنع الوقوف على حقيقتها ويدل على ما ذكرنا من العناية التعبير بأضغاث أحلام بتنكير المضاف والمضاف إليه معا كما لا يخفى.
على أن الآية أعني قوله:{وقال الملك إني أرى} إلخ، غير صريحة في كونه رؤيا واحدة وفي التوراة أنه رأى البقرات السمان والعجاف في رؤيا والسنبلات الخضر واليابسات في رؤيا أخرى.
وقوله:{ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} إن كان الألف واللام للعهد فالمعنى وما نحن بتأويل هذه المنامات التي هي أضغاث أحلام بعالمين.
وإن كان لغير العهد والجمع المحلى باللام يفيد العموم فالمعنى وما نحن بتأويل جميع المنامات بعالمين وإنما نعبر غير أضغاث الأحلام منها، وعلى أي حال لا تدافع بين عدهم رؤياه أضغاث أحلام وبين نفيهم العلم بتأويل الأحلام عن أنفسهم، ولوكان المراد بالأحلام الأحلام الصحيحة فحسب كان كل من شطري كلامهم يغني عن الآخر.
ومعنى الآية قالوا أي قال الملأ للملك: ما رأيته أضغاث أحلام وأخلاط من منامات مختلفة وما نحن بتأويل هذا النوع من المنامات بعالمين أووما نحن بتأويل جميع المنامات بعالمين وإنما نعلم تأويل الرؤى الصالحة.
قوله تعالى:{ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} الأمة الجماعة التي تقصد لشأن ويغلب استعمالها في الإنسان، والمراد بها هاهنا الجماعة من السنين وهي المدة التي نسي فيها هذا القائل وهو ساقي الملك أن يذكر يوسف عند ربه وقد سأله يوسف ذلك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث يوسف في السجن بضع سنين.
والمعنى: وقال الذي نجا من السجن من صاحبي يوسف فيه وادكر بعد جماعة من السنين ما سأله يوسف في السجن حين أول رؤياه: أنا أنبئكم بتأويل ما رآه الملك في منامه فأرسلوني إلى يوسف في السجن حتى أخبركم بتأويل ذلك.
وخطاب الجمع في قوله:{أنبئكم} وقوله{فأرسلون} تشريك لمن حضر مع الملك وهم الملأ من أركان الدولة وأعضاد المملكة الذين يلون أمور الناس، والدليل عليه قوله الآتي:{لعلي أرجع إلى الناس} كما سيأتي.
قوله تعالى:{ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} إلى آخر الآية، في الكلام حذف وتقدير إيجازا، والتقدير: فأرسلوه فجاء إلى يوسف في السجن فقال: يا يوسف أيها الصديق أفتنا في رؤيا الملك وذكر الرؤيا وذكر أن الناس في انتظار تأويله وهذا الأسلوب من لطائف أساليب القرآن الكريم.
سمى يوسف صديقا وهو كثير الصدق المبالغ فيه لما كان رأى من صدقه فيما عبر به منامه ومنام صاحبه في السجن وأمور أخرى شاهدها من فعله وقوله في السجن، وقد أمضى الله سبحانه كونه صديقا بنقله ذلك من غير رد.
وقد ذكر متن الرؤيا من غير أن يصرح أنه رؤيا فقال:{ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} لأن قوله:{أفتنا} وهو سؤال الحكم الذي يؤدي إليه نظره، وكون المعهود فيما بينه وبين يوسف تأويل الرؤيا، وكذا ذيل الكلام يدل على ذلك ويكشف عنه.
وقوله:{ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} لعل الأول تعليل لقوله:{أفتنا} ولعل الثاني تعليل لقوله{أرجع} والمراد أفتنا في أمر هذه الرؤيا ففي إفتائك رجاء أن أرجع به إلى الناس وأخبرهم بها وفي رجوعي إليهم رجاء أن يعلموا به فيخرجوا به من الحيرة والجهالة.
ومن هنا يظهر أن قوله:{أرجع} في معنى أرجع بذلك فمن المعلوم أنه لوأفتى فيه فرجع المستفتي إلى الناس كان رجوعه رجوع عالم بتأويله خبير بحكمه فرجوعه عندئذ إليهم رجوع بمصاحبة ما ألقي إليه من التأويل فافهم ذلك.
وفي قوله أولا:{أفتنا} وثانيا:{لعلي أرجع إلى الناس} دلالة على أنه كان يستفتيه بالرسالة عن الملك والملأ ولم يكن يسأله لنفسه حتى يعلمه ثم يخبرهم به بل ليحمله إليهم ولذلك لم يخصه يوسف بالخطاب بل عم الخطاب له ولغيره فقال:{تزرعون} إلخ.
وفي قوله:{إلى الناس} إشعار أودلالة على أن الناس كانوا في انتظار أن يرتفع بتأويله حيرتهم، وليس إلا أن الملأ كانوا هم أولياء أمور الناس وخيرتهم في الأمر خيرة الناس أوأن الناس أنفسهم كانوا على هذا الحال لتعلقهم بالملك واهتمامهم برؤياه لأن الرؤيا ناظرة غالبا إلى ما يهتم به الإنسان من شئون الحياة والملوك إنما يهتمون بشئون المملكة وأمور الرعية.
قوله تعالى:{ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ} قال الراغب: الدأب إدامة السير دأب في السير دأبا قال تعالى:{وسخر لكم الشمس والقمر دائبين} والدأب العادة المستمرة دائما على حاله قال تعالى:{كدأب آل فرعون} أي كعادتهم التي يستمرون عليها.
انتهى وعليه فالمعنى تزرعون سبع سنين زراعة متوالية مستمرة، وقيل: هومن دأب بمعنى التعب أي تزرعون بجد واجتهاد، ويمكن أن يكون حالا أي تزرعون دائبين مستمرين أومجدين مجتهدين فيه.
ذكروا أن{تزرعون} خبر في معنى الإنشاء، وكثيرا ما يؤتى بالأمر في صورة الخبر مبالغة في وجوب الامتثال كأنه واقع يخبر عنه كقوله تعالى:{ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}: الصف: 11، والدليل عليه قوله بعد:{فما حصدتم فذروه في سنبله}، قيل: وإنما أمر بوضعه وتركه في سنبله لأن السنبل لا يقع فيه سوس ولا يهلك وإن بقي مدة من الزمان، وإذا ديس وصفي أسرع إليه الهلاك.
والمعنى: ازرعوا سبع سنين متواليات فما حصدتم فذروه في سنبله لئلا يهلك واحفظوه كذلك إلا قليلا وهو ما تأكلون في هذه السنين.
قوله تعالى:{ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} الشداد جمع شديد من الشدة بمعنى الصعوبة لما في سني الجدب والمجاعة من الصعوبة والحرج على الناس أو هو من شد عليه إذا كر، وهذا أنسب لما بعده من توصيفها بقوله:{يأكلن ما قدمتم لهن}.
وعليه فالكلام يشتمل على تمثيل لطيف كان هذه السنين سباع ضارية تكر على الناس لافتراسهم وأكلهم فيقدمون إليها ما ادخروه عندهم من الطعام فتأكله وتنصرف عنهم.
والإحصان الإحراز والإدخار، والمعنى ثم يأتي من بعد ذلك أي ما ذكر من السنين الخصبة سبع سنين شداد يشددن عليكم يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحرزون وتدخرون.
قوله تعالى:{ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} يقال: غاثه الله وأغاثه أي نصره، ويغيثه بفتح الياء وضمها أي ينصره وهو من الغوث بمعنى النصرة وغاثهم الله يغيثهم من الغيث وهوالمطر، فقوله:{فيه يغاث الناس} إن كان من الغوث كان معناه: ينصرون فيه من قبل الله سبحانه بكشف الكربة ورفع الجدب والمجاعة وإنزال النعمة والبركة، وإن كان من الغيث كان معناه: يمطرون فيرتفع الجدب من بينهم.
وهذا المعنى الثاني أنسب بالنظر إلى قوله بعده:{وفيه يعصرون} ولا يصغى إلى قول من يدعي: أن المعنى الأول هو المتبادر من سياق الآية إلا على قراءة{يعصرون} بالبناء للمجهول ومعناه يمطرون.
وما أورده بعض المستشرقين على المعنى الثاني أنه لا ينطبق على مورد الآية فإن خصب مصر إنما يكون بفيضان النيل لا بالمطر فالأمطار لا تؤثر فيها أثرا.
رد عليه بأن الفيضان نفسه لا يكون إلا بالمطر الذي يمده في مجاريه من بلاد السودان.
على أن من الجائز أن يكون{يغاث} مأخوذا من الغيث بمعنى النبات، قال في لسان العرب،: والغيث الكلاء ينبت من ماء السماء انتهى، وهذا أنسب من المعنيين السابقين بالنظر إلى قوله:{وفيه يعصرون}.
وقوله:{وفيه يعصرون} من العصر وهو إخراج ما في الشيء من ماء أودهن بالضغط كإخراج ماء العنب والتمر للدبس وغيره وإخراج دهن الزيت والسمسم للائتدام والاستصباح وغيرهما، ويمكن أن يراد بالعصر الحلب أي يحلبون ضروع أنعامهم كما فسره بعضهم به.
والمعنى ثم يأتي من بعد ذلك أي ما ذكر من السبع الشداد عام فيه تنبت أراضيهم - أويمطرون أوينصرون - وفيه يتخذون الأشربة والأدهنة من الفواكه والبقول أويحلبون ضروع أنعامهم.
وفيه كناية عن توفر النعمة عليهم وعلى أنعامهم ومواشيهم.
قال البيضاوي في تفسيره،: وهذه بشارة بشرهم بها بعد أن أول البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة، والعجاف واليابسات بسنين مجدبة، وابتلاع العجاف السمان بأكل ما جمع في السنين المخصبة في السنين المجدبة، ولعله علم ذلك بالوحي أوبأن انتهاء الجدب بالخصب أوبأن السنة الإلهية أن يوسع على عباده بعد ما ضيق عليهم. انتهى وذكر غيره نحوا مما ذكره.
وقال صاحب المنار في تفسيره، في الآية: والمراد أن هذا العام عظيم الخصب والإقبال يكون للناس فيه كل ما يبغون من النعمة والإتراف، والإنباء بهذا زائد على تأويل الرؤيا لجواز أن يكون العام الأول بعد سني الشدة والجدب دون ذلك فهذا التخصيص والتفصيل لم يعرفه يوسف إلا بوحي من الله عز وجل لا مقابل له في رؤيا الملك ولا هو لازم من لوازم تأويلها بهذا التفصيل. انتهى.
والذي أرى أنهم سلكوا تفسير آيات الرؤيا وتأويلها سبيل المساهلة والمسامحة وذلك أنا إذا تدبرنا في كلامه (عليه السلام) في التأويل أعني قوله:{ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} وجدناه (عليه السلام) لم يبن كلامه على أساس إخبارهم بما سيستقبلهم من السنين السبع المخصبة ثم السنين السبع المجدبة، ولوأنه أراد ذلك لكان من حق الكلام أن يقول مثلا: يأتي عليكم سبع مخصبات ثم يأتي من بعدها سبع شداد يذهبن بما عندكم من الذخائر ثم إذا سئل عن دفع هذه المخمصة وطريق النجاة من هذه المهلكة العامة، قال: تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلى آخر ما قال.
بل بنى كلامه على ذكر ما يجب عليهم من العمل وبين أن أمره بذلك توطئة وتقدمة للتخلص عما يهددهم من المجاعة والمخمصة وهو ظاهر، وهذا دليل على أن الذي رآه الملك من الرؤيا إنما كان مثال ما يجب عليه من اتخاذ التدبير لإلجاء الناس من مصيبة الجدب، وإشارة إلى ما هو وظيفته قبال مسئوليته في أمر رعيته وهوأن يسمن بقرات سبعا لتأكلهن بقرات مهازيل ستشد عليهم ويحفظ السنابل الخضر السبع بعد ما يبست على حالها من غير دوس وتصفية لذلك.
فكأن نفس الملك شاهدت في المنام ما يجب عليه من العمل قبال ما يهدد الأرض من سنة الجدب فحكت السنين المخصبة والمجدبة أي الرزق الذي يرتزقون به فيها في صورة البقرة ثم حكت ما في السبع الأول من تكثير المحصول بزرعها دأبا في صورة السمن وما في السبع الآخر في صورة الهزال، وحكت نفاد ما ادخروه في السبع الأولى في السبع الثانية بأكل العجاف للسمان، وحكت ما يجب عليهم في حفظ ذخائر الرزق بالسنبلات اليابسة قبال السنبلات الخضر.
ولم يزد يوسف (عليه السلام) في تأويله على ذلك شيئا إلا أمورا ثلاثة: أحدها ما استثناه بقوله:{إلا قليلا مما تأكلون} وليس جزء من التأويل وإنما هوإباحة وبيان لمقدار التصرف الجائز فيما يجب أن يذروه في سنبله.
وثانيها: قوله:{ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} وهو الذي يجب أن يدخروه للعام الذي فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ليتخذ بذرا ومددا احتياطيا، وكأنه (عليه السلام) أخذه من قوله في حكاية الرؤيا:{يأكلهن سبع عجاف} حيث لم يقل: أكلتهن بل عبر عن اشتغالهن بأكلهن ولما يفنيهن بأكل كلهن ولوكانت ذخائرهم تنفد في السنين السبع الشداد لرأى أنهن أكلتهن عن آخرهن.
وثالثها: قوله:{ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} والظاهر أنه (عليه السلام) استفاده من عدد السبع الذي تكرر في البقرات السمان والعجاف والسنبلات الخضر، وقوله:{ثم يأتي من بعد ذلك عام} وإن كان إخبارا صورة عن المستقبل لكنه كناية عن أن هذا العام الذي سيستقبلهم بعد مضي السبع الشداد في غنى عن اجتهادهم في أمر الزرع والإدخار، ولا تكليف فيه يتوجه إليهم بالنسبة إلى أرزاق الناس.
ولعله لهذه الثلاثة غير السياق فقال:{ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} ولم يقل: فيه تغاثون وفيه تعصرون بالجري على نحو الخطاب في الآيتين السابقتين ففيه إشارة إلى أن الناس في هذا العام في غنى عن اجتهادكم في أمر معاشهم وتصديكم لإدارة أرزاقهم بل يغاثون ويعصرون لنزول النعمة والبركة في سنة مخصبة.
ومن هنا يظهر اندفاع ما ذكره صاحب المنار، في كلامه المتقدم أن هذا التخصيص لم يعرفه يوسف (عليه السلام) إلا بوحي من الله لا مقابل له في رؤيا الملك ولا هو لازم من لوازم تأويلها بهذا التفصيل. انتهى.
فإن تبدل سني الجدب بسنة الخصب مما يستفاد من الرؤيا بلا ريب فيه، وأما ما ذكره من كون هذه السنة ذات مزية بالنسبة إلى سائر سني الخصب تزيد عليها في وفور الرزق فلا دليل عليها من جهة اللفظ البتة.
ومما ذكرنا أيضا تظهر النكتة في ترك توصيف السنبلات اليابسات في الآية بالسبع حيث قيل:{وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات} حيث عرفت أن الرؤيا لا تجلي نفس حادثة الخصب والجدب، وإنما تجلي ما هو التكليف العملي قبال الحادثة فيكون توصيف السنابل اليابسة بالسبع مستدركا مستغنى عنه بخلاف ما لو كان ذلك إشارة إلى نفس السنين المجدبة فافهم ذلك.
ومما تقدم يظهر أيضا أن الأنسب أن يكون المراد بقوله:{يغاث} وقوله:{يعصرون} الإمطار أوإعشاب الكلاء وحلب المواشي لأن ذلك هو المناسب لما رآه في منامه من البقرات السبع سمانا وعجافا فإن هذا هو المعهود، ومنه يظهر وجه تخصيص الغيث والعصر بالذكر في هذه الآية، والله أعلم.
____________________
1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج11،ص155-162.
رؤيا ملك مصر وما جرى له:
بقي يوسف سنين في السجن المظلم كأي إنسان منسيّ، ولم يكن لديه من عمل إلاّ بناء شخصيته، وإرشاد السجناء وعيادة مرضاهم وتسلية الموجَعين منهم.
حتّى غيّرت (حظّه وطالعه) حادثة صغيرة بحسب الظاهر .. ولم تغيّر هذه «الظاهرة» حظّه فحسب، بل حظّ اُمّة مصر وما حولها.
لقد رأى ملك مصر الذي يقال أنّ إسمه هو «الوليد بن الرّيان»(2) وكان «عزيز مصر وزيره» رأى هذا الملك رؤيا مهولة، فأحضر عند الصباح المعبّرين للرؤيا ومن حوله فقصّ عليهم رؤياه { وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} ثمّ إلتفت إليهم طالباً منهم تعبير رؤياه فقال: { يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}.
ولكن حاشية السلطان وجموا إزاء هذه الرؤيا و { قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ}.
«الأضغاث» جمع «ضِغْث» على وزن (حرص) ومعناه المجموعة من الحطب أو العشب اليابس أو الأخضر أو شيء آخر، و «الأحلام» جمع «حُلُم» على وزن «رُخم» معناه الطيف والرؤيا، فيكون معنى (أضغاث أحلام) هو الأطياف المختلطة، فكأنّها متشكّلة من مجموعة مختلفة ومتفاوتة من الأشياء، وجاءت كلمة الأحلام في جملة { وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} مسبوقة بالألف واللام العهدية وهي إشارة إلى أنّ المعبّرين غير قادرين على تأويل مثل هذه الأحلام.
ومن اللازم ذكر هذه المسألة الدقيقة وهي: إنّ إظهار عجز أُولئك في الحقيقة كان من أجل أنّ المفهوم الواقعي لهذه الرؤيا عندهم غير واضح، ولذلك عدّوها ضمن الأحلام المختلطة و «الأضغاث» حيث قسّموا الأحلام إلى قسمين:
أحلام ذات معنى وهي قابلة للتعبير.
وأحلام مختلطة لا معنى لها حيث لم يجدوا لها تعبيراً وتأويلا .. وكانوا يعدّون هذا النوع نتيجة قوّة الخيال، على العكس من النوع الأوّل الذي يعدّونه نتيجة إتّصال الروح بعالم الغيب.
كما أنّ هناك إحتمال آخر، وهو أنّهم توقّعوا أن تقع حوادث مزعجة في المستقبل، وما إعتاد عليه حاشية الملوك والطغاة هو ذكر المسائل المريحة لهم فحسب، وكما يُصطلح عليه ما فيه طيب الخاطر، ويمتنعون عن ذكر ما يزعجهم، وهذا أحد أسباب سقوط مثل هذه الحكومات المتجبّرة!
هنا يرد سؤال، وهو: كيف تجرّأ هؤلاء أمام السلطان، بقولهم جواباً لسؤاله عن رؤياه إنّها {أضغاث أحلام} في حين أنّ المعروف عند حاشية السلطان أنّ تفلسف كلّ حركة منه ولو كانت بغير معنى ويفسّرونها تفسيراً مقبولا.
من الممكن أنّهم رأوا الملك مهموماً من هذه الرؤيا، وكان من حقّه ذلك لأنّه رأى { سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ}.
ألا يدلّ ذلك على أنّ من الممكن أنّ أفراداً ضعافاً يتسلّمون السلطة من يده على حين غرّة!؟!
لذلك قالوا له: {أضغاث أحلام} ليرفعوا الكدورة عن خاطره، أي: لا تتأثّر فما هنالك أمر مهم، وهذه الأحلام لا يمكن أن تكون دليلا على أي شيء.
وهناك إحتمال آخر ذكره المفسّرون وهو أنّ مرادهم من {أضغاث أحلام}لم يكن أنّ هذه الأحلام لا تأويل لها، بل المراد أنّ مثل هذه الأحلام ملتوية ومجموعة من اُمور مختلفة، وهم غير قادرين على تأويل مثل هذه الأحلام، فهم لم ينكروا إمكان وجود اُستاذ ماهر وقادر على تأويل هذه الرؤيا، وإنّما أظهروا عجزهم عن التعبير والتأويل فحسب.
وهنا تذكّر ساقي الملك ما حدث له ولصاحبه في السجن مع يوسف، ونجا من السجن كما بشّره يوسف {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ}.
أجل في زاوية السجن يعيش رجل حيّ الضمير طاهر القلب مؤمن وقلبه مرآة للحوادث المستقبلية، إنّه الذي يستطيع أن يكشف الحجاب عن هذه الرؤيا المغلقة ويعبّرها.
جملة (فارسلون) تشير إلى أنّ من الممكن أن يكون يوسف ممنوع المواجهة، وكان الساقي يريد أن يأذن الملك ومن حوله بمواجهته لهذا الشأن.
وهكذا حرّك كلام الساقي المجلس وشخصت الأبصار نحوه، وطلبوا منه الإسراع بالذهاب إليه والإتيان بالخبر.
مضى الساقي إلى السجن ليرى صديقه القديم .. ذلك الصديق الذي لم يفِ بوعده له، لكنّه ربّما كان يعرف أنّ شخصية يوسف الكريمة تمنعه من فتح «باب العتاب» فالتفت إليه وقال: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ}.
كلمة «الناس» تشير إلى إحتمال أنّ رؤيا الملك صيّرها أطرافه المتملّقون وحاشيته حادثة مهمّة لذلك اليوم، فنشروها بين الناس وعمّموا حالة «القلق» من القصر إلى الوسط الإجتماعي العام.
وعلى كلّ حال فإنّ يوسف دون أن يطلب شرطاً أو قيداً أو أجراً لتعبيره، عبّر الرؤيا فوراً تعبيراً دقيقاً لا غموض فيه ولا حجاب مقروناً بما ينبغي عمله في المستقبل و { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ}(3).
ثمّ أنّه يحلّ بكم القحط لسبع سنين متوالية فلا أمطار ولا زراعة كافية، فعليكم بالإستفادة ممّا جمعتم في سنيّ الرخاء {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ}.
ولكن عليكم أن تحذروا من إستهلاك الطعام {إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} وإذا واظبتم على هذه الخطّة فحينئذ لا خطر يهدّدكم لأنّه {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ} ..
و {يغاث الناس} أي يدركهم الغيث فتكثر خيراتهم، وليس هذا فحسب، بل {وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} المحاصيل لإستخراج الدهن والفاكهة لشراب عصيرها .. الخ.
___________________
1- تفسير الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي،ج6،ص299-302.
2- ذكر صاحب تفسير مجمع البيان في تفسير ذيل الاية المذكورة أنه ورد اسم ملك مصر – حيث كان عزيز مصر في سورتين :
أ) الريان بن الوليد (بحار الانوار،ج64،ص224، تفسير الميزان ،ج4،ص534 في تفسير ذيل الاية 36 من سورة يوسف).
ب) الوليد بن الريان (بحار الانوار ،ج12، ص223).
3- كلمة «دأب» على وزن «أدب» تعني في الأصل إدامة الحركة، كما أنّها بمعنى العادة المستمرة، فيكون معنى الكلام: عليكم أن تزرعوا تبعاً لعادتكم المستمرة في مصر ولكن ينبغي أن تقتصدوا في مصرفه .. ويحتمل أن يكون المراد منه أن تزرعوا بجد وجهد أكثر فأكثر لأنّ دأباً ودؤوباً بمعنى الجدّ والتعب أيضاً، أي اعملوا حتّى تتعبوا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|