أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-15
307
التاريخ: 2023-10-26
1281
التاريخ: 29-12-2021
2316
التاريخ: 11-10-2020
1723
|
ينبغي لنا الآن أن ننظر لنعرف مدى التكافؤ الذي يريده الإسلام بين الزوجين. واذا ننظر في الحكم الإسلامي نجد ان المشروع لهذا الدين العظيم. لم يشرع من التكافؤ بين الزوجين اكثر من كونهما معتنقين الإسلام معتقدين بعقائده وتعاليمه فالمسلم كفء للمسلمة والمسلمة كفء للمسلم، ولا يراد بالإسلام في هذا المجال الا ذلك المقدار الذي تصان بمقتضاه النفس ويحفظ المال عن الهدر بالضياع ومن هنا روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: أتتكافأ دماءكم ولا تتكافأ فروجكم(1)؟ فالدين الذي جعل معتنقيه سواسية كأسنان المشط وليس ادل على ذلك ولا اوضح مما روي من ان رسول الله (صلى الله عليه واله) زوج جويبر ابنة زياد بن لبيد، لان اعتناقه للإسلام واخلاصه النية له هو الذي جعله في نظرة الاسلام ليس بالنسب ولا بالمال وانما مقاييس التفاضل عنده ثلاثة. احدهما : التقوى، وثانيهما : العلم، قال الله عز وجل: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر:9]، وثالثهما: الجهاد، قال تعالى {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:95] ، وبهذه المقاييس او ببعضها ربما كان جويبر الدميم المعدم افضل بكثير من ابنة زياد بن لبيد. فمن هنا نعرف ان الاسلام حرص كل الحرص على جعل المقياس الاساس في الكفاءة بين الزوجين هو الاسلام نفسه فما دام الزوجان أخوين في هذا الدين لا يهم بعد ذلك ان يكون احدهما افضل من الاخر بحسب المنزلة الاجتماعية او النظرة الاقتصادية الضيقة سواء كانت الضعة من جانب الزوج في جويبر وكتزويج رسول الله (صلى الله عليه و آله) بنت عمه لزيد مولاه.
ولا يخفى ان الميراث في الكفاءة وان كان اصل الإسلام اذ ان المشروع الاسلامي العظيم قد اخذ بالحسبان ايضا درجة ايمان الفرد بهذا الدين ومقدار اخلاصه له واستعداده لامتثال اوامره ونواهيه فانه من المعلوم انه كلما كانت الزوجات احسن تدينا وافضل اخلاقا وابعد عن ارتكاب الموبقات كان احدهما انسب للآخر واكثر كفاءة قال الله عز وجل في كتابه الكريم {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور: 26] وقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) : (اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه والا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير)(2). ولا يخفى ما في هذا الحديث من حكمة كبرى وبعد نظر فان اولياء الزوجة اذا نظروا الى الخاطب زوج المستقبل فلم يرضوا دينه وخلقه فلهم كل الحق في رفضه والابتعاد عنه فانه ليس مصداق الحق للمسلم الحق، اذن فلماذا يرتبطون معهم بعقدة النكاح، مع ان بين المسلمين الآخرين من يرضون دينهم وخلقهم واما اذا اتصف الخاطب زوج المستقبل، بهذه الصفات وكان مرضي العقيدة والسلوك يزنه ولي الزوجة من هذه الناحية بميزان الإسلام. فيجب على ولي الزوجة قبول خطبته وعدم رده، لأنه يعد محتويا في صفاته على المقياس الأول للكفاءة في الإسلام.
واسمع الى تعليل ذلك في كلام رسول الله (صلى الله عليه واله) اذ يقول : الا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير، وهي اية من القرآن الكريم طبقها النبي (صلى الله عليه و آله) على هذا المورد. فما احسن التطبيق!. لو صار بناء الاولياء على انتظار الزوج الاكثر مالا وجمالا والاعظم مركزا اجتماعيا، ويجعلون ذلك ذريعة لرد الخاطبين فسوف تقل نسبة الزواج في المجتمع وتزداد تبعا له نسبة الفردية، وسوف تؤثر العزوبة اثرها الكبير في نفوس الشباب، بما تتضمنه من اندفاع جنسي وحرمان، وسيترتب على ذلك عند كثير من ذوي الضعف في العقيدة او الارادة الانحراف الى طريق الفاحشة والفساد، وترتيب اسوء النتائج في المجتمع، وتكون فيه فتنة وفساد كبير. والاسلام يريد انقاذ المجتمع من ذلك والحيلولة من دون حدوثه.
واليك اخي القارئ قصة جويبر :
كان جويبر رجلا من اهل اليمامة، فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) منتجعاً، فاسلم وحسن اسلامه، وكان رجلا قصيراً دميماً عارياً، وكان من قباح السودان وقد رآه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنظر اليه برحمة له، ورقة عليه. فقال له: يا جويبر لو تزوجت امرأة، فحفظت لك فرجك، واعانتك على دنياك، واخرتك؟. فقال له جويبر: يا رسول الله بابي انت وامي من يرغب في؟ فو الله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال فأية امرأة ترغب في؟. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جويبر ان الله قد وضع بالإسلام من كان بالجاهلية شريفاً وشرف بالإسلام من كان بالجاهلية وضيعاً واعز بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلاً واذهب بالإسلام من كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشائرها وباسق انفاسها، فالناس اليوم كلهم ابيضهم واسودهم وقرشيهم وعربيهم واعجميهم من آدم وان آدم خلقه الله من طين وان احب الناس الى الله اطوعهم له، واتقاهم وما اعلم يا جويبر لاحد من المسلمين عليك اليوم فضلاً الا لمن كان اتقى الله مثلك واطوع. ثم قال له : انطلق يا جويبر الى زياد بن لبيد فانه من اشراف بني بياضة حسباً فيهم فقل له: اني رسول رسول الله اليك، وهو يقول لك (زوج جويبر بنتك الذلفاء) وطبيعي ان يأخذ العجب من زياد مأخذه: فكيف يرضى لبنته الذلفاء وهي مشهورة بالجمال ان تزف لمثل جويبر وهو الدميم شكلا ومن قباح السودان؟ لذلك هرع الى رسول الله (صلى الله عليه واله) ليسأله عن مدى هذه الرسالة التي حملها جويبر اليه. ومثل امام النبي (صلى الله عليه واله) وسأله عن هذه الرسالة واذا بالنبي (صلى الله عليه واله) يقول له : (يا زياد جويبر مؤمن والمؤمن كفؤ المؤمنة، والمسلم كفؤ المسلمة فزوجه يا زياد ولا ترغب فيه)(3) الجمال والمال والحسب والنسب كلها تتضاءل امام الاسلام والإيمان.
____________________
1ـ وسائل الشيعة : ج14، الباب 25، ح1، ص44.
2ـ كلمة التقوى : 6/7.
3ـ وسائل الشيعة:ج14،باب25،ح1،ص44.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|