المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



الكفاءة الزوجية في نظر الإسلام  
  
2542   01:22 صباحاً   التاريخ: 3-6-2020
المؤلف : ام زهراء السعيدي
الكتاب أو المصدر : التربية من منظور إسلامي
الجزء والصفحة : ص177-180
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الزوج و الزوجة /

ينبغي لنا الآن أن ننظر لنعرف مدى التكافؤ الذي يريده الإسلام بين الزوجين. واذا ننظر في الحكم الإسلامي نجد ان المشروع لهذا الدين العظيم. لم يشرع من التكافؤ بين الزوجين اكثر من كونهما معتنقين الإسلام معتقدين بعقائده وتعاليمه فالمسلم كفء للمسلمة والمسلمة كفء للمسلم، ولا يراد بالإسلام في هذا المجال الا ذلك المقدار الذي تصان بمقتضاه النفس ويحفظ المال عن الهدر بالضياع ومن هنا روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: أتتكافأ دماءكم ولا تتكافأ فروجكم(1)؟ فالدين الذي جعل معتنقيه سواسية كأسنان المشط وليس ادل على ذلك ولا اوضح مما روي من ان رسول الله (صلى الله عليه واله) زوج جويبر ابنة زياد بن لبيد، لان اعتناقه للإسلام واخلاصه النية له هو الذي جعله في نظرة الاسلام ليس بالنسب ولا بالمال وانما مقاييس التفاضل عنده ثلاثة. احدهما : التقوى، وثانيهما : العلم، قال الله عز وجل: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر:9]، وثالثهما: الجهاد، قال تعالى {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:95] ، وبهذه المقاييس او ببعضها ربما كان جويبر الدميم المعدم افضل بكثير من ابنة زياد بن لبيد. فمن هنا نعرف ان الاسلام حرص كل الحرص على جعل المقياس الاساس في الكفاءة بين الزوجين هو الاسلام نفسه فما دام الزوجان أخوين في هذا الدين لا يهم بعد ذلك ان يكون احدهما افضل من الاخر بحسب المنزلة الاجتماعية او النظرة الاقتصادية الضيقة سواء كانت الضعة من جانب الزوج في جويبر وكتزويج رسول الله (صلى الله عليه و آله) بنت عمه لزيد مولاه.

ولا يخفى ان الميراث في الكفاءة وان كان اصل الإسلام اذ ان المشروع الاسلامي العظيم قد اخذ بالحسبان ايضا درجة ايمان الفرد بهذا الدين ومقدار اخلاصه له واستعداده لامتثال اوامره ونواهيه فانه من المعلوم انه كلما كانت الزوجات احسن تدينا وافضل اخلاقا وابعد عن ارتكاب الموبقات كان احدهما انسب للآخر واكثر كفاءة قال الله عز وجل في كتابه الكريم {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور: 26] وقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) : (اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه والا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير)(2). ولا يخفى ما في هذا الحديث من حكمة كبرى وبعد نظر فان اولياء الزوجة اذا نظروا الى الخاطب زوج المستقبل فلم يرضوا دينه وخلقه فلهم كل الحق في رفضه والابتعاد عنه فانه ليس مصداق الحق للمسلم الحق، اذن فلماذا يرتبطون معهم بعقدة النكاح، مع ان بين المسلمين الآخرين من يرضون دينهم وخلقهم واما اذا اتصف الخاطب زوج المستقبل، بهذه الصفات وكان مرضي العقيدة والسلوك يزنه ولي الزوجة من هذه الناحية بميزان الإسلام. فيجب على ولي الزوجة قبول خطبته وعدم رده، لأنه يعد محتويا في صفاته على المقياس الأول للكفاءة في الإسلام.

واسمع الى تعليل ذلك في كلام رسول الله (صلى الله عليه واله) اذ يقول : الا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير، وهي اية من القرآن الكريم طبقها النبي (صلى الله عليه و آله) على هذا المورد. فما احسن التطبيق!. لو صار بناء الاولياء على انتظار الزوج الاكثر مالا وجمالا والاعظم مركزا اجتماعيا، ويجعلون ذلك ذريعة لرد الخاطبين فسوف تقل نسبة الزواج في المجتمع وتزداد تبعا له نسبة الفردية، وسوف تؤثر العزوبة اثرها الكبير في نفوس الشباب، بما تتضمنه من اندفاع جنسي وحرمان، وسيترتب على ذلك عند كثير من ذوي الضعف في العقيدة او الارادة الانحراف الى طريق الفاحشة والفساد، وترتيب اسوء النتائج في المجتمع، وتكون فيه فتنة وفساد كبير. والاسلام يريد انقاذ المجتمع من ذلك والحيلولة من دون حدوثه.

واليك اخي القارئ قصة جويبر :

كان جويبر رجلا من اهل اليمامة، فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) منتجعاً، فاسلم وحسن اسلامه، وكان رجلا قصيراً دميماً عارياً، وكان من قباح السودان وقد رآه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنظر اليه برحمة له، ورقة عليه. فقال له: يا جويبر لو تزوجت امرأة، فحفظت لك فرجك، واعانتك على دنياك، واخرتك؟. فقال له جويبر: يا رسول الله بابي انت وامي من يرغب في؟ فو الله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال فأية امرأة ترغب في؟. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جويبر ان الله قد وضع بالإسلام من كان بالجاهلية شريفاً وشرف بالإسلام من كان بالجاهلية وضيعاً واعز بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلاً واذهب بالإسلام من كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشائرها وباسق انفاسها، فالناس اليوم كلهم ابيضهم واسودهم وقرشيهم وعربيهم واعجميهم من آدم وان آدم خلقه الله من طين وان احب الناس الى الله اطوعهم له، واتقاهم وما اعلم يا جويبر لاحد من المسلمين عليك اليوم فضلاً الا لمن كان اتقى الله مثلك واطوع. ثم قال له : انطلق يا جويبر الى زياد بن لبيد فانه من اشراف بني بياضة حسباً فيهم فقل له: اني رسول رسول الله اليك، وهو يقول لك (زوج جويبر بنتك الذلفاء) وطبيعي ان يأخذ العجب من زياد مأخذه: فكيف يرضى لبنته الذلفاء وهي مشهورة بالجمال ان تزف لمثل جويبر وهو الدميم شكلا ومن قباح السودان؟ لذلك هرع الى رسول الله (صلى الله عليه واله) ليسأله عن مدى هذه الرسالة التي حملها جويبر اليه. ومثل امام النبي (صلى الله عليه واله) وسأله عن هذه الرسالة واذا بالنبي (صلى الله عليه واله) يقول له : (يا زياد جويبر مؤمن والمؤمن كفؤ المؤمنة، والمسلم كفؤ المسلمة فزوجه يا زياد ولا ترغب فيه)(3) الجمال والمال والحسب والنسب كلها تتضاءل امام الاسلام والإيمان.

____________________

1ـ وسائل الشيعة : ج14، الباب 25، ح1، ص44.

2ـ كلمة التقوى : 6/7.

3ـ وسائل الشيعة:ج14،باب25،ح1،ص44.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.