المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05



تفسير الآية (70-73) من سورة الاحزاب  
  
3981   04:25 مساءً   التاريخ: 17-4-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الألف / سورة الأحزاب /

قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب : 70 - 73]

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) 

أمر الله سبحانه أهل الإيمان والتوحيد بالتقوى والقول السديد فقال {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله} أي اتقوا عقاب الله باجتناب معاصيه وفعل واجباته {وقولوا قولا سديدا} أي صوابا بريئا من الفساد خالصا من شائقة الكذب واللغو موافق للظاهر وللباطن وقال الحسن وعكرمة صادقا يعني كلمة التوحيد لا إله إلا الله وقال مقاتل هذا يتصل بالنهي عن الإيذاء أي قولوا قولا صوابا ولا تنسبوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى ما لا يجمل ولا يليق به {يصلح لكم أعمالكم} معناه إن فعلتم ذلك يصلح لكم أعمالكم بأن يلطف لكم فيها حتى تستقيموا على الطريقة المستقيمة السليمة من الفساد ويوفقكم لما فيه الصلاح والرشاد وقيل معناه يزكي أعمالكم ويتقبل حسناتكم عن ابن عباس ومقاتل .

{ويغفر لكم ذنوبكم} باستقامتكم في الأقوال والأفعال {ومن يطع الله ورسوله} في الأوامر والنواهي {فقد فاز فوزا عظيما} أي فقد أفلح إفلاحا عظيما وقيل فقد ظفر برضوان الله وكرامته {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال} اختلف في معنى الأمانة فقيل هي ما أمر الله به من طاعته ونهى عنه من معصيته عن أبي العالية وقيل هي الأحكام والفرائض التي أوجبها الله تعالى على العباد عن ابن عباس ومجاهد وهذان القولان متقاربان وقيل هي أمانات الناس والوفاء بالعهود فأولها ائتمان آدم ابنه قابيل على أهله وولده حين أراد التوجه إلى مكة عن أمر ربه فخان قابيل إذ قتل هابيل عن السدي والضحاك .

واختلف في معنى عرض الأمانة على هذه الأشياء وقيل فيه أقوال ( أحدها ) أن المراد العرض على أهلها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وعرضها عليهم هو تعريفه إياهم أن في تضييع الأمانة الإثم العظيم وكذلك في ترك أوامر الله تعالى وأحكامه فبين سبحانه جرأة الإنسان على المعاصي وإشفاق الملائكة من ذلك فيكون المعنى عرضنا الأمانة على أهل السماوات والأرض والجبال من الملائكة والجن والإنس {فأبين أن يحملنها} أي فأبى أهلهن أن يحملوا تركها وعقابها والمأثم فيها {وأشفقن منها} أي وأشفقن أهلهن من حملها {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما} لنفسه بارتكاب المعاصي .

{جهولا} بموضع الأمانة في استحقاق العقاب على الخيانة فيها عن أبي علي الجبائي وقال إذا لم يصح حمله على نفس السماوات والأرض والجبال فلا بد أن يكون المراد به أهلها لأنه يجب أن يكون المراد به المكلفين دون غيرهم لأن ذلك لا يصح إلا فيهم ولا بد من أن يكون المراد بحمل الأمانة تضييعها لأن نفس الأمانة قد حملتها الملائكة وقامت بها قال الزجاج كل من خان الأمانة فقد حملها ومن لم يحمل الأمانة فقد أداها وكذلك كل من أثم فقد احتمل الإثم قال الله سبحانه وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم فقد أعلم الله سبحانه أن من باء بالإثم يسمى حاملا للإثم وهو قول الحسن لأنه قال الكافر والمنافق حملا الأمانة أي خانا ولم يطيعا وأنشد بعضهم في حمل الأمانة بمعنى الخيانة قول الشاعر :

إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة *** وتحمل أخرى أفرحتك الودائع (2)

 وأقول أن الظاهر لا يدل على ذلك لأنه لا يجوز أن يكون المراد بالحمل هنا قبول الأمانة لأن الشاعر جعله في مقابلة الأداء فكأنه قال إذا كنت لا تزال تقبل أمانة وتؤدي أخرى شغلت نفسك بقبول الودائع وأدائها فأثقلتك .

( وثانيها ) أن معنى عرضنا عارضنا وقابلنا فإن عرض الشيء على الشيء ومعارضته به سواء والأمانة ما عهد الله سبحانه إلى عباده من أمره ونهيه وأنزل فيه الكتب وأرسل الرسل وأخذ عليه الميثاق والمعنى أن هذه الأمانة في جلالة موقعها وعظم شأنها لو قيست بالسماوات والأرض والجبال وعورضت بها لكانت هذه الأمانة أرجح وأثقل وزنا ومعنى قوله {فأبين أن يحملنها} ضعفن عن حملها كذلك {وأشفقن منها} لأن الشفقة ضعف القلب ولذلك صار كناية عن الخوف الذي يضعف عنده القلب ثم قال إن هذه الأمانة التي من صفتها أنها أعظم من هذه الأشياء العظيمة تقلدها الإنسان فلم يحفظها بل حملها وضيعها لظلمه على نفسه ولجهله بمبلغ الثواب والعقاب عن أبي مسلم .

( وثالثها ) أنه على وجه التقدير إلا أنه أجري عليه لفظ الواقع لأن الواقع أبلغ من المقدر .

معناه لو كانت السماوات والأرض والجبال عاقلة ثم عرضت عليها الأمانة وهي وظائف الدين أصولا وفروعا وما ذكرناه من الأقاويل فيها بما فيها من الوعد والوعيد عرض تخيير لاستثقلت ذلك مع كبر أجسامها وشدتها وقوتها ولامتنعت من حملها خوفا من القصور عن أداء حقها ثم حملها الإنسان مع ضعف جسمه ولم يخف الوعيد لظلمه وجهله وعلى هذا يحمل ما روي عن ابن عباس أنها عرضت على نفس السماوات والأرض فامتنعت من حملها .

( ورابعها ) أن معنى العرض والإباء ليس هوما يفهم بظاهر الكلام بل المراد تعظيم شأن الأمانة لا مخاطبة الجماد والعرب تقول سألت الربع وخاطبت الدار فامتنعت عن الجواب وإنما هو إخبار عن الحال عبر عنه بذكر الجواب والسؤال وتقول أتى فلان بكذب لا تحمله الجبال وقال سبحانه فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أوكرها قالتا أتينا طائعين وخطاب من لا يفهم لا يصح وقال الشاعر :

فأجهشت للبوباة حين رأيته *** وكبر للرحمن حين رآني (3)

فقلت له أين الذين عهدتهم *** بجنبك في خفض وطيب زمان (4)

فقال مضوا واستودعوني بلادهم *** ومن ذا الذي يبقى على الحدثان

 وقال آخر :

فقال لي البحر إذ جئته *** وكيف يجيب ضرير ضريرا

 فالأمانة على هذا ما أودع الله السماوات والأرض والجبال من الدلائل على وحدانيته وربوبيته فأظهرتها والإنسان الكافر كتمها وجحدها لظلمه وجهله وبالله التوفيق ولم يرد بقوله الإنسان جميع الناس بل هو مثل قوله {إن الإنسان لفي خسر وإن الإنسان لربه لكنود} وأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه والأنبياء والأولياء والمؤمنون عن عموم هذه الآية خارجون ولا يجوز أن يكون الإنسان محمولا على آدم (عليه السلام) لقوله {إن الله اصطفى آدم} وكيف يكون من اصطفاه الله من بين خلقه موصوفا بالظلم والجهل .

ثم بين سبحانه الغرض الصحيح والحكمة البالغة في عرضه هذه الأمانة فقال {ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات} يعني بتضييع الأمانة قال الحسن هما اللذان حملاهما ظلما وجهلا {ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات} بحفظهم الأمانة ووفائهم وهذا هو الغرض بالتكليف عند من عرف المكلف والمكلف فالمعنى أنا عرضنا ذلك ليظهر نفاق المنافق وشرك المشرك فيعذبهم الله ويظهر إيمان المؤمن فيتوب الله عليه إن حصل منه تقصير في بعض الطاعات {وكان الله غفورا} أي ستارا لذنوب المؤمنين {رحيما} بهم .

________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص185-189 .

2- فمعنى قوله : ((وتحمل اخرى)) اي : تخونها ولا تؤديها . يدل على ذلك قوله : ((أفرحتك الودائع)) اي : أثقلتك الامانات التي تخونها ، ولا تؤديها . وهذا احد المعنيين في البيت ، والمعنى الاخر ما ذكره لمصنف (ره) .

3- نسب الابيات في الاغاني الى مجنون قوله : ((فأجهشت للبوباة)) كذا في النسخ . وأجشهت اي : فرغت ، والبوباة : الفلاة . وعقبة كؤود بطريق اليمن . لكن في أمالي الشريف (ره) ج2 ص310 ، ومعجم البلدان ج2 : 55 ، والاغاني ج1 : 179 ((للتوباذ)) . وقال في المعجم : انه جبل في نجد . ويحتمل التصحيف .

4- وفي بعض النسخ : ((وطول زمان)) .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) 

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهً وقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} . القول السديد أن تقول الحق والصدق ، ولا تكتم منه شيئا ولوكان على نفسك ، والمراد به هنا ما ينفع الناس بقرينة قوله تعالى : {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ} حيث جعل سبحانه القول السديد سببا لصلاح الأعمال ، ومثال ذلك ان ترشد ضالا إلى طريق الخير والأمان ، أو تنصر مظلوما بكلمة العدل ، أو تقول كلاما تصلح به بين اثنين ، وما إلى ذلك من القول الذي ينفع الناس بجهة من الجهات {ومَنْ يُطِعِ اللَّهً ورَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً} . يفوز في الدنيا بالنجاح وحسن السيرة ، وفي الآخرة بمرضاة اللَّه وثوابه .

{إِنَّا عَرَضْنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ والأَرْضِ والْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وأَشْفَقْنَ مِنْها وحَمَلَهَا الإِنْسانُ} . اختلف المفسرون في معنى الأمانة ، فمن قائل : انها التكليف والطاعة ، وقائل : انها كلمة {لا إله إلا اللَّه} ، وقال ثالث : هي أعضاء الإنسان كسمعه وبصره ويده ورجله ، وان عليه ان يستعملها فيما خلقت من أجله ، وذهب رابع إلى انها الأمانة في الأموال . . والذي نراه نحن انها التضحية بالمصلحة الفردية لصالح الجماعة ، لا لشيء إلا لوجه اللَّه والإنسانية ، لأن هذه التضحية قد بلغت من الثقل والضخامة مبلغا لو عرضت على أقوى مخلوق كالسماوات والأرض والجبال لأشفق منها على فرض أنه يحسّ ويشعر .

فالغرض من ذكر السماوات والأرض والجبال هو الإشارة إلى عظمة هذه التضحية وتبعتها ، وان الإنسان هو المخلوق الوحيد من بين الكائنات الذي يستطيع أن يجاهد نفسه الأمّارة وشهواتها ، ويقاوم أهواءها ونزعاتها ، أما قوله تعالى : {إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا} فمعناه ان الإنسان يظلم نفسه وغيره إذا خان هذه الأمانة ، ويجهل العواقب السيئة التي تترتب على خيانته .

{لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ والْمُنافِقاتِ} الذين يتظاهرون بأداء الأمانة ، وهم خائنون {والْمُشْرِكِينَ والْمُشْرِكاتِ} يعذبهم اللَّه لأن جريمة الشرك لا يكفّرها شيء حتى البذل والتضحية {ويَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِناتِ} إذا تلافوا ما بدر منهم من تقصير {وكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} أي يغفر للتائبين ، ويرحم المستضعفين .

وصلّ اللهم على محمد وآله صلاة تشفع لنا يوم الفاقة إليك .

____________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص ٢٤٤-245 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) 

قوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا} ، السديد من السداد وهو الإصابة والرشاد فالسديد من القول ما يجتمع فيه مطابقة الواقع وعدم كونه لغوا أو ذا فائدة غير مشروعة كالنميمة وغير ذلك فعلى المؤمن أن يختبر صدق ما يتكلم به وأن لا يكون لغوا أو يفسد به إصلاح .

قوله تعالى : {يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} رتب على ملازمة القول السديد إصلاح الأعمال ومغفرة الذنوب وذلك أن النفس إذا لازمت القول السديد انقطعت عن كذب القول ولغو الحديث والكلام الذي يترتب عليه فساد ، وبرسوخ هذه الصفة فيها تنقطع طبعا عن الفحشاء والمنكر واللغو في الفعل وعند ذلك يصلح أعمال الإنسان فيندم بالطبع على ما ضيعه من عمره في موبقات الذنوب إن كان قد ابتلي بشيء من ذلك وكفى بالندم توبة .

ويحفظه الله فيما بقي من عمره عن اقتحام المهلكات وإن رام شيئا من صغائر الذنوب غفر الله له فقد قال الله تعالى : {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } [النساء : 31] ، فملازمة القول السديد تسوق الإنسان إلى صلاح الأعمال ومغفرة الذنوب بإذن الله .

وقوله : {ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} وعد جميل على الإتيان بجميع الأعمال الصالحة والاجتناب عن جميع المناهي بترتيب الفوز العظيم على طاعة الله ورسوله .

وبذلك تختتم السورة في معناها في الحقيقة لأن طاعة الله ورسوله هي الكلمة الجامعة بين جميع الأحكام السابقة ، من واجبات ومحرمات والآيتان التاليتان كالمتمم لمعنى هذه الآية .

قوله تعالى : {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا - إلى قوله - غفورا رحيما} الأمانة - أيا ما كانت - شيء يودع عند الغير ليحتفظ عليه ثم يرده إلى من أودعه ، فهذه الأمانة المذكورة في الآية شيء ائتمن الله الإنسان عليه ليحفظ على سلامته واستقامته ثم يرده إليه سبحانه كما أودعه .

ويستفاد من قوله : {ليعذب الله المنافقين والمنافقات} إلخ ، أنه أمر يترتب على حمله النفاق والشرك والإيمان ، فينقسم حاملوه باختلاف كيفية حملهم إلى منافق ومشرك ومؤمن .

فهولا محالة أمر مرتبط بالدين الحق الذي يحصل بالتلبس به وعدم التلبس به النفاق والشرك والإيمان .

فهل هو الاعتقاد الحق والشهادة على توحده تعالى أو مجموع الاعتقاد والعمل بمعنى أخذ الدين الحق بتفاصيله مع الغض عن العمل به ، أو التلبس بالعمل به أو الكمال الحاصل للإنسان من جهة التلبس بواحد من هذه الأمور .

وليست هي الأول أعني التوحيد فإن السماوات والأرض وغيرهما من شيء توحده تعالى وتسبح بحمده ، وقد قال تعالى : { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } [الإسراء : 44] ، والآية تصرح بإبائها عنه .

وليست هي الثاني أعني الدين الحق بتفاصيله فإن الآية تصرح بحمل الإنسان كائنا من كان من مؤمن وغيره له ومن البين أن أكثر من لا يؤمن لا يحمله ولا علم له به ، وبهذا يظهر أنها ليست بالثالث وهو التلبس بالعمل بالدين الحق تفصيلا .

وليست هي الكمال الحاصل له بالتلبس بالتوحيد فإن السماوات والأرض وغيرهما ناطقة بالتوحيد فعلا متلبسة به .

وليست هي الكمال الحاصل من أخذ دين الحق والعلم به إذ لا يترتب على نفس الاعتقاد الحق والعلم بالتكاليف الدينية نفاق ولا شرك ولا إيمان ولا يستعقب سعادة ولا شقاء وإنما يترتب الأثر على الالتزام بالاعتقاد الحق والتلبس بالعمل .

فبقي أنها الكمال الحاصل له من جهة التلبس بالاعتقاد والعمل الصالح وسلوك سبيل الكمال بالارتقاء من حضيض المادة إلى أوج الإخلاص الذي هو أن يخلصه الله لنفسه فلا يشاركه فيه غيره فيتولى هو سبحانه تدبير أمره وهو الولاية الإلهية .

فالمراد بالأمانة الولاية الإلهية وبعرضها على هذه الأشياء اعتبارها مقيسة إليها والمراد بحملها والإباء عنه وجود استعدادها وصلاحية التلبس بها وعدمه ، وهذا المعنى هو القابل لأن ينطبق على الآية فالسماوات والأرض والجبال على ما فيها من العظمة والشدة والقوة فاقدة لاستعداد حصولها فيها وهو المراد بإبائهن عن حملها وإشفاقهن منها .

لكن الإنسان الظلوم الجهول لم يأب ولم يشفق من ثقلها وعظم خطرها فحملها على ما بها من الثقل وعظم الخطر فتعقب ذلك أن انقسم الإنسان من جهة حفظ الأمانة وعدمه بالخيانة إلى منافق ومشرك ومؤمن بخلاف السماوات والأرض والجبال فما منها إلا مؤمن مطيع .

فإن قلت : ما بال الحكيم العليم حمل على هذا المخلوق الظلوم الجهول حملا لا يتحمله لثقله وعظم خطره السماوات والأرض والجبال على عظمتها وشدتها وقوتها وهو يعلم أنه أضعف من أن يطيق حمله وإنما حمله على قبولها ظلمه وجهله وأجرأه عليه غروره وغفلته عن عواقب الأمور فما تحميله الأمانة باستدعائه لها ظلما وجهلا إلا كتقليد مجنون ولاية عامة يأبى قبولها العقلاء ويشفقون منها يستدعيها المجنون لفساد عقله وعدم استقامة فكره .

قلت : الظلم والجهل في الإنسان وإن كانا بوجه ملاك اللوم والعتاب فهما بعينهما مصحح حمله الأمانة والولاية الإلهية فإن الظلم والجهل إنما يتصف بهما من كان من شأنه الاتصاف بالعدل والعلم فالجبال مثلا لا تتصف بالظلم والجهل فلا يقال : جبل ظالم أو جاهل لعدم صحة اتصافه بالعدل والعلم وكذلك السماوات والأرض لا يحمل عليها الظلم والجهل لعدم صحة اتصافها بالعدل والعلم بخلاف الإنسان .

والأمانة المذكورة في الآية وهي الولاية الإلهية وكمال صفة العبودية إنما تتحصل بالعلم بالله والعمل الصالح الذي هو العدل وإنما يتصف بهذين الوصفين أعني العلم والعدل الموضوع القابل للجهل والظلم فكون الإنسان في حد نفسه وبحسب طبعه ظلوما جهولا هو المصحح لحمل الأمانة الإلهية فافهم ذلك .

فمعنى الآيتين(2) يناظر بوجه معنى قوله تعالى : { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين : 4 - 6] .

فقوله تعالى : {إنا عرضنا الأمانة} أي الولاية الإلهية والاستكمال بحقائق الدين الحق علما وعملا وعرضها هو اعتبارها مقيسة إلى هذه الأشياء .

وقوله : {على السماوات والأرض والجبال} أي هذه المخلوقات العظيمة التي خلقها أعظم من خلق الإنسان كما قال : {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر : 57] ، وقوله : {فأبين أن يحملنها وأشفقن منها} إباؤها عن حملها وإشفاقها منها عدم اشتمالها على صلاحية التلبس وتجافيها عن قبولها وفي التعبير بالحمل إيماء إلى أنها ثقيلة ثقلا لا يحتملها السماوات والأرض والجبال .

وقوله : {وحملها الإنسان} أي اشتمل على صلاحيتها والتهيؤ للتلبس بها على ضعفه وصغر حجمه {إنه كان ظلوما جهولا} أي ظالما لنفسه جاهلا بما تعقبه هذه الأمانة لو خانها من وخيم العاقبة والهلاك الدائم .

وبمعنى أدق لكون الإنسان خاليا بحسب نفسه عن العدل والعلم قابلا للتلبس بما يفاض عليه من ذلك والارتقاء من حضيض الظلم والجهل إلى أوج العدل والعلم .

والظلوم والجهول وصفان من الظلم والجهل معناهما من كان من شأنه الظلم والجهل نظير قولنا : فرس شموس ودابة جموح وماء طهور أي من شأنها ذلك كما قاله الرازي أو معناهما المبالغة في الظلم والجهل كما ذكر غيره ، والمعنى مستقيم كيفما كانا .

وقوله : {ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات} اللام للغاية أي كانت عاقبة هذا الحمل أن يعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات وذلك أن الخائن للأمانة يتظاهر في الأغلب بالصلاح والأمانة وهو النفاق وقليلا ما يتظاهر بالخيانة لها ولعل اعتبار هذا المعنى هو الموجب لتقديم المنافقين والمنافقات في الآية على المشركين والمشركات .

وقوله : {ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما} عطف على {يعذب} أي وكان عاقبة ذلك أن يتوب الله على المؤمنين والمؤمنات ، والتوبة من الله هي رجوعه إلى عبده بالرحمة فيرجع إلى الإنسان إذا آمن به ولم يخن بالرحمة ويتولى أمره وهو ولي المؤمنين فيهديه إليه بالستر على ظلمه وجهله وتحليته بالعلم النافع والعمل الصالح لأنه غفور رحيم .

فإن قلت : ما هو المانع من جعل الأمانة بمعنى التكليف وهو الدين الحق وكون الحمل بمعنى الاستعداد والصلاحية والإباء هو فقده والعرض هو اعتبار القياس فيجري فيه حينئذ جميع ما تقدم في بيان الانطباق على الآية .

قلت : نعم لكن التكليف إنما هو مطلوب لكونه مقدمة لحصول الولاية الإلهية وتحقق صفة العبودية الكاملة فهي المعروضة بالحقيقة والمطلوبة لنفسها .

والالتفات في قوله : {ليعذب الله} من التكلم إلى الغيبة والإتيان باسم الجلالة للدلالة على أن عواقب الأمور إلى الله سبحانه لأنه الله .

ووضع الظاهر موضع المضمر في قوله : {ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات} للإشعار بكمال العناية في حقهم والاهتمام بأمرهم .

ولهم في تفسير الأمانة المذكورة في الآية أقوال مختلفة : فقيل : المراد بها التكاليف الموجبة طاعتها دخول الجنة ومعصيتها دخول النار والمراد بعرضها على السماوات والأرض والجبال اعتبارها بالنسبة إلى استعدادها وإباؤهن عن حملها وإشفاقهن منها عدم استعدادهن لها ، وحمل الإنسان لها استعداده ، والكلام جار مجرى التمثيل .

وقيل : المراد بها العقل الذي هو ملاك التكليف ومناط الثواب والعقاب .

وقيل : هي قول لا إله إلا الله .

وقيل : هي الأعضاء فالعين أمانة من الله يجب حفظها وعدم استعمالها إلا فيما يرتضيه الله تعالى ، وكذلك السمع واليد والرجل والفرج واللسان .

وقيل : المراد بها أمانات الناس والوفاء بالعهود .

وقيل : المراد بها معرفة الله بما فيها وهذا أقرب الأقوال من الحق يرجع بتقريب ما إلى ما قدمنا .

وكذلك اختلف في معنى عرض الأمانة عليها على أقوال : منها : أن العرض بمعناه الحقيقي غير أن المراد بالسماوات والأرض والجبال أهلها فعرضت على أهل السماء من الملائكة وبين لهم أن في خيانتها الإثم العظيم فأبوها وخافوا حملها وعرض على الإنسان فلم يمتنع .

ومنها : أنه بمعناه الحقيقي وذلك أن الله لما خلق هذه الأجرام خلق فيها فهما وقال لها : إني فرضت فريضة وخلقت جنة لمن أطاعني فيها ونارا لمن عصاني فيها فقلن : نحن مسخرات لما خلقتنا لا نحتمل فريضة ولا نبغي ثوابا ولا عقابا ولما خلق آدم عرض عليه ذلك فاحتمله وكان ظلوما لنفسه جهولا بوخامة عاقبته .

ومنها : أن المراد بالعرض المعارضة والمقابلة ، ومحصل الكلام أنا قابلنا بهذه الأمانة السماوات والأرض والجبال فكانت هذه أرجح وأثقل منها .

ومنها أن الكلام جار مجرى الفرض والتقدير والمعنى : أنا لو قدرنا أن السماوات والأرض والجبال فهما ، وعرضنا عليها هذه الأمانة لأبين حملها وأشفقن منها لكن الإنسان تحملها .

وبالمراجعة إلى ما قدمناه يظهر ما في كل من هذه الأقوال من جهات الضعف والوهن فلا تغفل .

______________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص280-285 .

2- فالآية الاولى تحاذي الاولى والثانية تحاذي الثانية والثالثة .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

قولوا الحقّ لتصلح أعمالكم :

بعد البحوث السابقة حول ناشري الإشاعات والذين يؤذون النّبي ، تصدر الآية التالية أمراً هو في الحقيقة علاج لهذا المرض الإجتماعي الخطير ، فتقول : {ياأيّها الذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولا سديداً} .

«القول السديد» من مادّة (سد) أي المحكم المنيع الذي لا يعتريه الخلل ، والموافق للحقّ والواقع ، ويعني القول الذي يقف كالسدّ المنيع أمام أمواج الفساد والباطل . وإذا ما فسّره بعض المفسّرين بالصواب ، والبعض الآخر بكونه خالصاً من الكذب واللغو وخالياً منه ، أو تساوي الظاهر والباطن ووحدتهما ، أو الصلاح والرشاد ، وأمثال ذلك ، فإنّها في الواقع تفاسير ترجع إلى المعنى الجامع أعلاه .

ثمّ تبيّن الآية التالية نتيجة القول السديد ، فتقول : {يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم} .

إنّ التقوى في الواقع هي دعامة إصلاح اللسان وأساسه ، ومنبع قول الحقّ ، والقول الحقّ أحد العوامل المؤثّرة في إصلاح الأعمال ، وإصلاح الأعمال سبب مغفرة الذنوب ، وذلك لـ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود : 114] .

يقول علماء الأخلاق : إنّ اللسان أكثر أعضاء البدن بركة ، وأكثر الوسائل تأثيراً في الطاعة والهداية والصلاح ، وهو في الوقت نفسه يعدّ أخطر أعضاء البدن وأكثرها معصية وذنباً ، حتّى أنّ ما يقرب من الثلاثين كبيرة تصدر من هذا العضو الصغير(2) .

وفي حديث عن النّبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) : «لا يستقيم إيمان عبد حتّى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه» (3) .

ومن الرائع جدّاً ما ورد في حديث آخر عن الإمام السجّاد (عليه السلام) : «إنّ لسان ابن آدم يشرف كلّ يوم على جوارحه فيقول : كيف أصبحتم؟ فيقولون : بخير إن تركتنا . ويقولون : الله الله فينا ، ويناشدونه ويقولون : إنّما نثاب بك ونعاقب بك» (4) .

هناك روايات كثيرة في هذا الباب تحكي جميعاً عن الأهميّة الفائقة للّسان ودوره في إصلاح الأخلاق وتهذيب النفوس الإنسانية ، ولذلك نقرأ في حديث : «ما جلس رسول الله (صلى الله عليه وآله) على هذا المنبر قطّ إلاّ تلا هذه الآية : {يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولا سديداً} (5) .

ثمّ تضيف الآية في النهاية : {ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} وأي فوز وظفر أسمى من أن تكون أعمال الإنسان صالحة ، وذنوبه مغفورة ، وهو عند الله من المبيضة وجوههم الذين رضي الله عنهم؟!

وقوله تعالى : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب : 72 ، 73]

حمل الأمانة الإلهية أعظم إفتخارات البشر :

تكمل هاتان الآيتان ـ اللتان هما آخر آيات سورة الأحزاب ـ المسائل المهمّة التي وردت في هذه السورة في مجالات الإيمان ، والعمل الصالح ، والجهاد ، والإيثار ، والعفّة والأدب والأخلاق ، وتبيّن كيف أنّ الإنسان يحتل موقعاً سامياً جدّاً بحيث يستطيع أن يكون حامل رسالة الله العظيمة ، وكيف أنّه إذا ما جهل قيمه الحياتية والوجودية سيظلم نفسه غاية الظلم ، وينحدر إلى أسفل سافلين!

تبيّن الآية أوّلا أعظم إمتيازات الإنسان وأهمّها في كلّ عالم الخلقة ، فتقول : {إنّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها} .

ممّا لا شكّ فيه أنّ إباءها تحمل المسؤولية وإمتناعها عن ذلك لم يكن إستكباراً منها ، كما كان ذلك من الشيطان ، حيث تقول الآية (24) من سورة البقرة : {أَبَى وَاسْتَكْبَرَ } [البقرة : 34] ، بل إنّ إباءها كان مقترناً بالإشفاق ، أي الخوف الممتزج بالتوجّه والخضوع .

إلاّ أنّ الإنسان ، اُعجوبة عالم الخلقة ، قد تقدّم {وحملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولا} .

لقد تحدّث كبار مفسّري الإسلام حول هذه الآية كثيراً ، وسعوا كثيراً من أجل الوصول إلى حقيقة معنى «الأمانة» ، وأبدوا وجهات نظر مختلفة ، نختار أفضلها بتقصّي القرائن الموجودة في طيّات الآية .

ويجب التأكيد في هذه الآية العميقة المحتوى على خمس موارد :

1 ـ ما هو المراد من الأمانة ؟

2 ـ ما معنى عرضها على السماوات والأرض والجبال ؟

3 ـ لماذا وكيف أبت هذه الموجودات حمل هذه الأمانة ؟

4 ـ كيف حمل الإنسان ثقل الأمانة هذا ؟

5 ـ لماذا وكيف كان ظلوماً جهولا ؟

لقد ذُكرت تفاسير مختلفة للأمانة ومن جملتها :

أنّ المراد من الأمانة : هي الولاية الإلهية ، وكمال صفة العبودية ، والذي يحصل عن طريق المعرفة والعمل الصالح .

أنّ المراد : صفة الإختيار والحرية والإرادة التي تميّز الإنسان عن سائر الموجودات .

أنّ المراد : العقل الذي هو ملاك التكليف ، ومناط الثواب والعقاب .

أنّ المراد : أعضاء جسم الإنسان ، فالعين أمانة الله ، ويجب الحفاظ عليها وعدم إستعمالها في طريق المعصية ، والاُذن واليد والرجل واللسان كلّها أمانات يجب حفظها .

أنّ المراد : الأمانات التي يأخذها الناس بعضهم من بعض ، والوفاء بالعهود .

أنّ المراد : معرفة الله سبحانه .

أنّ المراد : الواجبات والتكاليف الإلهيّة كالصلاة والصوم والحجّ .

لكن يتّضح من خلال أدنى دقّة أن هذه التفاسير لا تتناقض مع بعضها ، بل يمكن إدغام بعضها في البعض الآخر ، فبعضها أخذت جانباً من الموضوع ، وبعضها الآخر كلّه .

ومن أجل الحصول على جواب جامع كاف ، يجب أن نلقي نظرة على الإنسان لنرى أي شيء يمتلكه وتفتقده السماوات والأرضون والجبال ؟

إنّ الإنسان موجود له إستعدادات وقابليات يستطيع من خلال إستغلالها أن يكون أتمّ مصداق لخليفة الله ، ويستطيع أن يصل إلى قمّة العظمة والشرف بإكتساب المعرفة وتهذيب النفس وتحصيل الكمالات ، وأن يسمو حتّى على الملائكة .

إنّ هذا الإستعداد المقترن بالحرية والإرادة والإختيار يعني أنّ الإنسان يطوي هذا الطريق بإرادته وإختياره ، ويبدأ فيه من الصفر ويسير إلى ما لا نهاية .

إنّ السماء والأرض والجبال تمتلك نوعاً من المعرفة الإلهية ، وهي تذكر الله سبحانه وتسبّحه ، وتخضع لعظمته وتخشع لها وتسجد ، إلاّ أنّ كلّ ذلك ذاتي وتكويني وإجباري ، ولذلك ليس فيه تكامل ورقي ، والموجود الوحيد الذي لا ينتهي منحنى صعوده ونزوله ، وهو قادر على إرتقاء قمّة التكامل بصورة لا تعرف الحدود ، ويقوم بكلّ هذه الأعمال بإرادته وإختياره ، هو الإنسان ، وهذه هي «الأمانة الإلهيّة» التي إمتنعت من حملها كلّ الموجودات ، وحملها الإنسان! ولذلك نرى الآية التالية قسّمت البشر إلى ثلاث فئات : «المؤمنين» و «الكفّار» و«المنافقين» .

بناءً على هذا يجب القول في عبارة مختصرة أنّ الأمانة الإلهية هي قابلية التكامل غير المحدودة والممتزجة بالإرادة والإختيار ، والوصول إلى مقام الإنسان الكامل ، وعبودية الله الخاصّة وتقبّل ولاية الله .

لكن لماذا عُبّر عن هذا الأمر بالأمانة ، مع أنّ كلّ وجودنا وكلّ ما لدينا أمانة الله ؟

لقد عبّر بهذا التعبير لأهميّة إمتياز البشر العظيم هذا ، وإلاّ فإنّ بقية المواهب أمانات الله أيضاً ، غير أنّ أهميّتها تقلّ أمام هذا الإمتياز .

ويمكن أن نعبّر هنا عن هذه الأمانة بتعبير آخر ونقول : إنّها التعهّد والإلتزام وقبول المسؤولية .

بناءً على هذا فإنّ اُولئك الذين فسّروا الأمانة بصفة الإختيار والحرية في الإرادة ، قد أشاروا إلى جانب من هذه الأمانة العظمى ، كما أنّ اُولئك الذين فسّروها بالعقل ، أو أعضاء البدن ، أو أمانات الناس لدى بعضهم البعض ، أو الفرائض والواجبات ، أو التكاليف بصورة عامّة ، قد أشار كلّ منهم إلى غصن من أغصان هذه الشجرة العظيمة المثمرة ، وإقتطف منها ثمرة .

لكن ما هو المراد من عرض هذه الأمانة على السموات والأرض ؟

هل المراد : أنّ الله سبحانه قد منح هذه الموجودات شيئاً من العقل والشعور ثمّ عرض عليها حمل هذه الأمانة ؟

أو أنّ المراد من العرض هو المقارنة ؟ أي أنّها عندما قارنت حجم هذه الأمانة مع ما لديها من القابليات والإستعدادات أعلنت عدم لياقتها وإستعدادها عن تحمّل هذه الأمانة العظيمة .

طبعاً ، يبدو أنّ المعنى الثّاني هو الأنسب ، وبهذا فإنّ السماوات والأرض والجبال قد صرخت جميعاً بأنّا لا طاقة لنا بحمل هذه الأمانة .

ومن هنا يتّضح جواب السؤال الثالث أيضاً ، بأنّ هذه الموجودات لماذا وكيف رفضت وأبت حمل هذه الأمانة العظمى ، وأظهرت إشفاقها من ذلك ؟

ومن هنا تتّضح كيفية حمل الإنسان لهذه الأمانة الإلهية ، لأنّ الإنسان كان قد خلق بشكل يستطيع معه تحمّل المسؤولية والقيام بها ، وأن يتقبّل ولاية الله ، ويسير في طريق العبودية والكمال ويتّجه نحو المعبود الدائم ، وأن يطوي هذا الطريق بقدمه وإرادته ، وبالإستعانة بربّه .

أمّا ما ورد في روايات عديدة وردت عن أهل البيت (عليهم السلام) من تفسير هذه الأمانة بقبول ولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وولده ، فمن أجل أنّ ولاية الأنبياء والأئمّة نور ساطع من تلك الولاية الإلهية الكليّة ، والوصول إلى مقام العبودية ، وطي طريق التكامل لا يمكن أن يتمّ من دون قبول ولاية أولياء الله .

جاء في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أنّه سئل عن تفسير آية عرض الأمانة ، فقال : «الأمانة الولاية ، من إدّعاها بغير حقّ كفر» (6) .

وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال عندما سئل عن تفسير هذه الآية : «الأمانة الولاية ، والإنسان هو أبو الشرور المنافق» (7) .

والمسألة الاُخرى التي يلزم ذكرها هنا ، هي أنّنا قلنا في ذيل الآية (172) من سورة الأعراف فيما يتعلّق بعالم الذرّ بأن أخذ ميثاق الله على التوحيد كان عن طريق الفطرة ، وإستعداد وطبيعة الآدمي ، وإنّ عالم الذرّ هو عالم الإستعداد والفطرة .

وفي مورد قبول الأمانة الإلهيّة يجب القول بأنّ هذا القبول لم يكن قبول اتّفاق وعقد ، بل كان قبولا تكوينياً حسب عالم الإستعداد .

السؤال الوحيد الذي يبقى هو مسألة كون الإنسان «ظلوماً جهولا» ، فهل أنّ وصف الإنسان بهاتين الصفتين ـ وظاهرهما ذمّه وتوبيخه ـ كان نتيجة قبوله لهذه الأمانة ؟

من المسلّم أنّ النفي هو جواب هذا السؤال ، لأنّ قبول هذه الأمانة أعظم فخر وميزة للإنسان ، فكيف يمكن أن يُذمّ على قبوله مثل هذا المقام السامي ؟

أم أنّ هذا الوصف بسبب نسيان غالب البشر وظلمهم أنفسهم ، وعدم العلم بقدر الإنسان ومنزلته . . وبسبب الفعل الذي بدأ منذ إبتداء نسل آدم من قِبل قابيل وأتباعه ، ولا يزال إلى اليوم .

إنّ الإنسان الذي ينادى من العرش ، وبني آدم الذين وُضع على رؤوسهم تاج (كرّمنا بني آدم) والبشر الذين هم وكلاء الله في الأرض بمقتضى قوله سبحانه : (إنّي جاعل في الأرض خليفة) والإنسان الذي كان معلّماً للملائكة وسجدت له ، كم يجب أن يكون ظلوماً جهولا لينسى كلّ هذه القيم السامية الرفيعة ، ويجعل نفسه أسيرة هذه الدنيا ، وتابعاً لهذا التراب ، ويكون في مصاف الشياطين ، فينحدر إلى أسفل سافلين ؟!

أجل . . إنّ قبول هذا الخطّ المنحرف ـ والذي كان ولا يزال له أتباع وسالكون كثيرون جدّاً ـ خير دليل على كون الإنسان ظلوماً جهولا ، ولذلك نرى أنّه حتّى آدم نفسه ، والذي كان رأس السلسلة ومتمتّعاً بالعصمة ، يعترف بأنّه قد ظلم نفسه {ربَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف : 23] .

لقد كان «ترك الأولى» الذي صدر منه ناشئاً في الحقيقة عن نسيان جزء من عظمة هذه الأمانة الكبرى!

وعلى أي حال ، فيجب الإعتراف بأنّ الإنسان الضعيف والصغير في الظاهر ، هو اُعجوبة علم الخلقة ، حيث إستطاع أن يتحمّل أعباء الأمانة التي عجزت السماوات والأرضون عن حملها إذا لم ينس مقامه ومنزلته (8) .

وتبيّن الآية التالية علّة عرض هذه الأمانة على الإنسان ، وبيان حقيقة أنّ أفراد البشر قد إنقسموا بعد حمل هذه الأمانة إلى ثلاث فئات : المنافقين والمشركين والمؤمنين ، فتقول : (ليعذّب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً رحيماً) .

يوجد هناك إحتمالان في معنى «اللام» في (ليعذّب) :

الأوّل : أنّها «لام الغاية» التي تذكر لبيان عاقبة الشيء ونهايته ، وبناءً على هذا يكون معنى الآية : كانت عاقبة حمل هذه الأمانة أن سلك جماعة طريق النفاق ، وجماعة سبيل الشرك ، وهؤلاء سيبتلون بعذاب الله لخيانتهم أمانته ، وجماعة هم أهل الإيمان الذين ستشملهم رحمته لأدائهم هذه الأمانة والقيام بواجباتهم .

والثاني : أنّها «لام العلّة» ، فتكون هناك جملة مقدرة ، وعلى هذا يكون تفسير الآية : كان الهدف من عرض الأمانة أن يوضع كلّ البشر في بوتقة الإختبار ، ليُظهر كلّ إنسان باطنه فيرى من الثواب والعقاب ما يستحقّه .

وهنا اُمور ينبغي الإلتفات إليها :

1 ـ إنّ سبب تقديم أهل النفاق على المشركين هو أنّ المنافق يتظاهر بأنّه أمين في حين أنّه خائن ، إلاّ أنّ خيانة المشرك ظاهرة مكشوفة ، ولذلك فإنّ المنافق يستحقّ حظّاً أكبر من العذاب .

2 ـ يمكن أن يكون سبب تقديم هاتين الفئتين على المؤمنين هو أنّ الآية السابقة قد ختمت بـ (ظلوماً جهولا) وهاتان الصفتان تناسبان المنافق والمشرك ، فالمنافق ظالم ، والمشرك جهول .

3 ـ لقد وردت كلمة (الله) مرّة واحدة في شأن المنافقين والمشركين ، ومرّة في شأن المؤمنين ، وذلك لأنّ مصير الفئتين الاُوّليين واحد ، وحساب المؤمنين يختلف عنهما .

4 ـ يمكن أن يكون التعبير بالتوبة بدل الجزاء والثواب في شأن المؤمنين بسبب أنّ أكثر خوف المؤمنين من الذنوب والمعاصي التي تصدر عنهم أحياناً ، ولذا فإنّ الآية تطمئنهم وتمنحهم السكينة بأنّ ذنوبهم ستغفر .

أو لأنّ توبة الله على عباده تعني رجوعه عليهم بالرحمة ، ونعلم أنّ كلّ الهبات والعطايا والمكافآت قد اُخفيت في كلمة «الرحمة» .

5 ـ إنّ وصف الله بالغفور والرحيم ربّما كان في مقابل الظلوم والجهول . أو لمناسبته ذكر التوبة بالنسبة للمؤمنين والمؤمنات .

الآن وقد بلغنا نهاية سورة الأحزاب بفضل الله سبحانه ، نرى لزاماً ذكر هذه المسألة ، وهي : أنّ إنسجام بداية هذه السورة مع نهايتها يستحقّ الدقّة والإنتباه ، لأنّ هذه السورة ـ سورة الأحزاب ـ قد بدأت بخطاب النّبي (صلى الله عليه وآله) وأمره بتقوى الله ، ونهيه عن طاعة الكافرين والمنافقين ، والتأكيد على كون الله عليماً حكيماً ، وإنتهت بذكر أعظم مسألة في حياة البشر ، أي حمل أمانة الله . ثمّ بتقسيم البشر إلى ثلاث فئات : المنافقين ، والكافرين ، والمؤمنين ، والتأكيد على كون الله غفوراً رحيماً .

وبين هذين البحثين طرحت بحوثاً كثيرة حول هذه الفئات الثلاثة ، واُسلوب تعاملهم مع هذه الأمانة الإلهية ، وكلّ هذه البحوث يكمل بعضها بعضاً ، ويوضّح بعضها بعضاً .

اللهمّ إجعلنا ممّن قبلوا أمانتك بإخلاص ، وحملوها بعشق ولذّة ، وقاموا بواجباتهم تجاهها .

اللهمّ اجعلنا من المؤمنين الذين وسعتهم رحمتك ، لا من المنافقين والمشركين الذين استحقّوا العذاب لكونهم ظلومين جهولين .

اللهمّ انزل غضبك وسخطك على أحزاب الكفر التي اتّحدت مرّة اُخرى ، واحتّلت مدينة الإسلام في عصرنا الحاضر ، واهدم قصورهم على رؤوسهم . اللهمّ وهب لنا من الثبات والإستقامة ما نقف به كالجبل لندافع عن مدينة الإسلام ونحرسها في هذه اللحظات الحسّاسة .

 ________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج10 ، ص490-499 .

2 ـ عدّ الغزالي في إحياء العلوم عشرين كبيرة أو معصية تصدر عن اللسان ، وهي : 1 ـ الكذب 2 ـ الغيبة 3 ـ النميمة 4 ـ النفاق في الكلام ، أي كون الإنسان ذا لسانين ووجهين 5 ـ المدح في غير موضعه 6 ـ بذاءة الكلام 7 ـ الغناء والأشعار غير المرضية 8 ـ الإفراط في المزاح 9 ـ السخرية والإستهزاء 10 ـ إفشاء أسرار الآخرين 11 ـ الوعد الكاذب 12 ـ اللعن في غير موضعه 13 ـ التخاصم والنزاع 14 ـ الجدال والمراء 15 ـ البحث في اُمور الباطل 16 ـ الثرثرة 17 ـ البحث في الاُمور التي لا تعني الإنسان 18 ـ وصف مجالس الشراب والقمار والمعصية 19 ـ السؤال عن المسائل الخارجة عن إدراك الإنسان والبحث فيها 20 ـ التصنّع والتكلّف في الكلام .

ونزيد عليها عشرة مواضيع مهمّة اُخرى ، وهي : 1 ـ الإتّهام 2 ـ شهادة الزور 3 ـ إشاعة الفحشاء ، ونشر الإشاعات التي لا أساس لها 4 ـ مدح الإنسان نفسه 5 ـ الإصرار في غير محلّه 6 ـ الغلظة والخشونة في الكلام 7 ـ الأذى باللسان 8 ـ ذم من لا يستحقّ الذمّ 9 ـ كفران النعمة اللسان 10 ـ الإعلام الباطل .

3 ـ بحار الأنوار ، المجلّد 71 ، صفحة 78 .

4 ـ بحار الأنوار ، المجلّد 71 ، صفحة 278 .

5 ـ الدرّ المنثور ، طبقاً لنقل تفسير الميزان ، الجزء 16 ، صفحة 376 .

6 ـ تفسير البرهان ، المجلّد 3 ، صفحة 341 ذيل الآية مورد البحث .

7 ـ المصدر السابق .

8 ـ اتّضح ممّا قلناه في تفسير الآية أن لا حاجة مطلقاً إلى أن نقدر شيئاً في الآية ، كما قال ذلك جمع من المفسّرين ، ففسّروا الآية بأنّ المراد من عرض أمانة الله على السماء والأرض والجبال هو عرضها على أهلها ، أي الملائكة! ولذلك قالوا بأنّ اُولئك الذين أبوا أن يحملوها قد أدّوها ، واُولئك الذين حملوها خانوها .

إنّ هذا التّفسير ليس مخالفاً لظاهر الآية من ناحية الإحتياج إلى التقدير وحسب ، بل يمكن أن يناقش ويورد على إعتقاده بأنّ على الملائكة نوع تكليف ، وأنّها حاملة لجزء من هذه الأمانة . وبغضّ النظر عن كلّ ذلك فإنّ تفسير أهل الجبال بالملائكة لا يخلو من غرابة ، دقّقوا ذلك .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .