المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



تفسير الآية (45-47) من سورة يونس  
  
2591   09:48 صباحاً   التاريخ: 9-3-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الياء / سورة يونس /

 

قال تعالى { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45) وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [يونس: 45 - 48]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

بين سبحانه حالهم يوم الجمع فقال: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ} أي: يجمعهم من كل مكان إلى الموقف {كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا} في الدنيا { إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ}أي: كأنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من النهار ومعناه أنهم استقلوا أيام الدنيا فإن المكث في الدنيا وإن طال كان بمنزلة مكث ساعة في جنب الآخرة عن الضحاك وجماعة وقيل استقلوا أيام مقامهم في الدنيا لقلة انتفاعهم بأعمارهم فيها فكأنهم لم يلبثوا إلا يوما فيها لقلة فائدتها وقيل إنهم استقلوا مدة لبثهم في القبور عن ابن عباس وقد دل الله سبحانه بذلك على أنه لا ينبغي لأحد أن يغتر بطول ما يأمله من البقاء في الدنيا إذا كان عاقبته إلى الزوال.

 {يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} معناه أن الخلق يعرف بعضهم بعضا في ذلك الوقت كما كانوا في الدنيا كذلك وقيل: معناه يعرف بعضهم بعضا ما كانوا عليه من الخطإ والكفر قال الكلبي: يتعارفون إذا خرجوا من قبورهم ثم تنقطع المعرفة إذا عاينوا العذاب ويتبرأ بعضهم من بعض {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ}أي: بلقاء جزاء الله {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} للحق قال الحسن معناه خسروا أنفسهم لأنهم لم يكونوا مهتدين في الدنيا ولو كانوا مهتدين في الدنيا لم يخسروا أنفسهم ومعناه أنهم خسروا الدنيا حين صرفوها إلى المعاصي وخسروا نعيم الآخرة حين فوتوها على أنفسهم بمعاصيهم.

 {وإما نرينك} يا محمد في حياتك {بعض الذي نعدهم}أي: نعد هؤلاء الكفار من العقوبة في الدنيا قالوا ومنها وقعة بدر {أو نتوفينك}أي: نميتنك قبل أن ينزل ذلك بهم وينزل ذلك بهم بعد موتك {فإلينا مرجعهم}أي: إلى حكمنا مصيرهم في الآخرة فلا يفوتوننا وقيل إن الله سبحاه وعد نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن ينتقم له منهم إما في حياته أو بعد وفاته ولم يحده بوقت فقال إن ما وعدناه حقا لا محالة {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ}أي: عليم بأفعالهم حافظ لها فهو يوفيهم عقاب معاصيهم.

 {ولكل أمة رسول}أي: لكل جماعة على طريقة واحدة ودين واحد كأمة محمد وأمة موسى وعيسى (عليهما السلام) رسول بعثه الله إليهم وحمله الرسالة التي يؤديها إليهم {فإذا جاء رسولهم}هاهنا حذف وإضمار والتقدير فإذا جاء رسولهم وبلغ الرسالة فكذبه قومه وصدقه آخرون {قضي بينهم} فيهلك المكذبون وينجو المؤمنون وقيل: معناه فإذا جاء رسولهم يشهد عليهم يوم القيامة عن مجاهد وقيل: في الدنيا بما أذن الله له من الدعاء عليهم قضي بينهم أي فصل بينهم الأمر على الحتم {بالقسط}أي: بالعدل {وهم لا يظلمون}أي: لا ينقصون عن ثواب طاعاتهم ولا يزدادون في عقاب سيئاتهم .

_____________

تفسير مجمع البيان ،الطبرسي ،ج5،ص194-195.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ}. قوله : ساعة من النهار كناية عن أن الحياة وان طالت وطابت فهي قصيرة الأمد ، لأنها إلى فناء . .

وأقوال الناس في ذم الدنيا نثرا وشعرا تستغرق مجلدات . . وغريبة الغرائب انهم يجمعون قولا على ذمها ، وعملا على حبها ، فيجمعون بين الذم وحب المذموم .

بل لو ردوا إلى الدنيا بعد الموت وأهواله لعادوا لما نهوا عنه ، وان دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الرجال لا تعرف بالأقوال .

{يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ}. ظاهر اللفظ يدل على أن المجرمين يعرف بعضهم بعضا يوم الحشر ، وبالأولى الطيبون .

وتسأل : ألا يتنافى هذا بظاهره ، مع قوله تعالى : {يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ - 2 الحج}؟ .

الجواب : فرق بين يوم النشر والحشر ، وبين يوم القيامة الذي هو عبارة عن خراب الكون ودماره ، وآية الحج تحكي حال الناس يوم القيامة ، وقوله تعالى : {يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ}يحكي حالهم يوم الحشر . . هذا ، إلى أن مواقف الحشر كثيرة يملك الناس ادراكهم في موقف بخاصة عند الحساب ، ويفقدونه في مواقف ، كما لو عرضوا على النار {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وما كانُوا مُهْتَدِينَ}. كل من عمل لشيء لا وجود له ، أو أهمل ولم يعمل للشيء الموجود الذي يرتبط بكيانه ومصيره - فهو من الضالين الخاسرين . وهذه حال من عمل للدنيا دون الآخرة ، سواء أكذّب بها ، أم صدق ولم يعمل لها .

{وإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ}. الخطاب في نرينك ونتوفينك للنبي ( صلى الله عليه واله وسلم)، وضمير نعدهم ومرجعهم للذين كذّبوا بنبوته ، والمعنى ان اللَّه سبحانه هدد وتوعد المكذبين بالخزي والذل على تكذيبهم ، وهذا الخزي واقع بهم لا محالة في حياة الرسول أو بعد وفاته ، وفي سائر الأحوال فان مصيرهم إليه تعالى ، فيعذبهم العذاب الأكبر {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ}.

أي مطلع على جميع أفعالهم ، لا يغيب شيء منها عن علمه : وسيجازيهم عليها بما يستحقون .

{ولِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ}يبشرها وينذرها ، وبعد الانذار والإعذار يكون الحساب والعقاب ، إذ لا عقوبة من غير نص {فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ} وبلغهم ما تجب معرفته عليهم من أمور الدين ، ولم يبق من عذر لمعتذر {قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ}فيحكم لمن استجاب للَّه ورسوله بالفوز والثواب ، وعلى من أعرض ونأى بالخذلان والعقاب {وهُمْ لا يُظْلَمُونَ}فلا نقصان من ثواب من أطاع ، وقد يزداد ، ولا زيادة في عقاب من عصى ، وقد تشمله الرحمة ، وهذا المعنى يدل عليه قوله تعالى : {بِالْقِسْطِ}ولكن من عادة القرآن أن يؤكد كل ما يتصل بالآخرة وثوابها وعقابها .

_____________________

1- تفسير الكاشف ،محمد جواد مغنيه ،ج4 ،ص164-165.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} {إلخ} ظاهر الآية أن يكون {يوم} ظرفا متعلقا بقوله: {قد خسر} إلخ، و قوله: {كأن لم يلبثوا إلا ساعة} إلخ، حالا من ضمير الجمع في {يحشرهم} وقوله: {يتعارفون بينهم} حالا ثانيا مبينا للحال الأول.

والمعنى قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله في يوم يحشرهم إليه حال كونهم يستقلون هذه الحياة الدنيا فيعدونها كمكث ساعة من النهار وهم يتعارفون بينهم من غير أن ينكر بعضهم بعضا أوينساه.

وقد ذكر بعضهم أن قوله: {كأن لم يلبثوا} صفة ليوم أوصفة للمصدر المحذوف المدلول عليه بقوله: {يحشرهم}، وذكر بعض آخر أن قوله: {يتعارفون بينهم} صفة لساعة، وهما من الاحتمالات البعيدة التي لا يساعد عليها اللفظ.

وكيف كان ففي الآية رجوع إلى حديث اللقاء المذكور في أول السورة وانعطاف على ما ذكره آنفا أن من المتوقع أن يأتيهم تأويل الدين.

فكأنها تقول: إنهم وإن لم يأتهم تأويل القرآن بعد لا ينبغي لهم أن يغتروا بالجمود على مظاهر هذه الحياة الدنيا ويستكثروا الأمد ويستبطئوا الأجل فإنهم سوف يحشرون إلى الله فيشاهدون أن ليست الحياة الدنيا إلا متاعا قليلا، ولا اللبث فيها إلا لبثا يسيرا كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم.

فيومئذ يظهر لهم خسرانهم في تكذيبهم بلقاء الله ظهور عيان وذلك بإتيان تأويل الدين وانكشاف حقيقة الأمر وظهور نور التوحيد على ما كان، ووضوح أن الملك يومئذ لله الواحد القهار جل شأنه.

الآيات تنبىء عن سنة إلهية جارية، وهي أن الله سبحانه قضى قضاء حق لا يرد ولا يبدل أن يرسل إلى كل أمة رسولا يبلغهم رسالته ثم يحكم بينه وبينهم حكما فصلا بإنزال العذاب عليهم وإنجاء المؤمنين وإهلاك المكذبين.

ثم تأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخبرهم أن هذه الأمة يجري فيهم ما جرى في الأمم الماضية من السنة الإلهية من غير أن يستثنوا من كليتها غير أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يذكر لهم فيما لقنه الله من جواب سؤالهم عن وقت العذاب إلا أن القضاء حتم وللأمة عمرا وأجلا كالفرد ينتهي إليه أمد حياتها، وأما وقت النزول فقد أبهم إبهاما.

وقد قدمنا في قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون:} الأنفال: - 33 أن الآية لا تخلو عن إشعار بأن الأمة ستنتزع منهم نعمة الاستغفار بعد زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فينزل عليهم العذاب، وقد تقدم أن الشواهد قائمة على كون الآية مدنية فهي بعد هذه الآيات المكية من قبيل الإيضاح في الجملة بعد الإبهام ومن ملاحم القرآن.

وقد حمل بعض المفسرين ما وقع من حديث العذاب في هذه الآيات على عذاب الآخرة، وسياق الآيات يأبى ذلك.

قوله تعالى: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} إما نرينك أصله: إن نرك، زيد عليه ما والنون الثقيلة للتأكيد، والترديد بين الإرادة والتوفي للتسوية واستيعاب التقادير، والمعنى إلينا مرجعهم على أي تقدير، ولفظة ثم للتراخي بحسب ترتيب الكلام دون الزمان والآية مسوقة لتطييب نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولتكون كالتوطئة لحديث قضاء العذاب الذي ستفصله الآيات التالية لهذه الآية.

والمعنى طب نفسا فإنا موقعون بهم ما نعدهم سواء أريناك بعض ذاك أو توفيناك قبل أن نريك ذاك فإن أمرهم إلينا ونحن شاهدون لأفعالهم المستوجبة للعذاب لا تغيب عنا ولا ننساها.

والالتفات من قوله: {نرينك إلى قوله: {ثم الله شهيد} للدلالة على علة الحكم فإن الله سبحانه شهيد على كل فعل بمقتضى ألوهيته.

قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} قضاء إلهي منحل إلى قضاءين أحدهما: أن لكل أمة من الأمم رسولا يحمل رسالة الله إليهم ويبلغها إياهم، وثانيهما: أنه إذا جاءهم وبلغهم رسالته فاختلفوا من مصدق له ومكذب فإن الله يقضي ويحكم بينهم بالقسط والعدل من غير أن يظلمهم.

هذا ما يعطيه سياق الكلام من المعنى.

ومنه يظهر أن قوله: {فإذا جاء رسولهم} فيه إيجاز بالحذف والإضمار والتقدير: فإذا جاء رسولهم إليهم وبلغ الرسالة فاختلف قومه بالتكذيب والتصديق، ويدل على ذلك قوله: {قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} فإن القضاء إنما يكون فيما اختلف فيه، ولذا كان السؤال عن القسط وعدم الظلم في القضاء في مورد العذاب والضرار أسبق إلى الذهن.

وقد تقدم الفرق بين الرسول والنبي في مباحث النبوة في الجزء الثاني من الكتاب، وهذا القضاء المذكور في الآية من خواص الرسالة دون النبوة.

_______________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي ،ج10 ،ص53-56.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

بعد بيان بعض صفات المشركين في الآيات السابقة، أشير هنا إِلى وضعهم المؤلم في القيامة. تقول الآية: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ}.

الإِحساس بقلة مقدار الإِقامة في دار الدنيا وقصره، إِمّا لأنّه بالنسبة للحياة الاُخروي لايبلغ سوى ساعة واحدة. أولأنّ هذه الدنيا الفانية انقضت بسرعة بحيث كأنّها لم تكن أكثر من ساعة، أو لأنّهم لما لم يستفيدوا من عمرهم الإِستفادة الصحيحة، فيتصورون أنّها لا تساوي أكثر من قيمة ساعة !.

بناء على ماقلناه في التّفسير أعلاه، فإِنّ جملة (يتعارفون بينهم) إِشارة إِلى مقدار بقائهم في الدنيا، أي إِنّهم يحسون أنّ أعمارهم كانت قصيرة إِلى الحد الذي يكفي لالتقاء شخصين وتعارفهما ثمّ تفرقهما !.

وقد احتمل أيضاً ـ في تفسير هذه الآية ـ أنّ المقصود هو الإِحساس بقصر الزمان بالنسبة لحياة البرزخ، أي إِنّ هؤلاء يعيشون في فترة البرزخ حالة شبيهة بالنوم بحيث لايشعرون بمرور السنين والقرون والأعصار، ويظنون في القيامة أن مرحلة برزخهم التي استغرفت آلاف أو عشرات الآلاف من السنين، لم تكن إلاّ ساعة. والشاهد على هذا التّفسير الآيتان (55) ـ (56) من سورة الروم، اللتان تقولان: {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون. وقال الذين أوتوا العلم والإِيمان لقد لبثتم في كتاب الله إِلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنّكم كنتم لاتعلمون}.

يستفاد من هاتين الآيتين أنّ مجموعة من المجرمين يُقسمون في القيامة أن فترة برزخهم لم تكن أكثر من ساعة، إلاّ أنّ المؤمنين يقولون لهم: إِنّ المدّة كانت طويلة، والآن قد قامت القيامة وأنتم لاتعلمون. ونحن نعلم أن البرزخ ليس متساوياً بالنسبة للجميع، وسنذكر تفصيل ذلك في ذيل الآيات المناسبة.

وبناءً على هذا التّفسير، فإِنّ معنى جملة (يتعارفون بينهم) سيكون: إِنّ هؤلاء يحسون بأنّ زمان البرزخ كان قصيراً بحيث أنّهم لم ينسوا أي أمر من أُمور الدنيا، ويعرف بعضهم البعض الآخر جيداً. أو أنّ كلاً منهم يرى أعمال الآخرين القبيحة هناك، ويطّلع كل منهم على باطن الآخر، وهذا بحد ذاته فضيحة كبرى بالنسبة لهؤلاء.

ثمّ تضيف الآية أنّه سيثبت لكل هؤلاء في ذلك اليوم: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ} وانفقوا كل ملكاتهم وطاقاتهم الحيوية دون جدوى {وماكانوا مهتدين} بسبب هذا التكذيب والإِنكار والإِصرار على الذنب، ولأنّ قلوبهم وأرواحهم كانت مظلمة.

وتقول الآية التالية تهديداً للكفار، وتسلية لخاطر النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم): {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ}.

وتبيّن الآية الأخيرة من الآيات مورد البحث قانوناً كلياً في شأن كل الأنبياء، ومن جملتهم نبي الإِسلام(صلى الله عليه وآله وسلم)، وكل الأمم ومن جملتها الأُمّة التي كانت تحيا في عصر النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فتقول: {ولكل أُمّة رسول} فإِذا جاء رسولها وبلغ رسالته، وآمن قسم منهم وكفر آخرون، فإِنّ الله سبحانه يقضي بينهم بعدله، ولا يظلم ربّك أحداً، فيبقى المؤمنون والصالحون يتمعون بالحياة، أمّا الكافرون فإِنّهم فمصيرهم الفناء او الهزيمة: {فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.

وهذا ما حصل لنبي الإِسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) وأُمته المعاصرة له، فإِنّ أعداءه هلكوا في الحروب، أو انهزموا في النهاية وطردوا من ساحة المجتمع وأخذ المؤمنون زمام الأُمور بأيديهم. وبناء على هذا فإِنّ القضاء والحكم الذي ورد في هذه الآية هو القضاء التكويني في هذه الدنيا، وأمّا ما احتمله بعض المفسّرين من أنّه إِشارة إِلى حكم الله يوم القيامة. فهو خلاف الظاهر.

___________________

1- تفسير الامثل ،مكارم الشيرازي ،ج5 ،ص487-488.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .