ـ الاشتراكية الفوضويـة

بسبب الاضطهاد التي تعرض له العمال اصبح كل شخص يبتكر وسيلة معينة ليجذب الانتباه اليه ويعبر عن امتعاضه ورفضه لما حصل للطبقة العاملة وقد مثل هذا الاتجاه الاقتصادي الفرنسي برودون (1809-1865) حيث بدء بالهجوم على الملكية الخاصة وكذلك عن المدافعي عنها ، وكل ما هو متحقق من ايرادات او مدخولات متحققة منها ، وقد دعا برودون لإلغاء الطبقات ⁽¹⁾، وكان الهدف من ذلك هو ازالة الفوارق ويعني غياب السيد والمسود او عموم المجتمع وهذا الأمر يعبر عن نوع من الفوضوية بالرغم من انه يعد اشتراكياً ⁽²⁾، ولاحظ ان الموضوع الذي تناوله اصحاب مدرسة الاشتراكية المثالية يدعو الى السخرية حيث سخر من الاشتراكية المثالية ومن الذي تقام لأجله (الشيوعيين) في كتابه (التناقضات الاقتصادية) نتيجة للاستبداد وعدم إعطاء العامل حقه اذ قال ليست الاشتراكية شيئاً ولم تكن شيئاً ابداً ⁽³⁾، كما ظهرت أفكار عمالية في لندن في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر ، اذ نشأت الحركة الجارتية عام (1842) او التعاهدية ومعناها ان الحكومة مهمتها تنفيذ رغبات الشعب ومصالحه وقد قدمت للملكة فيكتوريا في انكلترا لائحة لإصلاح الأحوال السياسية والاجتماعية التي تمثل العمال⁽⁴⁾ ، وبدأت الافكار تُدار وفق هذا النهج وغيره ولكن لم تحصل الجدية لعدم وجود الأهلية لطبقة العمال في القيادة الى ان جاءت الأفكار الاشتراكية الأكثر نضوجاً وتنظيماً وعلمية على يد الالماني كارل ماركس (1818-1883) حاول ان يعمل توليفة من الافكار الطوباوية وبين افكار الطبقة العاملة ودرسها من الجانب الفلسفي وقربها من الافكار العلمية وقد سميت هذه الافكار بالاشتراكية العلمية ، كل هؤلاء  انتقدوا الرأسمالية وطالبوا بتحسين ظروف العمل ورفع المستوى المعيشي للعاملين واسسوا تنظيمات تعاونية اساسها نبذ الملكية الخاصة واعتماد مبدأ المصلحة العامة وغيرها من الامور التي تريد اصلاح النظام الرأسمالي بطريقة سلمية عن طريق الحوار والنقاش مع الطبقة البرجوازية ، تلك الافكار اقرب ما تكون خيالية ، لم يستطع الاشتراكيون المثاليون تغيير واقع الحال المعاش في المجتمع لأنهم ليسوا من الطبقة العاملة وإنما الدفاع عنهم يأخذ شكل عاطفي ، وهناك أسباب اخرى كمساندة الحكومات للطبقات الرأسمالية كونها تتقاضى منا ضريبة هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى لأنهم تعايشوا مع الأحداث الأولى (بداية التكوين) للرأسماية الصناعية ، حيث كانت الرأسمالية في ادوار تكوينها الاولى جيدة حينما كانت تأخذ بآراء آدم سميث ولم تظهر في داخلها العنف والهيمنة ضد طبقة العمال وان الطبقة الأخيرة التي لم تستطيع ان تناضل بقوة لكونها لم تفهم بالضبط من اين مصدر الظلم لكي تكون قوة موضوعية ضده وتتغلب عليه وتؤسس للمجتمع الاشتراكي الجديد ، ولكن بعد نظرية كارل ماركس فإن هذه القوة تجسدت بالطبقة العمالية (البروليتاريا) التي كانت كانت ضعيفة وغير منظمة ، فضلاً عن ان المدافعين عن الطبقة العاملة ليسوا من طبقتهم ويشعرون معاناتهم كما توضح للقارئ ، بل هم من الفلاسفة الخياليين وهم رأسماليين ينحدرون من اصول برجوازية وهذا الامر محدد لأنه ينظرون الى القضية من جانب الاضطهاد والظلم ولكن حينما يتغير النظام السياسي وتفقد الرأسمالية امتيازاتها فلن تقف هذه الطبقة مع العمال بسبب الرؤية الضخمة التي تكمن في القوى العاملة والتي تغير واقع الحال وتهيبوا منها ويعدوها طبقة المستقبل ، بينما تتصور الرأسمالية (البرجوازية) بأنها خالدة ومن غير الممكن ان يكون شخص يتقاضى مرتب بإمكانه ادارة العملية السياسية .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1ـ بول لويس ، الفكر الاشتراكي في مائة وخمسين سنة ، مصدر سابق ، 1972 ، ص145 . 

2ـ محمد عارف الكيالي ، مصدر سبق ذكره ، ص37 .  

3ـ محمد عزيز ، مذكرات في تاريخ المذاهب الاقتصادية ، مصدر سابق ، ص221 . 

4ـ نبيل عقيد محمود المظفر ، تطور الديموقراطية في بريطانيا ، المدوة الالكترونية Dr.Nabilmer . blogspot .com