المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

مهدي الشهيد.
20-7-2016
حكم من ردد نيته في سفره.
15-1-2016
ركن التوحيد
4-08-2015
Plant Structure
24-10-2016
هارون بن حمزة الغنوي
15-9-2016
مدينة ايسن واشهر ملوكها
23-9-2016


الشعر الحسن اللفظ الواهي المعنى  
  
2227   04:00 مساءً   التاريخ: 18-1-2020
المؤلف : عيار الشعر
الكتاب أو المصدر : ابن طباطبا العلوي
الجزء والصفحة : ص :49- 59
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015 5788
التاريخ: 26-7-2017 2657
التاريخ: 18-1-2020 1476
التاريخ: 26-7-2017 5911

 

ومن الأبيات الحسنةِ الألفاظ المستعذبة الرائقة سماعاً، الواهيةِ تحصيلا ومعنى، وإِنما يستحسن منها اتفاق الحالات التي  وضِعت فيها، وتذكر اللذات بمعانيها. والعبارة عما كان في الضمير منها، وحكايات ما جرى من حقائقها دون نسج الشعر وجودته، وإحكام وصفه وإتقان معناه قول جميل:

فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحَلها        وإذ هي تذري الدمع منها الأنامِلُ

عشية قالت في العتاب قتلتني         وقتلي بما قالت هناك تحاولُ

وكقول جرير:

إن الذين غدوا بلبك غادروا       وشلاً بعينك لا يزال معينا

غيضن من عبراتهِن وقلن لي        ماذا لقيت من الهوى ولقينا

وكقول الأعشى:

قالت هريرةُ لما جئت زائرها         ويلي عليك وويلي منك يا رجلُ

ويلي الأولى تهدد، وويلي الثانية استكانة.

وكقول قيس بن ذريح:

خليلي هذِي زفرةٌ قد غلبتُها         فمن لي بأخرى مثلها قد أطلُّت

 

49

 

وبي زفراتٌ لو يدمن قتلتني          تسوق التي تأتي التي قد تولَّتِ

وكقول عمر بن أبي ربيعة:

غفلن عن الليل حتى بدا         تباشير من واضحٍ أسفْراً

فممن يعفِّين آثارنا          بأكسية الخز أن تُقْفِراً

فالمستحسن من هذه الأبيات حقائق معانيها الواقعة لأصحابها الواصفين لها دون صنعة الشعر وأحكامه، فأما قول القائل:

ولما قضينا من مِنى كلَّ حاجةٍ       ومسح بالأركان من هو ماسح

وشُدت على حدبِ المهاري رحالُنا        ولا ينظر الغادي الذي هو رائح

أخذنا بأطرافِ الأحاديث بيننا          وسالت بأعناق المطي الأباطح

هذا الشعر هو استشعار قائِله لفرحةِ قفوله إلى بلده وسروره بالحاجة التي وصفها، من قضاء حجة وأنسه برفقائه، ومحادثتهم ووصفه سيل الأباطح بأعناق المطي كما تسيل بالمياه. فهو معنى مستوفى على قدر مراد الشاعر.

وأما المعرض الحسن الذي ابتذل على ما يشاكله من المعاني فكقول كثير.

فقلت لها يا عز كلُّ مصيبةٍ          إذا وطِّنتْ يوما لها النفس ذلَّت

قد قالت العلماء لو أن كثيراً جعل هذا البيت في وصف حرب لكان أشعر الناس.

وكقول القطامي في وصف النوق: يمشين رهواً فلا الأعجاز خاذلةٌ ولا الصدور على الأعجاز تتكِلُ لو جعل هذا الوصف للنساء دون النوق كان أحسن. وكقول كثير أيضاً:

أسيئي بنا أو أحسني لا ملومةً         إلينا مقلية إذا ما تقلَّتِ

قالت العلماء لو قال: البيت في وصف الدنيا لكان أشعر الناس.

ومن الأبيات التي تخلب معانيها للطافة الكلام فيها قول زهير:

تراه إذا ما جئته متهلِلاً        كأَنك تعطيه الذي أنت سائِلُه

أخى ثقةٍ ما تُهلك الخمر ماَله          ولكنه قد يهلك المالَ نائِلُه

غدوتُ عليه غدوةً فرأيتُه        قعوداً لديه بالصريم عواذلُه

يفدينه طوراً وطوراً يلمَنه          وأعيا فما يدرين أين مخاتلُه

 

50

 

فأعرض منه عن كريمٍ مرزءٍ          فعولٍ إذا ما وجد بالأمر فاعِلُه

وقول طفيل الغنوي:

جزى الله عنا جعفراً حين أزلفت      بنا َفعلُنا في الواطئين فزلَّتِ

أبوا أن يملُّونا ولو أن أُمنا          تلاقي الذي لاقوه منا لملَّمتِ

وكقول كثير بن عبد الرحمن الخزاعي:

إذا ما أورد الغزو لم تثن همه          حصان عليها نظم در يزينُها

نهتْه فلما لم تر النهي عاَقةُ          بكت فبكى مما شجاها قطينُها

وقول ابن هرمة

إني نذرت لئن لقيتك سالماً         أن لا أعالج بعدك الأسفارا

وقول حمزة بن بيض:

تقول لي والعيون هاجعةٌ           أقم علينا يوماً فلم أقُمِ

أي الوجوهِ انتجعت قلت َلها       وأي وجه إلاَّ إلى الحكم

متى يقلْ صاحبا سرادقة       هذا ابن بيضٍ بالباب يبتسمِ

قد كنت أسلمت فيك مقتبلاً       فهات إذا حلَّ أعطني سلمي

وقول الآخر:

نقلِّبه لِنبلُو حالَتيهِ        فتخبر منهما كرماً ولينا

نميلُ على جوانبِه كأنَّا         نميل إذا نميلُ على أبينا

وقول أبي العتاهية:

إن المطايا تشتكيك لأنها       تفري إليك سباسباً ورمالا

فإذا أتين بنا أتين مخفَّةً         وإذا رجعن بنا رجعن ثقالا

الشعر الصحيح المعنى، الرث الصياغة

ومن الحكم العجيبة، والمعاني الصحيحة الرثة الكسوية، التي لم يتنوق في معرضها الذي أبرزت فيه قول القائل:

نُراع إذا الجنائز قابلتنا          ونسكن حين تمضي ذاهباتِ

أغر أبو العاصي أبوه كأنما       تفرجت الأثواب عن قمر بدرِ

فإلا تكُن هند بكته فقد بكت    عليه الثريا في كواكبها الزهرِ

وإن أبا مروان بِشْر أخاكُم        ثوى غير متبوع بذمٍ ولا غدرِ

وما أحد ذا فاقةٍ كان مثلنا       إليه ولكن لا تقية للدهرِ

ألم َتر أن الأرض هدت جبالُها       وأن نجوم الليل بعدك لا تسري

ضربت ولم أظْلم لبشرٍ بصارمٍ      شوى فرسٍ بين الجنازة والقبر

أغر صريحاً فلا أعوج أمته     طويلاً أمرته الجياد على شزرِ

ألست شحيحاً إن ركبتك بعده       ليوم رهانٍ لو غدوت معي تجري

وقال يرثي بنيه:

ولو كان البكاء يرد شيئاً         على الباكي بكيت على صقوري

 

53

 

بني أصابهم قدر المنايا         وما منهن من أحد مجيري

ولو كانوا بني جبلٍ فمانوا          لأمسي وهو مختشع الصخور

إذا حّنت نوار تهيج منِّي         حرارة مثل ملتهب السعيرِ

حنين الوالهين إذا ذكرنا        فؤادينا اللذين مع القبور

كأن تشرب العبراتِ منها       هراقةُ شنتين على بعيرِ

كأن الليل يحبسه علينا         ضِرار أو يكر إلى نذورِ

كأن نجومه شولٌ تثنَّى         لأدهم في مباركها عقيرِ

وكقوله:

ومحفورةٍ لا ماء فيها مهيبةٍ        لغمي بأعواد المنية بابها

أناخ إليها أبناء ضيفي مقامة        إلى عصبة لا تُستعار ثوابها

وكانوا هم المال الذي لا أبيعه         ودرعي إذا ما الحرب هرت كلابها

وكم قاتلٍ للجوع قد كان فيهم           ومن حيةٍ قد كان سما لُعابها

إذا ذكرت أسماؤهم أو دعوتُهم           تكاد حيازيمي تفر صلابها

وإني وأشرافي عليهم وما أرى        كنفسي إذ هم في فؤادي لبابها

كراكز أرماحٍ تجزعن بعد ما          أقيمت عواليها وشُدت حرابها

إذا ذكرتْ عيني الذين هم لها           قذى هيج مني بالبكاءِ انسكابها

بنو الأرض قد كانوا بني فعزني         عليهم بآجالِ المنايا كتابها

وداعٍ علي اللهُ لو متُّ قد رأى         بدعوته ما يتقي لو يجابها

ومن متمن أن أموت وقد بنت       حياتي له شما عظاماً قبابها

بقيت وأبقت من قناتي مصيبتي        عشوزنةً زوراء صما كعابها

على حدث لو أن سلمى أصابها       بمثل بني انفض عنها هضابها

وما زلت أرمي الحرب حتى تركتها      كسير الجناح ما تُدقُّ عقابها

وكقول الراعي:

 

55

 

وإني وإياك والشكوى التي قصرت       خطوي ونأيك والوجد الذي أجد

لك الماءِ والظالِعِ الصديان يطلُبه       هو الشفاء له والري لو يرد

ضافي العطية راجيه وسائلُه       سيان أفلح من يعطي ومن يعد

أزرى بأموالنا قوم أمرتُهم        بالحق فينا فما أبقوا وما قصدوا

أما الفقير الذي كانت حلوبته        وفق العيال فلم يترك له سبد

واختل ذو الوفر والمثرون قد بقيت       علا التلاتلَ من أموالهم عَقد

فإن رفعت بهم رأساً نعشتهم          وإن لقوا مثلها في قابلٍ فسدوا

وكقول أبي النجم العجلي:

والخيل تسبح بالكماةِ كأنها        طير نمطر من ظلال عماءِ

يخرجن من رهجٍ دوين ظلالهِ        مثل الجنادب من حصي المعزاءِ

يلفظن من وجعِ الشكيم وعجمه        زبداً خلطن بياضه بدماءِ

كم من كريمةِ معشرٍ أيمنها        وتركن صاحبها بدار ثواءِ

إن الأعادي لن تنالَ قديمنا         حتى تنالَ كواكب الجوزاءِ

كم في لجيمٍ من أغر كأنه        صبح يشقُّ طيالس الظلماءِ

بحر يكلل بالسديف جفانه       حتى يموت شمالُ كل شتاءِ

ومجرب خضلُ السنانِ إذا التقى        رجعت بخاطره صدور ظماءِ

صدىء القباءِ من الحديد كأنه          جملٌ تعمده عصيم هَناءِ

إنَّا وجدك ما يكون سلاحنا            حجر الأكمام ولا عصا الطرفاءِ

نأوى إلى حلق الحديد وَقرحٍ          قُب تشوقُ َنحو كلِّ دعاءِ

ولقد غدون على طهيةِ غدوةٍ         حتى طرقن نساءنا بنساءِ

تلكم مراكبنا وفوق حبائنا         بيض الغضون سوابغُ الأثناء

قدرن من حلق كأن شعاعها       ثلج يطن على متون نهاءِ

تحمي الرماح لنا حمانا كلَّه         وتبيح بعد مسارح الأحماءِ

إن السيوف تجيرنا ونجيرها           كُلٌّ يجير بعزةٍ ووفاءِ

 

56

 

لا ينثنين ولا نرد حدودها       عن حد كلِّ كتيبةٍ خرساءِ

إنا لتعملُ بالصفوف سيوفُنا      عملَ الحريقِ بيابس الحلْفاءِ

وكقول عبد الشارق بن عبد العزى الجهني.

ألا حييت عنا يا ردينا      نحييها وإن كرمت علينا

ردينةُ لو رأيت غداة جئنا       على أضماتنا وقد احتوينا

فأرسلنا أبا عمرو ربيئاً         فقال ألا انعموا بالقوم عينا

ودسوا فارساً منهم عشاء       فلم نغدر بفارسهم لدينا

فجاءوا عارضاً برداً وجئنا        كمثل السيل نركب وازِعيَنا

تَنادوا يا لِبهَثة إذا رأونا         فقلنا أحسني صبراً  جهينا

سمعنا دعوةً عن ظهر غيبٍ        فجلنا جولةً ثم أرعوينا

فلما أن تواقفنا قليلا         أنخنا للكلاكِلِ فارتمينا

فلما لم َتدع قوساً وسهماً           مشينا نحوهم ومشوا إلينا

تلألُؤ مزنةٍ برقت لأخرى       إذا حجلوا بأسياف ردينا

شددنا شدةً فقتلت منهم        ثلاثة فتيةً وقتلت قينا

وشدوا شدة أخرى فجروا          بأرجل مثلهم ورموا جوينا

وكان أخي جوين ذا حفاظٍ       وكان القتلُ للفتيان زينا

فآبوا بالرماح مكسراتٍ        وأبنا بالسيوف قد انحنينا

وباتوا بالصعيد لهم أحاح        ولو خفت لنا الكلمى سلينا

وكقول المثقب العبدي:

أفاطِم قبل بيتِكِ متعيني         ومنعك ما سألتُ كأن تبيني

فلا تعدي مواعِد كاذباتِ َ           تمر بها رياح الصيف دوني

فإني لو تعاندني شمالي          عنادك ما وصلتُ بها يميني

إذاً لقطعتها ولقلت بيني          كذلك أجتوي من يجتويني

 

57

 

وفيها يقول:

وإما أن تكون أخي بحقِّ         فأعرف منك غثِّي من سميني

وإلا فاطَّرِحني واتخذني        عدوا أتقيك وتتقيني

فما أدري إذا يممت أرضاً         أريد الخير أيهما يليني

أألخير الذي أنا أبتغيه          أم الشر الذي هو يبتغيني

وكقول نهشل بن حري المازني:

إّنا محيوكِ يا سلمى فحيينا     وإن سقيت كرام الناس فاسقينا

إّنا بني نهشلٍ لا ندعي لأب        عنه ولا هو بالأبناء يشرينا

إن تبتدر غاية يوماً لمكرمةٍ        تلق السوابق منا والمصلينا

وليس يهلك منا سيد أبداً         إلا افْتَلينا غلاماً سيداً فينا

إنا لنرخص يوم الروعِ أنفسنا       ولو نسام بها في الأين أغلينا

بيض مفارقُنا تغلي مراجلُنا         نأسو بأموالنا آثار أيدينا

إني لمن معشرٍ أفنى أوائِلُهم       قولُ الكماة أَلا أين المحامونا

لو كان في الألف مّنا واحد فدعوا       من فارس خالهم إياه يعنونا

إذا الكماةُ َتَنحوا أن يناَلهم        حد الظباة وصلناها بأيدينا

ولا تراهم وإن جلَّت مصيبتُهم        مع البكاة على من فات يبكونا

ونركب الكره أحياناً فيفرجه         عنّا الحفاظ وأسيافٌ تواتينا

وكقول عدي بن زيد التميمي:

كفى واعظاً للمرء أيام دهره        تروح له بالواعظات وتغتدي

بليت وأبليت الرجال وأصبحت      سنون طوالٌ قد أتت دون مولدي

فلا أنا بدع من حوادث تعتري        رجالاً عرت من مثل بؤسى وأَسعد

فنفسك فاحفظها من الغي والردى      متى َتغوها يغوِ الذي بك يقتدى

وإن كانت النعماء عندك لا مرىءٍ        فمثلاً بها فاجز المطالب أو زِدِ

إن أنت لم تنفع بودك أهَله           ولم تنْكِ بالبؤسى عدوك فابعدِ

 

58

 

إذا أنت فاكهت الرجالَ فلا تلع          وقل مثلما قالوا ولا تتزيد

عن المرء لا تسأل وأبصر قرِيَنه       فإن القرين بالمقارنِ مقتد

إذا أنت طالبت الرجال نوالهم       فعفَّ ولا تطلب بجهدِ فتنكدِ

ستدرك من ذي الفحش حقَّك كلَّه      بحلمك في رفقٍ ولما تشددِ

فلا تقصرن من سعي من قد ورثته        وما اسطنعت من خيرٍ لنفسك فازدد

وبالصدقْ فانطق إن نطقت ولا تلم        وذا الذم فاذممه وذا الحمد فاحمدِ

عسى سائلٌ ذو حاجة إن منعته        من اليوم سؤلاً أن ييسر في غد

وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً       على المرء من وقع الحسام المهنَّدِ

إذا ما رأيت الشر يبعث أهله        وقام جناة الشر للشر فاقْعد

وكقول عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي:

تُعيرنا أنَّا قليل عديدنُا         فقلت لها إن الكرام قليل

وما قلَّ من كانت بقاياه مثلنا         شباب تسامى للعلا وكهولُ

وما ضرنا أّنا قليلٌ وجارنا         عزيز وجار الأكثرين ذليلٌ

لنا جبلٌ يحتله من نجيره           منيع يرد الطَّرف وهو كليلُ

رسا أصله تحت الثرى وسما به          إلى النجم فرع لا ينالُ طويلُ

ونحن أناس لا نرى القتل سبةً          إذا ما رأته عامر وسلولُ

يقصر حب الموتِ آجالنا لنا        وتكرهه آجالهم فتطولُ

وما مات منا سيد حتف أَنْفِهِ         ولا طُلَّ منا حيث كان قتيلُ

تسيل على حد الظُّباة نفوسنا       وليست على غير الحديد تسيلُ

وننكر إن شئنا على الناس قولهم        ولا ينكرون القول حين نقولُ

إذا سيد منا خلا قام سيد            قئول لما قال الكرام فعولُ

وما أُخمدت نار لنا دون طارقٍ          ولا ذمنا في النازلين نزيلُ

وأيامنا مشهودةٌ في عدونا           لها غرر معلومة وحجولُ

 

59

 

وأسيافنا في كل شرقٍ ومغربٍ        بها من قراع الدارعين فلولُ

معودةٌ ألا تُسلَّ نصالُها           فتغمد حتى يستباح َقبيلُ

وكقول مروان بن أبي حفصة:

بنو مطرٍ يوم اللقاء كأنهم       أسود لها في غيل خفان أشبلُ

هم المانعون الجار حتى كأنما        لجارهم بين السماكين منزل

بها ليلُ في الإسلام سادوا ولم يكن         كأولهم في الجاهلية أول

هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا        أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا

ولا يستطيع الفاعلون فعالهم         وإن أحسنوا في النائبات وأجملوا

تُلاث بأمثال الجبال حباهم         وأحلاهم منها لدى الوزن أثقلُ

فهذه الأشعار وما شاكلها من أشعار القدماء والمحدثين أصحاب البدائع والمعاني اللطيفة الدقيقة تجب روايتها والتكُثر لحفظها.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.