أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2018
2207
التاريخ: 18-1-2020
1668
التاريخ: 23-3-2018
4839
التاريخ: 14-08-2015
32555
|
يقسم النقد الادبي او انتقاد المؤلفات الى اقسام اهمها ثلاثة: نقد الشعر، نقد الانشاء، نقد التاريخ. والمشهور ان العرب من اقل الامم نقدا وتمحيصا. ويصح ذلك من حيث التاريخ والتراجم او اعمال الناس واحوال الاجتماع لأسباب سنبينها فيما يلي من هذا الكتاب. واما ما خلا ذلك، فهم من أكثر الامم ميلا الى النقد او التمحيص.. وانما يظهر منهم ذلك عند الحاجة إليه او إذا تيسر لهم الخوض فيه. اما من حيث فنون الأدب، فبدأوا بنقد الشعر ثم الانشاء واخيرا التاريخ. وسنفرد لكل منها فصلا خاصا في المكان الملائك. وهذا مكان الكلام عن نقد الشعر. وينقسم النظر في الشعر الى أقسام من حيث عروضه ووزنه وقوافيه ولغته ومعانيه واسلوبه والمقصود النظر فيه من حيث معناه (الخيال الشعري) وطريقته او مذهب صاحبه في النظم.
ونقد الشعر من حيث معناه قديم في تاريخ الأدب يتصل بصدر الإسلام، فقد رأيت ما كان يجري من المشاحنات والمناظرات في العصر الأموي بشأن من هو اشعر الشعراء، وكثيرا ما كان الجدال يفضي الى الخصام. وقد فصلنا ذلك في الجزء الأول من هذا الكتاب، وهم طبعا كانوا ينظرون في قول كل شاعر نظر الناقد ليبينوا فضله على سواه ولم يقتصر التصدي للنقد على الادباء او الشعراء، بل كان يتناول كل ذي المام بالشعر. وحيثما اجتمع الادباء تذاكروا الشعر وانتقدوه، وكانت مجالس سكينة بنت الحسين في المدينة اشبه شيء بمجالس الانتقاد الادبي في أرقى الامم المتمدنة اليوم. ثم ظهرت طبقة أخرى من نقاد الشعر لما أخذ الرواة في جمعه في العصر العباسي الأول، فكانت مجالسهم وانديتهم للمفاكهة او المذاكرة لا تخلو من النقد.
اما الطريقة او المذهب، ونعني الخطة التي كانوا يتوخونها في النظم مثل تقليدهم شعراء الجاهلية من حيث ذكر الاطلال والبكاء عليها والتغزل بحيوانات البادية وأحوالها كما كان يفعل الجاهليون، فأول من انتقدها شعراء العصر العباسي الأول. وقد أشرنا الى ذلك في الصفحات الأولى من هذا الكتاب. وانما هي أبيات قالوها عرضا.
اما التأليف في نقد الشعر من هذا الوجه وغيره، فأول من أقدم عليه مما وصلنا خبره محمد بن سلام الجمحي المتوفى سنة 232هـ في كتابه طبقات الشعراء .. فانه قدم لذلك الكتاب بمقدمة، فيها نقد جميل، قال في جملته (ان محمد بن اسحق أفسد الشعر بما نسبه من الاشعار الى بعض الصحابة في السيرة النبوية). ونجد شيئا من ذلك أيضاً في كتاب قواعد الشعر لثعلب المتقدم ذكره. اما ادباء العصر العباسي الثاني كابن قتيبة والجاحظ وابن عبد ربه وامثالهم، فقد توسعوا فيه، لان ما ألفوه من كتب الأدب لا يخلو من النقد الشعري.
على ان اكثرهم نقدا وتمحيصا ابن قتيبة (المتوفى سنة 276 هـ) في كتابه الشعر والشعراء، وقد صرح بذلك في مقدمة الكتاب المذكور بقوله:
(ولم اسلك فيما ذكرته من شعر كل شاعر مختارا له سبيل من قلد او استحسن باستحسان غيره، ولا نظرت الى المتقدم منهم بعين الجلالة لتقدمه والى المتأخر منهم بعين الاحتقار لتأخره .. بل نظرت بعين العدل الى الفريقين واعطيت كلا حظه ووفرت عليه حقه. فاني رأيت من علمائنا من يستجيد الشعر السخف لتقدم قائله ويضعه في مختاره، ويرذل الشعر الرصين ولا عيب له الا انه قيل في زمانه او انه رأى قائله. ولم يقصر الله العلم والشعر والبلاغة على زمن دون زمن ولا خص به قوما دون قوم، بل جعل ذلك مشتركا مقسوما بين عباده في كل دهر. وجعل كل قديم حديثا في عصره وكل شرف خارجية في أوله. فقد كان جرير والفرزدق والاخطل وأمثالهم يعدون محدثين، وكان أبو عمر بن العلاء يقول: (كثر هذا المحدث وحسن حتى لقد هممت بروايته) ثم صار هؤلاء قدماء عندنا ببعد العهد منهم، كذلك يكون من بعدهم لمن بعدنا كالخريمي والعتابي والحسن بن هانئ واشباههم. فكل من أتى بحسب: قول او فعل ذكرناه لو اتينا به عليه ولم يضعه عندنا تأخر قائله او فاعله ولا حداثة سنة، كما ان الرديء إذا ورد علينا للمتقدم او الشريف لم يرفعه عندنا شرف صاحبه ولا تقدمه).
وقد انتقد ابن قتيبة الانشاء في صدر كتابة ادب الكاتب كما تقدم.
ثم جاء قدامة بن جعفر المتوفى سنة 337هـ، فأفرد لذلك كتابا خاصا سماه (نقد الشعر) تقدم ذكره وهو أول من فعل ذلك .. فبين حد الشعر وشروط نظمه من حيث اللفظ والمعنى وائتلافهما في أبواب النظم المعروفة في عصره وشروط المجاز والتشبيه وغيره. لكنه اختصر في ذلك ولم يوف الموضوع حقه شان كل من يبدأ بعمل جديد، فترك اتمامه لأدباء العصر العباسي الثالث الذي نحن بصدده.
فجاء بعده الآمدي المتوفى سنة 371 هـ (ترجمته في معجم الادباء 54 ج3) فوضع كتابه في الموازنة بين أبي تمام والبحتري، وقد ذكرناه في ترجمة البحتري، وهو من قبيل النقد الخاص لأنه محصور بين شاعرين معينين لكنه يشتمل على قواعد عامة.
وكذلك فعل علي بن عبد العزيز الجرجاني الشاعر الكاتب المتوفى سنة 392هـ في كتابه الوساطة بين المتنبي وخصومه، رداً على كتاب ألفه ابن عباد في مساوئ المتنبي. فكتاب الوساطة مع كونه بين المتنبي وخصومه، لكنه يتضمن ابحاثا في الشعر على العموم والشعراء على اختلاف العصور الى ايامه (1). وفي كتاب مفاتيح العلوم لأبي عبد الله الخوارزمي – المتقدم ذكره – باب في الشعر والعروش لا يخلو من النقد. ومثله كتاب ذم الخطأ في الشعر لأبي فارس اللغوي الآتي ذكره.
ويعد من قبيل النقد الشعري أيضاً كتاب يتيمة الدهر للثعالبي، فانه ذكر فيه محاسن الشعراء وامثلة من اقوالهم مع الملاحظة والانتقاد في أربعة مجلدات كبيرة، وسنذكره في ترجمة الثعالبي.
ونشأ في أثناء ذلك علم خاص يبحث في أحوال الكلمات الشعرية سموه علم قرض الشعر لا من حيث الوزن والقافية بل من حيث حسن الألفاظ وقبحها للشعر والجواز والامتناع ومعايب التركيب كما عاب الصاحب ابا تمام بقوله:
كريم متى امدحه امدحه والورى معي وإذا ما لمته لمته وحدي
حيث قابل المدح باللوم والتكرار في لفظ امدحه ولمته. ويعد من قبل النقد الشعري أيضاً رسالة الغفران لابي العلاء المعري، لان المتكلم فيها زعم انه جال في الجنة وقابل الشعراء وانتقدهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تجد ترجمة علي بن عبدالعزيز بن يتيمة الدهر ج3
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|