أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-1-2023
![]()
التاريخ: 26-6-2021
![]()
التاريخ: 20/10/2022
![]()
التاريخ: 8-1-2023
![]() |
يتفق المؤرخون على أن الإنسان المدني العراقي القديم هو الذي يقف وراء التطور الحضاري المشهود في العراق بل انه صاحب رسالة التطور النوعي للمجتمع البشري والانتقال التاريخي به من البدائية إلى الحضارة والمَدَنية. رغم ان البعض من الباحثين التاريخيين(المستشرقين) و الآثاريين ينكرون عليه التطور اللاحق الذي ظهر في الألف الرابع ق.م. وعلى الرغم من انهم لم يعثروا حتى الآن على موقع واحد في العالم يضاهي المواقع الحضارية العراقية أو يبلغ ما بلغته من إبداع حضاري على أيدي سكانها من السومريين والأكديين وغيرهم من الأقوام التي سكنت بلاد وادي الرافدين في تلك الأزمنة المبكرة من التاريخ. فيمكن وسم المدن العراقية القديمة، ان جاز التعبير، على انها ((مدن كونية))او((مدن عالمية)) كونها شكلت المركز الحضاري للعالم آنذاك. وهذه السمة المدنية للمدينة العراقية التي نفتقر اليها اليوم تكررت في التاريخ العراقي و في الجنوب العراقي تحديدا على الرغم من ان شماله كان يحظى بتلك الشهرة التي اكتسبها العراقي في ماضيه السحيق(قبل التاريخ) وفي ماضيه الاسلامي ايضا، فالبصرة الاسلامية ايضا تميزت بصفة مدنية جعلت منها مركز الاشعاع الحضاري الاول في العالم على الرغم من انها لم تكن يوما من الايام عاصمة الدولة الاسلامية التي صنعت اعظم الحضارات البشرية في فترة قياسية لم تتجاوز المئة عام.
فكان لا بد من التدخل في صناعة انسانية هذا الانسان او بتعبير ادق اعداد هذا الانسان للدور الذي سيناط به في الحياة الحضرية في المجتمعات المدنية في العراق القديم التي مثلت البؤرة الحضارية لهذه الحضارة. والاعداد الاجتماعي تم في هذه الحضارة على طريقتين تخصصت كلا منهما بواجب اعداد الافراد من سكان هذه المدن0 الاولى منهما التنشئة الاجتماعية التي تخصصت بأعداد الزيادة السكانية البيولوجية (المواليد الجدد) للحياة المدنية وما تتطلبه من تركيز للجهود الفكرية للفرد من خلال العمل في الجانب الخدمي المعتمد على القدرات والمواهب الفردية والذي يكون تأثير الطبيعة فيه في ادنى حدوده كالعمل في الصناعات والاختراعات والحكم والمعابد وغيرها من الوظائف الحضرية. اما الثانية فقد تخصصت بأعداد الوافدين (المهاجرين الى المدينة العراقية القديمة) للحياة الحضرية واكسابهم الطابع المدني المميز لهذه المدن0 فكانت الوظيفة الاهم لهذه المدن بعد وظيفتها الاقتصادية هي ان تعمل كمرشحات سلوكية للأفراد الوافدين لها.
لقد رفد سكان المناطق الشمالية الحضارة بعناصر ومبتكرات لا تضاهى شأنهم في ذلك شأن سكان المناطق الجنوبية0 فقد لعب الانتشار الحضاري و الثقافي دورا بارزا في تبادل الخبرات وانصهار الأفكار التي كانت نتاج الانسان العراقي المديني الذي اضفى على عملية التفاعل الايجابي هذه السمة العراقية، وهكذا ظهرت حضارة العراق ونمت وتطورت في العصور التاريخية. فقد لاحظنا أن القرى الأولى ظهرت بجهود الإنسان العراقي وهو الذي طور أنماط الحياة فيها وابتكر الاتها الأساسية، وهو الذي اخترع الكتابة وادخل البشرية في ما يعرف بالعصور التاريخية أو عصر فجر التاريخ (3000 سنة ق.م) حيث تطورت قرى كثيرة إلى مدن شهدت ظهور أولى أشكال السلطة وانظمة الحكم (السلالات الحاكمة) أو عصر دويلات المدن السومرية مثل اور والوركاء واريدو وغيرها.
والملاحظ على معظم المدن الحضارية العراقية القديمة انها تركزت فيما حول نهر الفرات في القسم الأوسط والجنوبي من العراق. والراجح أن جريان الفرات في ارض مستوية، جانبها الغربي هضبي مرتفع، تنحدر باتجاه نهر دجلة جعل حوضه اكثر ملائمة للاستقرار البشري0 إذ يمكن التحكم في فيضانه بتحويله عبر قنوات إلى نهر دجلة، فضلاً عن إمكانية إقامة المدن على الحافات المرتفعة غربي النهر الامر الذي يوفر لها شيء من الحماية من الاثار المدمرة لفيضانات النهر الموسمية. الذي يتدفق في قوس المدن الاولى (اور،اريدو ،الوركاء، بابل ، ،سبار وبورسبا) لان نهر الفرات يمثل خط الإمداد الدائم من شبه جزيرة العرب.
فاهمية اختيار الموقع الجغرافي للمدينة التي خلقت الإنسان العراقي الذي اضطلع بمعظم النتاجات الحضارية في وادي الرافدين يكون هو الدعمً الاساسي للفرضية القائلة بتدخل الانسان في الاختيار الامثل لبناء المدينة العراقية القديمة ، فالبعد النسبيً للمدينة عن مجرى النهر الحالي ربما تم تلافيه عن طريق ربط هذه المدن بالنهر عن طريق قنوات توصل الماء وتسمح بالملاحة في آن واحد، او ان النهر قد غير مجراه وهذه ميزة معروفة عن نهري دجلة والفرات اذ انهما يحملان من الغرين ما يعادل خمسة اضعاف ما يحمله نهر النيل. في حين يرجح الباحث الراي الذي يذهب الى ابعد من ذلك وهو ان بعد هذه المدن الذي نراه اليوم عن النهر كان بسبب وعي الانسان العراقي القديم بإمكانية تحكم النهر بمصير المدينة وبالتالي بمصير الحضارة ككل، ومن ثم معرفته بتاريخ المدن المعاصرة او الاحوال والظروف التي تمر بها ،والتي استثمرها في بناء المدينة العراقية القديمة.
وهذا ما جرى في الحضارة الصينية القديمة حيث خضعت المدينة لنزوات النهر ولاهم ميزتين فيه التي تمثلتا في كثرة فيضاناته والقدرة العالية على الترسيب. الامر الذي جعل من عملية نقل الماء من النهر الى المدينة عبر قنوات الري كالسواقي اذا ما ابتعدت عن النهر امر عسيرا، وبالتالي فقد عمل على تشتيت سكان المدن في الحضارة الصينية القديمة في مواسم الفيضان. وانحصرت الوظيفة الاجتماعية للمدينة في الجوانب الدينية مما جعل منها ((مدن دينية موسمية)) على الرغم من ان معظم المدن القديمة قامت على اساس من مركزية الدين في البنية الاجتماعية و المورفولوجية للمدينة، والذي حد في نفس الوقت من فاعلية هذه الحضارة في التاريخ الانساني مقارنة بالحضارة العراقية القديمة. اما بالنسبة الى مركزية الدين في الحضارة العراقية القديمة فقد انحصرت في الجوانب السياسية و الادارية. وعلى الضد من ذلك فقد كان حوض نهر دجلة حيث كان النهر اكثر سرعة في الجريان واكثر طغيان في الفيضان على كلا الضفتين فضلاً عن التهديدات الخارجية التي تمثلت في القبائل الجبلية في المرتفعات الشرقية بخاصة، هو الذي عقد فرص الاستقرار الحضاري في جانبي النهر وانحصرت هذه الفرص على حوض نهر الفرات اكثر منه على حوض نهر دجلة.
وهنا ايضا يلعب الانسان الدور الاساس في الاختيار لما هو اكثر فائدة واقل تكلفة والاختبار المتمثل في القدرة على الاستجابة المثالية في الشدة والتوقيت وهذا ما تفتقر اليه الحضارة المكسيكية القديمة على الرغم من تشابه الظروف الطبيعية التي نشأت فيها المدينة مع الظروف التي اسهمت في نشوء المدينة العراقية القديمة التي تميزت ببناء الانسان العراقي القديم الذي يحظى بالخصوصية المجتمعية والثقافية التي اكسبته الفاعلية الحضارية في التفاعل مع الحضارات المعاصرة المجاورة لها والتفاعل مع البيئة على حد سواء، فسخر كل منها لخدمة اغراضه وتحقيق مصالحه في الحفاظ على المنجزات الحضارية بل وتطويرها ايضا.
فوقوع هذه الحضارة (المكسيكية التي تمثلت في مدينتي الانكا و الازتك) في منطقة معزولة نسبيا بين حضارة هندية بسيطة في الشمال وحضارة بدائية في الجنوب والمحيط شرقا الذي يعد من اصعب الحواجز الطبيعية آنذاك من الشرق عن المدنيات الراقية المعاصرة لها او المتزامنة معها كالمدنية العراقية و بالتالي قلل من فرص الاقتباس الحضاري. ناهيك عن ان الحالة التي تكاد تكون الوحيدة من الاقتباس الحضاري التي حصلت نتيجة التواصل مع الحضارة المصرية القديمة بطريقة ما من وجهة نظر العديد من الباحثين لم تستثمر من قبل الانسان بل انه لم يسعى الى تطويرها الامر الذي جعل منها ، كما اشرنا سابقاً "حضارة مستنسخة" نظرا للتشابه الكبير بين الشواهد والقبور الملكية في الحضارتين (الاهرامات) فضلاً عن القدم الزمني الذي تميزت به الحضارة المصرية القديمة والمنجزات الحضارية التي تميزت بها ومنها الجانب العمراني (الاهرامات) عن الحضارة القديمة لما يعرف اليوم ببلدان امريكا اللاتينية. فافتقارها الى السمة المدنية في الانسان الذي عاش في هذه المدينة هو الذي حد من فاعليتها الحضارية في التاريخ الانساني و ركنها الى الاعتماد التام على الاختراق الثقافي للحضارة المصرية القديمة.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
بمناسبة مرور 40 يومًا على رحيله الهيأة العليا لإحياء التراث تعقد ندوة ثقافية لاستذكار العلامة المحقق السيد محمد رضا الجلالي
|
|
|