المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05

الشيخ أحمد بن علي بن أحمد بن طريح بن خفاجي
5-9-2020
Magnetic field effects
8-3-2021
حكم الغلط في ظروف الجريمة
20-3-2017
أدعية الصحيفة السجّادية: الدعاء العشرون
20/10/2022
العلاقة بين عبادة الهوى والغفلة عن الله
26-8-2020
Gas Laws
1-11-2020


نشأة الخط العربي وتطوره  
  
1765   06:52 صباحاً   التاريخ: 2-12-2019
المؤلف : ناصر الدين الأسد
الكتاب أو المصدر : مصادر الشعر الجاهلي
الجزء والصفحة : ص :23-33ج1
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-12-2019 21417
التاريخ: 26-09-2015 2116
التاريخ: 22-03-2015 2862
التاريخ: 23-03-2015 5823


أصل الخط العربي مشكلة كانت مستعصية تتأرجح حولها الآراء ولا تكاد تستقر. والعرب القدامى في ذلك روايات مختلفة، وللمستشرقين المحدثين آراء متباينة، لا يعنينا منها جميعًا إلا هذه الإشارة العابرة إليها(1). فسواء عندنا في هذا البحث،
(1/23)
أن يكون الخط العربي توقيفًا علمه الله آدم ثم أصابه إسماعيل بعد الطوفان(2)، وأن يكون اخترعًا أخذته العرب عن الحيرة، والحيرة أخذته عن الأنبار، والأنبار أخذته عن اليمن(3)، أو أخذته عن العرب العاربة الذين نزلوا في أرض عدنان(4)، وأن يكون مشتقًّا من الخط الآرامي كما كان يذهب بعض المستشرقين(5)، أو مشتقًّا من الخط النبطي كما يذهب المستشرقون اليوم، وهو أرجح الآراء عند الباحثين في هذا الموضوع.
فأصل الخط العربي إذن مرحلة سابقة لبحثنا هذا متقدمة عليه في الزمن، لا نحب أن نضل في تيهها، ونبعد بذلك عن موضوع بحثنا. وإنما الذي يعنينا من كل ذلك أن نصل إلى معرفة أمرين؛ الأول: صورة الحروف التي كان يكتب بها عرب الجاهلية الأخيرة؛ والثاني: أقصى زمن نستطيع أن نؤرخ به وجود الكتابة العربية في الجاهلية بهذه الحروف التي عرفنا صورها. وسبيلنا إلى معرفة هذين الأمرين أن نتتبع النقوش العربية الجاهلية التي اكتشفت حتى الآن، ونستقرؤها فلعل فيها الخبر اليقين.
وتفصيل ذلك أن المنقبين من المستشرقين قد عثروا على نقوش عربية شمالية: ثمودية ولحيانية ونبطية كثيرة. ولا يعنينا منها هنا إلا النقوش النبطية وحدها.
(1/24)
ونستطيع -بعدما بذله العلماء المختصون في الكشف عنها وقراءة حروفها- أن ندرسها دراسة توضح بعض الغموض الذي غشى تاريخ الكتابة العربية في الجاهلية.
ولن نتعرض في دراستنا للجوانب اللغوية، ولكننا سنقصر حديثنا على الجانب الخطي المتصل بصورة الحروف وأشكالها. وقد رأيت أن أقسم هذه النقوش إلى ثلاث مجموعات تتدرج تدرجًا تاريخيًّا. فالمجموعة الأولى هي نقوش القرن الثالث الميلادي؛ والمجموعة الثانية: نقوش القرن الرابع؛ والمجموعة الثالثة: نقوش القرن السادس.
وقد أهملت الإشارة إلى النقوش المؤرخة قبل القرن الثالث؛ لأنني -بعد دراستي لها بالقدر الذي أستطيعه- لم أجد فيها من الكلمات الكاملة ما تتفق صورة حروفها في الخط مع الخط العربي الإسلامي؛ وإن كان فيها من الحروف المفردة المنفصلة ما يتفق مع حروف الخط العربي، أو ما يصح أن يكون أصلًا تطورت عنه هذه الحروف لقرب الشبه بينهما.
 نقوش القرن الثالث الميلادي 1-       
وهي خمسة، وقد جمعتها في ضرب واحد معًا؛ لأنني رأيت أن الكلمات التي تشبه صورة حروفها في الخط صورة كلمات اللغة العربية قليلة جدًّا تتراوح في النقش الواحد بين كلمة وثلاث كلمات. وهذه النقوش جميعها لا تتصل بموضوعنا إلا من حيث هي تمهيد لنقوش المجموعتين التاليتين، وربما كانت أصلًا لهما.
أ- فالنقش الأول مؤرخ سنة 106 من سقوط سلع، أي سنة 210 للميلاد. وقد اكتشف في وادي المكتب في شبه جزيرة طور سينا. وكلماته التي تشبه صورتها صورة كلمات اللغة العربية هي: "بن" "الكلمة الرابعة في السطر الأول" و"يعلى" "الكلمة الخامسة في السطر الأول كذلك".
ب- والنقش الثاني مؤرخ سنة 126 من سقوط سلع، أي سنة 230 الميلاد. وقد اكتشف في وادي فران في شبه جزيرة طور سينا كذلك. وكلماته
(1/25)
التي تعنينا هي: "سلم" أو "سلام" "الكلمة الأولى في السطر الأول" و"بن" "الكلمة الأخيرة في السطر نفسه".
جـ- والنقش الثالث وجد كذلك في طور سينا، وتاريخه سنة 148 من سقوط سلع، أي في سنة 253 للميلاد. وكلماته هي "كلب" "الكلمة الثانية في السطر الأول" "وبن عمرو" "الكلمتان الأخيرتان في السطر نفسه".
د- نقش اكتشف في الحجر "مدائن صالح" وتاريخه سنة 162 من سقوط سلع، أي سنة 267 للميلاد. وكلماته هي "بن" "الكلمة الأخيرة في السطر الأول" و"عبد" "الكلمة الأولى في السطر الثالث" و "لعن" "الكلمة الأخيرة في السطر السادس، وكررت في السطر التاسع - الكلمة الثانية".
هـ- والنقش الأخير من هذه المجموعة نقش اكتشف في بلدة أم الجمال -في حوران- وهو غير مؤرخ، ولكن الكونت De Vogue وليتمان يرجحان أن تاريخه سنة 270 للميلاد. وكلماته هي: "سلى"، وهو اسم علم "الكلمة الثانية في السطر الثاني" و"جذيمة" "الكلمة الأخيرة في السطر نفسه" و"ملك" "الكلمة الأولى في السطر الثالث".
2- أما القرن الرابع الميلادي:
فلم يُعثر فيه إلا على نقش واحد، كشف في مدفن امرئ القيس بن عمرو ملك العرب في النمارة، وهي من أعمال حوران.
وتاريخه سنة 223 من سقوط سلع، أي في سنة 328 للميلاد.
ولهذا النقش قيمة كبيرة في بحث تاريخ الكتابة العربية، وذلك أن كثيرًا من كلماته، بل ربما كانت جميع كلماته، ذات صورة تشبه شبهًا كبيرًا صورة الخط العربي الإسلامي، وحسبنا أن نشير إلى بعضها:
السطر الأول: نفس مر القيس بن عمرو ملك العرب "من الكلمة الثانية حتى السابعة".
السطر الثاني: وملك الأسدين ونزرو وملوكهم وهرب مذحجو "من الكلمة الأولى إلى السادسة".
(1/27)
السطر الرابع: الشعوب ... فلم يبلغ ملك مبلغه "الكلمة الأولى، ثم من الخامسة إلى آخر السطر".
السطر الخامس: عكدى "أي في القوة" هلك سنة "الكلمات الأولى والثانية والثالثة".
فهذا نقش عربي بين العربية، عربي في أكثر لغته، عربي في صورة خطه. وهو في مرحلة تاريخية تظهر في وضوح جلي تطور الخط العربي إذا ما قيس بالنقوش التي ذكرنا أنها ترجع إلى القرن الثالث الميلادي.
3- أما القرن السادس الميلادي:
فقد اكتشف فيه نقشان:
أولهما: نقش وجد في خربة زبد -بين قنسرين ونهر الفرات- وتاريخه سنة 511 للميلاد؛ وعليه ثلاث كتابات: اليونانية والسريانية والعربية. وخطه قريب الشبه بالخط الكوفي الإسلامي، وإن كانت بعض كلماته ما زالت غير مقروءة، وهي لا تعدو كلمة واحدة في السطر الأول وكلمة أو كلمتين في آخر السطر الثاني؛ أما سائر كلماته فهي عربية الخط على اختلاف العلماء في قراءتها.
وهي:
السطر الأول.... الإله شرحو بر ... منفو و ... بر امرئ القيس
السطر الثاني: وشرحو بر سعدو وسترو وشريحو ...
وثانيهما: نقش مؤرخ في سنة 463 من سقوط سلع، أي سنة 568 للميلاد. عليه كتابتان باليونانية والعربية. وقد وجد منقوشًا على حجر فوق باب كنيسة بحران اللجا في المنطقة الشمالية من جبل الدروز، وهذا النقش كما يلي:
السطر الأول: أنا شرحيل بن ظلمو بنيت هذا المرطول
السطر الثاني: سنة "463" بعد مفسد.
(1/29)
رقم "10" رسالة رسول الله إلى المنذر بن ساوي
(1/30)
السطر الثالث: خيبر
السطر الرابع: بعام(6)
ولكن لا بد لنا من أن نعترف، اعترافًا واضحًا لا لبس فيه، أن كل دراسة لموضوع الكتابة في العصر الجاهلي ستبقى دراسة مبتورة ناقصة ما دامت رمال الجزيرة العربية تضن بهذه الكنوز، التي ترقد في بطونها، عن أن تجلوها لأبصار الدارسين، حتى يسائلوها أخبار هؤلاء الأسلاف الذين شاء لهم جحود التاريخ أن يوصموا بالجهل والبدائية(7). ولا بد لنا من أن نقرر كذلك أن في هذه النصوص التي بين أيدينا -على جليل قدرها وعظيم نفعها للدارس- ثلاث نقائص:
الأولى: قلة عددها قلة تلجئ الدارس إلى أن يحتاط في حكمه ويلقي القول إلقاء مقيدًا بعيدًا عن التعميم.
والثانية: تباعد فتراتها، وانفصال أوائلها عن أواخرها، لوجود فجوات زمنية عريضة. فقد أغفلنا ذكر قرن كامل بسنيه المائة، هو القرن الخامس الميلادي؛ لأننا لم نجد نقشًا عربيًّا يرجع تاريخه إلى هذا القرن. وكذلك لم نعثر في القرن الرابع إلا على نقش واحد يرجع إلى ثلثه الأول، وأما ثلثاه الأخيران فخاليان أصمان. ولم يعثر في القرن السادس إلا على نقشين: أولهما في سنواته الأولى "سنة 511م"، والآخر بعد منتصفه "سنة 568م"، وما بينهما نصف قرن صامت مصمت. ومن هنا كان لا بد للدارس الذي يريد تتبع البحث من أن يملأ هذه الفجوات بالاستنتاج والاستنباط.
(1/31)
وأما النقيصة الثالثة -وهي أخطرها في نظرنا- فهي أن هذه النقوش كلها قد اكتشفت في المنطقة الشمالية من بلاد العرب التي تمتد من العلا ومدائن صالح إلى شمال بلاد حوران؛ وأما مُوْسَط بلاد العرب وصميمها: الحجاز ونجد، فلم يُعثر -حتى الآن- على شيء من النقوش الجاهلية فيها. فإذا كانت هذه النقوش بكلماتها الفصيحة وخطها العربي قد اكتشفت في منطقة كانت مسرحًا لآثار ورواسب من الثمودية والآرامية والنبطية لغة وخطًّا، فكيف تكون هذه النقوش التي قد تكتشف في الحجاز ونجد؟ وإذا كانت اللغة الفصيحة والقلم العربي قد نُقِشا في تلك المنطقة منذ أوائل القرن الرابع الميلادي -بل ربما قبله- فإلى أي عهد ترجع بنا نقوش الحجاز ونجد؟
ومن تمام هذا البحث أن نشير إلى الكتابات العربية التي يرجع تاريخها إلى صدر الإسلام -عصر الرسول الكريم وخلفائه الراشدين- وذلك ليستبين لنا مدى الشبه -بل المطابقة- بينهما وبين هذه النقوش الجاهلية، وخاصة في طورها الأخير: نقش حران. وهذه الكتابات الإسلامية على ضربين: نقوش وكتابة.
1- النقوش:
1- نقش القاهرة، وهو مؤرخ في سنة 31 للهجرة -أي في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان - وهو محفوظ في دار الآثار العربية "انظر صورة رقم 9".
ب- وقد كان يُظَن أن نقش القاهرة أقدم نقش إسلامي عُثر عليه، ولكن الدكتور محمد حميد الله عثر على عدة نقوش على قمة الطرف الجنوبي لجبل سلع في المدينة المنورة خارج سورها الشمالي. ويرجح الدكتور حميد الله أن هذه النقوش ترجع في تاريخها إلى غزوة الخندق في السنة الخامسة للهجرة(8).
(1/32)
2- الكتابات:
وهي ثلاث أرسلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس عظيم القبط في مصر، وإلى المنذر بن ساوى، وإلى النجاشي في الحبشة. وقد عثر على ما يظن أنه الأصول الحقيقية لهذه الرسائل. وقد كتب الدكتور حميد الله بحثًا قيمًا في مجلة "ISLAMIC CULTURE" عرض فيه صورتين لرسالتي المنذر والمقوقس "انظر رسالة المنذر صورة رقم 10" وتحدث مفصلًا القول في اعتراضات بعض المستشرقين على صحة هذه الرسائل وأصالتها، وفندها جميعها، وانتهى إلى أن هذه الاعتراضات لا تثبت أمام البحث العلمي الدقيق. ومع ذلك فهو، في بحثه السليم، يتوقف توقف العالم المتثبت، فلا يقطع بصحة هذه الأصول، بل يكتفي برد تلك الشبهات التي حامت حول صحتها، ثم يدعها قائمة تنتظر نفيًا أو إثباتًا جديدين.
ومهما يكن من أمر، فنحن -في بحثنا هذا- في موقف بعيد عن هذه المزالق، وذلك أننا نكتفي بهذه النقوش الإسلامية التي اكتشفت على الحجر والصخر والتي ترجع إلى صدر الإسلام، وهي أصول ثابتة يقينية -مهما يكن تاريخ نقوش جبل سلع- نعتمد عليها في أمر واحد لا نعدوه، هو تبيان هذا التشابه بين كتابة صدر الإسلام وكتابة العصر الجاهلي الأخير، وإظهار أنه ليس بينها من فروق إلا ما يقتضيه عامل الزمن من تطور.
فقد كان العرب إذن يكتبون في جاهليتهم ثلاثة قرون على أقل تقدير بهذا الخط الذي عرفه بعد ذلك المسلمون. وقد أصبحت معرفة الجاهلية بالكتابة، معرفة قديمة، أمرًا يقينيًّا، يقرره البحث العلمي القائم على الدليل المادي المحسوس؛ وكل حديث غير هذا لا يستند إلا إلى الحدس والافتراض. ولا ريب في أن ما سيُعثر عليه في مُقبل الأيام من نقوش في قلب الجزيرة سيدعم رأي الذين يذهبون إلى أن عرب الجاهلية كانوا يعرفون الكتابة منذ قرون قبل الإسلام، وسيلقي كثيرًا من النور على ما لا يزال خافيًا من أجزاء الموضوع ..
(1/33)

__________
 (1) انظر أصل الخط العربي في: 
 البلاذري، فتوح البلدان: 476-477. -1
 ابن أبي داود السجستاني، كتاب المصاحف: 4-5. -2
 ابن عبد ربه، العقد 4: 340 وما بعدها. -3
 الجهشياري، الوزراء والكتاب: 1، 12-14. -4
 الصولي، أدب الكتاب: 28-30. -5
 ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة ص7 وما بعدها. -6
 حمزة بن الحسن الأصفهاني، التنبيه على حدوث التصحيف "مصورة فوتوغرافية".-7
 القلقشندي، صبح الأعشى 3: 11 وما بعدها. وغيرها كثير. -8
 الكتاني، التراتيب الإدارية ص114 وما بعدها، المطبعة الأهلية بالرباط سنة 1346. -9
 ولفنسون، تاريخ اللغات السامية: 161-206. -10
 -خليل يحيى نامى، أصل الخط العربي وتاريخ تطوره إلى ما قبل الإسلام، مجلة كلية11 الآداب مايو 1935
   إبراهيم جمعة، قصة الكتابة العربية، رقم 53 من سلسلة اقرأ. -12
  طه باقر، أصل الحروف الهجائية، مجلة سومر تموز 1945 ص56-60-13
   ناصر النقشبندي، منشأ الخط العرب وتطوره لغاية عهد الخلفاء الراشدين، مجلة-14 
سومر، كانون الثاني 1947 ص129-142.
 جواد علي، تاريخ العرب قبل الإسلام 1: 186 وما بعدها؛ 3: 436 وما بعدها. -15
 بلاشير، تاريخ الأدب العربي ص70-76. -16
 N. Abbott, the Rise of the North Arabic Script ... , Chicago -17 1939
 ابن فارس، الصاحبي: 7. (2) 
 ابن النديم، الفهرست: 6-7، والصولي، أدب الكتاب: 30، والقاموس "جزم" (3)
 الفهرست: 6. (4)
 ولفنسون، تاريخ اللغات السامية: 171. (5)
(6)يقول ليتمان: إن مفسد خيبر إنما يشير إلى غزوة أحد أمراء بني غسان لخيبر، ويستدل بقول ابن قتيبة "المعارف، طبعة وستنفيلد: 313": ثم ملك بعده الحارث بن أبي شمر ... وكان غزا خيبر، فسبى من أهلها ثم أعتقهم بعد ما قدم الشام "ولفنسون: تاريخ اللغات السامية: 192"
 انظر: جواد علي، تاريخ العرب قبل الإسلام 1: 195-196، 201.(7)
M. Hamidullah, Some Arabic Inscriptions of Medinah of the(8) Early Years of Hijrah, Islamic Culture, Vol 13 No. 4, Octobr 1939, p. 427 seq.






دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.