المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الفروسية  
  
5894   04:04 مساءاً   التاريخ: 23-03-2015
المؤلف : د. صاحب خليل إبراهيم
الكتاب أو المصدر : الصّورة السّمعيّة في الشعر العربي قبل الإسلام
الجزء والصفحة : ص57-64
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-03-2015 20975
التاريخ: 23-03-2015 21869
التاريخ: 5-12-2019 2057
التاريخ: 1-04-2015 15637

الفروسية والكرم صفتان متلازمتان، ومن هذا المنطلق فإننا نجد الشعراء الفرسان الأجواد قد افتتحوا قصائدهم بالعاذلة، لأنهم الصيغة الأكثر ملاءمة لتجاربهم، والأقدر على تهيئة أرضية نفسية منفتحة لتقبل ما يودون طرحه(1)، حيث يفتح الشاعر حواراً بينه وبين زوجه التي جردها من نفسه ليستمع إلى صوتين متنافرين، صوت النفس، وصوت التقاليد والأعراف، فيضعنا أمام صورة سمعية خارجية، ابتداء من الألفاظ (العذل، اللوم، السؤال، النداء، الاستفهام)، إلى الفعل والحركة عند الحوار، والأصوات الداخلية (التنازع بين صوتين).

وقد صوّر الشعراء بشكل عام موقفهم من العاذلة عبر حواراتهم في لوحات لاحقة للافتتاح، لينفردوا بصورة التضحية بالنفس والمال، وليبقوا في موقف المفاخرة بالرغم من هواجس الخوف التي تنتابهم على حياتهم(2)، على أن العذل في مجال التبذير من وجهة نظر العاذلة، والكرم من وجهة نظرهم قد كان المنفذ للإطلالة على الفخر الشخصي عند الشعراء بعامة(3).

تلك الأفكار أساساً وردت عند الشعراء والفرسان والأجواد في قصائدهم وخاصة في مفتتح تلك القصائد، وهذا عروة بن الورد يصور لنا حالته النفسية في حوار مع عاذلته:

 

أقلّي عليَّ اللومَ يا بنتَ منذرٍ ... ونامي وإنْ لم تشتهي النومَ فاسهري

ذَريني ونفسي أمَ حسّانَ إنني ... بها قبل أنْ لا أملك البيعَ مُشتري

أحاديث تبقى والفتى غيرُ خالدٍ ... إذا هو أمسى هامةً فوق صَيِّرِ

تُجاوبُ أحجارَ الكناسِ وتشتكي ... إلى كلِ معروفٍ رأتهُ ومنكرِ

ذريني أُطَوِّفْ في البلاد لعلّني ... أخلّيكِ أو أغنيكِ عن سوءِ محضري

فإنْ فازَ سهمٌ للمنيةِ لم أكنْ ... جزوعاً وهل عن ذاكَ منْ مُتَأَخَّرِ

تقول لك الويلاتُ هل أنتَ تاركٌ ... ضُبُؤاً بِرَجْلٍ تارةً وبِمنْسَرِ(4)

شكل الشاعر صوره السمعية المتعددة من خلال منافذ الأداء السمعي الصريحة وغير الصريحة (اللوم، الحديث، القول)، والاستفهام، والنداء، والجواب فضلاً عن الأفعال المتعددة التي تدل على الصوت الآمر مثل: أقلّي اللوم، نامي، اسهري، ذريني.

إننا نسمع الحوار، محاولاً عروة إقناعها بصواب مسلكه، وما اختطه لنفسه، لإسكات صوت عذلها، على أن المسمع يدور في الليل بدلالة طلب النوم، أو السهر، محاولاً نصحها متشبثاً بموقفه، ولا تبقى سوى الأحاديث التي تخلده إذا ما مات وانتهى وصار هامة تجاوب أحجار الكنائس بالصدى، وتشتكي إلى كل معروف أو من تنكر، وإن في غزوه إغناء لها عن المسألة.

واستخدم الشاعر الهمزة بكثرة في قصيدته، وهو صوت بين الجهر والهمس، بيد أنه صوت قوي شديد جاء متساوقاً مع شدة الموقف الذي هو فيه، في مثل قوله: (أقلّي، أم، لا أملك، أحاديث، إذا، أحجار، أخلّيك، أكن، متأخر، أدبار ... الخ)، على أن أصوات النون والميم قد دخلت نسيج الأبيات، وخاصة الميم مع حرف الروي (الراء) مما أسبغت تلك الأصوات جرساً قوياً على الأداء الإيقاعي الداخلي لتقوية الصور المعنوية والسمعية.

على أن عروة بن الورد يسمعنا صورة أخرى تطلب منها زوجه أن يقصر عن الغزو، بيد أنه يشتكي من قولها بطرف أحور واسع، ويخبرها أنه أعد العدة لغزوة، أو معركة يخوضها ويغنيها عن رجع اللام:

تقول: ألا أقصرْ من الغزو واشتكي ... لها القول طرفٌ أحورُ العين دامعُ

سأغنيكِ عنْ رَجْعِ المَلامِ بمُزْمعٍ ... منَ الأمرِ لا يعشو عليهِ المطاوعُ(5)

 

استخدم عروة القول، والملام، والشكوى، والأمر، وتكرار بعض الأصوات مثل (القاف) و (العين) مما أدّى إلى إحداث التناغم بين الأداءين المعنوي والصوتي، وتشكيل الصورة السمعية التي قادت إلى تشكيل صورة بصرية إلى جانبها وقد تعامل الشاعر مع صورته بقدرة فنية.

وفي الإطار نفسه نجد عامر بن الطفيل ينقل لنا صورة سمعية يخاطب فيها زوجه العاذلة دون ذكر لفظة العذل أو اللوم، بيْدَ أنه استخدم الألفاظ الاستفهام والسؤال الصريحة، وما يترتب عليها من أداء لتشكيل الصورة السمعية من خلال المعركة التي حدثت، وعلتْ فيها الأصوات، وانطلق السؤال عن الفارس الذي كان شديداً على القوم ويخاطبها بالقول: لا بد أنك سألت وعرفت، وكرري السؤال.

إن تكرار ألفاظ الاستفهام والسؤال مع تكرار حرف السين أدى إلى تحقيق نغمة عالية لتجانس تفعيلات البحر الكامل ذات الإيقاع المتواصل بما ينسجم وصورة الفخر بنفسه، قال عامر بن الطفيل:

 

هَلاّ سألتِ بنا وأنت حَفِيَّةٌ ... بالقاع يومَ تَوَرَّعَتْ نَهْدُ

أيُّ الفَوارس كان أنهكَ في الوغى ... للقوم لمّا لاحها الجُهْدُ

هذا مقامي قد سألتِ وموقفي ... وعنِ المسيرِ فسائلي بَعْدُ

اسألتِ قومي عنْ زيادٍ إذْ جَنى ... فيه السِّنانُ وإذ جَنى عَبْدُ(6)

 

ونسمع صورة أخرى شكلها عامر بن الطفيل أيضاً، حيث تلومه عرسه، بيد أنه يعلن فخره بشجاعته وكرمه من خلال الألفاظ التي استخدمها (تعلم، اللوم، القول) فضلاً عن الأفعال والحركة مثل: الجري، والفعل (قلقت) المتحركة المصوتة، قال عامر:

لقد تعلم الخيل المغيرة أننا ... إذا ابتدر الناسُ الفَعالَ أسودُها

على رَبذٍ يزدادُ جَوْداً إذا جرى ... وقد قَلِقَتْ تحت السّروجِ لُبودُها

وقد أصبحتْ عِرسي الغداةَ تَلُومني ... على غيرِ ذَنْبٍ هَجْرُها وصُدودُها

فإنّي إذا ما قلتُ قوليَ فانقضى ... أتتني بأخرى خُطّةٌ لا أُريدُها(7)

 

في حين استخدم الشاعر بعض فنون الأداء الصوتي من خلال انبثاق بعض الأصوات مثل تكرار (القاف) الذي منح النسيج الشعري جرساً صوتياً عالياً مع تكرار بعض الألفاظ لتأكيد النطق والسماع، ممّا أتاح للشاعر فرصة الكشف عن الحالة النفسية لإثبات شجاعته من خلال صورة الخيل المغيرة بفرسانها في سرعة جرّاء النشاط، وقد ماجت اللبود، وفي قصيدة أخرى له لم يخرج عن صيغة السؤال، وأن المرء غير مخلّد(8).

ويفخر دريد بن الصمة بشجاعته، وعاذلته تلومه على خوض الحرب، في حين أنه يسارع إلى نجدة المستنجد به:

 

أعاذل إنّما أفنى شبابي ... ركوبي في الصريخ إلى المُنادي

أعاذل عدّتي بدني ورمحي ... وكلّ مقلص شكس القيادِ(9)

 

وقد تشكلت الصورة السمعية من الألفاظ الصريحة: العذل، والصريخ، والمنادي، مع استخدام الأفعال التي تقتضي الصورة أنْ تتشكل منها، مع المجانسة الصوتية التي يستدعيها الاختيار اللفظي، لنسمع الصورة التي تبرز شجاعة الشاعر، ويفخر بها، على أن البحر الوافر قد استوعب انفعاله واحتدام الزخم النفسي مع المسارعة إلى النجدة.

ويتكرر لوم عاذلته له على مخاطرته في الحروب، وهو يرجو أَلاّ تُلّح عليه في ذلك، وتتشكل الصورة السمعية من خلال الألفاظ التي لا تتعدى (اللوم والعذل والاستفهام، وبعض الأفعال) وفي إطار البحر الوافر الذي منحه الحماسة والضغط على الأصوات لتأكيد المعاني، وتقوية النغم:

 

أَلا بَكَرتْ تلومُ بغيرِ قَدْرٍ ... فقد أحفيتني وَدَخَلْتِ سِتري

فإنْ لم تتركي عذلي سَفاها ... تُلمْكِ عليَّ نَفْسُكِ أيَّ عَصْرِ

أسَركِ أنْ يكونَ الدهرُ سَدّى ... عليَّ بِشَرِّهِ يعدو ويَسري

وألاّ تُرزئي نَفْسَاً ومالاً ... يَضُرُّكِ هُلْكُهُ في طولِ عُمْري

لقد كذبتكِ نفسُكِ فاكذبيها ... فإنْ جزعاً وإنْ إجمال صَبْرِ(10)

 

وقال دريد بن الصمة مفتخراً بشجاعته وكرمه:

 

أعاذل كم من نار حربٍ غشيتها ... وكم ليَ منْ يومٍ أغَرَّ مُحَجَّلِ

وإنْ تسألي الأقوامَ عني فإنني ... لمشتركٌ مالي فدوتكِ فاسألي

وما كسبت المال إلاّ لبذلهِ ... لطارقِ ليلِ أو لعانٍ مُكبَّلِ(11)

 

استخدم الشاعر الألفاظ الصريحة مثل (العاذل-السؤال) فضلاً عن الاستفهام، وتكرار الألفاظ لتقوية النغم في إبراز الصورة الشعرية التي اشتركت فيها بعض المدركات الحسية إلى جانب حاسة السمع، فالصورة متفاوتة في فنيتها، وقد جمعت بين الشجاعة والكرم، وتوزعت الصورة حاسة البصر (نار حرب غشيتها) وسمعية تقريرية من خلال القول والعذل، والأخرى (لطارق ليل أو لعان مكبل).

وفي إطار العاذلة في مجال الكرم وإتلاف المال قال حاتم الطائي:

 

مهلاً نوار أقلّي اللومَ والعَذَلا ... ولا تقولي لشيءٍ فات ما فَعَلا

ولا تقولي لمالٍ كنت مهلِكهُ ... مهلاً وإنْ كنتُ أعطي الجنَّ والخَبَلا

لا تعذليني على مالٍ وصلتُ بهِ ... رحماً وخير سبيل المالِ ما وَصَلا(12)

نجد الحوار قام على الألفاظ السمعية الصريحة (اللوم، العذل، القول) فضلاً عن الأفعال تكرار الألفاظ، وإيقاع البحر البسيط ذات النغم العالي المتوتر الذي حمل عنف الحالة النفسية للشاعر، فكانت الصورة السمعية بهذا الاتجاه نحو المعنى والحوار أكثر من تشكيل صورة فنية، ومرد سبب ذلك إلى كون الأبيات تخرج إلى الحكمة ضمن تقرير حقيقة تهتم بالمعنى أولاً دون العناية بالصورة الفنية، ولا يخرج في أبيات له عن العذل واللوم والقول (وعاذلة هبّت بليل تلومني)(13)، وقد جرّد من نفسه عاذلتين هبتا تلومان(14).

وقال عمرو بن كلثوم:

 

بكرت تعذلني وَسْطَ الحِلال ... سَفَهاً بنتُ ثُويرِ بنِ هلالِ

بكرتْ تعذلني في أنْ رأتْ ... إِبلي نهباً لِشَرْبٍ وفِضال

لا تلوميني فإنيّ مُتْلِفٌ ... كُلَّ ما تحوي يميني وشمالي

لستُ إنْ أطرفتُ مالاً فَرِحاً ... وإذا أتلفتهُ لستُ أُبالي

يُخلِفُ المالَ فلا تستيئسي ... كرّيَ المُهْرَ على الحيّ الحِلالِ

وابتذالي النفسَ في يوم الوغى ... وطِرادي فوقَ مُهري ونزالي

وسمّوي بخميسٍ جَحْفَلٍ ... نحو أعدائي بِحَليّ وارتحالي(15)

 

نجد في قصيدة عمرو بن كلثوم استخدام التكرار في الألفاظ السمعية (تعذليني، تلوميني) وتكرار لفظة المُهر، واستخدام التضاد (حَلّي وارتحالي) مع تكرار أصوات الحروف مثل الحاء في (الحِلال، تحوي، فَرِحاً، الحيّ، جحفل، حَلّي، وارتحالي) مما أشاع ذلك نغماً متساوقاً مع إيقاع بحر الرمل ذي النغمة العالية، وإنَ فخر الشاعر بكرمه قاده إلى الفخر بخوضه الحرب، وما يصاحب النزال من جلبة وأصوات، فتارة تتشكل الصورة السمعية من الإيقاعين الخارجي والداخلي، وتارة من التخييل، فضلاً عن الأداء الصوتي باتجاه تحقيق الغرض الذي يتوخاه الشاعر.

ونسمع لائمة عروة بن الورد يتعالى صوتها لتخويفه من الأعداء، وتطلب منه الإقامة التي تّسرها:

 

أرى أمَّ حَسّانَ الغداةَ تلومني ... تُخوفني الأعداءَ والنفسُ أخْوَفُ

تقول سليمى لو أَقمتَ لَسرَّنا ... ولم تَدْرِ أنَّي للمُقام أطوّفُ(16)

 

أقام عروةُ الصورة على الصوت، والحركة المتمثلة بالطواف، واستخدام الضاد (الإقامة- الطواف)، وقد كرر لفظة (تخوفني- أخوف) مما أبرز صورة الصراع من خلال تنويع الأداء الصوتي اللفظي الصريح، والنغم الداخلي المتمثل بالجرس الموسيقي من خلال تكرار حرف القاف في (تقول، أقمت، للمقام)، وكذلك صوت الفاء في (تخوفيني، النفس، أخوف، أطوف) ممّا أدّى هذا التنوع في الجرس الموسيقي، إلى ضرب من الاختيار اللفظي بما ينسجم وعدم استقراره.

ويتعرض خفاف بن ندبة السلمي إلى لوم عرسه، بل إلى الإساءة، لأنه افتقر، وقد أهلك ماله بالكرم والشراب، وما ينفقه من أموال حيث ينقد تجار الخمور، وأن كرمه يمنع الإبل مَنْ أنْ تتكاثر، أو صغار الإبل أن تنمو:

 

أَلا تلكِ عرسي إذا أمْعَرَتْ ... أساءَتْ ملامَتنا والإمارا

وقالت أرى المالَ أهلكته ... وأحسبه لو تراهُ مُعارا

ويمنع منها نماء الإِفال ... نسيئي القِداح ونقدي التّجارا

وقول الألدّةِ عندَ الفصالِ ... إذا قمتْ لا تتركنّا حرارا(17)

 

فاللوم، والعذل، وأصوات القِداح، وأصوات الدراهم التي ينقدها للتجار يشكّل صورة سمعية برزت على الصور الحسية الأخر، على أن تكرار بعض الأصوات مثل الراء، والقاف، وتكرار بعض الألفاظ قد منحت الأبيات بعض الحماسة المتساوقة مع المتقارب للتعويض عن رتابة الأبيات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)        ينظر دراسات في الشعر العربي القديم: 88، فيه دراسة قيمة عن المرأة في البناء الفني لقصيدة الفرسان والأجواد في العصر الجاهلي.

(2)           طرفة بن العبد: 29، عدي بن زيد: ق 4/ 7/ 43، عنترة العبسي: ق 6/ 17/ 19/ 251-252، دريد بن الصمة: ق 19/ 60، ق 25/ 68، ق 47/ 96، لبيد: ق 14/ 107-110.

(3)        أبو دؤاد الإيادي: ق 65/ 346، عبيد بن الأبرص: ق 41/ 106- 108، طرفة بن العبد: 28-29، السموءل: ق 6/ 15-16، حاتم الطائي: 17-19، 24، 39، 44، 50، عمرو بن كلثوم: ق 14/ 1-2/ 9، المرقش الأصغر: ق 5/ 543، عروة بن الورد: 33، 43، الأسود بن يعفر: ق 11/ 24، زهير بن أبي سلمى: ق 36/ 1/ 242، قيس بن الخطيم: ق 15/ 2-3/ 181، المخيل السعدي: ق 32/ 35/ 131، المزرد بن ضرار: ق 16/ 68، النمر بن تولب: ق 7/ 39- 40، عمرو بن شأس الأسدي: ق 4/ 32/ 48، كعب بن زهير: 128، أبو ذؤيب الهذلي، ديوان الهذليين: 1/ 21، 123، ربيعة بن مقروم: ق 12/ 1/ 26، لبيد: ق 10/ 1/ 70، ق 14/ 107- 110، ق 35/ 58/ 246، ق 44/ 15/ 291.

(4) عروة بن الورد: 66- 68. صَيِّر: حجارة، الكناس: موضع. ذريني أطّوف: أي أسير في البلاد. أخليّك: أي أقتل عنك. الضُبؤ: اللصوق بالأرض، يريد أنه يضبأ بالنهار ليخفى ويسري بالليل. فتقول هل أنت تارك أن تغزو مرة بقومٍ على أرجلهم فتغير، ومرة على خيل وهو المسر وهو ما بين الثلاثين إلى الأربعين.

(5) عروة بن الورد: 99.

(6) ديوانه: 41-44. الحفية: المبالغة في الإكرام والبر. تورعت: جبنت وتجنبت الحرب، نهد: قبيلة من قضاعة، أنهك: أشد. لاحها: غيرها. الوغى: الصوت في الحرب.

(7) عامر بن الطفيل: 45-47. الخطة: الأمر. ربذ: سريع. الجود: الجري.

(8) عامر بن الطفيل: 55.

(9) ديوانه: ق 19/ 60.

(10) دريد بن الصمة: ق 47/ 96.

(11) المصدر السابق: ق 25/ 68.

(12) ديوانه: 39.

(13) حاتم الطائي: 19 وينظر تحليل الصورة في الفصل الرابع من كتابنا.

(14) المصدر نفسه: 17 وينظر تحليل الصورة في الفصل الرابع من كتابنا أيضاً.

(15) عمرو بن كلثوم: ق 4/ 9.

(16) ديوانه: 107.

(17) خفاف بن ندبة السلمي: ق 14/ 77.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.