المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24
سبب نزول الآية 122 من سورة ال عمران
2024-11-24



الإستطراد  
  
2047   04:54 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : أبو هلال العسكري
الكتاب أو المصدر : كتاب الصناعتين الكتابة والشعر
الجزء والصفحة : ص398-400
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2015 1358
التاريخ: 24-09-2015 1812
التاريخ: 25-09-2015 9618
التاريخ: 26-09-2015 2868

  وهو أن يأخذ المتكلم في معنى فبينا يمر فيه يأخذ في معنى آخر وقد جعل الأول سببا إليه كقول الله عز وجل! (ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت)! فبينا يدل الله سبحانه على نفسه بإنزال الغيث واهتزاز الأرض بعد خشوعها قال (إن الذي أحياها لمحي الموتى)

 فأخبر عن قدرته على إعادة الموتى بعد إفنائها وإحيائها بعد إرجائها وقد جعل ما تقدم من ذكر الغيث والنبات دليلا عليه ولم يكن في تقدير السامع لأول الكلام إلا أنه يريد الدلالة على نفسه بذكر المطر دون الدلالة على الإعادة فاستوفى المعنيين جميعا  ومثاله من المنظوم قول حسان ( إن كنتِ كاذبةَ الَّذِي حَدَّثْتنِي ** فنجوْتِ مَنْجَى الحارث بن هشام ) ( ترك الأحبة أن يقاتل عنهم ** ونجا برأس طِمَّرةٍ ولجام )  وذلك أن الحارث بن هشام فر يوم بدر عن أخيه أبي جهل وقال يعتذر ( اللهُ يَعْلَمُ ما تركتُ قِتالهم ** حتى عَلَوْا فَرَسِي بأشْقَر مُزْبِدِ ) ( وعلمت أَنِّي إنْ أقاتلْ واحداً ** أُقتلْ ولا يَضْرُرْ عدُوِّي مَشْهِدي ) ( وشممتُ ريح الموت من تِلقائهم ** في مأزق والخيل لم تَتَبدَّدِ ) ( فصددتُ عنهمْ والأحبَّةُ فيهمُ ** طمعاً لهم بعقاب يوم مُرْصَد )  وهذا أول من اعتذر من هزيمة رويت عن العرب .

  ومن الاستطراد قول السموءل ( وإنا أناسٌ لا نَرَى القتل سبةً ** إذا ما رأته عامرٌ وسلولُ )  فقوله ( ( إذا ما رأته عامر وسلول ) ) استطراد  وقال الآخر ( إذا ما اتقى اللهَ الفتى وأطاعَه ** فليس به بأسٌ وإن كان من عُكْلِ )  وقول زهير ( إن البخيل ملوم حيث كان ولكنَّ ** الجوادَ على عِلاته هَرِم )  ومن ظريف الاستطراد قول مسلم ( أجدكِ ما تدرين أنْ ربَّ ليلةٍ ** كأنَّ دجاها من قرونك يُنْشَرُ ) ( لهوت بها حتى تجلَّت بغُرَّةٍ ** كغرَّة يحيى حين يُذْكَرُ جَعْفَرُ )  وقال أبو تمام ( وسابحٍ هَطِلِ التَّعْداء هَتَّانِ ** على الجراء أمينٍ غَيْرِ خوّان ) ( أظمَى الفُصوص ولم تظمأ عرائكه ** فَخَلِّ عينيك في ظمآن ريَّان ) ( فلو تراه مُشيحاً والحصى زِيمٌ ** تحت السَّنَابِك من مَثْنى ووحدان ) ( أيقنت إن لم تَثَبَّت أن حافره ** من صخر تَدْمُرَ أو من وجه عثمان )  فبينا يصف قوائم الفرس خرج إلى هجاء عثمان وهو من قول الأعرابي لو صك بوجهه الحجارة لرضها ولو خلا بالكعبة لسرقها  ومثله قول ابن المعتز ( لو كنتَ من شيءٍ خلافك لم تكنْ ** لتكون إلا مشْجَبًا في مِشْجَبِ ) ( يا ليْتَ لي من جِلْدِ وجهك رُقْعْةً ** فأقدَّ منها حافراً للأشْهَبِ )

وقول البحتري في الفرس ( ما إن يعاف قَذًى ولو أوردتَه ** يوماً خلائق حمدويهِ الأحول ) وقال مسلم ( وأحببت من حبها الباخلين ** حتى ومَقْتُ ابن سَلْمٍ سعيدا ) ( إذا سِيل عُرْفاً كسا وجهَه ** ثياباً من البخل زُرْقاً وسُودَا ) ( يَغار على المالِ فعْلَ الجوادِ ** وتأبى خَلائِقُه أنْ يَجُودا ) وقال بشار ( خليليَّ من كعبٍ أَعِينا أخاكما ** على دَهْرِه إن الكريم مُعين ) ( فلا تبخلا بخل ابن قزْعةَ إنه ** مخافة أن يُرْجَى نداه حزين ) ( إذا جئته في الخلق أغْلَقَ بابه ** فلم تلقه إلاّ وأنت كمين ) وقوله ( فما ذرّ قرن الشمس حتى كأننا ** من الغيّ نحكي أحمد بن هشام ) وقريب منه قول البحتري ( إذا عطفته الريح قلت التفاتةٌ ** لِعَلْوةَ في جاديِّها المُتَعَصْفرِ )  وهذا الباب يقرب من باب حسن الخروج وقد استقصيناه في آخر الكتاب ومن الاستطراد ما قلته ( انظر إلى قَطْر السماء ووَبلها ** ودنوّ نائلها وبُعْد مَحَلِّها ) ( وشُمُول ما نشرتْه من معروفها ** فانبثْ في حَزْن البلاد وسَهْلِها ) ( بلْ ما يروعُك من وُفور عَطَائها ** وعُلُوّ موضِعها ولذَّة ظلها ) ( انظر بني زيد فإن محلَّهم ** مِنْ فَوْقِها وعطاؤهم مِنْ قبلها )  ومن الاستطراد ضرب آخر وهو أن يجيء بكلام يظن أنه يبدأ فيه بزهد وهو يريد غير ذلك كقول الشاعر ( يا من تشاغل بالطّللْ ** أقصِرْ فقد قَرُب الأجل ) ( واصِلْ غَبوقك بالصَّبُوحِ ** وعَدِّ عن وصف المَللْ )

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.