مناظرة السيد عبد الله الشيرازي (قدس سره) مع بعضهم في حكم البكاء على الحسين (عليه السلام) |
840
06:42 مساءً
التاريخ: 31-10-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-10-2019
1688
التاريخ: 31-10-2019
841
التاريخ: 2-11-2019
598
التاريخ: 31-10-2019
953
|
قال السيد الشيرازي (قدس سره): دخلت ذات ليلة الحرم الشريف، ومعي بعض الحجاج فلما وصلت قبال دار علي (عليه السلام) قابلني شخص معمم بعمامة صفراء، ومعه رجل فسألني: من أي مكان أنتم؟
قلت: من النجف.
قال: النجف من بلاد إيران؟
قلت: لا، من بلاد العراق، فيه مرقد أمير المؤمنين سيدنا علي (عليه السلام) بالقرب من كربلاء، حيث هناك مرقد الإمام الحسين (عليه السلام).
قال الرجل الذي كان معه: هذا السيد أحمد عالم وخطيب بفلسطين.
ثم قال الخطيب: لنا حديث مضبوط حول سيدنا الحسين (عليه السلام) فقرأ الحديث بهذا المضمون: أنه إذا قامت القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل المحشر، غضوا أبصاركم فإنها تريد أن تجوز فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)، فتأتي فاطمة (عليها السلام) وعلى رأسها ثوب الحسين (عليه السلام) مخضب بالدماء فتأخذ بقائمة العرش، وتقول: اللهم احكم بيني وبين قتلة ولدي الحسين (عليه السلام)، فيدخل تعالى قتلة الحسين (عليه السلام) في النار (1)، ثم دعا للمسلمين، وتوادعنا.
ثم توجهت إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله) للزيارة ولما وصلت قرب القبر الشريف تذكرت أني سمعت هذا الحديث في بغداد قبل ما يقرب من عشرين سنة من أحد علماء العامة على المنبر بعد صلاة الجماعة، حيث كنا عازمين مع عدة من الفضلاء والطلاب لزيارة قبر علي بن محمد السمري، الذي هو أحد النواب الأربع لصاحب العصر الإمام الحجة عجل الله فرجه، فلما وردنا في الجامع الذي كان القبر في جانب منه رأينا العالم على المنبر مشغولا بالوعظ بعد فراغهم من أداء الفريضة، وكان بيده كراسا يقرأ منه غالبا، فجلسنا للاستماع حتى نزور القبر بعد تفرق الجماعة وسهولة الطريق، ففي ضمن حديثه على المنبر انجر الكلام إلى أهمية مقام الحسين (عليه السلام) وذكر شيئا كثيرا في حقه (عليه السلام) حتى وصل إلى نقل الحديث المذكور مع ذكر جملة أخرى، وهي أن فاطمة (عليها السلام) بعد ذلك تقول: اللهم اقبل شفاعتي فيمن بكى على ولدي الحسين (عليه السلام) فيقبل الله شفاعتها (2)، ويدخل الباكين على الحسين (عليه السلام) في الجنة.
فتأسفت نهاية الأسف، أني نسيت أن أسأل منه أنه هل يكون للحديث جزء آخر أم لا؟ فاشتغلت بالزيارة والأعمال المندوبة، وفي طريق خروجي من الحرم الشريف وإذا بي رأيت الخطيب المذكور مع صاحبه جالسين عند بيت علي وفاطمة (عليهما السلام) من طرف الروضة، والوقت قريب من الساعة الثالثة ليلا، فلما صرت على مقربة منه سلمت عليه، ونهض إلي وأردت أن أسأل منه: هل أنه للحديث جزء آخر؟ فسبقني وقال: نسيت أن للحديث جزء آخر فقرأ جملة الشفاعة، وكان أحد أفراد هيئة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر واقفا على الشباك، فناديته فقلت: إجلس واستمع وقلت للسيد الخطيب: أعد الحديث فأعاده، فقلت له: هذا ليس من الشيعة، بل من علمائكم، هو كذا وكذا في فلسطين.
فلما سمعه ولم يكن قادرا على تكذيبه، قال: ولو سلم، لكن هذه الشفاعة والفضل ليست للمخالفين، وأشار إلى الشيعة، يعني شفاعة فاطمة (عليها السلام) والدخول للجنة ليست للشيعة المخالفين.
قلت: دعنا عن أن المخالفين نحن أم أنتم، دعنا عن أنه نحن الباكون على الحسين أم أنتم، دعنا عن أنه نحن ندخل الجنة ببركة البكاء على الحسين (عليه السلام) وشفاعة فاطمة (عليها السلام) أم أنتم؟ إن مقصودي هو أن هذا الحديث يدل على أن البكاء على الحسين (عليه السلام) ليس بدعة كما تزعمون، فسكت.
ثم جاء عدة من الناس ليخرجوا من الحرم الشريف فناديتهم، قلت: سيدنا إقرأ الحديث، فقرأ مكررا حتى اجتمع حوله ما يقرب من خمسين من المصريين وغيرهم من الحجاج، بعضهم مصدق للحديث، وبعضهم من المتحيرين فيه، وبعض من المحاجين معه!
إلا أنه قال لهم جميعا: بأن هذا الحديث من الأحاديث المسلمة (3).
_______________
(1) روى الجويني (بسنده) عن الأصبغ بن نباتة عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع نكسوا رؤوسكم، وغضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد صلوات الله عليهما على الصراط، فتمر ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق اللامع. فرائد السمطين: ج 2 ص 49 ح 38، المناقب للمغازلي: ص 64 ح 91، المستدرك للحاكم: ج 3 ص 153، ينابيع المودة للقندوزي: ص 199 ب 56، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص 190، لسان الميزان: ج 2 ص 415، اللآلئ المصنوعة: ج 1 ص 403. والجويني أيضا بسنده عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن آبائه صلوات الله عليهم أجمعين، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): تحشر ابنتي فاطمة يوم القيامة ومعها ثياب مصبوغة بدم، فتتعلق بقائمة العرش فتقول: يا عدل أحكم بيني وبين قاتل ولدي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فيحكم لابنتي ورب الكعبة، راجع: فرائد السمطين: ج 2 ص 266 ح 533، ورواه القندوزي الحنفي أيضا عن الحافظ ابن الأخضر في العترة الطاهرة من حديث الإمام علي الرضا (عليه السلام) في ينابيع المودة: ص 331 ب 60، وص 260 ب 56، مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 52 من الفصل الخامس، عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 13 ح 21 ب 30 وص 29 ح 6 ب 31، وعنه بحار الأنوار: ج 43 ص 220 ح 2 و3، اللآلئ المصنوعة: ج 1 ص 402. وروى القندوزي الحنفي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : يا أهل القيامة غضوا أبصاركم لتجوز فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) مع قميص مخضوب بدم الحسين (عليه السلام) فتحتوي على ساق العرش فتقول: أنت الجبار العدل، إقض بيني وبين من قتل ولدي، فيقضي الله لابنتي ورب الكعبة. ثم تقول: اللهم اشفعني فيمن بكى على مصيبته، فيشفعها الله فيهم، ينابيع المودة للقندوزي: ص 260 ب 56، بحار الأنوار: ج 43 ص 219 ب 8. فحاصل الكلام أن هذا الحديث جاء بأسانيد مختلفة مما يدل على تواتره فضلا عما جاء في كتب الحديث عند الإمامية بأسانيد أخرى كثيرة أيضا، وقد جاء أيضا في كتب العامة مضمون هذه الأحاديث في الشعر مما يدل على شهرته عند أهل الحديث وغيرهم أيضا. فقد روى القندوزي الحنفي عن سليمان بن يسار قال: وجد حجر مكتوب عليه بالنظم، وهو هذا:
لا بد أن ترد القيامة فاطم * وقميصها بدم الحسين ملطخ
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه * والصور في يوم القيامة ينفخ .
ينابيع المودة: ص 331، ب 60. وقد رواه أيضا الجويني في فرائد السمطين: ج 2 ص 266 ح 534 ونسبه للشافعي، حسب ما جاء في عبارته: (مر في بعض مطالعاتي مما يعزى إلى الإمام الشافعي... الخ). ورواه أيضا الاسكندراني المتوفى سنة (775 ه) في كتاب الألمام ج 5 ص 300، في ذكره (ما قيل في التشفي من أعداء الملوك) قال: وكان يوسف ابن الأمير حسام الدين البغدادي حسن الصوت، حسن الوعظ، صعد الكرسي يوما، وقد سئل أن يذكر للناس شيئا في مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فجلس طويلا لم يتكلم، ثم وضع المنديل على وجهه وبكى، وأنشد يقول:
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه * والصور في نشر الخلائق ينفخ
لا بد أن تأتي القيامة فاطمة * وقميصها بدم الحسين ملطخ .
فصاحت الخلائق صيحة واحدة، وبكوا بكاء شديدا، وهجا بعضهم أهل دمشق بأبيات منها هذه الأبيات:
تجنب ما استطعت من الأخلا * ولا سيما إذا قالوا دمشقي
يرون السبت عيدا إن فيه * أتى رأس الحسين إلى دمشق .
(2) تقدم ذكره بالنص الوارد مع مصادره قريبا في الهامش فراجع.
(3) الإحتجاجات العشرة للسيد عبد الله الشيرازي (قدس سره): ص 32 - 36.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|