أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-2-2017
1706
التاريخ: 1-8-2020
1985
التاريخ: 24-7-2019
2051
التاريخ: 19-7-2019
1921
|
غزوة الغابة
حدثني عبد العزيز بن عقبة بن سلمة بن الأكوع، عن غياس بن سلمة، عن أبيه، قال: أغار عيينة ليلة الأربعاء لثلاثٍ خلون من ربيع الآخر سنة ستٍّ، وغزونا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في طلبه يوم الأربعاء، فغبنا خمس ليالٍ ورجعنا ليلة الاثنين. واستخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على المدينة ابن أم مكتوم.
حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، وحدثني يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، وعلي بن يزيد، وغيرهم، فكلٌّ قد حدثني بطائفة، قالوا: كانت لقاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشرين لقحةً، وكانت من شتى، منها ما أصاب في ذات الرقاع، ومنها ما قدم به محمد بن مسلمة من نجد. وكانت ترعى البيضاء ودون البيضاء، فأجدب ما هناك فقربوها إلى الغابة، تصيب من أثلها وطرفائها وتغدو في الشجر - قال أبو عبد الله: الغادية: تغدو في العضاه، أم غيلان وغيرها؛ والواضعة: الإبل ترعى الحمض؛ والأوارك: التي ترعى الأراك - فكان الراعي يؤوب بلبنها كل ليلةٍ عند المغرب. وكان أبو ذر قد استأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى لقاحه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إني أخاف عليك من هذه الضاحية أن تغير عليك، ونحن لا نأمن من عيينة ابن حصن وذويه، هي في طرفٍ من أطرافهم فألح عليه أبو ذر فقال: يا رسول الله: ائذن لي. فلما ألح عليه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لكأني بك، قد قتل ابنك، وأخذت امرأتك، وجئت تتوكأ على عصاك. فكان أبو ذر يقول: عجباً لي! إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول " لكأني بك " وأنا ألح عليه، فكان والله على ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
وكان المقداد بن عمرو يقول: لما كانت ليلة السرح جعلت فرسي سبحة لا تقر ضرباً بأيديها وصهيلاً. فيقول أبو معبد: والله، إن لها شأناً! فننظر آريها فإذا هو مملوءٌ علفاً، فيقول: عطشي! فيعرض الماء عليها فلا تريده، فلما طلع الفجر أسرجها ولبس سلاحه، وخرج حتى صلى الصبح مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم ير شيئاً، ودخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيته، ورجع المقداد إلى بيته، وفرسه لا تقر، فوضع سرجها وسلاحه واضطجع، وجعل إحدى رجليه على الأخرى، فأتاه آتٍ فقال: إن الخيل قد صيح بها. فكان أبو ذر يقول: والله، إنا لفي منزلنا، ولقاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد روحت، وعطنت، وحلبت عتمتها ونمنا، فلما كان في الليل أحدق بنا عيينة في أربعين فارساً، فصاحوا بنا وهم قيامٌ على رؤوسنا، فأشرف لهم ابني فقتلوه، وكانت معه امرأته وثلاثة نفرٍ فنجوا، وتنحيت عنهم وشغلهم عني إطلاق عقل اللقاح، ثم صاحوا في أدبارها، فكان آخر العهد بها. وجئت إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبرته وهو يتبسم. فكان سلمة بن الأكوع يقول: غدوت أريد الغابة للقاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن أبلغه لبنها، حتى ألقى غلاماً لعبد الرحمن بن عوف كان في إبلٍ لعبد الرحمن بن عوف، فأخطأوا مكانها واهتدوا إلى لقاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فأخبرني أن لقاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أغار عليها عيينة بن حصن في أربعين فارساً، فأخبرني أنهم قد رأوا مدداً بعد ذلك أمد به عيينة. قال سلمة: فأحضرت فرسي راجعاً إلى المدينة حتى وافيت على ثنية الوداع فصرخت بأعلى صوتي: يا صباحاه! ثلاثاً، أسمع من بين لابتيها.
فحدثني موسى بن محمد، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، قال: نادى: الفزع! الفزع! ثلاثاً، ثم وقف واقفاً على فرسه حتى طلع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحديد مقنعاً فوقف واقفاً، فكان أول من أقبل إليه المقداد بن عمرو، عليه الدرع والمغفر شاهراً سيفه، فعقد له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لواءً في رمحه وقال: امض حتى تلحقك الخيول، إنا على أثرك. قال المقداد: فخرجت وأنا أسأل الله الشهادة، حتى أدرك أخريات العدو، وقد أذم بهم فرسٌ لهم فاقتحم فارسه وردف أحد أصحابه؛ فأخذ الفرس المذم فإذا هو ضرع ، أشقر، عتيق، لم يقو على العدو، وقد غدوا عليه من أقصى الغابة فحسر، فأربط في عنقه قطعة وترٍ وأخليه، وقلت: إن مر به أحد فأخذه جئته بعلامتي فيه. فأدرك مسعدة فأطعنه برمحٍ فيه اللواء، فزل الرمح وعطف علي بوجهه فطعنني وآخذ الرمح بعضدي فكسرته، وأعجزني هرباً، وأنصب لوائي فقلت: يراه أصحابي. ويلحقني أبو قتادة معلماً بعمامة صفراء على فرسٍ له، فسايرته ساعةً ونحن ننظر إلى دبر مسعدة، فاستحث فرسه فتقدم على فرسي، فبان سبقه فكان أجود من فرسي حتى غاب عني فلا أراه. ثم ألحقه فإذا هو ينزع بردته، فصحت: ما تصنع؟ قال: خيراً اصنع كما صنعت بالفرس. فإذا هو قد قتل مسعد وسجاه ببردة. ورجعنا فإذا فرس في يد علبة بن زيد الحارثي، فقلت: فرسي هذا وعلامتي فيه! فقال: تعال إلى النبي، فجعله مغنماً.
وخرج سلمة بن الأكوع على رجليه يعدو ليسبق الخيل مثل السبع. قال سلمة: حتى لحقت القوم فجعلت أرميهم بالنبل، وأقول حين أرمي: خذها مني وأنا ابن الأكوع! فتكر علي خيلٌ من خيلهم، فإذا وجهت نحوي انطلقت هارباً فأسبقها، وأعمد إلى المكان المعور فأشرف عليه وأرمي بالنبل إذا أمكنني الرمي وأقول:
خذها وأنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع
فما زلت أكافحهم وأقول: قفوا قليلاً، يلحقكم أربابكم من المهاجرين والأنصار. فيزدادون علي حنقاً فيكرون علي، فأعجزهم هرباً حتى انتهيت بهم إلى ذي قرد . ولحقنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والخيول عشاءً، فقلت: يا رسول الله، إن القوم عطاشٌ وليس لهم ماءٌ دون أحساء كذا وكذا، فلو بعثتني في مائة رجلٍ استنقذت ما بأيديهم من السرح، وأخذت بأعناق القوم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ملكت فأسجح . ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنهم ليقرون في غطفان.
فحدثني خالد بن إلياس، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم، قال: توافت الخيل وهم ثمانية - المقداد، وأبو قتادة، ومعاذ بن معاص، وسعد بن زيد، وأبو عياش الزرقي، ومحرز بن نضلة، وعكاشة بن محصن، وربيعة بن أكثم.
حدثني موسى بن محمد، عن عاصم بن عمر بن قتادة، قال: من المهاجرين ثلاثة: المقداد، ومحرز بن نضلة، وعكاشة بن محصن. ومن الأنصار: سعد بن زيد، وهو أميرهم، وأبو عياش الزرقي فارس جلوة ، وعباد بن بشر، وأسيد بن حضير، وأبو قتادة.
قال أبو عياش: أطلع على فرسٍ لي، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لو أعطيت فرسك من هو أفرس منك فتبع الخيول! فقلت: أنا يا رسول الله أفرس الناس. فركض عنه، فما جرى بي خمسين ذراعاً حتى صرعني الفرس. فكان أبو عياش يقول: فعجباً! إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " لو أعطيت فرسك هذا من هو أفرس منك " وأقول: " أنا أفرس الناس " .
قالوا: وذهب الصريخ إلى بني عمرو بن عوف، فجاءت الأمداد، فلم تزل الخيل تأتي، والرجال على أقدامهم، والإبل، والقوم يعتقبون البعير والحمار، حتى انتهوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بذي قرد؛ فاستنقذوا عشر لقائح، وأفلت القوم بما بقي وهي عشر. وكان محرز بن نضلة حليفاً في عبد الأشهل، فلما نادى الصريخ: الفزع! الفزع! كان فرسٌ لمحمد بن مسلمة يقال له ذو اللمة مربوطاً في الحائط، فلما سمع صاهلة الخيل صهل وجال في الحائط في شطنه، فقال له النساء: هل لك يا محرز في هذا الفرس فإنه كما ترى صنيعٌ جام تركبه فتلحق اللواء؟ وهو يرى راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد مر بها العقاب يحملها سعد. قالوا: فخجر فجزع وقطع وادي قناة فسبق المقداد، فيدرك القوم بهيقاً فاستوقفهم فوقفوا، فطاعنهم ساعةً بالرمح، ويحمل عليه مسعدة فطعنه بالرمح فدقه في صلبه، وتناول رمح محرز، وعار فرسه حتى رجع إلى آريه، فلما رآه النساء وأهل الدار قالوا قد قتل. ويقال: كان محرز على فرسٍ كان لعكاشة بن محصن يدعى الجناح، قاتل عليه. ويقال: الذي قتل محرز بن نضلة أوثار، وأقبل عباد بن بشر فيدرك أوثاراً، فتواقفا فتطاعنا حتى انكسرت رماحهما، ثم صارا إلى السيفين فشد عليه عباد ابن بشر فعانقه، ثم طعنه بخنجرٍ معه فمات.
وحدثني عمر بن أبي عاتكة، عن أبي الأسود، عن عروة، قال: كان أوثار وعمرو بن أوثار على فرسٍ لهما يقال له الفرط رديفين عليه، قتلهما عكاشة بن محصن.
فحدثني زكريا بن زيد، عن عبد الله بن أبي سفيان، عن أبيه، عن أم عامر بنت يزيد بن السكن، قالت: كنت ممن حض محرزاً على اللحوق برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فوالله إنا لفي أطمنا ننظر إلى رهج الغبار إذ أقبل ذو اللمة، فرس محمد بن مسلمة، حتى انتهى إلى آريه، فقلت: أصيب والله! فحملنا على الفرس رجلاً من الحي فقلنا: أطلع لنا رسول الله هل أصابه إلا خير، ثم ارجع إلينا سريعاً. قال: فخرج محضراً حتى لحق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهيقا في الناس، ثم رجع فأخبرنا بسلامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فحمدنا الله تعالى على سلامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
فحدثني ابن أبي سبرة، عن صالح بن كيسان قال، قال محرز بن نضلة: قبل أن يلتقي القوم بيومٍ رأيت السماء فرجت لي، فدخلت السماء الدنيا حتى انتهيت إلى السابعة، وانتهيت إلى سدرة المنتهى، فقيل لي: هذا منزلك. فعرضتها على أبي بكر وكان من أعبر الناس، فقال: أبشر بالشهادة! فقتل بعد ذلك بيوم.
وحدثني يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أمه، عن أبيه، قال: قال أبو قتادة: إني لأغسل رأسي، قد غسلت أحد شقيه، إذ سمعت فرسي جروة تصهل وتبحث بحافرها، فقلت: هذه حرب قد حضرت! فقمت ولم أغسل شق رأسي الآخر، فركبت وعلي بردةٌ لي، فإذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصيح: الفزع! الفزع! قال: وأدرك المقداد بن عمرو فسايرته ساعةً، ثم تقدمه فرسي وكانت أجود من فرسه، وقد أخبرني المقداد - وكان سبقني - بقتل مسعدة محرزاً. قال أبو قتادة للمقداد: يا أبا معبد، أنا أموت أو أقتل قاتل محرز. فضرب فرسه فلحقهم أبو قتادة، ووقف له مسعدة، وحمل عليه أبو قتادة بالقناة فدق صلبه ويقول: خذها وأنا الخزرجي! ووقع مسعدة ميتاً، ونزل أبو قتادة فسجاه ببردته، وجنب فرسه معه، وخرج يحضر في أثر القوم حتى تلاحق الناس. قال أبو قتادة: فلما مر الناس ونظروا إلى بردة أبي قتادة عرفوها فقالوا: هذا أبو قتادة قتيل! واسترجع أحدهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا، ولكنه قتيل أبي قتادة، وجعل عليه بردته لتعرفوا أنه قتيله. فخلوا بين أبي قتادة وبين قتيله وسلبه وفرسه، فأخذه كله، وكان سعد بن زيد قد أخذ سلبه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا والله! أبو قتادة قتله، ادفعه إليه.
فحدثني عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه أبي قتادة، قال: لما أدركني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يومئذٍ ونظر إلي قال: اللهم بارك له في شعره وبشره! وقال: أفلح وجهك! قلت: ووجهك يا رسول الله! قال: قتلت مسعدة؟ قلت: نعم. قال: فما هذا الذي بوجهك؟ قلت: سهمٌ رميت به يا رسول الله. قال: فادن مني! فدنوت مني فبصق عليه، فما ضرب عليه قط ولا قاح. فمات أبو قتادة وهو ابن سبعين سنة، وكأنه ابن خمس عشرة سنة. قال: وأعطاني يومئذٍ فرس مسعدة وسلاحه، وقال: بارك الله لك فيه! حدثني ابن أبي سبرة، عن سليمان بن سحيم، قال: قال سعد بن زيد الأشهلي: لما كان يوم السرح أتانا الصريخ، فأنا في بني عبد الأشهل، فألبس درعي وأخذت سلاحي، وأستوي على فرس لي جامٍّ حصانٍ، يقال له النجل ، فأنتهي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليه الدرع والمغفر لا أرى إلا عيينة، والخيل تعدو قبل قناة، فالتفت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا سعد امض، قد استعملتك على الخيل حتى ألحقك إن شاء الله. فقربت فرسي ساعة ثم خليته فمر يحضر، فأمر بفرسٍ حسير، فقلت: ما هذا؟ وأمر بمسعدة قتيل أبي قتادة، وأمر بمحرز قتيلاً فساءني، وألحق المقداد بن عمرو، ومعاذ بن ماعص؛ فأحضرنا ونحن ننظر إلى رهج القوم، وأبو قتادة في أثرهم، وأنظر إلى ابن الأكوع يسبق الخيل أمام القوم يرشقهم بالنبل، فوقفوا وقفةً ونلحق بهم فتناوشنا ساعةً، وأحمل على حبيب بن عيينة بالسيف فأقطع منكبه الأيسر، وخلي العنان، وتتايع فرسه، فيقع لوجهه، واقتحم عليه فقتله، وأخذت فرسه. وكان شعارنا: أمت أمت! وقد سمعنا في قتل حبيب بن عيينة وجهاً آخر.
فحدثني موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، قال: إن المسلمين لما تلاحقوا هم والعدو وقتل منهم محرز بن نضلة، وخرج أبو قتادة في وجهه، فقتل أبو قتادة مسعدة، وقتل أوثار وعمر بن أوثار، قتلهما عكاشة بن محصن، وإن حبيب بن عيينة كان على فرسٍ له، هو وفرقة ابن مالك بن حذيفة بن بدر، قتلهم المقداد بن عمرو. قالوا: وتلاحق الناس بذي قرد، وصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة الخوف.
فحدثني سفيان بن سعيد، وابن أبي سبرة، عن أبي بكر بن عبد الله ابن أبي جهم، عن عبيد الله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى القبلة، وصف طائفةً خلفه، وطائفة مواجهة العدو، فصلى بالطائفة التي خلفه ركعةً وسجدتين، ثم انصرفوا فقاموا مقام أصحابهم، وأقبل الآخرون فصلى بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ركعةً وسجدتين، فكان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ركعتان، ولكل رجلٍ من الطائفتين ركعة.
حدثني مالك بن أبي الرجال، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن عمارة بن معمر، قال: أقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بذي قرد يوماً وليلةً يتحسب الخبر، وقسم في كل مائةٍ من أصحابه جزوراً ينحرونها، وكانوا خمسمائة، ويقال كانوا سبعمائة. قالوا: واستخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على المدينة ابن أم مكتوم. وأقام سعد بن عبادة في ثلاثمائة من قومه يحرسون المدينة خمس ليالٍ حتى رجع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وبعث إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأحمال تمر وبعشرة جزائر بذي قرد. وكان في الناس قيس بن سعد على فرس له يقال له الورد، وكان هو الذي قرب الجزر والتمر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا قيس، بعثك أبوك فارساً، وقوى المجاهدين، وحرس المدينة من العدو؛ اللهم ارحم سعداً وآل سعد! ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : نعم المرء سعد بن عبادة! فتكلمت الخزرج فقالت: يا رسول الله، هو بيتنا وسيدنا وابن سيدنا! كانوا يطعمون في المحل، ويحملون الكل ويقرون الضيف، ويعطون في النائبة، ويحملون عن العشيرة! فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : خيار الناس في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا في الدين. ولما انتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بئر هم قالوا: يا رسول الله، ألا تسم بئرهم؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا ولكن يشتريها بعضكم فيتصدق بها. فاشتراها طلحة بن عبيد الله فتصدق بها.
حدثني موسى بن محمد، عن أبيه، قال: كان أمير الفرسان المقداد حتى لحقهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بذي قرد.
حدثني محمد بن الفضل بن عبيد الله بن رافع بن خديج، عن المسور ابن رفاعة، عن ثعلبة بن أبي مالك، قال: كان سعيد بن زيد أمير القوم، وقال لحسان بن ثابت: أرأيت حيث جعلت المقداد رأس السرية وأنت تعلم أن رسول الله استعملني على السرية، وإنك لتعلم لقد نادى الصريخ: الفزع! فكان المقداد أول من طلع، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : امض حتى تلحقك الخيول. فمضى أول، ثم توافينا بعد عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد مضى المقداد أولنا، فاستعملني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على السرية. فقال حسان: يا ابن عم، والله ما أردت إلا القافية حيث قلت: غداة فوارس المقداد... فحلف سعد بن زيد ألا يكلم حساناً أبداً. والثبت عندنا أن أميرهم سعد بن زيد الأشهلي.
قالوا: ولما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة أقبلت امرأة أبي ذر على ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القصواء، وكانت في السرح، فكان فيها جمل أبي جهل، فكان مما تخلصه المسلمون، فدخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبرته من أخبار الناس، ثم قالت: يا رسول الله، إني نذرت إن نجاني الله عليها أن أنحرها فآكل من كبدها وسنامها. فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: بئس ما جزيتها أن حملك الله عليها ونجاك ثم تنحرينها! إنه لا نذر في معصية الله ولا فيما لا تملكين، إنما هي ناقةٌ من إبلي فارجعي إلى أهلك على بركة الله.
حدثني فائد مولى عبد الله، عن عبد الله بن علي، عن جدته سلمى، قالت: نظرت إلى لقوح على باب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقال لها السمراء، فعرفتها فدخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت: هذه لقحتك السمراء على بابك. فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مستبشراً، وإذا رأسها بيد ابن أخي عيينة، فلما نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عرفها ثم قال: أيم بك؟ فقال: يا رسول الله، أهديت لك هذه اللقحة. فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقبضها منه، ثم أقام يوماً أو يومين، ثم أمر له بثلاث أواقٍ من فضة، فجعل يتسخط. قال، فقلت: يا رسول الله، أتثيبه على ناقةٍ من إبلك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : نعم وهو ساخطٌ علي! ثم صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الظهر، ثم صعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الرجل ليهدي لي الناقة من إبلي أعرفها كما أعرف بعض أهلي، ثم أثيبه عليها فيظل يتسخط علي، ولقد هممت ألا أقبل هديةً إلا من قرشي أو أنصاري - وكان أبو هريرة يقول: أو ثقفي أو دوسي .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|