أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-5-2019
2582
التاريخ: 22-5-2019
2301
التاريخ: 2024-07-16
419
التاريخ: 20-6-2019
2215
|
حدّثني أبي قال : خرج إلينا يوماً أبو الحسن الكاتب ، فقال : أتعرفون ببغداد رجلاً يُقال له : ابن أصدق ؟
قال : فلم يعرفه من أهل المجلس غيري ، فقلت : نعم ، فكيف سألت عنه ؟
فقال : أيّ شيء يفعل ؟
قلت : ينوح على الحسين (عليه السّلام) .
قال : فبكى أبو الحسن وقال : إنّ عندي عجوزاً ربّتني من أهل كرخ جدان عفيطة اللسان ، الأغلب على لسانها النبطية ، لا يمكنها أن تقيم كلمة عربية صحيحة فضلاً أن تروي شعراً ، وهي من صالحات نساء المسلمين ، كثيرة الصيام والتهجّد ، وإنّها انتبهت البارحة في جوف الليل ومرقدها قريب من موضعي ، فصاحت بي : يا أبا الحسن .
فقلت : ما لكِ ؟
فقالت : الحقني . فجئتها فوجدتها ترعد ، فقلت : ما أصابك ؟
فقالت : إنّي كنت قد صلّيت وردي فنمت فرأيت الساعة في منامي كأنّي في درب من دروب الكرخ فإذا بحجرة نظيفة مليحة الساحة مفتوحة الباب ونساء وقوف عليه ، فقلت لهم : مَنْ مات ، أو ما الخبر ؟
فأومؤوا إلى داخل الدار ، فدخلت فإذا بحجرة نظيفة في نهاية الحسن ، وفي صحنها امرأة شابة لم أرَ قط أحسن منها ولا أبها ولا أجمل ، وعليها ثياب حسنة بياض مروي لين ، وهي ملتحفة فوقها بإزار أبيض جدّاً ، وفي حجرها رأس رجل يشخب دماً ، فقلت :
مَنْ أنتِ ؟
فقالت : لا عليكِ أنا فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وهذا رأس ابني الحسين (عليه السّلام) ، قولي لابن أصدق عنّي ينوح :
لم اُمرّضه فأسلوا *** لا ولا كان مريضا
فانتبهت فزعة .
قال : وقالت العجوز : ( لم أمرّطه ) بالطاء ؛ لأنّها لا تتمكن من إقامة الضاء ، فسكنت منها إلى أن نامت ، ثمّ قال لي : يا أبا القاسم مع معرفتك الرجل قد حملّتك الأمانة ، ولزمتك أن تبلغها له.
فقلت : سمعاً وطاعة لأمر سيّدة نساء العالمين .
قال : وكان هذا في شعبان والناس إذ ذاك يلقون جهداً جهيداً من الحنابلة ؛ إذ أرادوا الخروج إلى الحاير ، فلم أزل أتلطّف حتّى خرجت فكنت في الحاير ليلة النصف من شعبان فسألت عن ابن أصدق حتّى رأيته ، فقلت له : إنّ فاطمة (عليها السّلام) تأمرك بأن تنوح بالقصيدة :
لم اُمرّضه فأسلوا *** لا ولا كان مريضا
وما كنت أعرف القصيدة قبل ذلك .
قال : فانزعج من ذلك ، فقصصت عليه وعلى مَنْ حضر الحديث فأجهشوا بالبكاء ، وما ناح تلك الليلة إلاّ بهذه القصيدة وأوّلها:
أيها العينان فيضا *** واستهلاّ لا تغيضا
وهي لبعض الشعراء الكوفيين ، وعدت إلى أبي الحسن فأخبرته بما جرى .
قال أبي وابن عياش : كانت ببغداد نائحة مجيدة حاذقة تُعرف بخلب ، تنوح بهذه القصيدة فسمعناها في دور بعض الرؤساء ؛ لأنّ الناس إذ ذاك لا يتمكنون من النياحة إلاّ بعزّ سلطان ، أو سرّاً لأجل الحنابلة ، ولم يكن النوح إلاّ مراثي الحسين وأهل البيت (عليهم السّلام) فقط من غير تعريض بالسلف .
قال : فبلغنا أنّ البربهاري قال : بلغني أنّ نائحة يُقال لها خلب تنوح اطلبوها فاقتلوها.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|