أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-6-2019
3879
التاريخ: 27-6-2019
6076
التاريخ: 1-6-2019
4087
التاريخ: 1-6-2019
11291
|
قال تعالى : {المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف : 1 - 3] .
( المص ) : مضى تفسيره ، وما قيل فيه {كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [الأعراف : 2] أي : هذا الذي أوحيته إليك ، كتاب أنزل إليك ، أي : أنزله الملائكة إليك بأمر الله تعالى {فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ} [الأعراف : 2] ذكر في معناه أقوال :
أحدها : ما ذكره الحسن أن معنى الحرج الضيق ، فمعناه : ولا يضيقن صدرك لتشعب الفكر خوفا من أن لا تقوم بتبليغ ما أنزل إليك حق القيام ، فليس عليك أكثر من الإنذار .
وثانيها : إن معنى الحرج الشك عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، فمعناه فلا يكن في صدرك شك فيما يلزمك من القيام بحقه ، فإنما أنزل إليك لتنذر به .
وثالثها : إن معناه : فلا يضيقن صدرك من قومك أن يكذبوك ويجبهوك بالسوء (1) ، فيما أنزل إليك ، كما قال سبحانه : {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف : 6] عن الفراء . وقد روي في الخبر أن الله تعالى لما نزل القرآن إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : إني أخشى أن يكذبني الناس ويثلغوا رأسي (2) ، فيتركوه كالخبزة ، فأزال الله الخوف عنه بهذه الآية ، وقوله : (لِتُنْذِرَ بِهِ) أي : بالقرآن .
قال الفراء ، والزجاج ، وأكثر العلماء : إنه على التقديم والتأخير ، وتقديره كتاب أنزل إليك لتنذر به {وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف : 2] ، فلا يكن في صدرك حرج منه ، وقال آخرون :
وهو متصل بقوله {فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ} [الأعراف : 2] أي : كن على انشراح صدر بالإنذار ، ومعناه التخوف بوعده ووعيده ، وأمثاله ، وأمره ، ونهيه ، وليذكروا بما فيه ، وإنما خص المؤمنين لأنهم المنتفعون به .
ثم خاطب الله سبحانه المكلفين فقال : {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف : 3] ويحتمل أن يكون المراد : قل لهم يا محمد ، اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ، لأنه قال قبل : (لِتُنْذِرَ بِهِ) والاتباع تصرف الثاني بتصرف الأول وتدبره بتدبيره ، فالأول إمام ، والثاني مؤتم ، ووجوب الاتباع فيما أنزل الله تعالى يدخل فيه الواجب ، والندب ، والمباح ، لأنه يجب أن يعتقد في كل منها ما أمر الله سبحانه به ، كما يجب أن يعتقد في الحرام وجوب اجتنابه .
{وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف : 3] أي : ولا تتخذوا غيره أولياء ، تطيعونهم في معصية الله ، لأن من لا يتبع القرآن صار متبعا لغير الله من الشيطان ، والأوثان ، فأمر سبحانه باتباع القرآن ، ونهى عن اتباع الشيطان ليعلموا أن اتباع القرآن اتباع له سبحانه .
{قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف : 3] أي : قليلا يا معشر المشركين تذكركم واتعاظكم ، وهذا استبطاء في التذكر وخرج مخرج الخبر ، والمراد به الأمر ، فمعناه تذكروا كثيرا ما
يلزمكم من أمر دينكم ، وما أوجبه الله عليكم . ومعنى التذكر أن يأخذ في الذكر شيئا
بعد شيء ، مثل التفقه ، والتعلم .
_____________________________
1. تفسير مجمع البيان ، ج4 ، ص 213-215 .
2. جبهه : نكس رأسه .
3. ثلغ رأسه : خدشه .
« المص » هكذا تكتب وتلفظ بأسماء حروفها : ألف . لام . ميم . صاد .
ومضى الكلام عن هذه في أول سورة البقرة . {كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ} . الخطاب لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والمراد بالكتاب القرآن ، وبالمؤمنين من ينتفع بالقرآن ، سواء أكان سببا لإيمانه أم لتثبيتهم واستمرارهم على الإيمان ، والمعنى ان اللَّه سبحانه أنزل القرآن إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لينذر به الملحدين والمشركين وأهل الأديان الباطلة ، ولينتفع به أصحاب الفطرة السليمة . . وهذه مهمة شاقة يلقى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صعابا جساما من الكافرين الذين يجابههم بالقرآن ، لأنه يستهدف إبطال عقائدهم ، وتغيير تقاليدهم وأوضاعهم التي توارثوها أبا عن جد مئات السنين . . ومن ثم وجد النبي تقاليدهم وأوضاعهم التي توارثوها أبا عن جد مئات السنين . . ومن ثم وجد النبي ضيقا بما يلاقيه من عنادهم ومقاومتهم : {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} [الحجر : 97] .
{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل : 5] . وقد أمره اللَّه سبحانه أن يصبر ويمضي يتذكر ويذكر .
{اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} . في الآية السابقة أمره اللَّه أن يبلغ ولا يحفل بمقاومة المعاندين ، وفي هذه الآية أمر الناس أن يتابعوا الرسول ، ويعملوا بالقرآن . قال علي المرتضى عليه السلام : ما أخذ اللَّه على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا والعكس صحيح أيضا {ولا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} لأنه ليس دون القرآن إلا الضلال والأهواء {قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ} وتتعظون بمواعظ اللَّه ونصائحه ، لأنكم لا تتورعون عن شيء ولا تخشون العواقب : وإنما يتذكر من يخشى ، وقوله : إِلَّا قَلِيلًا فيه إيماء إلى قلة من اتعظ وتذكر منهم .
________________________
1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 300 .
قوله تعالى : {المص كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ} تنكير الكتاب وتوصيفه بالإنزال إليه من غير ذكر فاعل الإنزال كل ذلك للدلالة على التعظيم ويتخصص وصف الكتاب ووصف فاعله بعض التخصص بما يشتمل عليه قوله : {فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} من التفريع كأنه قيل : هذا كتاب مبارك يقص آيات الله أنزله إليك ربك فلا يكن في صدرك حرج منه كما أنه لو كان كتابا غير الكتاب وألقاه إليك ربك لكان من حقه أن يتحرج ويضيق منه صدرك لما في تبليغه ودعوة الناس إلى ما يشتمل عليه من الهدى من المشاق والمحن .
وقوله : {لِتُنْذِرَ بِهِ} غاية للإنزال متعلقة به كقوله : {وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ} وتخصيص الذكرى بالمؤمنين دليل على أن الإنذار يعمهم وغيرهم ، فالمعنى : أنزل إليك الكتاب لتنذر به الناس وهو ذكرى للمؤمنين خاصة لأنهم يتذكرون بالآيات والمعارف الإلهية المذكورة فيها مقام ربهم فيزيد بذلك إيمانهم وتقر بها أعينهم ، وأما عامة الناس فإن هذا الكتاب يؤثر فيهم أثر الإنذار بما يشتمل عليه من ذكر سخط الله وعقابه للظالمين في الدار الآخرة ، وفي الدنيا بعذاب الاستئصال كما تشرحه قصص الأمم السالفة.
ومن هنا يظهر : أن قول بعضهم : إن قوله : {لِتُنْذِرَ بِهِ} متعلق بالحرج والمعنى : لا يكن في صدرك حرج للإنذار به ، ليس بمستقيم فإن تعقبه بقوله : {وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ} بما عرفت من معناه يدفع ذلك.
ويظهر أيضا ما في ظاهر قول بعضهم : إن المراد بالمؤمنين كل من كان مؤمنا بالفعل عند النزول ومن كان في علم الله أنه سيؤمن منهم ! فإن الذكرى المذكور في الآية لا يتحقق إلا فيمن كان مؤمنا بالفعل.
قوله تعالى : {اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ} لما ذكر لنبيه صلى الله عليه وآله أنه كتاب أنزل إليه لغرض الإنذار شرع في الإنذار ورجع من خطابه صلى الله عليه وآله إلى خطابهم فإن الإنذار من شأنه أن يكون بمخاطبة المنذرين ـ اسم مفعول ـ وقد حصل الغرض من خطاب النبي صلى الله عليه وآله .
وخاطبهم بالأمر باتباع ما أنزل إليهم من ربهم ، وهو القرآن الآمر لهم بحق الاعتقاد وحق العمل أعني الإيمان بالله وآياته والعمل الصالح الذين يأمر بهما الله سبحانه في كتابه وينهى عن خلافهما ، والجملة أعني قوله : {اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} موضوعة وضع الكناية كنى بها عن الدخول تحت ولاية الله سبحانه والدليل عليه قوله {وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} حيث لم يقل في مقام المقابلة : ولا تتبعوا غير ما أنزل إليكم .
والمعنى : ولا تتبعوا غيره تعالى ـ وهم كثيرون ـ فيكونوا لكم أولياء من دون الله قليلا ما تذكرون ، ولو تذكرتم لدريتم أن الله تعالى هو ربكم لا رب لكم سواه فليس لكم من دونه أولياء .
______________________
1. تفسير الميزان ، ج8 ، ص 7-8 .
في مطلع هذه السّورة نواجه مرّة أخرى «الحروف المقطّعة» وهي هنا عبارة عن : الألف واللام والميم ، والصاد .
وقد سبقت منّا أبحاث مفصّلة عند تفسير هذه الحروف في مطلع سورة «البقرة» وكذا : «آل عمران».
وهنا نلفت النظر إلى تفسير آخر من التفاسير المطروحة في هذا الصعيد استكمالا للبحث وهو : أنّه يمكن أن يكون أحد الأهداف لهذه الحروف هو جلب انتباه المستمعين ، ودعوتهم إلى السكوت والإصغاء ، لأنّ وجود هذه الحروف في مطلع الكلام موضوع عجيب لم يسبق له مثيل في نظر العرب ، ومن شأنها أن تثير في العربي حبّ الاستطلاع ، وتدعوه إلى متابعة الكلام إلى نهايته .
ومن الاتفاق أنّ غالب السور المبدوءة بالحروف المقطّعة هي السور التي نزلت في مكّة ، ونحن نعلم أن المسلمين في مكّة كانوا أقليّة ، وكان أعداؤهم وخصومهم خصوما ألدّاء اشتد عنادهم إلى درجة أنّهم ما كانوا على استعداد حتى لاستماع كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بل ربّما أثاروا ضجيجا ، ورفعوا الأصوات في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند قراءته للآيات القرآنية ليضيع في زحمتها وخضمّها نداؤه صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو ما أشارت إليه بعض الآيات (مثل الآية ٢٦ سورة فصلت السجدة) .
كما أننا نقرأ في بعض الرّوايات والأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام أنّ هذه الحروف رموز وإشارة إلى أسماء الله ، فـ «المص» في السورة المبحوثة مثلا إشارة إلى جملة : أنا الله المقتدر الصادق.
وبهذا الطريق يكون كل واحد من الحروف الأربعة صورة مختصرة عن أحد أسماء الله تعالى.
ثمّ إنّ موضوع إحلال الصياغات المختصرة محلّ الصياغات المفصّلة للكلمات كان أمرا رائجا من قديم الزمان ، وإن حصل مثل هذا في عصرنا أيضا بشكل أوسع ، حيث اختصرت الكثير من العبارات الطويلة ، وكذا أسامي المؤسسات أو الهيئات في كلمة قصيرة أو أحرف معدودة .
على أن ثمّة نقطة تستحق التنويه بها هنا ، وهي أنّ التفاسير والتحاليل المختلفة عن «الحروف المقطعّة» لا تتنافي ولا تتناقض فيما بينها ، ويمكن أن تكون جميع التفاسير بطونا مختلفة من بطون القرآن.
ثمّ يقول تعالى في الآية اللاحقة : {كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} .
و «الحرج» في اللغة يعني الشعور بالضيق وأي نوع من أنواع المعاناة ، والحرج في الأصل يعني مجتمع الشجر الملتفّ أوّلا ثمّ المنتشر ، وهو يطلق على كل نوع من أنواع الضيق .
إنّ العبارة الحاضرة تسلّي النّبي صلى الله عليه وآله وسلم وتطمئن خاطره بأنّ هذه الآيات نازلة من جانب الله تعالى فيجب أن لا يشعر صلى الله عليه وآله وسلم بأيّ ضيق وحرج ، لا من ناحية ثقل الرسالة الملقاة على عاتقه ، ولا من ناحية ردود فعل المعارضين والأعداء الألدّاء تجاه دعوته ، ولا من ناحية النتيجة المتوقعة من تبليغه ودعوته.
هذا ويمكن إدراك المشكلات التي كانت تعرقل حركة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم إدراكا كاملا إذا عرفنا أن هذه السورة من السور المكّية ، ونحن وإن كنّا نعجز عن تصوّر جميع الجزئيات والتفاصيل المرتبطة بحياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحبه في المحيط المكي ، وفي مطلع الدّعوة الإسلامية ، ولكن مع الالتفات إلى حقيقة أن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم كان عليه أن يقوم بنهضة ثورية في جميع المجالات والأصعدة في تلك البيئة المتخلفة جدا وفي مدّة قصيرة ، يمكن أن نتصور على نحو الإجمال أبعاد وأنواع الصعاب التي كانت تنتظره .
وعلى هذا الأساس يكون من الطبيعي أن يعمد الله سبحانه إلى تسلية النّبي وتطمينه بأن لا يشعر بالضيق والحرج ، وأن يطمئنّ إلى نتيجة جهوده.
ثمّ يضيف تعالى في الجملة اللاحقة أن الهدف من نزول هذا الكتاب العزيز هو إنذار الناس وتحذيرهم من عواقب نواياهم وأعمالهم الشريرة ، وتذكير المؤمنين الصادقين ، إذا يقول : {لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ} (2) .
هذا ومجيء قضية «الإنذار» في صورة الأمر العام الموجّه للجميع ، واختصاص «التذكير» بالمؤمنين خاصّة ، إنّما هو لأجل أنّ الدعوة إلى الحق ، ومكافحة الانحرافات يجب أن تتمّ بصورة عامّة وشاملة ، ولكن من الواضح أنّ المؤمنين هم وحدهم الذين ينتفعون بهذه الدعوة ، أولئك الذين تتوفر لديهم أرضيات مستعدّة لقبول الحق ، وقد أبعدوا عن أنفسهم روح العناد واللجاج وسلّموا أمام الحقائق .
وقد جاءت هذه العبارة بعينها في مطلع سورة البقرة إذا يقول تعالى : {ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (وللمزيد من التوضيح راجع تفسير الآية ٢ من سورة الحمد) .
ثمّ إنّه سبحانه يوجه خطابه إلى عامّة الناس يقول : {اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْرَبِّكُمْ} وبهذا الطريق يكون قد بدأ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومهمّته ورسالته ، وانتهى بوظيفة الناس وواجبهم تجاه الرسالة.
وللتأكيد يضيف سبحانه قائلا : {وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} فلا تتبعوا غير أوامر الله ، ولا تختاروا وليا غير الله .
وحيث إنّ الخاضعين للحق والمذكرين قليلون ، لذا قال في ختام الآية : {قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ} .
ومن هذه الآية يستفاد أنّ الإنسان يواجه طريقين (أو خيارين) إمّا القبول بولاية الله وقيادته ، وإمّا الدخول تحت ولاية الآخرين ، فإذا سلك الطريق الأوّل كان الله وليّه ، وأمّا إذا دخل تحت ولاية الآخرين فإن عليه ـ حينئذ ـ أن يخضع في كل يوم لواحد من الأرباب ، وأن يختار ربّا جديدا .
وكلمة «الأولياء» التي هي جميع «ولي» إشارة إلى هذا المعنى .
___________________________
1. تفسير الأمثل ، ج4 ، ص 298-300 .
2. وعلى هذا الأساس فإن جملة «لتنذر» تتعلق بـ «أنزل» وليس بجملة «فلا يكن» ولعل جعل هذه الجملة (أي جملة لتنذر) بعد جملة «فلا يكن في صدرك حرج» لأجل أنّه يجب أوّلا إعداد النّبي في طريق الدعوة ، ثمّ اقتراح الهدف وهو الإنذار عليه (تأمل جيدا).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|