أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-4-2016
5316
التاريخ: 7-2-2019
2387
التاريخ: 10-4-2016
3211
التاريخ: 10-4-2016
3464
|
وانصع امثلتها خطبتها الشهيرة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه واله)، فلما اُوصدت الابواب امامها وحيل بينها وبين اخذ حقها، واجمع ابو بكر على منعها (عليها السلام) فدكاً «لاثت خمارها على رأسها واقبلت في لمّة من حفدتها تطأ ذيولها ما تخرم من مشية رسول الله (صلى الله عليه واله) شيئاً، حتى دخلت على ابي بكر وهو في حشد من المهاجرين والانصار فنيطت دونها ملاءة، ثم أنّت أنّةً اجهش القوم لها بالبكاء وارتج المجلس، فأمهلت حتى سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم، فافتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله (صلى الله عليه واله) فعاد القوم في بكائهم، فلما امسكوا عادت في كلامها.
فقالت: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] ، فان تعرفوه تجدوه ابي دون آبائكم واخا ابن عمي دون رجالكم فبلغ النذارة (اي الانذار) صادعاً بالرسالة (اي مجاهراً بها) ، مائلاً عن مدرجة المشركين (اي عن مسلكهم) ، ضارباً لثبجهم، آخذاً بكظمهم، يهشم الاصنام، وينكث الهام، حتى هزم الجمع وولوا الدبر، وتغرى الليل (أي اسفر) عن صبحه ، وأسفر الحق عن محصنه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين، وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة (اي جرعة) الشارب ، ونهزة (فرصة) الطامع ، وقبسة العجلان، وموطىء الاقدام.
تشربون الطرق، وتقتاتون الورق، أذلة خاسئين، تخافون ان يتخطفكم الناس من حولكم، فانقذكم الله برسوله (صلى الله عليه واله) بعد اللتيا والتي، وبعد ما منى بهم الرجال، وذؤبان العرب (اي لصوصهم ومردتهم) ، ومردة اهل الكتاب، كلما حشوا (اوقدوا) ناراً للحرب اطفأها ] الله [ ، ونجم (ظهر) قرن للضلال ، وفغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها.
فلا ينكفىء (يرجع) حتى يطأ صماخها بأخمصه، ويخمد لهبها بحده مكدوداً في ذات الله قريباً من رسول الله، سيداً في أولياء الله، وانتم في بلهنية وادعون آمنون.
حتى اذا اختار الله لنبيه دار انبيائه ظهرت خلة النفاق وسمل (رثّ) جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين، ونبع خامل الآفلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه، صارخاً بكم فوجدكم لدعائه مستجيبين، وللغرة فيه ملاحظين، فاستنهضكم فوجدكم خفافاً، واجمشكم فألفاكم غضاباً، فوسمتم (اي علّمتم) غير إبلكم، وأوردتموها غير شربكم.
هذا والعهد قريب، والكلم رحيب (اي الجرح واسع)، والجرح لما يندمل (يلتئم)، انما زعمتم خوف الفتنة الا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين، فهيهات منكم، وانى بكم، وانى تؤفكون، وهذا كتاب الله بين اظهركم وزواجره بينة، وشواهده لائحة، واوامره واضحة، أرغبة عنه تدبرون ؟ ام بغيره تحكمون ؟ بئس الظالمين بدلاً (ومن يبتغِ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).
ثم لم تريثوا الاريث أن تسكن نغرتها، تشربون حسواً وتسرون في ارتغاء، ونصبر منكم على مثل حزّ المدى، وانتم الآن تزعمون أن لا ارث لنا، أفحكم الجاهلية تبغون {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]، ويها معشر المهاجرين أأبتز إرث ابي؟ يابن ابي قحافة، أفي الكتاب أن ترث أباك ولا ارث ابي ؟ لقد جئت شيئاً فرياً فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولكل نبأ مستقر، وسوف تعلمون.
ثم انحرفت الى قبر النبي (صلى الله عليه واله) وهي تقول :
قد كان بعدك انباء وهنبثة *** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
انا فقدناك فقد الارض وابلها *** واختل قومك فاشهدهم ولا تغب
قال : فما رأينا يوماً اكثر باكياً ولا باكية من ذلك اليوم».
روى ابن ابي الحديد باسناده «لما سمع ابو بكر خطبتها شقّ عليه مقالتها، فصعد المنبر، وقال : ايها الناس ما هذه الرعة الى كل قالة ! أين كانت هذه الأماني في عهد رسول الله (صلى الله عليه واله)، ألا من سمع فليقل، ومن شهد فليتكلم، انما هو ثعالةٌ شهيدهُ ذنبهُ، مُرِبّ لكل فتنة، هو الذي يقول : كرّوها جذعة بعدما هرمت، يستعينون بالضعفة، ويستنصرون بالنساء، كأم طحال أحب اهلها اليها البغي، ألا اني لو أشاء ان اقول لقلت، ولو قلت لبحت، اني ساكت ما تركت.
ثم التفت الى الانصار، فقال : قد بلغني يامعشر الانصار مقالة سفهائكم، وأحق ممن لزم عهد رسول الله (صلى الله عليه واله) انتم فقد جائكم فآويتم ونصرتم، ألا أني لست باسطاً يداً ولا لساناً على من لم يستحق ذلك منا، ثم نزل، فانصرفت فاطمة (عليه السلام) الى منـزلها.
قلت : قرأتُ هذا الكلام على النقيب ابي يحيى جعفر بن يحيى بن زيد البصري، وقلت له : بمن يعرّض ؟ فقال : بل يصرح، قلت : لو صرح لم اسألك، فضحك، وقال : بعلي بن ابي طالب (عليه السلام)، قلت : هذا الكلام كله لعلي يقوله ! قال : نعم، انه المُلك يا بني، قلت : فما مقالة الانصار ؟ قال : هتفوا بذكر علي (عليه السلام) فخاف من اضطراب الامر عليهم، فنهاهم، فسألته عن غريبه، فقال : اما الرعة بالتخفيف، اي الاستماع والاصغاء، والقالة : القول، وثعالة : اسم الثعلب، علم غير مصروف، مثل ذؤالة للذئب، وشهيده : ذنبه، اي لا شاهد له على ما يدعي الا بعضه وجزء منه، وأصله مثلٌ، قالوا : ان الثعلب اراد ان يغري الاسد بالذئب، فقال : انه قد أكل الشاة التي كانت قد أعددتها لنفسك، وكنت حاضراً، قال : فمن يشهد بذلك ؟ فرفع ذنبه وعليه دم، وكان الاسد قد افتقد الشاة فقبل شهادته، وقتل الذئب، ومرب : ملازم أرب بالمكان، وكروها جذعة : أعيدوها الى الحال الاولى، يعني الفتنة والهرج، وام طحال : امرأة بغي في الجاهلية، ويضرب بها المثل، فيقال : أزنى من ام طحال».
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|