اعلم أن الزيادة فى الكلمة عن الفاء والعين واللام: إمَّا أن تكون لإفادة معنى، كفرَّح بالتشديد من فرح، وإمَّا لإلحاق كلمةٍ بأخرى، كإلحاق قُرْدُد (اسم جبل) بجعفر، وجَلْبَبَ بِدَحْرَجَ.
ثم هى نوعان:
أحدهما: ما يكون بتكرير حرف أصلى لإلحاق أو غيره، وذلك إما أن يكوت بتكرير عين مع الاتصال، نحو قَطَّع، أو مع الانفصال بزائد، نحو: عَقَنْقَل، بمهملة وقافين بينهما ساكن مفتوح ما عداه: للكثيب العظيم من الرمل.
أو بتكرير لام كذلك، نحو جلْبَبَ وجِلْباب، أو بتكرير فاء وعين مع مباينة اللام لهما، نحو مَرْمَرِيس، بفتح فسكون ففتح فكسر: للداهية، وهو قليل. أو بتكرير عين ولام مع مباينة الفاء، نحو صَمَحْمَح بوزن سفَرْجَل: للشديد الغليظ. وأما مكرر الفاء وحدها كقَرقَف وسُندس، أو العين المفصولة بأصل، كحَدْرد بزنة جعفر اسم رجل، أو العين والفاء فى رُباعىّ كسِمْسِم فأصلىّ، فلو تكرر فى الكلمة حرفان وقبلهما حرف أصلىٌ كصَمَحْمَحٍ وَسَمَعْمَعٍ: لصغير الرأس، حُكم بزيادة الضعفين الأخرين (لكون الكلمة استوفت بما قبلهما أقلَّ الأصول).
ثانيهما: ما لا يكون بتكرير حرف أصلىّ، وهذا لا يكون إلا من الحروف العشرة، المجموعة فى قولك: "سألتمونيها". وقد جمعها ابن مالك فى بيت واحد أربع مرَّات، فقال:
هَنَاءٌ وَتَسْلِيمٌ، تَلاَ يَوْمَ أنْسِهِ نِهَايَةُ مَسْئُولٍ، أمَانٌ وَتَسْهِيلُ
وقد تكون الزيادة واحدة، وثنْتين، وثلاثا، وأربعا.
ومواضعها أربعة؛ لأنها إما قبل الفاء، أو بين الفاء والعين، أو بين العين واللام، أو بعد اللام، ولا يخلو إذا كانت متعددةً من أن تقع متفرقة أو مجتمعة.
فالواحدة قبل الفاء نحو: أصبع وأكرم.
وبين الفاء والعين، نحو: كاهل، وضارب.
وبين العين واللام نحو: غَزال.
وبعد اللام كحُبْلَى.
والزيادتان المتفرّقتان بينهما الفاء، نحو: أجادل.
وبينهما العين: كعاقول.
ص103
وبينهما اللام: نحو قُصَيْرَى؛ أى الضلَع القصيرة.
وبينهما الفاء والعين: نحو إعصار.
وبينهما العين واللام: نحو: خَيْزَلَى، وهى مِشية فيها تثاقل.
وبينهما الفاء والعين واللام، نحو: أجْفَلَى للدعوة العامة.
والمجتمعتان قبل الفاء: نحو: منطلق.
وبين الفاء والعين، نحو: جواهر.
وبين العين واللام، نحو: خُطّاف.
وبعد اللام نحو: عِلباء.
والثلاث المتفرقات، نحو: تماثيل.
والمجتمعة قبل الفاء، نحو: مستخرج.
وبين العين واللام، نحو: سَلاليم.
وبعد اللام نحو: عنفوان.
واجتماع ثنتين وانفراد واحدة، نحو: أفْعُوَان.
والأربع المتفرقات، نحو: احميرار، مصدر احمارَّ، ولا توجد الأربع مجتمعة.
وأدلة الزيادة تسعة:
الأول: سقوط بعض الكلمة من أصلها، كألف ضارب، وألف وتاء تَضَارَبَ من الضرب، فما عدا الضاد والراء والباء: حُكْمه الزيادة.
الثانى: سقوط بعض الكلمة من فرع، كنُونَىْ سُنبْل وحَنْظل، من أسبل الزرع، وَحَظِلت الإبل؛ أى خرج سُنْبُل الزرع، وتأذت الإبِل من أكل الحنظل، فنونهما زائدة؛ لسقوطها من الفرعين.
الثالث: لزوم خروج الكلمة عن أوزان نوعها لو حكمنا بأصالة حروفها، كنونى نَرْجِس، بفتح فسكون فكسر، وهُنْدَلِع بضم فسكون ففتح فكسْر: لبقلة، وتاءى تَنْضُب، بفتح فسكون فضم: اسم شجر، وتَنْفُل بفتح فسكون فضم: لولد الثعلب؛ لانتفاء هذه الأوزان فى الرُّباعىّ المجرَّد.
الرابع: التكلم بالكلمة رباعية مرة وثلاثية أخرى مَثَلا، كأيْطل (بفتحتين بينهما ساكن)، وإطْل (بكسر فسكون أو بكسرتين): للخاصرة.
الخامس: لزوم عدم النظير فى نظير الكلمة التى اعتبرتها أصلاً، كتُتْفُل بضمتين بينهما ساكن، فإنه وإن لم يترتب عليه عدم النظير لوجود فُعْلُل كبُرْثُن، لكن يترتب ذلك فى نظير تلك الكلمة، وهى تَتْفُل المفتوحة التاء فى اللغة الأخرى، إذ لا وجود "لفَعْلُل" بفتح فضم بينهما سكون، فثبوتُ زيادة التاء فى لغة الفتح لعدم النظير، دليلٌ على زيادتها فى لغة الضم، والأصل الاتحاد.
السادس: كون الحرف دالاً على معنى، كأحرف المضارعة وألفِ اسم الفاعل.
ص104
السابع: كونه مع عدم الاشتقاق فى موضع يلزم فيه زيادته مع الاشتقاق، كالنون ثالثة ساكنة غير مدغمة، بعدها حرفان، كوَرَنْتَل (بفتحات، بينهما نون ساكنة): للداهية، وشَرَنْبَث (بزنته): للغليظ الكفين والرجلين، وعَصَنْصَر (بفتح المهملات وسكون النون): اسم جبل؛ لأنها فى موضع لا تكون فيه مع المشتق إلا زائدة، كجَحَنفل (بزنته أيضًا) وهو الغليظ الشفة، من الجَحْفَلة، وهى لذى الحافر كالشفة للإنسان.
الثامن: وقوعه منها فى موضع تغلب زيادته فيه مع المشتق، كهمزة أرْنب وأفكَل، بفتحتين بينهما ساكن: للرِّعْدة، لزيادتها فى هذا الموضع مع المشتق، كأَحمر.
التاسع: وجوده فى موضع لا يقع فيه إلا زائدًا، كنونات حِنْطَأوٍ، بكسر فسكون ففتح فسكون: لعظيم البطن، وكنْتأو (بزنته)، لعظيم اللحية، وَسِنْدَأو وَقِنْدَأو بزنة ما تقدم: لخفيفها.
وزاد بعضهم عاشرًا - وهو الدخول فى أوسع البابين، عند لزوم الخروج عن النظير فيهما، نحو كَنَهْبُل، (بفتحتين فسكون فضم): شجر عظيم، (وقد تفتح باؤه)، فزنته بتقدير أصالة النون: "فَعَلُّل"، وبتقدير زيادتها "فَنَعْلُل" وكلاهما مفقود، غير أن أبنية المزيد أكثر، فيصار إليه.
[حروف الزيادة]
[الألف]
ويحكم بزيادة الألف: متى صاحبت أكثر من أصلين، كضارب وعماد، وحبلى.
[الواو]
ويحكم بزيادة الواو: متى صحبت أكثر من أصلين ولم تتصدر، ولم تكن كلمتها من باب سمسم، كمحمود وبويع، بخلاف نحو: سوط، و "وَرَنْتَل" و "وعوعة".
[الياء]
ويحكم بزيادة الياء: متى صحبت أكثر من أصلين، ولم تتصدر سابقةً أكثَر من ثلاثة أصول، ولم تكن كلمتها من باب سمسم، كيضرب فعلا، ويرمع اسمًا، بخلاف نحو: بيت، ويؤيؤ لطائر، ويستعور بزنة فعللول، كعضرفوط: اسم لدويبة.
[الميم]
ويحكم بزيادة الميم: متى سبقت أكثَر من أصلين، ولم تلزم فى الاشتقاق، كمحمود، ومسجد، ومنطلق، ومفتاح بخلاف نحو: مَهْدِ وَمِرْعِز (بكسرتين بينهما سكون): اسم لما لان من الصوف، فَإنّهم قالوا: ثوب ممرعز فأثبتوها فى الاشتقاق، واستدلوا بذلك على أصالتها، خلافًا لسيبويه القائل بزيادتها.
[الهمزة]
ويحكم بزيادة الهمزة: مصدَّرةً متى صحبت أكثر من أصلين، ومتأخرةً بشرط أن تُسبق بألف مسبوقة بأكثر من أصلين كأحفظ فعلاً، وأفضل اسمًا مشتقًا، وإصبع اسمًا جامدًا، وأفلُس جمعًا، وكحمراء وصحراء.
ص105
[النون]
ويحكم بزيادة النون: متطرفةَ إن كانت مسبوقة بألف مسبوقة بأكثر من أصلين، كسكران وغضبان، ومتوسطة بين أربعة أحرف إن كانت ساكنة غير مضعفة كغضنفر وقرنفل، أو كانت من باب الانفعال كانطلق ومنطلق، أو بدأتْ المضارعَ.
[التاء والسين]
ويحكم بزيادة التاء: فى باب التفعُّل كالتدحرج، والتفاعل كالتعاون، والافتعال كالاقتراب، والاستفعال كالاستغراب والاستغفار، وهو الموضع الذى يحكم فيه بزيادة السين. أو كانت التاء فى التفعيل أو التفعلل، أو كانت للتأنيث كقائمة، أو بدأت المضارعَ.
وتزاد التاء سَمَاعًا فى نحو ملكوت وجبروت ورَهَبُوت وعنكبوت.
وتزاد السينَ سماعًا فى قُدمُوس بزنة عصفور للإلحاق به.
[الهاء واللام]
وزيادة الهاء واللام قليلة: ومثَّلوا للهاء بقولهم أهراق فى أراق، وبأمهات فى جمع أم. ومَن مثَّل لها بهاء السكت رُدَّ عليه بكونها كلمة مستقلة. ومثَّلوا للأَّم بطيسل وزيدل وعبدل، والأصل طيس وهو الكثير، وزيد وعبد، ومن مثَّل لها بلام ذلك وتلك، رُدَّ عليه بردّ هاء السكت.
ص106