أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-01-2015
3711
التاريخ: 10-02-2015
3991
التاريخ: 25-01-2015
3207
التاريخ: 30-01-2015
3865
|
ومن هنا لابد لنا في تفسير الاحداث التأريخية من محاولة ربطها بسلسلة من الشروط والوقائع المترابطة. فالحرب الابتدائية مثلاً لا تكون عادلة ما لم يكن قائدها بطلاً عارفاً بالله سبحانه او معصوماً، والثورات السياسية لا نستطيع فهم ابعادها ما لم نفهم الشخصيات التي تحركها من وراء الستار. فالشرطية والعلّية هنا تسلطان ضوءً على معرفة الحدث التأريخي وفهم دوافعه التأريخية. وهنا لابد من ترتيب النقاط التالية:
1 - القضية الشرطية في الحدث التأريخي، وهي القضية التي يتحدد جزاؤها متى ما تحقق شرطها مثل {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} [الرعد: 11] وهذا هو الجزاء{حتّى يُغَيِّروا ما بأنفُسِهِم} وهذا هو الشرط. اما بخصوص المعركة فنقول ان بطولة الامام (عليه السلام) وتفانيه في معارك الاسلام كانت شرطاً للنصر. فالبطولة في (ذات السلاسل) كانت شرطاً، والنصر كان جزاءً لذلك الشرط.
2 - قضية العلّية في الحدث التأريخي، وهي ان تفاني علي (عليه السلام) في المعركة وذوبانه في الله كان علّة لهزيمة المشركين واذلالهم. وهذه علّة تامة، تشتمل عى جميع ما يتوقف عليه وجود المعلول، بحيث لا يبقى للمعلول معها الا ان يوجد.
3 - قضية تجميع وحدات بناء الحقيقة التأريخية وحده وحدة حتى يمكن فهم العلاقات الطبيعية بين كل مصداق من مصاديق تلك الصورة الكلية. فمن اجل ادراك مغزى الحادثة التأريخية او فهم الدوافع التي حركتها لابد من اشتراكنا في تصورها مع الابطال الذين صنعوها في آمالهم ومشاعرهم وصدق احاسيسهم.
ومن تلك القدرات الذهنية التي نبذلها في فهم التأريخ، نستطيع ان نربط العوامل التأريخية بعضها ببعض بصورة عقلائية ونخرج بعدها بتصور أقرب الى الواقع عما حدث. والموضوعية هنا ممكنة، بل حتمية من اجل استمرار فهم صادق للتأريخ. ذلك ان الصفات والتفاسير اذا كانت حقيقية، كان العمل التأريخي اقرب الى الموضوعية.
ولو وضعنا «ذات السلاسل» في الميزان الموضوعي، وربطنا تفاني الامام (عليه السلام) وبطولته في المعارك الكبرى السابقة، لجاءت هذه المعركة في موضعها الصحيح. فصفات الامام (عليه السلام) الدينية والاخلاقية والعسكرية كانت متطابقة تماماً مع شروط تلك الواقعة العظيمة.
ان ماكنة تزوير التأريخ حاولت حذف واقعة ذات السلاسل لان الدوافع السياسية للسلاطين وكتّاب التأريخ كانت متضافرة في محاولة محو المثالياتالدينية عند الامام (عليه السلام). ومع ان كفّة كتّاب تأريخ السلاطين قد رجحت _ تأريخياً _ على كفّة كتّاب تأريخ الحق، فحذفوا النصوص ومسحوا البراهين والدلائل التي دلّت على وقوع ذلك الحدث التأريخي الخطير. الا ان الصحف القليلة التي كُتبت فيها الحقيقة بقيت تتداولها الايدي الامينة وتحافظ عليها بسفك المهج. لقد انحرف مؤرخو السلاطين عن الجادة عندما تخلوا عن موضوعيتهم ونزاهتهم في عرض الحقائق التأريخية عرضاً مجرداً عن الدوافع السياسية.
وبالاجمال، لو سُئلنا: كيف استطاعت الماكنة الاعلامية تزوير التأريخ وحذف تلك الواقعة العظيمة، التي كانت اشهر مواقفه (عليه السلام) مع النبي (صلى الله عليه واله)، من صحائف التأريخ؟ وما هي اهدافها؟
لقلنا: ان الارضية التي تُفسَّر بها احداث التأريخ لها اهدافٌ سياسية. فالتحريف الذي يحصل في الاحداث التأريخية يرجع الى فكرة تغير العلّية التأريخية. وبمعنى اوضح ان الاحداث تؤخذ بلحاظ الظروف التأريخية التي مرت بالحادثة ذاتها، ولا تؤخذ بالظروف التي يعيشها الناس بعد مئات السنين. ذلك ان قراءة التأريخ يعني قراءة لعلل تلك الفترة الزمنية التي نقرأ أحداثها.
وبالنتيجة، فان حذف حدث تأريخي من كتب التأريخ، سيولّدُ شكوكاً في مصداقية ذلك الحدث بعد مئاتٍ من السنين. وكان هذا هو الهدف الذي سعى من اجله السلاطين والخلفاء، وهو حذف فضائل امير المؤمنين (عليه السلام) من كتب التأريخ، حتى لا يتسنى للذين يأتون من بعده من الاجيال المتلاحقة تصديق تلك الاحداث المتصلة بفضائله ومعجزاته (عليه السلام).
بين فرص الحرب والرغبة في القتال:
هناك علاقة متينة بين فرص الحرب وبين الرغبة في القتال. وقد لاحظنا تلك العلاقة بصورة جلية في مقدمات معركة ذات السلاسل. فما هو دور تلك العلاقة في الصراع بين الشرك والايمان؟ تعني «فرص الحرب» امكانية تحقيق التحام عسكري بين الطرفين المتحاربين. اما «الرغبة في القتال» فهي تتعلق بارادة الانسان المحارِب بوضع نفسه في خدمة اهداف الحرب، فلا يكترث حينئذٍ بالقتل او الجرح او تكبد الخسارة. فقد يذهب الفرد الى المعركة ولكن ليست لديه الرغبة في القتال. لانه قد يؤمِّل نفسه بضعف احتمالية تحقيق الالتحام العسكري بين الطرفين.
ولذلك، فان أي موقف سلبي يلمسه من قبل العدو _ كشراسة الاعداء وحسن عدتهم وكثرتهم _ يجعله يتلمس الاعذار للهروب من ساحة المعركة والفرار صوب الامان والحفاظ على النفس. وهذا ما حصل للذين ذهبوا الى المعركة قبل علي (عليه السلام). اما البطل المقدام الذي كان يحارب في سبيل الله، فانه ما ان لبس لامة الحرب، حتى بنى في نفسه وعقله رغبة جامحة في الاقتحام والمقاتلة والموت في سبيل الله تعالى. وهذا ما قام به علي (عليه السلام) في تلك المعركة.
فالرغبة في القتال، اذن، لها علاقة بالدوافع والاهداف التي يمتلكها المحارِب حيث يختار الحرب كبديل رئيسي لتحقيق الهدف. ومن هنا نرى اقتحام الامام (عليه السلام) لتحصينات العدو في ذات السلاسل كان اقتحاماً سريعاً كلمح البصر تموّنه شعلة الرغبة للقتال والتحرق لمواجهة اعداء الله. بحيث انعَدْوه السريع اعنف بهم، فخافوا ان ينقطعوا من التعب وخافوا ان تحفى دوابهم قبل ان يصلوا الى عدوهم. ولكن الرغبة الجامحة في قتال المشركين، والموت في سبيل الله كان يقوي فرص الحرب عند علي (عليه السلام) من اجل الالتحام بين جيشي المسلمين والمشركين.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|