أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-04-2015
2919
التاريخ: 26-10-2014
1331
التاريخ: 5-10-2014
1540
التاريخ: 5-10-2014
1402
|
إذا كان الإسلام يشترط أن يكون الوالي والحاكم والقاضي رجلاً فليس لأجل أنّه يريد الحطّ من كرامة المرأة والتقليل من شأوها وشأنها ، أو احتقارها ، إنّما يقوم بهذا العمل مراعاةً للظروف والنواحي الطبيعيّة في المرأة والخصائص التكوينيّة التي تقتضي مثل هذا التفاوت في موضوع الرئاسة العليا ، كما أنّ مبدأ توزيع المسؤوليات الاجتماعيّة وتقسيم الوظائف حسب الإمكانيات يقتضي من جانب آخر إيكال كلّ مسؤوليّة ووظيفة إلى من يمكنه ـ بحكم طبيعته ـ القيام بها ، وأدائها.
وحيث إنّ ( المرأة ) انسانة عاطفية أكثر من الرجل ، لذلك ، فهي قد اعفيت في ـ منطق الإسلام ـ من المسؤوليّات الشاقة والواجبات الثقيلة ، وأوكل كلّ ذلك إلى ) العنصر الرجاليّ ) باعتباره قادراً ـ بحكم خلقته وصلابة تكوينه ـ على القيام بالأعمال الخشنة والمهمّات الثقيلة العبء ، ولذلك أُنيطت إليه الرئاسة العليا للاُمّة والبلاد لكونها أثقل المسؤوليّات الاجتماعيّة وأشدّها وطأةً ... فيما حظر على المرأة التصدي لها ... وتحمّلها.
فكما أنّ الرجل لا يصلح للاُمور المحتاجة إلى مزيد من العاطفة كالاُمومة والتربية ، فكذلك لا تصلح المرأة للاُمور التي تحتاج إلى مزيد من الصلابة كالقيادة والزعامة.
وهذا أمر أثبتته التجارب ... فقد دلّت على عدم استعداد المرأة لخوض هذا الميدان بنفسها.
إنّ ( المرأة ) حسب نظر القرآن الكريم إنسانة ظريفةُ الإحساس ، لطيفةُ المشاعر ولذلك ، فهي تتناسب حسب حكاية القرآن عنها ـ مع الزينة والحليّ ، لا مع النواحي الخشنة من الحياة البشريّة ، فليس للمرأة في مقام الجدل والمناقشة منطق قويّ ، وموقف صلب ، لأنّها بحكم طبيعتها ومشاعرها العاطفيّة الطاغية ، ميّالة إلى الزينة ميالة إلى العيش فيها إذ يقول : { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} ( الزخرف : 18)
فالآية تستنكر على المشركين جعلهم البنات لله واختيارهم الذكور ..
يقول العلاّمة الطباطبائيّ في تفسير الميزان : ( قوله تعالى : { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } ، أي ؛ وجعلوا لله سبحانه من ينشأ في الحلية ، أي يتربى في الزينة ، وهو في المخاصمة والمحاجّة غير مبين لحجّته ، لا يقدر على تقدير دعواه.
وإنّما ذكر هذان الوصفان لأنّ المرأة بالطبع أقوى عاطفةً ، وشفقةً ، وأضعف تعقّلاً بالقياس إلى الرجل ، وهو بالعكس ، ومن أوضح مظاهر قوّة عواطفها ؛ تعلّقها الشديد بالحلية والزينة وضعفها في تقرير الحجّة المبنيّ على قوّة التعقّل ) (1).
إنّ الأدلّة الإسلاميّة ( سنّةً وسيرةً وإجماعاً ) تقتضي بأنّ المرأة لا يجوز لها أن تتصدّى لفصل الخصومات والقضاء وهو شعبة صغيرة من شُعب الإمارة ، وما ذلك إلاّ لعدم قدرتها على الاستقامة والثَّبات أمام المؤثّرات القويّة التي تعترض القضاة غالباً ، وعجزها عن التزام جانب الحقّ بعيداً عن العاطفة ، والتأثير العاطفيّ. فعن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) عن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) أنّه قال : « يا عليّ ... ليس على النساء ... ولا تولي القضاء » (2).
وقال الإمام عليّ (عليه السلام) في وصية لابنه الحسن (عليه السلام) كتبها له بحاضرين : « ولا تملكُ المرأةُ ما جاوز نفسها فإنَّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة » (3)
ومن المعلوم ؛ أنّ القضاء هو أحد الاُمور الخارجة عن شؤونها ... الخارجة عن حيطة قدرتها
وأمّا السيرة العمليّة فلم يعهد من النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) طيلة حياته أن أعطى امرأة منصب القضاء ، ونصب منهنّ قاضيةً تفصل بين الخصومات (4)
رغم وجود طائفة من النساء ذوات علوم ومحاسن أخلاق.
بل لم يفعل ذلك حتّى الأمويّون والعباسيّون الذين ولُوا أمر الاُمّة الإسلاميّة أكثر من خمسمائة سنة رغم أنّهم ولّوا كثيراً من عبيدهم وغلمانهم وقلّدوهم المناصب الرفيعة (5)
وأمّا إجماع العلماء فهو أوضح من أن يخفى على أحد ، فقد أجمع علماء الإماميّة كلّهم على عدم انعقاد القضاء للمرأة وإن استكملت جميع الشرائط الاُخرى ، ووافقهم على ذلك طائفة من علماء الطوائف الإسلاميّة الاُخرى كالشافعي (6)
قال ابن قُدامة في المغني : ( إنّ المرأة ... لا تصلح للإمامة العظمى ولا لتولية البلدان ، ولهذا لم يولّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأةً قضاءاً ولا ولاية بلد فيما بلغنا ، ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالباً ) (7)
وقال الشيخ الطوسيّ في « الخلاف » : لا يجوز أن تكون امرأة قاضيةً في شيء من الأحكام وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : يجوز أن تكون قاضيةً في كلّ ما يجوز أن تكون شاهدةً فيه ، وهو جميع الأحكام إلاّ الحدود والقصاص ، وقال ابن جرير : يجوز أن تكون قاضيةً في كلّ ما يجوز أن يكون الرجل قاضياً فيه ، لأنّها تُعدّ من أهل الاجتهاد.
ثمّ استدل على المنع بقوله : إنّ جواز ذلك يحتاج إلى دليل لأنّ القضاء حكم شرعيّ ، فمن يصلح له يحتاج إلى دليل شرعيّ وروي عن النبيّ أنّه قال : « لا يفلح قوم وليتهم امرأة » (8)
فإذا كان تولّي القضاء محظوراً على المرأة وهو ليس إلاّ شعبةً محدودةً من شعب الزعامة والولاية ، كان حظر تولّي الرئاسة العليا للبلاد والتي يأخذ الرئيس والحاكم الأعلى بموجبها بمقادير الاُمّة ؛ بطريق أولى.
وقد دلّت على حظر تولّي الولاية والحكم على المرأة أحاديث كثيرة منها :
عن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) أنه قال : « لا يفلح قوم وليتهم امرأة » (9)
ورواه الترمذيّ بنحو آخر هو : « لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة » (10)
كما رواه ابن حزم بكيفيّة أُخرى هي : « لا يُفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة » (11)
وذكره ابن الأثير في النهاية « ما أفلح قوم قيّمهم امرأة » (12)
وفي المستند : « لا يصلُح قوم وليتُهُم امرأة » (13)
وعن أبي هريرة عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) أنّه قال : « إذا كان أُمراؤُكُم شراركُم ، وأغنياؤكم بخلاءكم ، واُموركم إلى نسائكم ، فبطن الأرض خير لكم من ظهورها » (14)
وهذا وقد جمع الإمام الباقر محمّد بن عليّ (عليه السلام) الحظر عن الأمرين ( القضاء والحكومة ) في حديث واحد إذ قال : « ليس على النساء أذان ولا إقامة »
إلى أن قال : « ولا تولَّى المرأة القضاء ولا تولَّى الإمارة » (15)
إلى غيرها من الأحاديث والروايات المتضافرة مضافاً إلى السيرة العمليّة. بل وروح الشريعة الإسلاميّة المتمثّلة في الحفاظ على شرف المرأة وكرامتها ومكانتها الحقيقية الطبيعيّة ، ومضافاً إلى سعي الشريعة الإسلاميّة للحفاظ على الأخلاق الاجتماعيّة وسلامة أمر الاُمّة بإشاعة جوّ التقوى ؛ وذلك يستلزم بأن تُصان المرأة من الظهور على المسرح السياسيّ في أعلى مستوياته لما في ذلك من أخطار لا تخفى.
ولابدّ في الأخير من الإشارة إلى أمرين هامّين :
الأوّل : أنّ عدم السماح للمرأة بتولّي القضاء والولاية ليس بخساً لحقّها ، أو حطّها من كرامتها أو حرماناً لها من حقّها ، بل رفع لمسؤوليّة ثقيلة جداً عن كاهلها ، ووضعها في الموضع الصحيح لها في تركيبة الحياة الاجتماعيّة المستقيمة السويّة ، وفي الحقيقة إيكال ما هو مناسب لها إليها ، ممّا يكون متناسباً مع تركيبتها العاطفيّة الرقيقة ألا وهو تربية الأولاد وتثقيفهم ، وتعليمهم مالهم وما عليهم من الشؤون والوظائف الاجتماعيّة ، كما لها أن تقوم بما هو دون الولاية من قبيل التصدّي للتعليم والتمريض والخياطة والطبابة وما سواها من الشؤون والأعمال الاجتماعيّة.
يقول العلاّمة الطباطبائيّ في تفسير الميزان : ( وأمّا غيرها ( أي الولاية والقيادة ) من الجهات كجهات التعلّم والتعليم والمكاسب والتمريض والعلاج وغيرها ممّا لا ينافي نجاح العمل فيها مداخلة العواطف فلم تمنعهنّ السنّة ، والسيرة النبويّة تُمضي كثيراً منها ، والكتاب أيضاً لا يخلو من دلالة على إجازة ذلك في حقّهنّ ، فإنّ ذلك لازم ما أُعطين من الحريّة والإرادة والعمل في كثير من شؤون الحياة ) (16)
ثمّ في الجوّ الإسلاميّ الذي يوجده الإسلام بتعاليمه ونظامه يتّخذ أعمال المسلم والمسلمة صفة العبادة الشرعيّة ويتحلّى بقداسة لا يماثلها شيء في غير المجتمع الإسلاميّ. ولذلك فإنّ ما أُعطيت المرأة من المسؤوليّة تتّخذ صفة العبادة والقداسة ، وهذا يعني أنّ الإسلام أبدل عملاً بعمل آخر مع الاحتفاظ بالقيمة الشرعيّة ... فإذا أسقط عن المرأة الجهاد مثلاً ، جعل حسن تبعّلها جهاداً كالجهاد في سوح الحرب. فلا فضل لعمل على عمل مادام الهدف واحداً هو تحقيق أمر الله وإرادته وإطاعته فيما أراد.
وفي هذا الصدد يقول العلاّمة الطباطبائيّ في تفسير الميزان : ( انّ الإسلام لم يهمل أمر هذه الحرمات كحرمان المرأة من فضيلة الجهاد في سبيل الله دون أن يكون قد تداركها ، وجبر كسرها بما يعادلها عنده بمزايا وفضائل فيها مفاخر حقيقية ، كما أنّه جعل حسن التبعّل مثلاً جهاداً للمرأة (17) وهذه الاُمور التي هي مفاخر في نظر الإسلام أوشكت أن لا يكون لها عندنا ـ في ظرفنا الفاسد ـ قدر ، لكن الظرف الإسلاميّ الذي يقوّم الاُمور بقيمها الحقيقية ، ويتنافس فيه في الفضائل الإنسانيّة المرضية عند الله سبحانه ، وهو يقدّرها حقّ قدرها ، يقدّر لسلوك كلّ إنسان مسلكه الذي ندبه إليه ، وللزومه الطريق الذي خطّ له ؛ من القيمة ما يتعادل فيه أنواع الخدمات الإنسانيّة ، وتتوازن أعمالها فلا فضل في الإسلام للشهادة في معركة القتال والسماحة بدماء المهج ـ على ما فيه من الفضل ـ ، على لزوم المرأة وظيفتها في الزوجيّة وكذا لا فخار لوال يدير رحى المجتمع الحيويّ ، ولا لقاض يتكئ على مسند القضاء وهما منصبان ليس للمتقلِّد.
ـ بهما في الدنيا ـ لو عمل فيما عمل ، بالحقّ وجرى فيما جرى على الحقّ ـ إلاّ تحمّل أثقال الولاية والقضاء ، والتعرّض لمهالك ومخاطر تهدّدهما حيناً بعد حين في حقوق من لا حامي له إلاّ ربّ العالمين ... فأيّ فخر لهؤلاء على من منعه الدين من الورود موردهما ، وخطّ له خطّاً آخر ، وأشار إليه بلزومه وسلوكه ...
وخلاصة القول : أنّه ليس من المستبعد أن يُعظِّم الإسلام اُموراً نستحقرها ، أو يُحقّر اُموراً نستعظمها ونتنافس فيها ... ) (18)
الثاني : انّنا لا ننكر وجود نساء معدودات تمتَّعن بالقدرة على الإمرة ، وتحلَّين بالمنطق القويّ ، والفكر المتفوّق ... إلاّ أنّ وجود هؤلاء النسوة المعدودات لا يدلّ على قدرة العنصر النسويّ بعمومه على الإدارة والولاية ، والتحلّي بهذه الخصيصة ... وهل يمكن خرق القاعدة العامّة لعدة موارد شاذّة ؟ ونحن نعلم أنّ المقنّين يراعون عند وضع القوانين ، الأكثريّة الساحقة ، فهي الملاك في الخطابات القانونية ... وهي الملاك أيضاً في الخطابات الشرعيّة ... لا الأقليّة النادرة ... والأفراد المعدودون.
________________________
(1) الميزان 18 : 93.
(2) وسائل الشيعة 18 : 6 ( كتاب القضاء)
(3) نهج البلاغة : الرسائل الرقم (31)
(4) تفسير الميزان 5 : 347.
(5) راجع كتاب : رسالة بديعة في تفسير آية ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) من الصفحة 70 ـ 76 وهي رسالة مفصّلة في حكم تصدّي المرأة للقضاء والحكومة من نظر الكتاب والسنّة.
(6) راجع كتاب : رسالة بديعة في تفسير آية ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) من الصفحة 70 ـ 76 وهي رسالة مفصّلة في حكم تصدّي المرأة للقضاء والحكومة من نظر الكتاب والسنّة.
(7) المغني لابن قدامة 10 : 127.
(8) الخلاف ( كتاب آداب القضاء ) 2 : 230 المسألة (6)
(9) الخلاف ( كتاب آداب القضاء ) 2 : 230 المسألة (6)
(10) أخرجه الترمذيّ كما في جامع الاُصول 4 : 49 والنسائيّ أيضاً في سُننه : 8 ( كتاب آداب القضاء)
(11) الملل والأهواء 4 : 66 ، 67 ، ورواه في كنز العمال 6 : 11 وأسنده إلى البخاريّ وابن ماجة وأحمد بن حنبل ، وفي لفظهم ( لن يُفلح ) بدل (لا يُفلحُ)
(12) النهاية 4 : 135.
(13) المستند 2 ( كتاب القضاء ) : 519.
(14) الترمذيّ في سننه 4 ( كتاب الفتن ) : 529 و 530.
(15) الخصال2 : 373 ، البحار 103 : 254 ، الحديث 1.
(16) تفسير الميزان 5 : 347.
(17) لاحظ نهج البلاغة : الحكم (136) قال الإمام عليّ : « وجهاد المرأة حسن التَّبعّل
(18) تفسير الميزان 5 : 351 ـ 352.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|