أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
1503
التاريخ: 5-10-2014
5614
التاريخ: 13-02-2015
1371
التاريخ: 27-09-2015
1439
|
إنّ الشرائط المقوّمة للذمّة ( التي تنتفي الذمّة بانتفاء واحدة منها ) ثلاثة :
الأوّل : أن لا يفعلوا ما ينافي الأمان مثل العزم على حرب المسلمين ، أو إمداد المشركين والتواطؤ معهم ضدّ مصالح الإسلام والمسلمين.
الثاني : أن يلتزموا بأن تجري عليهم أحكام المسلمين ... بمعنى وجوب قبولهم لما يحكم به المسلمون من أداء حقّ أو ترك محرّم.
والمراد من الأحكام هي الأحكام الاجتماعيّة والجزائيّة ، كجلدهم إذا زنوا ، وقطع أيديهم إذا سرقوا وما شابه.
الثالث : القبول بدفع الجزية ... .
فهذه الشروط الثلاثة تعتبر من مقوّمات الذمّة ، وأمّا غير ذلك من الشروط فإنّما يجب العمل بها من جانبهم إذا اشترطت في ( عقد الذمّة ) (1) .
إنّ في مقدور الأقليّات الدينيّة ـ بعقد الذمّة ـ أن تعيش بين المسلمين عيشة حرّة ، ويكون لها ما للمسلمين وعليها ما على المسلمين ، من حقوق اجتماعيّة ، وأمن داخليّ ، وحماية خارجيّة ، وتلك هي وظيفة الحكومة الإسلاميّة أن توفّر ظروف العيش الآمن ، والاحترام المناسب للأقليّات الدينيّة ، والحفاظ على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم ، من دون أي عدوان وتجاوز وحيف ، هذا فيما إذا عمل أهل الكتاب وغيرهم بشرائط الذمّة والهدنة.
إنّ الإسلام يحترم دماء الكتابيّين الذين يعيشون في الذمّة وأعراضهم كما يحترم دماء المسلمين وأعراضهم دون فرق ، وتلك حقيقة لا تجد نظيرها في أي نظام غير النظام الإسلاميّ مهما كان إنسانيّاً ، ولهذا عندما يسمع الإمام عليّ (عليه السلام) بأنّ جماعة من البغاة أغاروا بأمر معاوية على (الأنبار) وهي إحدى مدن العراق ، واعتدوا على أهلها ، وأعراضهم وأموالهم ، نجده ينزعج غاية الانزعاج ويحزن غاية الحزن ، ويمضي في لومهم وشجبهم قائلاً ـ في أسف ظاهر ـ : « ولقد بلغني أنّ الرّجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة ، والاُخرى المعاهدة ، فينتزع حجلها ، وقلبها ، وقلائدها ورعاثها ، ما تمنع منه إلاّ بالاسترجاع ، والاسترحام ثمّ انصرفوا وافرين ما نال رجلاً منهم كلم ولا اريق منهم دم » !!
إنّ أعراض المسلمين والذميين عند الإمام عليّ (عليه السلام) من حيث الاحترام والحرمة بحيث يقول في شأن ذلك في ذيل العبارات السابقة : « فلو أنّ امرأً مُسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملُوماً ، بل كان به عندي جديراً » (2) .
إنّ القانون الإسلاميّ يقضي بأن تتكفّل الحكومة الإسلاميّة حماية الأقليّات الدينيّة ، وأعراضهم وأموالهم وكنائسهم ومعابدهم ، بحيث يمكنهم أن يؤدّوا شعائرهم الدينيّة بحريّة وأمان ، وفي الوقت الذي يدعو فيه الإسلام هذه الأقليّات وغيرها إلى اعتناق الإسلام ، لا يسمح بأن تعطّل حريّة الأقليّات في تعليم دينها لأبنائها.
إنّ الذمّيين أحرار ـ تماماً ـ من جهة ( القضاء ) فلهم أن يتحاكموا ـ في منازعاتهم واختلافاتهم الخاصّة ـ إلى محاكمهم الخاصّة ، أو إلى محاكم المسلمين وقضاتهم ، إن كان النزاع بينهم وبين مسلم ، وأن يدافعوا عن حقوقهم في محاكم المسلمين بمنتهى الحريّة والطمأنينة والحصانة (3)
إنّ للذمّي ـ حسب نظر الإسلام ـ أن يشتكي أمام قاضي المسلمين على أكبر شخصيّة إسلاميّة كالخليفة وحاكم البلاد ، أو يدافع عن نفسه إذا اشتكى عليه تلك الشخصيّة ، ويطالبه بالبيّنة لدعواه.
ولا يخفى أنّ هذه الأحكام ليست مجرّد نظريّة قانونيّة لم يعمل بها في تاريخ المسلمين وحياتهم ، بل لها نماذج ومصاديق مطبّقة أكثر من أن تحصى ، منها قضيّة الدعوة التي أقامها الإمام عليّ (عليه السلام) على رجل يهوديّ في قصّة الدرع التي ، مرّت عليك فيما سبق في هذا الكتاب (4) .
انّ تاريخ الإسلام المشرق يبيّن لنا أنّ علاقات المسلمين مع الشعوب والأقليّات الدينيّة كانت قائمة منذ ظهور الحكومة الإسلاميّة ، وحصول الاستقلال السياسيّ للمسلمين على اُسس التسامح والسلام والمحبّة والمعاشرة الإنسانيّة ، والمعاهدات المتبادلة ، ولهذا كانت تلك الأقليّات الدينيّة تعيش بين المسلمين بحريّة كاملة ، ودون أن يلحقها أي أذى أو سوء ، وتستفيد من حقوقها المُسلمة دون أي عدوان أو نقصان ، وهذا هو الأمر الذي جعلهم يفضّلون حكم الإسلام على غيره.
كما أنّ هذا هو الذي حدى بالكتاب المسيحيّين ومؤرّخيهم أن يعترفوا بفضل الإسلام وحسن سيرة المسلمين بالنسبة إلى أبناء دينهم ، لاحظ في ذلك ما قاله غوستاف لوبون.
وقال روبرتسون في كتابه تاريخ شارلكن : ( إنّ المسلمين وحدهم هم الذين جمعوا بين الجهاد والتسامح نحو أتباع الأديان الاُخرى الذين غلبوهم وتركوهم أحراراً في إقامة شعائرهم الدينيّة ) (5).
_________________________
(1) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 21 : 271.
(2) نهج البلاغة : الخطبة (26(
(3) لاحظ في ذلك الصفحة 464 من كتابنا هذا.
(4) راجع الصفحة 335 من كتابنا هذا.
(5) روح الدين الإسلاميّ : 411.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|