أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-12-2017
817
التاريخ: 3-08-2015
690
التاريخ: 24-12-2017
583
التاريخ: 31-3-2017
929
|
[انه بعد مراجعة نظرية الوحي النفسي التي تعني] أنّ الوحي القرآني لا علاقة له بالسماء، إنّما هو وحي نفسي نابع من ذات محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) [نجد ان] الأدلّة والوقائع التاريخيّة تناقض نظريّة الوحي النفسي ، وخلاصة هذا الجانب يُمكننا حصرها في ما يلي :
أ ـ إنّ أغلب الأدلّة التاريخيّة التي اتخذت مقدّمات للقول بالوحي النفسي وأُسّست النظريّة على أساسها ، ليس لها واقع في التاريخ الصحيح المنقول إلينا ، إنّما جاءت وفق منهجٍ معكوس ، حيثُ افترضوا رؤيةً مسبقة تقول : إنّ الوحي القرآني ليس وحياً منفصلاً عن ذات محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ثمّ ساقوا حوادثَ وأخباراً نسجتها خيالاتهم الخصبة أو اختلقتها ذهنيّات جهلهم المركّب في تأويل بعض الوقائع التاريخيّة ، وتشويه حقيقتها بالدسّ والتحميل بما لا تتحمّل لتكتمل لديهم حلقات وأجزاء الصورة المفترضة .
ومن أمثلة ذلك : ادّعاؤهم أنّ خبر غلب الفرس وانتصارهم على الروم ، وأنّ الروم سيغلبون الفرس بعد ذلك ، الوارد في سورة مريم ، قد سمِعه محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) من نصارى الشام . وهذا ممّا تكذّبه الوقائع التاريخيّة المنقولة الينا ، حيثُ إنّ غلَبَة الفرس على الروم كانت في سنة ( 610م ) ، أي بعد رحلة محمّد الأخيرة الى الشام بأربع عشرة سنة وقبل بدء الوحي الإلهي بسنة ، ثمّ إنّ التاريخ يحدّثنا أنّ إمبراطوريّة الروم آنذاك كانت مُتداعية الأركان خائرة القُوى ، فطبيعة الأشياء ومنطق الظواهر يحكي لنا عدم قدرتهم على الظهور والانتصار على الفرس ، حتّى إنّ أهل مكّة عندما سمعوا ما قرأه عليهم الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، من الخبر في القرآن الكريم هزئوا به .
ومن الأمثلة أيضاً افتراضهم أحاديثَ دينيّة معضلة وفلسفيّة معقّدة فيما زعموه من لقاء الراهب بُحيرى مع محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وهو بصحبة عمّه أبي طالب ، ولم ينقل لنا التاريخ مثل هذه الأحاديث ، ممّا يؤكّد لنا أنّهم نسجوا واختلقوا ذلك لدعم رؤيتهم المسبقة في الوحي النفسي .
ويدّعون أيضاً في مسألة إحاطة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بأخبار عادٍ وثمود وتفاصيلها ، أنّه حصل عليها وعرفها عند مروره بأرض الأحقاف ، على أنّ التاريخ لم ينبئنا أنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان قد مرَّ بتلك الأرض ، خصوصاً وأنّ هذه الأرض لا تقع على الطريق المتعارف لمرور القوافل التجاريّة .
ب ـ لو كان زعمهم أنّ النبيّ محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قد تعلّم من نصارى الشام ومن غيرهم صحيحاً ، لاحتجّ به المشركون وأعلنوه ، ولَما وقعوا في الحيرة والتردّد مِن أمر الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ودعوته ، خصوصاً وأنّهم كانوا يتتبّعون أخباره ويرصدون تحركّاته ومواقفه ، ولم يتركوا شيئاً من سفراته ورحلاته وغيرها من شؤون حياته العامّة إلاّ وأحاطوا بها ، فكيف تفوتهم مثل هذه اللقاءات والعلاقات المهمّة لو كانت واقعاً ؟
رغم أنّهم بذلوا الكثير في سبيل اختلاق التهم وإطلاق الأباطيل والأراجيف حول الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ودعوته، كما في اتّهامهم إيّاه أنّه تعلّم وتلقّى ما يدّعيه وحياً مِن أشخاص تعرّف عليهم ، كالحدّاد الرومي صانع السيوف في مكّة . هذه التهمة التي نزل في ردّها وتكذيبها قوله تعالى : {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ } [النحل: 103].
ج ـ لم ينقل لنا التاريخ أيّ شاهد على أن الرسول محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان يأمل أنْ يكون النبيّ المنتظر ويترقّب الوحي في أيّة لحظة... لينمو هذا الأمل ـ وفق زعمهم ـ ويتكامل في نفسه ، ويشتدّ ترقّبه للوحي ويستحكم ليخلق ذلك الواقع النفسي المفترض . ونحن نعلم أنّ كتب السيرة النبويّة الشريفة قد نقلت لنا أدقّ الأحداث والوقائع واستقصّت تفصيلات الحياة الشخصيّة للرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ولم تشر لنا من قريب أو بعيد الى مثل هذا الزعم .
د ـ إنّ من مفروضات هذه النظريّة أنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، تدرّج في تكامله العقلي والنفسي ضمن مراحل طويلة مليئة بالمعاناة من واقع قومه الفاسد ، والتفكير المتواصل بعقائدهم الباطلة في الشرك بالله وعبادة الأصنام ، والتأمّل في طريقة إنقاذهم من ذلك ومن الظلم الاجتماعي الذي رزحوا فيه ، وأنّه لم يعلن نبوّته إلاّ في مرحلة عُليا مِن هذا التكامل وتلك المعاناة وذلك التفكير..
فهو إذن في أعلى درجات الفهم والإدراك ، لما يجب أنْ يطرحه من مفاهيم وأفكار ومناهج عن الكون وجميع جوانب الحياة والإنسان ، وهذا يعني أنّ أُطروحة دعوته في خطواتها الأُولى ولحظاتها الأوليّة يجب أنْ تشتمل على تلك المفاهيم والأفكار والمناهج.. في حين أنّ التاريخ يؤكّد لنا خلاف ذلك . فالبداية تخلّلها اضطراب وخوف ثمّ جاءه الوحي بآيات التوحيد متدرّجاً في بيان أدلّته ، واستئصال جذور الشرك وتسخيف عبادة الأوثان ، والردّ على أباطيل المنحرفين والضالّين من أهل الأديان السابقة ، مذكّراً بالعِبَر وضارباً الأمثال بسُنن الله في الماضين من الأنبياء والرسُل . ثمّ انقطع الوحي ثلاث سنين لم يحدّثنا التاريخ أنّ الرسول ادّعى شيئاً جديداً من الوحي فيها ، ليعود بعد ذلك الانقطاع فيوحي للنبيّ الكريم آيات ربّه الأخرى.. ومن الواضح أن هذا يناقض القول بتكامل مفاهيم النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأفكاره واستعداده العقلي والنفسي لطرحها في أولى مراحل إعلان نبوّته .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|