المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

الأرض المغنومة وارض الصلح
2023-12-06
الكليسيريدات الثلاثية Triglycerides (TG)
2024-08-22
الانكماش Plasmolysis
29-8-2019
Thomas Digges
17-1-2016
ما هو الحل لمشكلة الجوع ؟
13-11-2014
سلامة اساليب العمل - المادة الثامنة - شروط المقاولة لأعمال الهندسة المدنية
2023-03-25


موقف الأنظمة الدستورية العربية من إجراءات التعديل الدستوري  
  
3890   11:00 صباحاً   التاريخ: 29-9-2018
المؤلف : نفيسة بختي
الكتاب أو المصدر : التعديل الدستوري في الدولة العربية بين العوائق والحلول
الجزء والصفحة : ص54-66
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدستوري و النظم السياسية /

بإلقاء نظرة تأصيلية على الاتجاهات العامة للدول ذات الدساتير الجامدة، بشأن أساليب واجراءات تعديل دساتيرها (1) ، نجد أنه واقعيا الدساتير الجامدة في معظم الدول تختلف اختلافا كبيرا فيما يتعلق بالإجراءات والتنظيمات التي تنص عليها لأجل تعديل نصوصها، فالدساتير وان اتفقت على مبدأ ضرورة أن تكون اجراءات تعديلها أكثر صعوبة من اجراءات تعديل القانون العادي لأجل ضمان جمود الدستور وضمان هيبته، إلا أنها اختلفت كثيرا بشأن نوعية وكيفية تنظيم هذه المسألة أي الاجراءات اللازمة للتعديل (2) . وعليه وقبل التعرض إلى اجراءات التعديل الدستوري، فلا بأس أن نعرج على الاعتبارات الدافعة إلى اختلاف الدساتير الجامدة في الدول على اجراءات التعديل الدستوري. وبالتالي ندرس هذا الاختلاف والدوافع الأساسية وراءه (أولا)، ثم ندرس المراحل الاجرائية للتعديل الدستوري (ثانيا) وأخيرا نتعرض إلى اجراءات التعديل الدستوري في الجزائر (ثالثا).

أولا: الاعتبارات الدافعة لاختلاف اجراءات التعديل الدستوري عبر مختلف الأنظمة المقارنة توصل الفقه الدستوري إلى تقسيم هذه الاعتبارات الدافعة إلى الاختلاف في اجراءات التعديل الدستوري لدى دساتير دول العالم إلى اعتبارات سياسية و أخرى فنية تتعلق بأساليب الصياغة، وذلك على الشكل التالي:

1- الاعتبارات السياسية: تتمثل هذه الاعتبارات في ضرورة اتفاق تنظيمات واجراءات تعديل الدستور، مع نوعية وطبيعة نظام الحكم السائد في الدولة، بمعنى أن اجراءات التعديل يجب أن تشارك فيها السلطات المهيمنة على نظام الحكم، ومن ثمة فإن الدول ذات النظام النيابي البرلماني القائم على التعاون والرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، يجب أن تشارك في التعديل الحكومة والبرلمان، وفي الدول التي تأخذ بنظام الديمقراطية شبه مباشرة، يجب أن يشارك في التعديل البرلمان والشعب نفسه، أما الدول ذات الشكل الفيدرالي، فيجب ضمان مشاركة الولايات الداخلة في الإتحاد، لأن أي تعديل في الدستور المركزي يثير اهتمامها بطريق مباشر أو غير مباشر (3)  .

2-  الاعتبارات الفنية: هذه الاعتبارات نابعة من الصياغة التي يأخذ بها واضعو الدستور في شأن التعديل. فقد يشترط الدستور أن يتم تعديله بذات الاجراءات التي اتبعت عند وضعه، هذا من شأنه أن يؤدي إلى التشدد في اجراءات التعديل و بطريقة متطرفة (4) . مثلا بعض الدساتير أخذت في اجراءات تعديلها بمبدأ "توازي الأشكال"، أي أن الدستور لا يملك تعديله إلا عن طريق نفس السلطة التي أصدرته و بذات الأشكال المتبعة عند إصداره (5) . لكن يرى الأستاذ "محمد رفعت عبد الوهاب"، أن تطبيق هذا المبدأ في ميدان تعديل الدستور من شأنه التطرف في الشدة، لأنه من شأنه أن يتطلب أن يكون تعديل الدستور بواسطة نفس  السلطة التأسيسية الأصلية التي وضعته وبإتباع ذات الاجراءات، فإذا كان الدستور مثلا قد قامت بوضعه جمعية تأسيسية منتخبة، فإن اشتراط مبدأ توازي الأشكال يقتضي أن يتم تعديله بواسطة انتخاب جمعية تأسيسية لأمر تعديله (6) . كذلك إذا كان الدستور قد تم إعداده بواسطة جمعية تأسيسية منتخبة، وتم عرضه على الشعب للاستفتاء فيه، فإن اشتراط قاعدة توازي الأشكال تؤدي إلى اشتراط ذات الاجراءات لتعديل الدستور، إذن لا يتم التعديل إلا بعد إعداد مشروعه من جمعية تأسيسية منتخبة، ثم اشتراط موافقة الشعب على التعديل ضمن استفتاء شعبي (7)  . لكن الملاحظ من خلال مبدأ توازي الأشكال المتبع في القانون العام، أنه يؤدي إلى نوع من المغالاة والتشدد في مجال التعديل الدستوري، فالحكمة من هذا الأخير  هو مجاراة قانون التطور المستمر أي ضرورة مواكبة الدستور للتطورات الحاصلة، والحفاظ على هيبة الدستور في نفس الوقت. هذه المعادلة لا تجد حلها إلا بتبني نصوص ضمن الدستور تنص على تعديله لمواكبة التطور، لكن في نفس الوقت تحافظ على قدسيته، وذلك لأن هذه الاجراءات صعبة ومعقدة، إلا أننا لا نقصد بذلك المغالاة في شدة التعقيد، والا وقعنا في نفس المشكل المعروف باللجوء إلى العنف من أجل التغيير. ولهذا فإن قاعدة "توازي الأشكال" يجب ألا تطبق في مجال التعديل الدستوري (8)  ، لأنه من جهة يتطلب للتعديل اجراءات قاسية في شدتها، ومن جهة ثانية فإن وضع الدستور من قبل السلطة التأسيسية الأصلية والاجراءات المتبعة في ذلك، تختلف عن تعديل الدستور من قبل السلطة التأسيسية الفرعية، لان الحالة الأولى تتضمن وضع دستور جديد، أما الحالة الثانية نقصد بها إنهاء جزئي لأحكام الدستور، ومن أجل تفعيل مضامين التعديل الدستوري وتحقيق غاياته وأهدافه، فلا بد من مراعاة عدم اصطدام إرادة التغيير والتعديل الضروري في الدستور مع هذه العراقيل الاجرائية المتطرفة والصارمة. لذلك فإن غالبية الدساتير لا تشترط مبدأ توازي الأشكال والتماثل بين اجراءات صدور الدستور واجراءات تعديله، بل تكتفي باجراءات معقولة في شدتها دون تطرف، إذ يكفي أن تكون اجراءات التعديل أكثر صعوبة من اجراءات تعديل القانون العادي، دون مغالاة في التعقيد.

ثانيا: المراحل الإجرائية للتعديل الدستوري عبر الأنظمة الدستورية المقارنة

هناك الكثير من الدساتير التي تتحدث عن آليات يتم اللجوء إليها من أجل التوصل إلى تعديل الدستور، الذي يفترض أنه عبارة عن وثيقة لا يتم تعديلها إلا بتغيير مفاهيم اجتماعية وسياسية داخل المجتمع بشكل عميق. فإذا قمنا سابقا بتحديد الجهة التي تتبنى التعديل الدستوري في حد ذاته، فإن الإشكال الذي يطرح نفسه هو: كيف ستختار هذه الجهة المخولة بالتعديل الآليات والاجراءات التي تستعمل بواسطتها على تعديل الدستور؟. ونظرا لاستحالة دراسة كافة الاجراءات التي تشترطها الدساتير الجامدة المختلفة لأجل تعديلها، فسوف يتم التعرض إلى المراحل المختلفة التي يمر بها أي تعديل دستوري ، مع تحديد أبرز الاتجاهات العامة لدى الدساتير في كل مرحلة من تلك المراحل المتتابعة.

واذا كانت مراحل التعديل تمر في الغالب بأربعة مراحل هي مرحلة اقتراح التعديل، اقرار مبدأ التعديل، إعداد أو تحضير مشروع التعديل، وأخيرا إقرار التعديل نهائيا، إلا أن الدساتير اختلفت في الشروط التي وضعتها في هذه المراحل، وذلك على الشكل التالي:

1-  مرحلة اقتراح التعديل L’initiative de la révision:

قد يتقرر حق اقتراح التعديل للسلطة التنفيذية وحدها، أو للبرلمان وحده أو قد يتقرر لهما معا كما يمكن أن يعطي هذا الحق للشعب ذاته. وأن تقرير حق اقتراح تعديل الدستور لأي سلطة من هذه السلطات، مرتبط بالكفة الراجحة لكل منها في نظام الحكم في الدولة. فإذا كان نظام الحكم في الدولة يعمل على تقوية مركز السلطة التنفيذية وترجيح كفتها على باقي السلطات، فإن الدستور يسند هذا الحق إلى الحكومة وحدها، فلها حق اقتراح تعديل الدستور، وعموما كانت الدساتير القديمة تجسد هذا الأمر قبل انتشار الديمقراطية، بمعنى أن الأنظمة في ذلك الوقت كانت تعمل على تقوية كفة الحاكم بصفة عامة، ثم بدأ هذا الاتجاه يتراجع في الدساتير الحديثة مع تعمق أفكار الديمقراطية. فقد كان الدستور الفرنسي لعام 1852 مثلا، ينص في مادته 51 على ألا يعتد بالاقتراحات المقدمة من جانب مجلس الشيوخ لتعديل الدستور، إلا إذا أخذت بها الحكومة، كذلك دستور البرتغال (1933)، في مادته 135 ، ودستور اليابان لسنة 1946 في مادته 72(9)، كذلك دستوري الجزائر لسنتي 1976 و 1989 على التوالي(10)  .

واذا كان نظام الحكم الذي يقيمه الدستور يعطي مركز الثقل للسلطة التشريعية ويعمل على تقويتها، ففي هذه الحالة يتقرر حق اقتراح تعديل الدستور للبرلمان وحده، خاصة بعد تقهقر النظام الملكي وظهور مبدأ سيادة الأمة وباقي الأفكار المعروفة في النظام الديمقراطي، بدأت الدول الغربية تخول مهمة اقتراح التعديل للبرلمان، مثل دستور الولايات المتحدة الأمريكية الصادر عام 1787 ، ومعظم دساتير د ول أمريكا اللاتينية، دستور الاتحاد السوفياتي سابقا، دستور فرنسا لعام 1791، وكذا الدساتير التي تأخذ بنظام الفصل التام بين السلطات، حيث تكون السلطة التشريعية صاحبة الولاية الكاملة في التشريع (11) . وقد تسند مهمة اقتراح التعديل للبرلمان والحكومة معا، خاصة إذا كان الدستور في الدولة يأخذ بنظام التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما أخذت به معظم الدساتير الفرنسية لعام 1875،1946 والدستور الحالي لسنة 1958، الذي أعطى حق اقتراح التعديل لرئيس الجمهورية بناء على اقتراح الوزير الأول وأعضاء البرلمان أيضا، وهذا ما تضمنته المادة 89(12) ، مما يوحي بالتوافق بين السلطات الدستورية أي البرلمان ورئيس الجمهورية، واعتماد هذه الآلية يكون من أجل الحصول على مشروعية أكبر، كون أن الهيئة المكلفة هي هيئة منتخبة عن طريق الاقتراع المباشر وهي أكثر الهيئات الديمقراطية تمثيلا . وقد أخذ بنفس المسلك الدستور المصري لعام 1971، حيث خول مهمة الاقتراح لرئيس الجمهورية ولمجلس الشعب (بأن يكون طلب التعديل موقعا عليه من طرف 1/3 أعضاء المجلس(13) وأخذ به الدستور الكويتي الذي خول حق الاقتراح للأمير وأعضاء مجلس الأمة، والدستور المغربي الذي منح حق المبادرة للملك ومجلس النواب (14) . كما أخذ بهذا المسلك الدستور الجزائري  لعامي 1963(15) و1996(16)  اللذان أسندا مهمة المبادرة لرئيس الجمهورية والبرلمان معا. هذا وقد يتقرر حق اقتراح تعديل الدستور للشعب نفسه، بالإضافة لحق البرلمان طبعا، ويكون ذلك في الدساتير التي تشرك الشعب في مباشرة بعض مظاهر الديمقراطية شبه مباشرة، مثل دساتير معظم الولايات في الاتحاد السويسري، وكذلك دستور ايطاليا لعام 1947 من خلال مادته 71(17) تقرير مبدأ التعديل: عنى تقرير ما إذا كانت هناك حاجة أو ضرورة إلى تعديل الدستور أصلا أم لا، وتسند معظم الدساتير مهمة إقرار مبدأ التعديل واعداده إلى البرلمان الذي يقرر مدى ضرورة التعديل، وحجة ذلك أن البرلمان هو ممثل الشعب، وبالتالي فهو مؤهل لاتخاذ القرار المبدئي في  هذا الشأن (18) مثلا الدستور الفرنسي الحالي 1958 ، يؤكد أن اقتراح التعديل يجب أن يعرض على كل من مجلس البرلمان (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ) لكي يقرر الموافقة على مبدأ التعديل والا توقفت اجراءات التعديل عند هذه المرحلة دون استمرار (19)  . كذلك في دستور مصر لسنة 1971، يجب أن يوافق مجلس الشعب على مبدأ تعديل الدستور،

واذا رفض لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل مضي سنة على الأقل (20). وهناك بعض الدساتير تعطي للشعب نفسه حق الموافقة على ضرورة التعديل مثل الدستور السويسري، فالموافقة على مبدأ التعديل هي أصلا من حق مجلسي البرلمان الاتحادي، المجلس الوطني ومجلس الدويلات، وفي حالة الخلاف بينهما، أو في حالة طلب مقدم من 50 ألف ناخب لابد من استفتاء الشعب نفسه، أما إذا كان من الواجب استمرار اجراءات تعديل الدستور من عدمها (أي هنا الموافقة على مبدأ التعديل) (21) كذلك معظم دساتير الولايات في أمريكا، يشترط موافقة شعب الولاية على مبدأ الحاجة إلى التعديل (22)  .

3- إعداد مشروع التعديل:

يعطي عدد محدود من الدساتير الحق لجمعية تأسيسية منتخبة خصيصا لتعديل الدستور مثل: دستور فرنسا لعام 1793 و 1848 . وبعض الدساتير تعطي الحق للشعب نفسه بواسطة عدد محدد من الناخبين، حق اعداد مشروع التعديل، من ذلك الدستور الإيطالي لعام 1947 ، والدستور السويسري الذي يعطي هذا الحق لعدد من الناخبين لا يقل عن 500 ألف ناخب (23) لكن الاتجاه العام لمعظم الدساتير، يتطلب منح حق اعداد مشروع التعديل الدستوري على البرلمان بحد ذاته، وان اختلفت في تحديد النسبة واشتراط شروط معينة. كما هو في الشأن في دستور فرنسا لعام 1875 ، الذي اشترط اجتماع مجلسي البرلمان في هيئة مؤتمر، أو اشتراط نسبة خاصة مشددة في الحضور لصحة جلسات البرلمان، أو في التصويت لصحة القرارات الصادرة في كليهما، كما هو الشأن في دساتير بعض دول أمريكا اللاتينية (البيرو المكسيك)، وكثير من دساتير الدول الأوروبية (24)

4- إقرار التعديل نهائيا:

تعطي بعض الدساتير حق الإقرار النهائي للتعديل الدستوري للشعب نفسه عن طريق الاستفتاء، مثل الدستور السويسري لعام 1874، ودستور ايطاليا إذ طلب الاستفتاء   1/5 أعضاء أحد مجلسي البرلمان، أو 500 ألف ناخب، كذلك دستور مصر لسنة 1971 حيث اشترط لنفاذ التعديل نهائيا موافقة الشعب في الاستفتاء حسب المادة 189 منه (25)  وفي فرنسا كذلك حيث يجب الموافقة على مشروع التعديل من خلال استفتاء الشعب (26)  . ولكن معظم الدساتير تجعل حق الإقرار النهائي للتعديل لذات السلطة التي لها الاختصاص بإعداد مشروع التعديل، ومن ثمة فإن هذه السلطة هي إما الجمعية التأسيسية التي انتخبت خصيصا لإعداد واقرار التعديل، أو البرلمان وبشروط خاصة. وأغلب الدساتير تعطي حق الإقرارالنهائي للتعديل للبرلمان بشروط خاصة. كذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن التعديل الدستوري لا يتم إقراره إلا إذا وافقت عليه المجالس التشريعية ل:  3/4  الولايات المختلفة (27)

ثالثا: اجراءات التعديل الدستوري في الجزائر

بعد تناولنا اجراءات التعديل الدستوري عبر الأنظمة الدستورية المقارنة، نحاول بشيء من التفصيل التطرق إلى اجراءات التعديل الدستوري في الجزائر، من خلال دراسة مقارنة بين الدساتير الجزائرية لسنوات 1963، 1976، 1989 ، 1996 على التوالي

1. مرحلة المبادرة بالتعديل: إن المبادرة بالتعديل قد تتقرر للحكومة وحدها، وقد يتقرر هذا الحق للبرلمان وحده، أو للحكومة و البرلمان معا، و قد يتقرر للشعب ذاته. واذا سلمنا بأن حق اقتراح التعديل الدستوري لأي من الهيئات المختلفة يتوقف على مكانة كل منها إزاء الأخرى، فإنه بالرجوع إلى الدساتير الجزائرية فإن المادة 71 من دستور 1963 ، تقضي أن المبادرة بتعديل الدستور ترجع إلى كل من رئيس الجمهورية والأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس الوطني معا. والملاحظ أن دستور 1963 لم يخص رئيس الجمهورية بالمبادرة لوحده، وبذلك يمكن القول بأن سلطة الرئيس تم تقييدها بمشاركة ممثلي الشعب (النواب) في المبادرة بالتعديل. ويبدو من خلال ما تقدم، أن المؤسس الدستوري لم يستبعد بعض المسائل من إمكانية التعديل، كما أنه حاول تقييد حق المبادرة وعدم إطلاقه، وبالتالي يعتبر دستور (28) 1963 جامدا من حيث اجراءات تعديله، وما يدل على ذلك هو مناقشة المبادرة بالتعديل من طرف المجلس الوطني و يكون ذلك في تصويتين.

أما دستور  1976(29) ، حيث تنص المادة 191 منه على أن: "لرئيس الجمهورية حق المبادرة باقتراح تعديل الدستور في نطاق الأحكام الواردة في هذا الفصل"، ومنه نلاحظ أن حق المبادرة  بالتعديل تكون لرئيس الجمهورية وحده عكس دستور 1963 وقد أبقى دستور (30) 1989 ، على أحقية المبادرة باقتراح التعديل لرئيس الجمهورية وحده، وهذا من خلال المادة 163 منه. إلا أن دستور (31|)1996 ، استحدث أمرا جديدا من خلال المادة 174 منه، والتي أعطت حق المبادرة بالتعديل الدستوري لرئيس الجمهورية، وأضافت المادة 177 منه على  ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان مجتمعتين معا، أن يبادروا باقتراح تعديل الدستور على حق 3/4 رئيس الجمهورية، أي أعضاء مجلس الأمة المستحدث في دستور 1996 (32) ، وأعضاء المجلس الشعبي الوطني.

2. مرحلة التصويت على مشروع التعديل:

يمكن إقرار التعديل من طرف البرلمان، وذلك حسب دستور 1963 ومن خلال أحكام تعديله الواردة في المواد من 71إلى 74 ، فإنه إذا تحقق شرط المبادرة بالتعديل ، فإن ذلك يستتبع أن تكون هناك تلاوتين لمشروع التعديل، أي تصويتان لأعضاء المجلس الوطني بالأغلبية المطلقة، مع اشتراط أن يتم الفصل بين التصويتين بمدة شهرين، والحكمة من هذه المدة هي ربما للتريث وعدم الاستعجال، فالوتيرة البطيئة للتعديل تضمن استقرار المؤسسات الدستورية وكذا ديمويتها. لكن ما يحسب على نص المادة 72من دستور 1963 ، أن المؤسس الدستوري لم يحسم الأمر فيما إذا رفض البرلمان مشروع التعديل في إحدى المرتين، لأن الإشكال لا يطرح في حالة ما إذا كان البرلمان رافضا للتعديل الدستوري في المرتين، لأن المشروع أصلا س وف لن يعرض على استفتاء الشعب، وكذا إذا تم قبول المشروع من قبل البرلمان للمرتين على التوالي، فسوف يعرض حتما على الاستفتاء، لكن الإشكال إذا كانت التلاوة الأولى بالرفض والثانية بالقبول والعكس، فهل العبرة بالتصويت الأخير؟، إن المادة 72 لا تعطينا الحل في هذه الحالة، لكن منطقيا يفترض في هذه الحالة أن يكون الحكم بالتلاوة الثانية، فإذا كانت التلاوة الأولى بالرفض والثانية بالقبول فإن مشروع التعديل يعرض على الشعب، أما إذا كانت التلاوة الأولى بالقبول والثانية بالرفض، فلا يعرض المشروع على الاستفتاء.

وبالعودة إلى دستور 1976، فإن مبادرة التعديل من قبل رئيس الجمهورية، تعرض على البرلمان لإقرار مشروع التعديل بأغلبية  2/3 أعضاءه(33)  وقد ميز دستور 1976 بين صورتين من مشروع التعديل، الأولى وهي التي تخص الاطار العام لأية مبادرة بالتعديل، أما الصورة الثانية الخاصة بمشروع تعديل أحكام التعديل نفسه،التي قيدها المؤسس الدستوري أكثر بالنظر إلى أهميتها، واشترط من أجل تحققها توافر أغلبية 3/4 أصوات أعضاء البرلمان (34)  ، مع قيد واحد هو عدم قابلية تعديل نص المادة 195

إلا أن الملاحظ أن دستور 1989 قد أغفل طريقة التصويت على إقرار التعديل الدستوري في المادة 163 ، وهو ما جاء به دستور 1966 ، حيث أن قرار التعديل يتم بتصويت المجلس الشعبي الوطني بنفس الصيغة، حسب الشروط نفسها التي تطبق على أي نص تشريعي (35)

3- مرحلة الإقرار النهائي للتعديل: - الإقرار النهائي للتعديل الدستوري، يكون إما عن طريق الشعب (الاستفتاء الدستوري)، واما عن طريق الهيئة التي أنيطت بها مهمة إعداد التعديل. إلا أن اجراءات التعديل الدستوري في الجزائر، اقتصرت على الاستفتاء الدستوري، ما عدا دستور 1963 ، الذي استغنى عن الاستفتاء مكتفيا بأغلبية محددة لأعضاء المجلس الوطني (36) . فقد نص دستور 1963 على اللجوء إلى الاستفتاء على مشروع التعديل الدستوري (37)، وكذلك دستور 1989(38) ، وتقابل هذه المادة من دستور 1996 المادة 174(39)

4- مرحلة اصدار رئيس الجمهورية للتعديل الدستوري: -

بالرجوع إلى دستور 1963(المادة 74) منه ، فإنه يتبين أن إصدار التعديل يكون من طرف رئيس الجمهورية خلال الأيام الثمانية الموالية لتاريخ الاستفتاء، بعد مصادقة الشعب على مشروع التعديل الدستوري، أما دستور 1976 فإنه أكد في مادته 196 على أن رئيس الجمهورية يصدر  القانون المتعلق بالتعديل الدستوري، وكذا الحال في دستور 1989 في مادته 167 أما دستور 1996 ، فقد تكلم عن الإصدار عن طريق رئيس الجمهورية، سواء في حالة التعديل الذي صادق عليه الشعب (40)  ، أو في حالة الموافقة على التعديل المقترح من قبل البرلمان (41) وكذا في حالة ما إذا استغنى رئيس الجمهورية عن الاستفتاء (42).والجدير بالذكر في هذا المقام، أن مرحلة إصدار رئيس الجمهورية للتعديل الدستوري بعد الاستفتاء الشعبي لا تعبر عن مرحلة تشريعية ، لأن البرلمان فقط هو الذي يصدر التشريعات والقوانين، والإصدار لا يعد مرحلة تشريعية، بل هو جراء يقرر بموجبه رئيس السلطة التنفيذية وجود قانون تمت الموافقة عليه من قبل الشعب وذلك بنقله إلى المرحلة التنفيذية .

________________

1- إن محاور هذه الدراسة تنصب على الدستور الجامد فقط، وبالتالي لا نقصد الدستور المرن نظرا لأنه يعدل بذات

اجراءات القانون العادي بحكم تعريفه.

2- رفعت محمد عبد الوهاب، القانون الدستوري والمبادئ الدستورية العامة، دراسة النظام الدستوري المصري، دار الجامعة الجديدة ، الاسكندرية، 2000، ص 27

3- محمد رفعت عبد الوهاب ، المرجع السابق، ص 78

4- ابراهيم عبد العزيز شيحا، المبادئ الدستورية العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، 1982، ص 125

5- محمد رفعت عبد الوهاب، المرجع نفسه، ص79

6-  مثال ذلك دستور فرنسا لعام 1793، 1848 ، محسن خليل، القانون الدستوري والمؤسسات الدستورية المقارنة، الطبعة الثانية، مطبعة شفيق، 1992 ، ص 62

7- مثال ذلك دستور مصر لعام 1971 ، فقد تم اعداد مشروع الدستور بواسطة مجلس الشعب المنبثق عن الدستور السابق  عليه( دستور 1964)بوصفه جمعية تأسيسية، ثم عرض على استفتاء الشعب، راجع محمد رفعت عبد الوهاب، ص 79

8-  أندريه هوريو، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية المقارنة، الجزء الأول. ترجمة، علي مقلد وشفيق حداد، الأهلية للنشر والتوزيع، بيروت ،1974 ص 338

9-  ابراهيم عبد العزيز شيحا، المرجع السابق، ص 128

10- المادة 191 من دستور 1976 والمادة 163 من دستور 1898المادة 174 من دستور 1996

11- محسن خليل، المرجع السابق، ص 109

12- L’article 21 : « l’initiative de la révision appartient concurremment an présent de la république sur proposition du premier ministre et aux membres du parlement ».

حول اجراءات التعديل الدستوري في فرنسا، راجع: -

-cf, Louis FAVOREU, La revision de la constitution –journées d’etudes des 70Mars et 16Decembre 1992, Economica, 1994 ; André ALEN – CHRISTIANT Behrendt- Xavier DELGRANGE et autres, La procedure de revision de la constitution, Centre d’etudes constitutionnelles et administratives, Bruylant, Bruxelles, 2003 .

13-  محمد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 139

14-  ابراهيم عبد العزيز شيحا، المرجع السابق، ص 87

15-  تنص المادة 71 من دستور 1963على أنه ترجع المبادرة بتعديل الدستور إلى كل من رئيس الجمهورية والأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس الوطني معا

16-: تنص المادة 174  من دستور 1996" لرئيس الجمهورية حق المبادرة بتعديل الدستور "  وكذا المادة 177 من نفسالدستور "يمنكن لثلاثة أرباع أعضاء غرفتي البرلمان مجتمعتين معا، أن يبادروا باقتراح تعديل الدستور "

17- المادة 71 من الدستور الايطالي لسنة 1974 ، تعطي لعدد معين منا الناخبين ، طلب تعديل الدستور بمشروع مبوب، و ذلك بالإضافة لحق أعضاء البرلمان والحكومة

18-  عبد الكريم علوان، النظم السياسية والقانون الدستوري، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2009، ص 82

19- ابراهيم عبد العزيز شيحا، المرجع السابق، ص 79

20-  محمد ارزقي نسيب،  ص 123

21-  نعمان أحمد الخطيب، الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري، دار الثقافة، عمان، 2006 ، ص 75

22- أحمد العزي النقشبندي، تعديل الدستور دراسة مقارنة ، دار الوراق للنشر والتوزيع، الأردن، 2006، ص 56

23- محمد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 83

24- عادل الحياري، القانون الدستوري والنظام الدستوري، دراسة مقارنة، كلية الاقتصاد والتجارة، الجامعة الأردنية، الطبعة الأولى، د.س.ن، ، ص 78

25-  مولود ديدان، المرجع السابق، ص 123

26- Article 89- alinéa 2 « la révision est définitive après avoir été approuvée par referendum "

27- زهير شكر،  ص 45

28- وافق الشعب على دستور1963 في استفتاء 8 سبتمبر، ج.ر.ج.ج، العدد 64 ، بتاريخ 10سبتمبر 1963 ، ص 888.

29-  تم عرض دستور 1976 على الاستفتاء الشعبي بتاريخ 19نوفمبر 1976 ، وصدر بالأمر رقم 76-97 ، المؤرخ في 22 نوفمبر 1976، المتضمن اصدار الدستور، ج.ر.ج.ج، عدد 94 ، الصادر في 24 نوفمبر 1976 ، ص 1292

30-  تم الاستفتاء على دستور 1989 يوم 23 فيفري 1989 ، وصدر بالمرسوم الرئاسي رقم 89-18 المورخ في28 فيفري 1989 ، ج.ر.ج.ج، العدد 9 ، الصادر في 24/2/1989ص 234

31-  تم اصدار نص التعديل الدستوري المصادق عليه في استفتاء 28 نوفمبر 1996 ، بموجب المرسوم الرئاسي رقم 96 -438 في 7/12/1996  ج.ر.ج.ج، عدد 28 ، المؤرخ في 8 /12/ 1996 ص6.

32- تنص المادة 98 من دستور 1996 : "يمارس السلطة التشريعية برلمان مكون من غرفتين: المجلس الشعبي الوطني مجلس الأمة".

33-  المادة 192 من دستور 1976

34- المادة 193 من دستور 1976

35- المادة 174 من دستور 1996

36- تنص المادة 192 منه على أن: "يقر المجلس الشعبي الوطني مشروع قانون التعديل الدستوري بأغلبية 2/3 أعضاءه" والمادة 193 : "إذ تعلق مشروع قانون التعديل بالأحكام الخاصة بتعديل الدستور، فمن الضروري أن يتم الاقرار بأغلبية  3/4 أعضاء المجلس الوطني" .

37-  تنص المادة 73 منه: "يعرض مشروع قانون التعديل على مصادقة الشعب عن طريق الاستفتاء" .

38- تنص المادة 165 منه: "يعرض مشروع قانون التعديل على الاستفتاء"، تضيف المادة 166 من نفس الدستور: "يصبح القانون الذي يتضمن مشروع التعديل الدستوري لاغيا، إذ رفضه الشعب و لا يمكن عرضه على الشعب خلال نفس القرة التشريعية".

39- تنص المادة 174 منه: " يعرض مشروع التعديل الدستوري على الاستفتاء الشعبي خلال 50 يوما الموالية لإقراره من طرف البرلمان "، المادة 175 " يصبح لاغيا مشروع التعديل الدستوري إذا رفضه الشعب، ولا يمكن عرضه من جديد على الشعب خلال نفس القرة التشريعية " .

40-  المادة 174: " يصدر رئيس الجمهورية لقانون الذي يتضمن مشروع التعديل الدستوري " .

41- تنص المادة 177 : "يمكن ل 3/4 أعضاء غرفتي البرلمان مجتمعتين معا، أن يبادرا باقتراح التعديل الدستوري على  رئيس الجمهورية الذي يمكن أن يعرضه على الاستفتاء" .

42- تنص المادة 176 من نفس الدستور: "أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة  دون أن يعرضه على استفتاء الشعب".




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .