أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-3-2017
2065
التاريخ: 2-4-2017
3020
التاريخ: 27-9-2018
2551
التاريخ: 21-10-2015
2434
|
المنظمات الإقليمية فرع من فروع التنظيم الدولي، لذلك يجوز تمثيلها على المستوى الدولي، باللامركزية على المستوى الوطني الداخلي، فالإقليمية في القانون الدولي تتقارب مع اللامركزية في تنظيم القانون الداخلي (1) وهناك أهمية خاصة للمنظمات الإقليمية، حيث أن الروابط الجغرافية والفكرية والاقتصادية والقومية بين بعض الدول، دفعتها إلى إيجاد تنظيم خاص بها (2)، مما يرتب عليه أنه يوجد في عالمنا المعاصر العديد من المنظمات الإقليمية، مثل: الاتحاد الاوروبي، جامعة الدول العربية...الخ. إلا أن ما يهمنا في هذا الصدد، هو كيفية تأثير هذه المنظمات الدولية الإقليمية على تعديل الدستور؟ فالأمر لا ينتهي عند حد تدخل هيئة الأمم المتحدة فقط باعتبارها ذات صبغة عالمية، إنما أصبح دور المنظمات الدولية الإقليمية لا يقل أهمية عن هيئة الأمم المتحدة.
وبما أن محل دراستنا هي الدول العربية (3) ، فإننا سنحاول دراسة تأثير جامعة الدول العربية على تعديل الدساتير الوطنية العربية، خاصة مسألة إضعاف السيادة الوطنية.
جامعة الدول العربية جاءت كمنظمة إقليمية دولية على إثر الحرب العالمية الثانية، من أجل توطيد الأحوال بين الدول العربية (4) . ومن بينهم حالات تدخل جامعة الدول العربية عن طريق أمنيها العام في الشأن الداخلي للدول العربية، من خلال تعديل دستورها الوطني هي دولة العراق، عندما انتقدوا المادة المتعلقة بالنص التأسيسي لدولة العراق، لكون الشعب العربي في العراق هو جزء من الأمة العربية، وطلبوا من العراق التوضيح بشأنها، أي أن دستور العراق لسنة 1958 ، أشار إلى وجود قوميتين رئيسيتين في العراق هما: العرب والكرد، وفي الوقت نفسه تضمن النص الدستوري على أن العراق هو جزء من الأمة العربية (5) . حيث أن المادتان متناقضتان، فمن جهة يعترف الدستور بالقومية الكردية، و من جهة أخرى يعتبرها جزءا من الأمة العربية (6) . وقد ورد في مشروع دستور العراق لسنة 1990 ، " أن العراق جزء من الوطن العربي "، وهو ما اعتبره البعض أكثر موضوعية من القول أن الشعب العراقي جزء من الأمة العربية، نظرا لوجود قوميات لا تنتمي إلى الأمة العربية، وقول " الشعب العربي فيه جزء لا يتجزا من الأمة العربية"، خاصة أن ذلك يشكل قيدا على تطلعات العراق في الاتحاد مع أي دولة عربية أخرى، فضلا عن انتماءه لجامعة الدول العربية (7) .مسودة الدستور العراقي أشارت على أن " العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب، إلا أن النص جاء خالي من الإشارة على أن العراق بلد عربي، مما أثار جدلا واسعا حول عضوية العراق في جامعة الدول العربية(8) . وهنا جاءت الضغوطات الخارجية، حيث طلب الأمين العام للجامعة، من الحكومة العراقية تفسيرا عاجلا لما جاء في مسودة دستور 1990 ، من أن الشعب العربي في العراق هو جزء من الأمة العربية، لأنه كما أكد الأمين العام هو نص غاية في الخطورة، لأن العراق هو عضو مؤسس في الجامعة العربية، أي أحد الأعضاء 22 في الجامعة العربية (9) . وبقي الحال عليه في مسودة الدستور العراقي لسنة 2005 ، حيث تم الإبقاء على المادة نفسها " العراق بلد متعدد القوميات والأديان وهو جزء من العالم الاسلامي والشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية" (10) . ونتيجة الضغوط المتزايدة من قبل بعض البلدان العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية، تم تعديل هذه المادة في مسودة الدستور المقدمة للجمعية الوطنية عام 2005 ، وفي النسخة التي قدمت إلى الأمم المتحدة هي: "العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب، هو عضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية وملتزم بميثاقها" (11) . وهكذا فإن تعديل هذه المادة من الدستور العراقي، جاء نتيجة ضغط خارجي موجه من قبل منظمة اقليمية دولية، انصبت على مسألة الهوية العربية للعراق.
__________________
1- للمزيد من المعلومات، راجع، ابراهيم أحمد الشلبي، التنظيم الدولي، دراسة في النظرية العامة والمنظمات الدولية، الدار الجامعية للطباعة و النشر، بيروت، 1984 ، ص 233 وما بعدها.
2- أحمد أبو الوفا، الوسيط في قانون المنظمات الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الخامسة، د.س.ط ، ص 720
3- يمكن تحليل حالة أخرى في دول غير عربية لتثمين المعلومات فقط، و هي تركيا، حيث لعب الاتحاد الاوروبي باعتباره منظمة إقليمية دولية دورا جوهريا في تعديل الدستور التركي، حيث بعد ابرام معاهدة ماستريخت عام 1992 وتشكيل الاتحاد الاوروبي حاولت تركيا الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، إلا أن ذلك واجهه عدة عقبات، من أهمها تعديل الدستور التركي، بحيث يتماشى مع المعايير الاوروبية من الناحية الديمقراطية وحقوق الأقليات، وقد نجحت جهود حزب العدالة والتنمية في إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي، حيث تم تقديم هذه التعديلات على البرلمان التركي للقيام بإصلاحات دستورية متوافقة مع معايير كوبنهاغن الاوروبية. تعلقت هذه الاصلاحات ب: تعقيد شروط الأحزاب تغيير بنية المحكمة الدستورية تغيير بنية المجلس الأعلى للقضاء الى جانب حظر ارتداء الحجاب في الجامعات والمعاهد الحكومية، وأخرى لها علاقة بحقوق الانسان وحقوق المرأة والطفل، من خلال انشاء محاكم خاصة بالأحداث، وهي تعديلات تأتي على شكل استجابة لمطالب الاتحاد الاوروبي، الذي وجه انتقادات شديدة لتركيا بسبب بطئ الاصلاحات الدستورية، إلا أن حزب الشعب الجمهوري قدم طعنا على المحكمة الدستورية، بعدما قبل الرئيس التعديلات، باعتبارها تتعارض مع أحد أهم المبادئ الدستورية في تركيا وهي العلمانية، إلا أن طلبها رفض، وعرض المشروع على الاستفتاء وتم الموافقة عليه بنسبة 58 % . وهكذا فإن الحكومة التركية قدمت مشروع الاقتراح لتعديل الدستور تحت ضغط الاتحاد الاوروبي، حتى تنال تركيا العضوية فيه، للمزيد من المعلومات، راجع ابراهيم البيومي غانم، ماذا يجري في تركيا؟، متاح على الموقعالالكتروني: www .islamonline.net / consulté le : 23-3-2013 .
4- اجتمعت لجنة تحضيرية للمؤتمر العربي العام بالإسكندرية في سبتمبر 1944 ، ثم عام 1945 بمشاركة معظم الدول العربية، وتم التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية، للمزيد من المعلومات، انظر، أحمد أبو الوفا، المرجع السابق، ص478 وما بعدها.
5- ناثان بروان، ملاحظات تحليلية حول الدستور، بحث منشور في كتاب " مأزق الدستور" معهد الدراسات الاستراتيجية، بيروت، الطبعة الأولى، 2006 ، ص 34
6- اعترض الحزب الديمقراطي الكردستاني على هذه المادة كذلك، حيث اعتبر أن الجزء العربي فقط هو جزء من الوطن العربي، في حين أن الجزء الكردي هو جزء من الوطن الكردي وبلاده "كردستان" للمزيد من المعلومات، راجع الشورش حسن عمر، حقوق الشعب الكردي في الدساتير العراقية، مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية، 2005 ، نقلا عن خاموش عمر عبد الله، الاطار الدستوري لمساهمة الشعب في تعديل الدستور، دراسة تحليلية مقارنة، منشورات . الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، 2013 ، ص 232
7- ناثان بروان، المرجع السابق، ص 34.
8- خاموش عمر عبد الله، المرجع السابق، ص 233
9- تصريحات الأمين العام للجامعة، استندت على المادة 20 من ميثاق جامعة الدول العربية، حيث له الحق في توجيه نظر الدول الأعضاء في أية مسألة يرى أنها تسيء إلى العلاقات القائمة بين الدول الأعضاء، أنظر، محمد عبد الوهاب الساكت، وظيفة الأمين العام لجامعة الدول العربية بين النظرية والتطبيق، بحث منشور في كتاب جامعة الدول العربية في عصر التكتلات الإقليمية، بيت الحكمة، بغداد، 2002 ، ص 39
10- نفس المرجع، ص 40
11- نفس المرجع، ص 40
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|