أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-6-2019
1686
التاريخ: 16-11-2016
1201
التاريخ: 16-11-2016
2122
التاريخ: 25-9-2018
2246
|
تغيير الواقع الاسلامي :
وعمد معاوية الى تغيير الواقع الاسلامي المشرق الذي تبني الحركات النضالية والقضايا الم(صلى الله عليه وآله) يرية لجميع الشعوب، فاهاب بالمسلمين أن لا يقروا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم، وقد تبنى هذا الشعار المقدس ال(صلى الله عليه وآله) حابي العظيم ابو ذر الغفاري الذي فهم الاسلام، عن واقعه، فرفع راية الكفاح في وجه الحكم الاموي، وطالب عثمان، ومعاوية بان(صلى الله عليه وآله) اف المظلومين والمضطهدين وتوزيع ثروات الامة على الفقراء والمحرومين .
لقد اراد معاوية اقبار هذا الوعي الديني، واماتة الشعور بالمسؤولية فأوعز الى لجان الوضع التي ابتدعها ان تفتعل الاحاديث على لسان المحرر العظيم الرسول ((صلى الله عليه وآله) لى الله عليه وآله) في الزام الامة بالخضوع للظلم، والخنوع للجور، والتسليم لما تقترفه سلطانها من الجور والاستبداد وهذه بعض الاحاديث :
1 - روى البخاري بسنده عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله) لى الله عليه وآله) انه قال لا(صلى الله عليه وآله) حابه :
" انكم سترون بعدى اثرة، وامورا تنكرونها.
قالوا فما تامرنا يا رسول الله ؟
قال :
ادوا إليهم حقهم، واسالوا الله حقكم.." (1).
2 - روى البخاري بسنده عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال :
" من راى من أميره شيئا يكره فلي (صلى الله عليه وآله) بر عليه فانه من فارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية.."(2)
3 - روى البخاري بسنده عن مسلمة بن زيد الجعفي أنه سال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له :
يا نبي الله ارايت ان قامت علينا امراء يسالونا حقهم، ويمنعونا حقنا فما ترى ؟
فاعرض " (صلى الله عليه وآله) " عنه فساله ثانيا وثالثا والرسول معرض فجذبه الاشعث بن قيس، فقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله):
اسمعوا واطيعوا فان عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم.."(3).
4 - روى البخاري بسنده عن عجرفة قال : سمعت رسول الله ((صلى الله عليه وآله) ) يقول :
إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الامة وهي جمع فاضربوه بالسيف كائنا ما كان.." (4) الى غير ذلك من الموضوعات التى خدرت الامة، وشلت حركتها الثورية، وجعلتها قابعة ذليلة تحت وطاة الاستبداد الاموي وجوره، وقد هب الامام الحسين (عليه السلام) الثائر الاول في الاسلام الى اعلان الجهاد المقدس ليوقظ الامة من سباتها ويعيد للاسلام نضارته وروحه النضالية التى انحسرت في عهد الحكم الاموي .
مع أهل البيت :
وسخر معاوية جميع اجهزته للحط من قيمة اهل البيت (عليه السلام) الذين هم وديعة رسول الله ((صلى الله عليه وآله) ) والعصب الحساس في هذه الامة، وقد استخدام اخطر الوسائل في محاربتهم واقصائهم عن واقع الحياة الاسلامية، وكان من بين ما استخدمه في ذلك ما يلي :
1 - تسخير الوعاظ .
وسخر معاوية الوعاظ في جميع انحاء البلاد ليحولوا القلوب عن أهل البيت (5) ويذيعوا الاضاليل في انتقاصهم تدعيما للحكم الاموي .
2 - استخدام معاهد التعليم .
واستخدم معاوية معاهد التعليم واجهزة الكتاتيب لتغذية النشئ ببغض أهل البيت (عليه السلام) وخلق جيل معاد لهم (6) وقد قامت تلك الاجهزة بدور خطير في بث روح الكراهية في نفوس النشئ لعترة النبي ((صلى الله عليه وآله) ) .
3 - افتعال الاخبار .
واقام معاوية شبكة لوضع الاخبار تعد من اخطر الشبكات التخريبية في الاسلام فعهد إليها بوضع الاحاديث على لسان النبي ((صلى الله عليه وآله)) للحط من قيمة أهل البيت (عليه السلام) اما الاعضاء البارزون في هذه اللجنة فهم :
1 - ابو هريرة الدوسي .
2 - سمرة بن جندب .
3 - عمرو بن العاص .
4 - المغيرة بن شعبة .
وقد افتعلوا آلاف الاحاديث على لسان النبي ((صلى الله عليه وآله) ) وكانت عدة طوائف مختلفة حسب التخطيط السياسي للدولة وهي :
الطائفة الاولى :
وضع الاخبار في فضل الصحابة لجعلهم قبال أهل البيت، وقد عد الامام الباقر (عليه السلام) اكثر من مائة حديث منها :
أ - ان عمر محدث - بصيغة المفعول - اي تحدثه الملائكة .
ب - إن السكينة تنطق على لسان عمر .
ج - إن عمر يلقنه الملك .
د - إن الملائكة لتستحي من عثمان (7) .
الى كثير من امثال هذه الاخبار التي وضعت في فضل الصحابة، يقول المحدث ابن عرفة المعروف بنفطويه :
" ان اكثر الاحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في ايام بني امية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم..."(8) كما وضعوا في فضل الصحابة الاحاديث المماثلة للاحاديث النبوية في فضل العترة الطاهرة كوضعهم:
" ان سيدي كهول أهل الجنة ابو بكر وعمر " وقد عارضوا بذلك الاحاديث المتواتر " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " (9).
الطائفة الثانية :
وضع الاخبار في ذم العترة الطاهرة والحط من شانها فقد اعطى معاوية سمرة بن جندب اربع مائة الف على أن يخطب في أهل الشام، ويروي لهم أن الاية الكريمة نزلت في علي وهي قوله تعالى :
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 204، 205] (10) فروى لهم سمرة ذلك واخذ العوض الضخم من بيت المال المسلمين (11)...
ومما رووا أن النبي ((صلى الله عليه وآله) ) قال في آل أبي طالب " إن آل أبي طالب ليسوا باولياء لي انما ولي الله و(صلى الله عليه وآله) الح المؤمنين" (12) وروى الاعمش انه لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة (سنة 41) جاء الى مسجد الكوفة فلما راى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارا، وقال :
يا أهل العراق أتزعمون أني اكذب (13) على رسول الله ((صلى الله عليه وآله) ) واحرق نفسي بالنار ؟
لقد سمعت رسول الله ((صلى الله عليه وآله) ) يقول :
ان لكل نبي حرما، وان حرمي بالمدينة ما بين عير الى ثور فمن احدث فيهما حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين، واشهد بالله ان عليا احدث فيها ! ! فلما بلغ معاوية قوله اجازه واكرمه وولاه امارة المدينة (14) .
الى كثير من امثال هذه الموضوعات التي تقدح في العترة الطاهرة التي هي مصدر الوعي والاحساس في العالم الاسلامي .
الطائفة الثالثة:
افتعال الاخبار في فضل معاوية لمحو العار الذي لحقه ولحق أباه واسرته في مناهضتهم للاسلام، واخفاء ما أثر عن النبي ((صلى الله عليه وآله) ) في ذمهم، وهذه بعض الاخبار المفتعلة :
1 - قال ((صلى الله عليه وآله) ) :
" معاوية بن أبي سفيان احلم أمتي واجودها " (15).
2 - قال ((صلى الله عليه وآله) ) :
" صاحب سري معاوية بن أبي سفيان " (16).
3 - قال ((صلى الله عليه وآله) ) " اللهم علمه - يعني معاوية - الكتاب وقه العذاب وادخله الجنة.."(17) .
4 - قال ((صلى الله عليه وآله)) " اذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقبلوه (18) فانه امين هذه الامة" (19) الى غير ذلك من الاحاديث الموضوعة التي تعكس الصراع الفكري ضد الاسلام عند معاوية وانه حاول جاهدا محو هذا الدين والقضاء عليه .
حديث مفتعل على الحسين:
من الاحاديث الموضوعة على الامام الحسين ما روى أنه وفد على معاوية زائرا في يوم الجمعة وكان قائما على المنبر خطيبا فقال له رجل من القوم ائذن للحسين يصعد المنبر فقال له معاوية:
ويلك دعني افتخر، ثم حمد الله وأنثى عليه، ووجه خطابه للحسين قائلا له :
- سالكتك يا أبا عبد الله أليس أنا ابن بطحاء مكة ؟
- اي والذي بعث جدي بشيرا .
- سالتك يا أبا عبد الله أليس أنا خال المؤمنين ؟
- اي والذي بعث جدي نبيا .
- سالتك يا أبا عبد الله أليس أنا كاتب الوحي ؟
- اي والذي بعث جدي نذيرا .
ثم نزل معاوية عن المنبر، فصعد الحسين فحمد الله بمحامد لم يحمده الاولون والاخرون بمثلها ثم قال :
حدثني أبي عن جدي عن جبرائيل عن الله تعالى ان تحت قائمة كرسي العرش ورقة آس خضراء مكتوب عليها " لا إله إلا الله محمد رسول الله، يا شيعة آل محمد لا ياتي أحدكم يوم القيامة الا ادخله الله الجنة " .
فقال له معاوية :
سالتك يا أبا عبد الله من شيعة آل محمد ؟
فقال عليه السلام :
الذين لا يشتمون الشيخين أبا بكر وعمر، ولا يشتمون عثمان ولا يشتمونك يا معاوية .
وعلق الحافظ ابن عساكر على هذا الحديث بقوله :
" هذا حديث منكر ولا أرى سنده متصلا الى الحسين (20) .
وقد امتحن المسلمون امتحانا عسيرا بهذه الموضوعات التي دونت في كتب السنة، وظن الكثيرون من المسلمين أنها حق، فاضفوا على معاوية ثوب القداسة، وألحقوه بالرعيل الاول من الصحابة المتحرجين في دينهم وهم من دون شك لو علموا واقعها لتبرؤا منها - كما يقول المدايني - (21) ولم تقتصر الموضوعات على تقديس معاوية والحط من شان أهل البيت (عليهم السلام) وانما تدخلت في شؤون الشريعة فألصقت بها المتناقضات والمستحيلات مما شوهت الواقع الاسلامي وأفسدت عقائد المسلمين .
سب الامام امير المؤمنين :
وتمادى معاوية في عدائه الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) فاعلن سبه ولعنه في نواديه العامة والخاصة وأوعز إلى جميع عماله وولاته أن يذيعوا سبه بين الناس، وسرى سب الامام في جميع انحاء العالم الاسلامي، وقد خطب معاوية في أهل الشام فقال لهم :
" ايها الناس، ان رسول الله ((صلى الله عليه وآله) ) قال لي :
إنك ستلي الخلافة من بعدي فاختر الارض المقدسة - يعني الشام - فان فيها الابدال، وقد اخترتكم فالعنوا أبا تراب " .
وعج أهل الشام بسب الامام (22) وخطب في اولئك الوحوش فقال لهم :
" ما ظنكم برجل - يعني عليا لا ي(صلى الله عليه وآله) لح لاخيه - يعني عقيلا - يا أهل الشام إن أبا لهب المذموم في القران هو عم علي بن أبي طالب " (23) .
ويقول المؤرخون :
انه كان اذا خطب ختم خطابه بقوله :
" اللهم ان أبا تراب الحد في دينك وصد عن سبيلك فالعنه لعنا وبيلا، وعذبه عذابا اليما..
" وكان يشاد بهذه الكلمات على المنابر (24) ولما ولي معاوية المغيرة بن شعبة امارة الكوفة كان أهم ما عهد إليه ان لا يتسامح في شتم الامام (عليه السلام) والترحم على عثمان، والعيب لاصحاب علي واقصائهم، واقام المغيرة واليا على الكوفة سبع سنين وهو لا يدع ذم علي والوقوع فيه (25).
وقد اراد معاوية بذلك ان يصرف القلوب عن الامام (عليه السلام) وان يحول بين الناس وبين مبادئه التي اصبحت تطارده في قصوره يقول الدكتور محمود صبحي :
" لقد اصبح علي جثة هامدة لا يزاحمهم في سلطانهم، ويخيفهم بشخصه، ولا يعني ذلك - اي سب الامام - الا ان مبادئه في الحكم وآراءه في السياسة كانت تنغص عليهم في موته كما كانت في حياته.."(26).
لقد كان الامام رائد العدالة الانسانية والمثل الاعلى لهذا الدين، يقول الجاحظ :
" لا يعلم رجل في الارض متى ذكر السبق في الاسلام والتقدم فيه، ومتى ذكر النخوة والذب عن الاسلام، ومتى ذكر الفقه في الدين، ومتى ذكر الزهد في الامور التي تناصر الناس عليها كان مذكورا في هذه الخلال كلها الا في علي" (27).
ويقول الحسن البصري : " والله لقد فارقكم بالأمس رجل كان سهما صائبا من مرامي الله عز وجل، رباني هذه الامة بعد نبيها ((صلى الله عليه وآله) ) وصاحب شرفها وفضلها وذا القرابة القريبة من رسول الله ((صلى الله عليه وآله) ) غير مسؤم لامر الله، ولا سروقة لمال الله اعطى القران عزائمه فاورده رياضا مونقة، وحدائق مغدقة ذلك علي بن ابي طالب" (28).
لقد عادت اللعنات التي كان يصبها معاوية وولاته على الامام بأظهار فضائله فقد برز الامام للناس اروع صفحة في تاريخ الانسانية كلها، وظهر للمجتمع انه المنادي الاول بحقوق الانسان، والمؤسس الاول للعدالة الاجتماعية في الارض لقد انطوت السنون والاحقاب، واندكت معالم تلك الدول التي ناوئت الامام سواء أكانت من بني امية أم من بني العباس، ولم يبق لها أثر، وبقى الامام (عليه السلام) وحده قد احتل قمة المجد فها هو رائد الانسانية الاول وقائدها الاعلى واذا بحكمه القصير الامد يصبح طغراء في حكام هذا الشرق، واذا الوثائق الرسمية التي أثرت عنه تصبح منارا لكل حكم صالح يستهدف تحقيق القضايا المصيرية للشعوب، واذا بحكم معاوية اصبح رمزا للخيانة والعمالة ورمزا لاضطهاد الشعوب واحتقارها .
ستر فضائل أهل البيت:
وحاول معاوية بجميع طاقاته حجب فضائل آل البيت (عليه السلام) وستر مأثرهم عن المسلمين، وعدم اذاعة ما أثر عن النبي ((صلى الله عليه وآله) ) في فضلهم، يقول المؤرخون :
إنه بعد عام الصلح حج بيت الله الحرام فاجتاز على جماعة فقاموا إليه تكريما ولم يقم إليه ابن عباس، فبادره معاوية قائلا :
يابن عباس ما منعك من القيام ؟
كما قام أصحابك إلا لموجدة علي بقتالي إياكم يوم صفين ! ! يابن عباس إن ابن عمي عثمان قتل مظلوما.
! فرد عليه ابن عباس ببليغ منطقه قائلا :
- فعمر بن الخطاب قد قتل مظلوما، فسلم الامر الى ولده، وهذا ابنه - واشار الى عبد الله بن عمر - اجابه معاوية بمنطقه الرخيص:
" إن عمر قتله مشرك..
" فانبرى ابن عباس قائلا :
- فمن قتل عثمان ؟
- قتله المسلمون .
وامسك ابن عباس بزمامه فقال له :
" فذلك ادحض لحجتك إن كان المسلمون قتلوه وخذلوه فليس الا بحق " ولم يجد معاوية مجالا للرد عليه، فسلك حديثا آخر أهم عنده من دم عثمان فقال له :
" إنا كتبنا الى الافاق ننهي عن ذكر مناقب علي وأهل بيته فكف لسانك يابن عباس " فانبرى ابن عباس بفيض من منطقه وبليغ حجته يسدد سهاما لمعاوية قائلا :
- فتنهانا عن قراءة القران ؟
- لا - فتنهانا عن تاويله ؟
- نعم - فتقراه ولا نسال عما عنى الله به ؟
- نعم - فايهما أوجب علينا قراءته أو العمل به ؟
- العمل به .
- فكيف نعمل به حتى نعلم ما عنى الله بما أنزل علينا ؟
- سل عن ذلك ممن يتأوله على غير ما تتاوله أنت وأهل بيتك .
- انما نزل القران على اهل بيتي، فاسال عنه آل ابي سفيان وآل ابي معيط ؟
! ! - فأقرأوا القران، ولا ترووا شيئا مما أنزل الله فيكم، ومما قاله رسول الله ((صلى الله عليه وآله) ) فيكم، وارووا ما سوى ذلك .
وسخر منه ابن عباس، وتلا قوله تعالى :
{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32] وصاح به معاوية :
" اكفني نفسك، وكف عني لسانك، وإن كنت فاعلا فليكن سرا، ولا تسمعه أحدا علانية..."(29) ودلت هذه المحاورة على عمق الوسائل التي اتخذها معاوية في مناهضته لأهل البيت، واخفاء مأثرهم .
وبلغ الحقد بمعاوية على الامام أنه لما ظهر عمرو بن العاص بمصر على محمد بن ابي بكر، وقتله استولى على كتبه ومذكراته وكان من بينها عهد الامام له، وهو من اروع الوثائق السياسية، فرفعه ابن العاص الى معاوية فلما راه قال لخاصته :
إنا لا نقول هذا من كتب على بن ابي طالب ولكن نقول :
هذا من كتب ابي بكر التي كانت عنده (30).
التحرج من ذكر الامام :
واسرف الحكم الاموي الى حد بعيد في محاربة الامام امير المؤمنين (عليه السلام) فقد عهد بقتل كل مولود يسمى عليا، فبلغ ذلك علي بن رياح فخاف، وقال :
لا اجعل في حل من سماني عليا فان اسمي علي - بضم العين - (31) ويقول المؤرخون :
ان العلماء والمحدثين تحرجوا من ذكر الامام علي والرواية عنه خوفا من بني أمية فكانوا اذا ارادوا أن يرووا عنه يقولون :
" روى أبو زينب " (32) وروى معمر عن الزهري عن عكرمة عن ابن عباس قال :
قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله) ) :
" إن الله عز وجل منع بني اسرائيل قطر السماء لسوء رايهم في انبيائهم، واختلافهم في دينهم، وانه اخذ على هذه الامة بالسنين، ومنعهم قطر السماء ببغضهم علي بن ابي طالب " .
قال معمر :
حدثني الزهري في مرضة مرضها، ولم اسمعه يحدث عن عكرمة قبلها ولا بعدها فلما ابل من مرضه ندم على حديثه لي وقال :
" يا يماني اكتم هذا الحديث، واطوه دوني فان هؤلاء - يعني بني أمية - لا يعذرون احدا في تقريض علي وذكره.
" قال معمر :
" فما بالك عبت عليا مع القوم، وقد سمعت الذي سمعت ؟
" قال الزهري :
" حسبك يا هذا انهم اشركونا مهمامهم فاتبعناهم في اهوائهم.." (33) وقد امتحن المسلمون امتحانا عسيرا في مودتهم للامام وتحرجوا اشد التحرج في ذلك، يقول الشعبي:
" ما ذا لقينا من علي إن احببناه ذهبت دنيانا وان ابغضناه ذهب ديننا " ويقول الشاعر :
حب علي كله ضرب *** يرجف من تذكاره القلب
هذه بعض المحن التي عاناها المسلمون في مودتهم لأهل البيت (عليهم السلام) التي هي جزء من دينهم .
_____________
(1) صحيح البخاري 8 / 87.
(2) صحيح البخاري 8 / 87 .
(3) صحيح البخاري 2 / 119 .
(4) صحيح البخاري 2 / 121.
(5) حياة الامام الحسن 2 / 161 الطبعة الثانية .
(6) حياة الامام الحسن 2 / 161 الطبعة الثانية.
(7) حياة الامام الحسن 2 / 162 الطبعة الثانية .
(8) النصائح الكافية ص74).
(9) حياة الامام الحسن 2 / 162 .
(10) سورة البقرة: آية 203 و 204 .
(11) النصائح الكافية ص 253).
(12) شرح ابن ابي الحديد 3 / 15 .
(13) علق على ذلك العلامة فقيد الاسلام الشيخ محمود ابو رية في كتابه ابو هريرة ص 236) بقوله " يدل هذا القول على أن كذب أبي هريرة على النبي كان قد اشتهر حتى عم الافاق واصبح الناس يتحدثون به في
كل مكان. "
(14) شرح نهج البلاغة 1 / 359.
(15) البداية والنهاية 8 / 121، تطهير الجنان المطبوع على هامش الصواعق المحرقة ص 26).
(16) تطهير الجنان (ص 26).
(17) تطهير الجنان (ص26) .
(18) وضع هذه الحديث لمعارضة الحديث الصحيح المروي عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله) ) اذا رايتم معاوية يخطب على منبري فاضربوا عنقه " .
(19) تاريخ بغداد.
(20) تاريخ ابن عساكر 4 / 313 .
(21) شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد 3 / 16.
(22) النصائح الكافية (ص72) .
(23) شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد 3 / 361 .
(24) النصائح الكافية.
(25) تاريخ الطبري 6 / 141 طبع اوربا .
(26) نظرية الامامة لدى الشيعة الاثنى عشرية (ص 282).
(27) الاسلام والحضارة العربية 2 / 145.
(28) مناقب ابن المغازلي رقم الحديث 69.
(29) حياة الامام الحسن 2 / 343.
(30) شرح النهج 2 / 28.
(31) تهذيب التهذيب 7 / 319.
(32) شرح النهج 11 / 14.
(33) مناقب ابن المغازلي رقم الحديث (149).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|