خطورة تبني فلسفة المصارحة بالارقام وأساليب المواجهة
المؤلف:
د . سعد علي حمود العنزي د . احمد علي صالح
المصدر:
إدارة رأس المال الفكري في منظمات الاعمال
الجزء والصفحة:
ص326 - 328
2025-10-01
197
خامساً: خطورة تبني فلسفة المصارحة بالارقام وأساليب المواجهة
اثیرت مشكلات محددة حول تبني فلسفة ادارة المصارحة بالارقام من ابرزها كان ان البوح والافصاح عن معلومات الاداء بأمكانه ان يحرج الادارة، وبخاصة عندما يكتشف العاملون نقاط ضعف منظمة الاعمال وتحديات اعمالها، وكشف المعلومات الحساسة للمنظمات المنافسة (Bado,1999 ). وبوجود هذه المشكلة الاساسية وخطورتها، اذن، فلماذا تضع المنظمة نفسها في مثل هذا الموقف الحساس والحرج ؟ ولماذا تبوح بمعلومات سرية عن الاداء والعمليات ؟ والاجابة على اية حال، سهلة للغاية وذك لان منافع هذا المنهج الاداري ونتائجه تعد افضل بكثير من مخاطره.
ان التردد والخوف في تبني هذه الفلسفة باعتقادنا يدور بالاساس حول معضلتين اساسيتين هما:
1. قد لا يستطيع كل العاملين فهم المعلومات المالية والمحاسبية والبيعية والانتاجية.
2. قد يحصل المنافسون على تلك المعلومات التي قد تؤذي المنظمة وتضر بمصالحها.
وقبل الشروع في تبني الادارة لهذه الفلسفة، لا بد من مواجهة هاتين المعضلتين. فلقد جرى الاتفاق بين المهتمين انه ينبغي على المنظمة ان تراعي التعليم والتدريب بهدف تبسيط فكرة العمل في التعامل مع الارقام المالية والبيعية والبيانات المحاسبية وهذا ما يفيد بالفعل في التعامل مع المعضلة الاولى. ولكن فيما يتعلق بالمعضلة الثانية، وهي الاصعب بالطبع، فلنفكر بمدى اطلاع المنافسين. فهل يوجد ادنى شك حول الاعتقاد بانهم لا يعلمون تلك الارقام ويفهمون مضامينها؟ وما هي المعلومات الاساسية التي تضر المنظمة اذا ما اكتشفها المنافسين؟
اذا استطاع المطلع ان ينتقل لما وراء هذه التساؤلات، فقد لا يزال قلقاً وخائفاً حيال تبني الفلسفة هذه وممارستها فعلاً، وذك بسبب سوء الفهم حولها، وكونها مصطلح يحتمل التأويلات والتفسيرات المتعددة ، وحتى الاجتهادات احياناً فكثير من الناس قد يعتقدون خطأ ان الامر يعني المشاركة في كل شيء من المعلومات المالية، وهي ليس كذلك.وقد يعتقد آخرون ان على الادارة ان تبدأ من اول وهلة المشاركة في كل شيء، ونقول بدورنا لتلك المنظمة ان لا تفعل ذلك اطلاقاً. وهناك فريق ثالث يرى ان جميع العاملين يجب ان يعلموا بكل تفاصيل الارقام وما تحتويه السجلات، والأمر هو ليس كذلك تماماً. والاسوأ من كل ذلك، ان فريقا رابعا قد يعتقد ان المنهج يعني مشاركة العاملين في معلومات الرواتب والمكافآت، وهو، ايضاً ليس بهذا المعنى.
وللتعامل مع كل هذه الاعتقادات ، نود القول ان كشف الارقام للعاملين على وفق فلسفة ادارة المصارحة يعني هو المشاركة بالمعلومات لمساعدتهم على تحسين اداء المنظمة، وبخاصة تلك المعلومات التي تكون قريبة من واجباتهم الوظيفية. فالفلسفة في حقيقتها كونها مفهوم يصب في تطوير المنظمات قدر تعلق الامر في رسم خط شروع ذو رؤية شمولية نحو مهمات العاملين اليومية التي يجيدونها في ضوء الصورة الكبرى لعملها، وتصميم عملية نظامية للتواصل مع التفوق والتميز في السوق.
ولتكوين رؤية واضحة حول التطبيق المناسب لهذه الفلسفة بعد الاخذ بنظر الاعتبار تلك المعضلتين التي تم التنويه عنها، لابد من تخصيص بعض الوقت من البداية للتخطيط ان كانت المنظمة تنوي مشاركة عامليها في المعلومات المالية، ولماذا؟ وكذلك ضرورة قيامها بدراسة جدوى واسعة للموضوع، واستخدام جدولة زمنية، واعداد خطة اولية مع التفكير المبدئي باتجاه تطوير العاملين وبناء بيئة وثقافة تنظيمية يكون العاملين من خلالها محبين ومولعين لعملهم.
الخلاصة:
ان تحقيق ميزة تنافسية في سوق تتطلب من منظمات الاعمال ان تحقق تحسين مستمر في النوعية والكلف والابداع والتسويق وتعظيم رأس المال الفكري وصولاً الى انجاز اهداف الاداء وادارة المصارحة بالارقام هي المنهج المحاسبي الاداري المتطور الذي له الامكانية في تزويد المنظمات بالموارد والقدرات والعلاقات من خلال المشاركة الحقيقية للعاملين في المعلومات المالية والانتاجية وحل المشكلات في اطارها.
لم يعد اللجوء الى تطبيق منهج ادارة المصارحة بالارقام ترفاً ادارياً، بل صار اجبارياً للمنظمات التي تبحث عن النجاح في مواجهة المنافسة العالمية وخلق الفرص الاكبر فمنظمات الاعمال بحاجة الى خلق عاملين يفكرون ويعملون كرجال اعمال خبراء بالارقام ويشاركون في الارباح والنفقات، وكما يكونوا مسؤولين عن اداء المنظمة بدلاً من كونهم مستخدمين يجب اخبارهم. ماذا يفعلون، وكيف، ومتى؟
لم يتنازل المديرين في منظمة المصارحة بالارقام عن سلطاتهم، فهم يفوضونها بغرض التفرع للمهمات الاهم، ويتسلموا ادواراً في التدريب والتحفيز ، والاتصال و اطلاق طاقات العاملين وادارة الابداع و التطوير التنظيمي. فالمنهج هذا يحفز العاملين ويرضي الزبائن ويسهل مهمة الادارة، ويحقق الارقام التي يستهدفها المالكون والعاملون حقا. وأخيراً ان ادارة المصارحة بالارقام تقدم المكافآت للعاملين، ولكن فقط للذين يعملون بجد، فهي لا تنتهي ابداً لان هناك دائماً جدل حول ادارة الاعمال. والتفاعل الابدي للنشاط التجاري رهناً ببقاء منظمة المصارحة الارقام منظمة متعلمة ومعرفية.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في ادارة الموارد البشرية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة